وافق وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، على خطة لوقف المساعدات الخارجية لإثيوبيا بسبب تعنت أديس أبابا في مفاوضات سد النهضة مع كل من مصر والسودان.

“القرار الأمريكي ربما يؤثر على نحو 130 مليون دولار من المساعدات الخارجية الأمريكية لإثيوبيا”.. “فورين بوليسي”

قرار أمريكي مفاجئ

وبحسب مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن القرار ربما يؤثر على نحو 130 مليون دولار من المساعدات الخارجية الأمريكية لإثيوبيا، ويؤجج توترات جديدة في العلاقة بين واشنطن وأديس أبابا التي تنفذ خططًا لملء سد النهضة دون التوصل لاتفاق مع كل من مصر والسودان.

وأشار مسؤولون ومساعدون في الكونجرس، إلى أن البرامج التي تشملها المساعدات تتمثل المساعدة الأمنية ومكافحة الإرهاب والتعليم والتدريب العسكري وبرامج مكافحة الاتجار بالبشر وتمويل المساعدة الإنمائية.

وقال مسؤولون، إن التخفيضات لن تؤثر على تمويل الولايات المتحدة للإغاثة الإنسانية الطارئة أو المساعدات الغذائية أو البرامج الصحية التي تهدف إلى التصدي لفيروس كوفيد -19 وفيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”.

لكن من المرجح أن تواجه مسألة خفض المساعدات الأمريكية لإثيوبيا معارضة حادة في مبنى الكابيتول هيل، وفقًا لمساعدي الكونجرس المطلعين على الأمر.

وأكد المساعدون، أن مسؤولي وزارة الخارجية أطلعوا موظفي الكونجرس على القرار، الخميس، وأصروا خلال الإحاطة على أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإثيوبيا ستبقى قوية على الرغم من تقليص المساعدات.

وتتمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وبالقرارات والقوانين الدولية في هذا الشأن، ورفض أي إجراءات أحادية تمضى فيها أديس أبابا، وتطالب إثيوبيا بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي.

سد النهضة
سد النهضة

“مصر والسودان ستستفيدان من سد النهضة من خلال التدفق السلس للمياه”.. سفير إثيوبيا لدى جنوب إفريقيا

إثيوبيا ترد على القرار الأمريكي

فيما أكدت إثيوبيا، أنه لا رجعة في مشروع سد النهضة، زاعمة أنه يساهم بشكل كبير في التكامل الاقتصادي الإفريقي.

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية، عن سفير إثيوبيا لدى جنوب إفريقيا شيفيراو تيكلماريم، قوله إن إعادة مفاوضات سد النهضة من واشنطن إلى الاتحاد الإفريقي كمشروع إفريقي يُعد إنجازًا تاريخيًا بحد ذاته.

وادعى السفير، أن مصر والسودان ستستفيدان من سد النهضة من خلال التدفق السلس للمياه، حيث سيجنبهما ترسب الطمي، زاعمًا أن مشروع سد النهضة يفيد الإثيوبيين والأفارقة والمجتمع الدولي أيضاً، معتبرًا أنه “لا يوجد أي سبب منطقي لمصر لتسييس أو تصعيد المفاوضات وعرقلتها”.

وتابع: “نحن نقوم بهذا المشروع لتلبية احتياجاتنا الأساسية، وهي الحاجة الأساسية للكهرباء والتنمية، لذلك عندما نقوم بتلبية الاحتياجات الأساسية لشعبنا، ينبغي على مصر أن تتعاون معنا وليس عكس ذلك”.

فيما زعمت السفيرة الإثيوبية لدى أوغندا، ألمسهاي مسرت، أن بناء سد النهضة تحول للمنطقة والقارة الإفريقية.

وقالت “مسرت”، إن بناء سد النهضة “أمر لا رجعة فيه”، مضيفة أنه سيغير الوضع التاريخي والقانوني الراهن، وكذلك الروايات الإعلامية التي تضعها دول المصب، في الوقت الحاضر.

ووصفت الدبلوماسية الإثيوبية ملء خزان سد النهضة بأنه “إنجاز رائع لكل من إثيوبيا وجميع دول حوض النيل”.

