دائمًا ما يتشدق قادة النظام الملالي في إيران بسعيهم الدائم لمكافحة الفساد في منذ قيام الجمهورية الإيرانية، عقب إسقاط الشاه الإيراني عام 1979، إلا أن المؤشرات العالمية تنصف الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ 3 عقود بالأكثر فسادًا، فالجالسون على سدة الحكم يزدادون ثراءً، والشعب يزداد فقرًا، مما أدى إلى الاعتراض المستمر والتظاهر الذي أصبح سمة المجتمع الإيراني.

إيران عالميًا

احتلت جمهورية إيران الإسلامية المرتبة 146 عالميًا في التنصيف الأخير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي يظهر الدول الأكثر والأقل فسادًا.

المنظمة التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرًا لها، تعمل على قياس معدل الفساد الحكومي والسياسي في الدول منح طهران ترتيبًا سيئ إذ ما قرنت بالدول الكبرى في الشرق الأوسط، إذا احتلت مصر المرتبة 106 عالميًا وسط سيرها بخطى ثابته نحو مقدمة الدول الأقل فسادًا، بينما تحتل الإمارات المركز الأول عربيًا بمنحها المركز 21 عالميًا، ليظهر التقرير مقدار الفساد المتغلغل في الحكومة الفارسية.

منظمة الشفافية الدولية حكومة الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني تعد الأسوأ على مر التاريخ المعاصر لبلاد فارس

41عامًا من الفساد

كشفت التقارير الصادرة عن “المنظمة الشفافية الدولية” أن الأربعون عامَا الأخيرة في تاريخ إيران ازداد فيها الفساد إلى حد كبير، حتى اتهمت المعارضة الإيرانية وعلى رأسهم “منظمة مجاهدي خلق” النظام الحاكم لإيراني بالفساد والنهب والسرقة وإهدار أموال الشعب، وحملتهم المسؤولية الكاملة لارتفاع نسب البطالة، وسوء الأحوال الاقتصادية التي وصلت إليها طهران حتى الآن.

وقالت المنظمة المعارضة أن حكومة الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني تعد الأسوأ على مر التاريخ المعاصر لبلاد فارس.

عضو لجنة الشؤون الداخلية في المجلس الشورى الإيراني “محمد حسن الأصفري”، أن نسبة الفساد في حكومة “روحاني” أكثر من الحكومات السابقة بامتياز، وأنه يجب على كل من يتولى منصبًا في مجلس الشورى أن يحقق ويستجوب أصحاب السلطات، للدفاع عن حقوق الشعب.

مؤشرات الفساد

رئيس مؤسسة المستضعفين “برويز فتاح” اتهم النظام الملالي بالفساد المباشر والاختلاس من أموال المؤسسة، كشفًا كواليس ذلك الاتهام قائلًا: وضع تحت تصرف البرلماني السابق “حداد عادل” عقار قيمته 200 مليار تومان ما يعادل 4 مليون دولار، وأعيد تجديد مدة الإيجار دون مراعاة أسعار اليوم، محتفظًا بأسعار قديمة وقليلة للغاية، والآن تدفع عائلة حداد قيمة الإيجار.

وتقدر ميزانية مؤسسة المستضعفين بأكثر من 3 مليار دولار وهي الاسم الحديث للكيان الذي حمل اسم “بهلوي” والذي تأسس لتنفيذ مشروعات الثورة البيضاء التي أطلقها الشاه السابق الإيراني، وبعد خلعه تغير اسمها وضمت أملاك الأسرة البهلوية المجمدة وتحول نشاطها لتحقيق العدالة الاجتماعية، وبعد حرب العراق تحول دورها لدعم ضحايا الحروب وعوائلهم قبل أن تضم لمؤسسات الحرس الثوري الإيراني، وتكن معنية بتمويل الأعمال الاستخباراتية ودعم الجماعات الموالية لإيران.

