ضجة في عالم التكنولوجيا، أثارها اختراع الملياردير وعالم التكنولوجيا الشهير “إيلون ماسك” الذي أعلن عن شريحة يمكن وضعها في دماغ الإنسان للتحكم في سلوكياته، ومشاعره وذكرياته، بدأت القصة تحديدًا بزراعة شريحة كمبيوتر داخل دماغ أنثى خنزير تُدعى “جيرترود”، الشريحة كانت في حجم قطعة النقود المعدنية، وفقًا للوصف الذي أطلقه عليها “ماسك”، موضحًا أن التجربة كانت على 3 خنازير جميعهم شاركوا في التجربة في وقت واحد مطلع الإسبوع الجاري، حيث بث المعالج بعض الإشارات اللاسلكية في دماغ “جيرترود”، فاستقبل إشارات منبعثة من الخنزيرة تفيد وجود نشاط عصبي في أنفها لدى بحثها عن الطعام.
جهاز تتبع في الجمجمة
أوضح “إيلون”، في بث عبر الإنترنت، أن الاختراع في طريقه للتجريب على البشر، منوهًا إلى أن الأمر يُشبه وجود جهاز تتبع في الجمجمة موصول به أسلاك متناهية الصغر، والهدف من هذه الشرائح أنها قد تساعد في المستقبل، في علاج حالات مثل الخرف ومرض الشلل الرعاش وإصابات الحبل الشوكي.
يهدف ماسك، على المدى البعيد، إلى الوصول إلى ما يصفه بـ”الإدراك البشري الخارق”، لمواجهة تفوق الذكاء الاصطناعي الذي يعتقد أنه قد يدمر الجنس البشري، وذلك من خلال ربط إشارات الدماغ بالأجهزة الذكية للتحكم فيها عبر الأفكار، كما أنها ستساهم فى علاج حالات عصبية مثل مرض ألزهايمر والخرف وإصابات الحبل الشوكى، وكذلك أمراض مثل فقدان الذاكرة والسمع والاكتئاب والأرق، يمكنها كذلك معالجة العمى، الإدمان، نوبات الصرع وجميع المشكلات المتعلقة بالدماغ .
كل هذا من خلال ربط الشريحة بجهاز الهاتف الخاص به، حيث ستسمح الشريحة للشخص الذي يستعملها كذلك يمكن للفرد التحكم بأجهزة الكمبيوتر والمحمول وغيرها من الأجهزة الإليكترونية التي تتواجد حوله، بالإضافة للتحكم في الشعور المنبعث من الفرد سواء كان فرح أو سعادة او قلق ، ومن أكثر التقنيات الحديثة أن الشريحة ستسمح للفرد بالتخاطر مع غيره عن طريق موافقة الشخص نفسه على التواصل مع طرف آخر بمنتهى السهولة .
مكونات الجهاز
يتألف جهاز شركة “نيورالنك”، من مجس صغير يحتوي على أكثر من 3000 قطب كهربائي موصولة بأسلاك مرنة أرفع من شعرة الإنسان، ويمكنه مراقبة نشاط 1000 خلية عصبية في الدماغ، ويتم زرعه بطريقة بسيطة، ولا يشغل مساحة تتعدى عقلة الإصبع في طولها، ورفيعة بدرجة كبيرة لتصل لحجم قطعة النقود المعدنية.
فمن الجدير بالذكر أن شركة “نيورالنك”، التي شارك ماسك في تأسيسها عام 2017، قدمت طلبا لبدء تجارب على البشر، بعد أن تم الكشف بالفعل عن الجهاز منذ عام تقريباً ، لكنه قد جرى تبسيطه وتصغير حجمه فقديماً كان عبارة عن جهاز يتم تركيبه خلف الأذن ، أما الأن فهو شريحة يتم وضعها داخل الجمجمة، ويكون تحت شعر الإنسان دون أن يعرف من حوله، كما يتم تركيبها خلال ساعة واحدة ودون أي ألم، ويمكن نزعها ووضعها عدة مرات كما يريد الفرد، وقد تأجج الإختراع عقب البث الحي الذي قدمه “إيلون ماسك” من خلال الموقع الرسمي للشركة، الذي أوضح أن الشريحة تعمل من خلال شحنها عن بعد بطريقة لاسلكية، ويمكنها العمل لمدة يوم كامل ومن المتوقع أن يكون سعرها غالي في البداية يتعدى آلاف الدولارات إلا أنه سينخفض مع الوقت .
