فترة طويلة قضاها حزب المحافظين في الحياة السياسية، منذ تأسيسه في عام 2006، متأرجحًا بين الوقوف على يمين السلطة ويسارها، فكان يؤيد فترات ويعارض فترات أخرى، إلى أن وجد ضالته أخيرًا في مقاعد المعارضين، لكن في ثوب إصلاحي ودون أن يكون محسوبًا على فريق بعينه.
المحافظين يعمل لجميع المصريين
يميل المحافظين، في مرجعيته إلى يمين الوسط، ويتخذ شعارًا جذابًا “حزب يعمل لكل المصريين”، منذ تأسيسه في 12/3/2006 على يد الكاتب الصحفي مصطفي عبد العزيز.
وضمت عضويته مجموعة متميزة من الصحفيين والسياسيين والشخصيات العامة المهتمين بالعمل العام، واتخذ رئيس الحزب قرارًا بتجميده في 2010 أعتراضًا علي الحصار السياسي الذي كان مفروضًا على الأحزاب السياسية قبل ثورة 25 يناير، ولقلة الموارد المالية للحزب، إلا أنه بعد ثورة 25 يناير وإطلاق حرية تكوين الأحزاب وسقوط النظام القديم أخطر رئيس الحزب لجنة شئون الأحزاب برغبته في إعادة عمل الحزب مرة أُخرى، ووافقت لجنة شئون الأحزاب.
وبناءً عليه، تقدم مصطفى عبدالعزيز، بطلب إلي المهندس أكمل قرطام مؤسس حزب النهضة “تحت التأسيس في ذلك الوقت”، لدمجه تحت راية حزب المحافظين، ووقع الاختيار على قرطام ليكون رئيسًا للحزب بدلًا من عبد العزيز، نظرًا لرغبته في التفرغ للعمل الصحفي.
“المحافظين حزب إصلاحي معارض منهجه هو الدفاع عن المبادئ والقيم الدستورية”.. محمد أمين نائب رئيس حزب المحافظين
التحول الديمقراطي
شارك الحزب بقيادته الجديدة، في انتخابات مجلس الشعب التي جرت عقب ثورة 25 يناير لكنه لم يحصد أي مقعد على الرغم من أنه حصد نسبة من أصوات الناخبين، وعاد ليكرر مغامرته في انتخابات 2015 واستطاع أن يحصد 6 مقاعد في برلمان سيطر عليه المؤيدون ضمن تحالف في حب مصر.
كان الحزب، في هذه الفترة محسوبًا على أحزاب الموالاة التي تشكلت عقب ثورة 30 يونيو، باستثناء الاعتراضات البسيطة التي يسجلها على مسار السلطة في هذا التوقيت، إلى أن جاءت لحظة المكاشفة بعد انسحابه من قائمة “في حب مصر” التي شكلها اللواء الراحل سامح سيف اليزل، بدعوى حفاظه على مبادئ الحزب وقيمه، وليس لاختلافه على المحاصصة الانتخابية كما ذكر التحالف حينذاك.
وبرر الحزب، موقفه بأنه ينافس في الانتخابات من أجل دعم مسيرة التحول الديمقراطي وتقوية الحياة الحزبية كركيزة للتعددية السياسية، كما يضع الحزب في مقدمة أولوياته هدف تحقيق الاستقرار للوطن، واستكمال استحقاقات الدولة بالسلطة التشريعية.
يقول محمد أمين، نائب رئيس حزب المحافظين، إن الحزب يتخذ مواقفًا ثابتة وواضحة في دعم عملية التحول الديمقراطي وتكريس مبادئ الدولة المدنية لكنه استغرق وقتا في بداية تشكيل التحالفات الانتخابية صنف خلالها على أنه من أحزاب الموالاة، لكن مواقفه باتت أكثر وضوحًا في السنوات الثلاث الأخيرة بأنه حزب إصلاحي معارض منهجه هو الدفاع عن المبادئ والقيم الدستورية.