رئيس غرفة التجارة بطهران أنتقد الأوضاع الاقتصادية المحلي المتدنية في بلاده، وهاجم حكومتها التي تتجاهل المطالب المتعددة المتعلقة بتحسين إدارة الملف الاقتصادي، موضحًا أن إيران تشهد منحنى تنازليًا على مستوى رؤوس الأموال وأسواق التوظيف، وأن الإجراءات الحكومية فشلت في إيجاد حلول للأزمة، طبقًا للإحصاءات البنك المركزي الذي كشف عن خروج رؤوس أموال من إيران بقيمة 4.98 مليار دولار في السنوات السبع الأخيرة فقط.

أما رئيس غرفة التجارة والصناعة بطهران “غلام شافعي” فقال إن المكاتبات قد وصلت للمسؤولين في حكومة طهران منذ مارس الماضي دون جدوى، حسبما ذكرت وكالة أنباء مهر، وأتفق معه رئيس غرفة التجارة بطهران “مسعود خوانساري” والذي أضاف عبر تغريده له عبر حسابه الرسمي على “تويتر” 11 مليار دولار خرجوا من رأس مال الاقتصاد الإيراني خلال عام 2020 وحده.

20% نسبة البطالة نهاية العام الجاري بحسب توقعات صندوق النقد الدولى

كما أنتقد “مسعودي” في حوار صحفيًا له مع موقع “نودي” الإخباري أداء الحكومة الإيرانية لحل نسبة البطالة العام الماضي، وقال إن الإجراءات التي اتخذتها إيران للحد من نسب البطالة في العام الماضي، أسفرت عن تفاقم نسبة العاطلين داخل الأسواق المحلية، وأن حكومة “روحاني” فشلت في تحقيق أول وعودها العام الماضي بخفض نسبة البطالة.

أما البيانات الصادرة من صندوق النقد الدولي، فتظهر أن نسب البطالة في طهران في حالة ارتفاع بصورة مستمرة، منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، إذ سجلت البطالة حينها نسبة 11بالمئة، ووصلت في عام 2019 إلى 15 بالمئة، ومن المتوقع أن تصل في نهاية العام الجاري 2020 إلى 20بالمئة.

عضو لجنة الصناعات والمناجم في مجلس شورى “روح الله أيزدخوده” قال إن 75 شركة تلقت أكثر من 5 مليارات يورو من العملات الأجنبية باعتبارها شركات كبيرة ولم تعد بعد في العام الجاري.

البنك المركزي الإيراني أصدر تقريرا كاشف عن أن صافي الأموال بالبلاد بلغ سالب 19مليار دولار عام 2017، أما العام الماضي فوصل إلى سالب 7.6 مليار دولار، وبناءً على تلك التقارير المرصودة فيتضح أن رأس مال إيران يتأثر سلبًا في أخر ثمان سنوات، تزامنًا مع تزايد عمليات خروج الأموال من الأسواق الإيرانية.

وأشارت التقرير السنوي الذي أصدرته الأمم المتحدة العام الماضي أن حجم الاستثمارات الأجنبية داخل إيران تتراجع بشكل ملحوظ.

4 مؤسسات كبرى تسيطر ما يزيد عن 60% من الثروة

فساد مستشري

الباحث الإيراني بهزاد نبوي، قال إن في بلاده 4 مؤسسات كبرى تسيطر ما يزيد عن 60% من الثروة هناك، وتنتمي كليًا للمرشد الأعلى علي خامنئي ولا تخضع لأي رقابة حكومية أو برلمانية أو شعبية بصورة غير مباشرة أو مباشرة وإنما يشرف عليها المرشد الأعلى للدولة.

وتضم تلك المؤسسات “ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام” أي “لجنة تنفيذ أوامر الإمام”، و قاعدة “خاتم الأنبياء” العسكرية و”العتبة الرضوية” بجانب أموال المرشد الخاصة التي تتجاوز 200 مليار دولار أمريكي، وذلك حسبما نقل موقع “ألف” المحافظ.