مخاطر الاختراع
بالرغم من أن شريحة “نيورالنك” تعد اختراع جاذب ومن أقوى الاختراعات التكنولوجية في السنوات الأخيرة، إلا أن الأمر ليس بسيطاً عندما يتعلق الأمر بجسم غريب له قدرات غير محدودة تتم زرعته فى دماغ الإنسان، فهو أمر يتطلب روح المغامرة أكثر من أي شيء آخر، وتنبع خطورتها من أنها تقترب لدرجة كبيرة من أكثر المناطق حساسية في دماغ الإنسان، أهم جزء فى الجسم، والذى يتحكم فى حياته بأكملها.
فوفقاً لما قاله ماسك، أنه من خلال الشريحة يمكن التحكم في الذكريات وخلق سعادة الفرد الخاصة من خلال التركيز على اللحظات الجيدة وإبعاد المقلقة له، وهو أمر غاية في التعقيد ليس هذا فحسب بل أكد ماسك أنه عند تصميم الشريحة تمت برمجتها لتكون أكثر تعقيداً في المستقبل لتتمكن من حفظ الذكريات واستعادتها، وتخزين ذكريات الفرد بشكل أساسى كنسخة احتياطية واستعادة الذكريات، ومن المحتمل أن تقوم بتنزيلها فى جسم جديد أو فى جسم إنسان آلي، وهو ما يعرض الانسان لسرقة ذكرياته.
ليس هذا فحسب بل أوضح ماسك، أن الإنسان وقتها لن يحتاج إلى الذكريات الحديثة، بل ستجعل الشريحة الفرد قادرًا على التواصل دون فعل ذلك، مؤكدًا أن هذا الأمر سيكون في صالح تمكين التعايش بين البشر والذكاء الاصطناعى.
علامات استفهام
ماسك، لم يجب عن العديد من الأسئلة حتى الآن، بالرغم من أن عرضه كان مميز عبر البث الحي الذي أجراه، إلا أنه ركز على ذكر الإيجابيات للاختراع دون التطرق لكيفية التعامل مع السلبيات، حيث أن هناك عدة تساؤلات تتعلق بالإختراع تحتاج لشرح توضيحي أكثر فعالية.
فيجب الأخذ بعين الإعتبار عدة أمور، هل التلاعب بذكريات البشر سيكون فى مصلحة البشرية أم ضدها على المدى البعيد، خاصة في حال قرر الإنسان إزالة الشريحة والتعايش دونها هل ستكون بمثابة بطاقة ذاكرة، مع إزالتها تختفي ذاكرة الفرد تماماً؟ وهل يوجد أي آثار جانبية لوضع هذه الشريحة تتعلق بصحة الفرد، هل ستصيبه بالضعف العام أو غيره؟، والسؤال الأخطر هنا هل سيتم إكتشاف الجرائم التى يتم إجراؤها عن طريق نشاط الدماغ وقت وضع الشريحة، وعقب نزعها؟
تساؤلات عديدة طرحها خبراء التكنولوجية في مناحي عدة خلال الساعات القلائل الماضية فيما يتعلق بمخاطر تلك الشريحة، على سبيل المثال لم يقدم ماسك دليل حقيقى حول عدم اختراق هذه الشريحة التي سترتبط بالأجهزة الذكية، حيث حذر الخبراء بالفعل من امكانية دخول أي لص إليكتروني إلى دماغ الفرد حامل الشريحة، وبالتالي يمكن محو ذاكرة الفرد، أو اللعب بمهاراته ، أو معرفة أفكار الشخص وأسراره وعلاقاته السابقة، ومساومته عليها فيما بعد، كما قال العالم “زدنت” مدير الأبحاث في مجموعة برمجيات وأنظمة الاتصالات بمعهد ووترفورد، خلال تعقيبه على الإختراع أن قرب الشريحة من العقل داخل الجمجمة يجعل من الصعب التحكم في عواقب زرعها، هل تتوقف وظيفتها عند وضع معلومات جديدة توضع في الدماغ، أم تتطور لما هو أقوى وأخطر من ذلك.