يتبنى رئيس الحزب أكمل قرطام، فلسفة واضحة قائمة على أن أي دولة في العالم لها دعامتين هما الحكومة والمعارضة
المعارضة المستنيرة
يتبنى رئيس الحزب أكمل قرطام، فلسفة واضحة قائمة على أن أي دولة في العالم لها دعامتين هما الحكومة والمعارضة، ولا يمكن العمل دون أحدهما لأنهما يكملان بعضهما البعض، وأن الرأي المعارض في أي دولة في العالم دائمًا ما يفرض رأيه على السياسات الخارجية للدولة لأنه يستند على قاعدة شعبية، مشيرًا إلى أن المعارضة هدفها وضع الحلول ومساعدة الحكومة ونقدها أحيانًا إذا كانت خاطئة.
وسبق أن تقدم قرطام، بالاستقالة من عضوية مجلس النواب، بسبب إهمال الحكومة لتوصيات المجلس في شأن حل مشكلات المواطنين، كما ظهر في مواقف معارضة بارزة منها رفض التعديلات الدستورية التي منحت الرئيس الحق في البقاء حتى عام 2030، كما رفضت الهيئة البرلمانية للحزب اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية بخصوص جزيرتي تيران وصنافير.
كلها مواقف تثبت أن الحزب تغيرت بوصلته تمامًا إلى يسار السلطة، لكن الحزب يرفض في الوقت نفسه تصنيفه على تيار بعنيه، بالرغم من مشاركته في اجتماعات الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم أحزابًا يسارية وشخصيات تمتلك رصيدًا ثريًا في مواجهة السلطات المختلفة.
“لنا رؤيتنا الخاصة ونستمد مواقفنا من الدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية التي نتمناها، ولكن نقف على مسافة واحدة من جميع التحالفات والتيارات، ولكننا لسنا براغماتيين كما يرانا البعض وإذا كنا كذلك كنا شاركنا في تحالف مستقبل وطن في انتخابات الشيوخ”، ” نقدم معارضة بناءة مستنيرة وحينما تحيد السلطة عن الاتجاه نحاول تصويبها”، هكذا يوضح أمين، آلية الحزب في اتخاذ القرارات.
يشرح نائب رئيس المحافظين، أن الحزب لا يفضل الاندماج في تحالفات لا يحكمها وثيقة سياسية تحترم الاختلافات بين الطرفين، لذا لم يستمر في “حب مصر”، ولم يشارك في القائمة الوطنية التي أعدت لانتخابات الشيوخ، مؤكدا أن الموقف سيكون كذلك إذا شكلت أحزاب الحركة المدنية تحالفا بدون وثيقة.
يتوقع محمد أمين نائب رئيس حزب المحافظين، أن تحصد أحزاب المعارضة وشخصياتها من 10 إلى 20% من مقاعد مجلس النواب المقبل
رفض القوائم
يعدد أمين، أسباب رفض الحزب المشاركة في انتخابات الشيوخ سواء بنظام الفردي أو القائمة، كونهم صوتوا من قبل على إلغاء مجلس الشيوخ في التعديلات الدستورية الأخيرة، كما رفض القائمة المغلقة التي تهدر الأصوات، مبررًا موقف أحزاب المصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والتجمع المشاركة لإتاحة الفرصة لكوادرها في ممارسة السياسة تحت القبة وإيجاد مساحة لهم للحركة.
ويشير إلى أن لجنة الانتخابات في الحزب بدأت العمل في الفترة الأخيرة لإعداد 4 قوائم انتخابية على مستوى الجمهورية بجانب فزر مرشحي الفردي حسب الشعبية والحضور السياسي في الدوائر، لافتًا إلى أن الحزب قدم الدعوة لشخصيات مستقلة لخوض الانتخابات على قوائم المحافظين، كما فتح اتصالات مع الحركة المدنية لبحث الموقف المشترك في الانتخابات المقبلة.
اللافت أن الحزب لا يدرج “المقاطعة” ضمن فلسفته واستراتيجيته السياسية في الاستماع لجميع الآراء والجلوس على جيمع طاولات التفاوض والحوار، في إطار تعزيز الأصوات الداعمة للديمقراطية وبناء دولة مدنية قوية تحترم حقوق الإنسان.
ويتوقع أمين، أن تحصد أحزاب المعارضة وشخصياتها من 10 إلى 20% من مقاعد مجلس النواب المقبل، قائلًا: “عودة الحزب الواحد وهيمنة الأكثرية غير الحقيقية أثار حفيظة الشارع وسيكون هناك تصويت عقابي ستستفيد منه المعارضة”.