أعادت وفاة المحامية التركية الكردية إبرو تيمتك، المعتقلة منذ عام 2017، الحديث حول واقع السجون التركية والانتهاك الذي يلاقيه المعارضون من قبل النظام التركي.

المحامية الكردية، ليست أول حالة وفاة في صفوف المعارضين داخل السجون التركية، فخلال الفترة القليلة الماضية توفي اثنان من المعارضين أيضًا داخل السجون على خلفية تعنت السلطات معهم.

توفت “تيمتك” بعد 238 يومًا من الإضراب عن الطعام احتجاجًا على إدانتها بالانتماء إلى منظمة إرهابية

“تيمتك” ليست الألى

توفت “تيمتك”، بعد 238 يومًا من الإضراب عن الطعام احتجاجًا على إدانتها بالانتماء إلى منظمة إرهابية وطلبًا لـ”محاكمة عادلة”، ويتهم معارضون نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتعنت ضد معارضيه من الصحافيين والحقوقيين، خاصة أولئك الذين يقبعون في السجون، وبحرمان الكثير منهم من الرعاية الصحية اللازمة وتجاهل مطالبهم المشروعة.

في وقت سابق من الشهر الجاري، توفي الصحفي التركي مولود أوزتاش بمستشفى سجن أفيون، وكانت السلطات التركية قد رفضت الإفراج عنه رغم إصابته بسرطان المعدة والفشل الكلوي وخضوعه لجراحتين أثناء اعتقاله، ضاربة بالمناشدات الحقوقية للإفراج عنه عرض الحائط.

كما توفي قبل أيام الصحفي والمذيع فاتح ترزي أوغلو، الذي أصيب بالسرطان أيضاً داخل سجن سيليفري، وكان محكومًا عليه بالسجن 6 أعوام وثلاثة أشهر، في الوقت الذي تتدهور فيه الحالة الصحية للصحفي أوميت غوغسان، المحتجز في سجن أفيون والمصاب بالسرطان أيضًا.

“لقد فارقت إِبرو تيمتك الحياة، لكنها لم تمت من الجوع وإنّما من الظلم.. لقد قتلت”.. البرلمانية التركية المعارضة، سيرا كاديجيل

إبرو تيمتك

النظام التركي وقتل المعارضة

أدانت مؤسسات حقوقية، محلية وأجنبية، ما حدث مع المحامية التركية، حيث رأى حزب “الشعوب الديمقراطي”، أن الوفاة كانت نتيجة حتمية للإهمال الحكومي لظروفها الصحية في السجن الذي كانت تقبع فيه، منذ سبتمبر عام 2017.

وعبر حسابها الرسمي على موقع التدوينات المُصغرة “تويتر”، وصفت البرلمانية التركية المعارضة، سيرا كاديجيل، ما حدث مع المحامية التركية، بأنه قتل وليس مجرد موت بسبب الإضراب عن الطعام، لافتة إلى أنها قُتلت بسبب الظلم، لا الجوع، حسبما أوضحت، قائلة: “لقد فارقت إِبرو تيمتك الحياة، لكنها لم تمت من الجوع وإنّما من الظلم.. لقد قتلت”.

وفي تصريحات صحفية قال شريف عبدالحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت للتنمية وحقوق الإنسان، إن واقعة وفاة تيمتيك لا تشكل استثناء، بل تجسد نمطًا سائدًا في معظم السجون التركية، بل وفي إدارة ملف العدالة في تركيا بشكل عام خلال السنوات الأربعة الأخيرة، منذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016.

وطالب عبدالحميد، الأمم المتحدة بضرورة فتح تحقيق جاد ومستقل في وقائع الوفاة التي شهدتها السجون التركية خلال الفترة الأخيرة.

النظام التركي

تردي أوضاع حقوق الإنسان بتركيا

أدان الاتحاد الأوروبي، وفاة المحامية الكردية، مؤكدًا أن ما تعرضت له دليل على تردي حقوق الإنسان في البلاد، وعدم حصول المعتقلين في سجونها على محاكمات عادلة.