سد النهضة
سد النهضة

“لقد أدركت إدارة ترامب أنها يجب أن تقف إلى جانب ‏مصر”.. مسؤول أمريكي

الولايات المتحدة كوسيط

وكانت “فورين بوليسي، نقلت عن ستة مسؤولين ومساعدين بالكونجرس، قولهم بأن ‏إدارة ترامب تدرس منع بعض المساعدات لإثيوبيا بشأن مشروع سد النهضة الذي أدى إلى ‏توتر علاقتها مع دولتي المصب مصر والسودان.‏

فيما أكدت مصادر للمجلة، وجود إشارات بأن إدارة ترامب ترجح كفة الميزان لصالح ‏مصر حتى مع ظهور علامات جديدة على التقدم في المفاوضات.‏

وقال مسؤول أمريكي: “لقد أدركت إدارة ترامب أنها يجب أن تقف إلى جانب ‏مصر”، وقال متحدث باسم وزارة الخزانة، إن الإدارة تعمل كوسيط محايد، موضحًا أن الهدف ‏الوحيد للحكومة الأمريكية كان ولا يزال مساعدة مصر وإثيوبيا والسودان في التوصل إلى ‏اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل السد الذي يعالج مصالح البلدان الثلاث.‏

مندوبة الولايات المتحدة بمجلس الأمن،كانت أكدت  على ضرورة عدم اتخاذ أي خطوات أحادية قد تؤدي إلى إضعاف عملية الاتفاق، مشيرة إلى أنه يجب الخروج إلى اتفاق نهائي قائم على روح التعاون.

وأضافت أن أمريكا رأت وجود إرادة قوية بين الدول من أجل الوصول إلى اتفاق يمكن من صياغة مستقبل الدول الثلاثة، معقبة: “أنا أعلم كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن دعم العملية التفاوضية بأنها فريضة من نوعها من أجل لم الأطراف الثلاثة”.

وتابعت: “هناك 250 مليون موطن لهذه الدول تريد الاستفادة من المياه ويجب أن يكون هناك شفافية في التعامل مع هذه الأزمة من أجل تحقيق الأمن الأقليمي في هذه المنطقة ونرى مدى التأثيرات التي تحدث في المنطقة”.

ترامب
ترامب

تعنت إثيوبي

وكانت الولايات المتحدة، سعت إلى حل الخلاف في مطلع العام الجاري، واحتضنت واشنطن محادثات بين مصر والسودان وأثيوبيا برعاية أمريكية، وتم التوصل إلى اتفاق في نهاية فبراير الماضي، ووقعت مصر عليه بالأحرف الأولى، لكن أديس أبابا امتنعت عن الحضور، واتهمت الإدارة الأميركية بالانحياز لمصر، كما اتهمت مصر واشنطن أيضًا بالانحياز لإثيوبيا.

“القرار الأمريكي يأتي في إطار موقف أمريكا الداعم للوصول لحل مرضى لجميع الأطراف”.. ئيس لجنة الشئون الأفريقية بالبرلمان

موقف مصري ثابت

النائب طارق رضوان، رئيس لجنة الشئون الأفريقية بالبرلمان، اعتبر أن القرار الأمريكي يأتي في إطار موقف أمريكا الداعم للوصول لحل مرضى لجميع الأطراف بشأن أزمة سد النهضة، لافتًا إلى أن ذلك يظهر بشكل ملموس في حرص القيادة السياسية بأمريكا على رعاية المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والتي تجمدت في فبراير الماضي.

وأضاف رئيس لجنة الشئون الإفريقية بالبرلمان، أن التحرك الأمريكي جاء لتحفيز الجانب الإثيوبي لمواصلة المفاوضات للتوصل لحل حاسم في الأزمة، ومنع أي تعنت قد يحدث يمنع التفاوض، مشددًا على أن مصر منذ اللحظة الأولى وهي حريصة على اتباع كافة القوانين الدولية واتخاذ المسار الدبلوماسي في التوصل لحل يحفظ حقوق مصر المائية .

ولفت إلى أن مصر لن يُفرض عليها أي قرار يضر بمصلحة الشعب المصري، ولن تفرط في حق المصريين بمياه نهر النيل باعتباره شريان الحياة وقضية أمن قومي، كما أنها حريصة على اتخاذ كافة المسالك الدبلوماسية والحوار فى الحفاظ على حقها.

الدكتور باسم رزق أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، يرى ان خطة وقف المساعدات الخارجية الأمريكية ‏لإثيوبيا بسبب سد النهضة، تعد أحد أهم أساليب الضغط خاصة في وقت الإعداد للانتخابات الأمريكية.

وأوضح رزق، أن القرار الأمريكي تجاه إثيوبيا يدل على شعور الجانب الأمريكي بالإحراج السياسي نتيجة انسحاب إثيوبيا، وعدم توقيعها على وثيقة واشنطن بشأن سد النهضة.

الاتحاد الإفريقي

وكانت أسفرت الجلسة التفاوضية بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، عن رفع تقرير إلى الاتحاد الإفريقي، بشأن مقترحات الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن اتفاق نهائي لحل أزمة السد.

وأنهت اللجان الفنية والقانونية من مصر والسودان وإثيوبيا التفاوض حول النسخة النهائية للاتفاق النهائي حول السد.