رئيس لجنة العمل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، عباس داوري، أوضح في عدة مقالات نشرها عبر موقع المعارضة الإيرانية “مجاهدي خلق” أن للنظام الإيراني أساليب متنوعة لنهب الشعب وتجويعهم زيادة فقرهم، عبر التلاعب المستمر في الميزانية للبلاد و فرض تسعيرتين للصرف من “تومان-للدولار” والمضاربة عبر طرح حصص بعض الشركات في أسواق الأسهم، ورغم أن الدولة الإيرانية تنعم في رغد مبيعات النفط والغاز إلا أن ذلك النعيم يقتصر على الطبقة الحاكمة وحدها، وهو ما أجبر “روحاني” على الاعتراف بوجود 60 مليون إيراني مستحقين للدعم والإعانات الشهرية، وأن 18 مليون عامل نظموا احتجاجات فئوية لتحسين أوضاعهم حسبنا نقلت صحفية “شرق” المحسوبة على النظام الملالي.

الإحصائيات الرسمية تظهر وجود 7 مليون قضية فساد لم تنظر حتى الآن

إحصائيات وأرقام

الإحصائيات الرسمية تظهر وجود 7 مليون قضية فساد لم تنظر حتى الآن، تتنوع بين الاختلاس والربا المحرم هناك والرشاوى، أكبر تلك القضايا تناولتها صحيفة “ستار صبح” يونيو المنصرم، حول الخبير الاقتصادي جليل سبحاني الملقب بالصندوق الأسود للبتروكيماويات في إيران، إذ يتهم بتعطيل الاقتصاد ونهب ما يصل لنحو 6.6 مليار يورو، أما صحيفة “عصر إيران” فقالت إن عام 2018 شهد اختلاس ما يقرب 4.8 مليار دولار من ميزانية الدولة خصصت لاستيراد بعض السلع الأساسية إلا أن 240 شخص فقط قسمت عليهم تلك الأموال دون استيراد أي مواد.

ومنتصف أغسطس الجاري فتحت الجهات القضائية تحقيقًا موسعًا مع رئيس  “قاليباف” بعدما أتهم بدفع رشاوي تقدر 65 مليار تومان لرئيس سابق للجنة التعمير في المجلس السابق لسحب طلب التحقيق معه، كما أعلن المدعي العام السابق لمحكمة محاسبة أركان النظام الملالي يوليو الماضي أن أكثر من 20 ألف مدير ومسؤول في الحكومة اتهم بالفساد خلال 6 سنوات فقط اعتقل منهم 4500 شخص فقط.

احتجاجات شعبية

تلاشي الطبقة الوسطى في المتجمع الإيراني دفع المواطنين لتنظيم تظاهرات واعتصامات واضرابات متواصلة للمطالبة بتحسين أوضاعهم حتى امتد الأمر للعاملين بقطاع النفط الحيوي في البلاد، وسط حالة من الارتباك الحكومي لعدم تمكنهم من احتواء الأزمة التي ستتبعها سقوط المزيد من المواطنين بين براثن خط الفقر والقحط.

الأمر ذاته دفع عدد من أهالي بعض القرى للاشتباك مع عناصر الأمن بعدما سعت مؤسسة المستضعفين لنزع ملكيات أراضيهم كان اخر تلك الوقائع نزع مليكة 300 عائلة في بلدة زردتشت وبالتحديد في قرية حضر أبو الفضل وهو ما أكدته وكالة أنباء مهر المحسوبة على النظام الملالي بدعوى أن الأراضي مملوكة للدولة، أمام الرفض القاطع من الأهالي ألقت الشرطة القبض على جميع سكان القرية من الذكور حتى توقيعهم على إقرارات ترك الأراضي، وتكرر تلك الواقعة في عدة مناطق أبرزها “سنغان، ونجف أباد وساري وكيانشهير”.