وأوضح الاتحاد الأوروبي، في بيان رسمي: أن المحامية إبرو تيمتك هي رابع شخص يتوفى في السجون التركية، منذ بداية العام، نتيجة الإضراب عن الطعام. وشدد على أن وفاة المعتقلين الأربعة، ونضالهم للحصول على محاكمات عادلة دليل على الحاجة الملحة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في تركيا، التي تدهورت بشدة خلال الأعوام الماضية.

كما طالب الاتحاد الأوروبي، النظام التركي بأن يظهر بشكل طارئ تحسنًا ملحوظًا في حكم القانون واحترام الحريات الأساسية.

“توفى 93 شخصًا نتيجة عمليات التعذيب داخل السجون التركية”.. “Advocates of Silenced Turkey”

100 ألف معتقل يتعرضون للتعذيب الممنهج

في نوفمبر من العام الماضي، سلط التقرير الصادر عن المنظمة الحقوقية الأمريكية “Advocates of Silenced Turkey”، الضوء على عمليات الاعتقال الجماعية والتعذيب التي تشهدها تركيا منذ محاولة الانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016، كاشفًا عن وفيات جراء التعذيب.

وبحسب التقرير الأمريكي، فإن السجون التركية تضم أكثر من 100 ألف معتقل، مؤكدًا وقوع عمليات تعذيب وجرائم معاملة سيئة ممنهجة للمعتقلين والمحتجزين الذين ألقى القبض على أغلبهم خلال سريان حالة الطوارئ منذ وقوع الانقلاب في 2016 ولمدة عامين، مشيرًا إلى أن أغلب الوقائع موثقة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية.

ووفقًا للتقرير، فقد توفى 93 شخصًا نتيجة عمليات التعذيب داخل السجون، مستشهدًا بواقعة وفاة المعلم جوكهان أتشيك كولو فى 5 أغسطس 2016، نتيجة التعذيب المتواصل لمدة 13 يومًا داخل مديرية أمن اسطنبول، بعد أن ألقى القبض عليه بتهمة الانتماء لحركة فتح الله جولن.

كما تطرق التقرير، إلى تعذيب السيدات داخل السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للسلطات، من بينهم السيدة آيتان أوزترك، التى تعرضت للتعذيب نحو خمسة أشهر، من خلال احتجازها عارية، وخنقها بالمياه، وحرق أصابعها، ووضعها فى صندوق يشبه التابوت لفترات طويلة حتى لا تتمكن من التحرك.

تضم السجون التركية ألف و333 مريضًا معتقلا منهم 457 أمراضهم خطيرة

السجون التركية

مرضى داخل السجون التركية

أعلن موقع تركيا الآن، التابع للمعارضة التركية في وقت سابق، عن وفاة 50 معتقلا مريضًا، فى السجون التركية خلال عام 2019.

وأكد الموقع، استقبال الجهات المختصة أكثر من 7 آلاف طلب من جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، ولم ترد عليها، مشيرًا إلى أنه وفقا لبيانات تابعة لوزارة العدل التركية، يقبع في السجون 260 ألف و144، منهم 202 ألف و434 صدر بحقهم أحكام قضائية، و57 ألف و710 معتقلين، دون أحكام.

وقال الموقع التابع للمعارضة التركية، إنه وفقًا لبيانات جمعية حقوق الإنسان التركية، يوجد في تركيا ألف و333 مريضًا معتقلا، منهم 457 أمراضهم خطيرة، وبينما يكافح معظمهم من أجل الحياة وهو على حافة الموت، لا يُطلق سراحهم على الرغم من تقارير المستشفيات ومعهد الطب الشرعى، كما أنه وفقًا لبيانات مؤسسات المجتمع المدنى، مات 50 مريضًا معتقلا فى قضايا جنائية وسياسية.

“مع تزايد عدد السجناء في تركيا بشكل يومي باتت عمليات إنشاء السجون تشكل قاطرة قطاع الإنشاء فى البلاد”.. صحيفة سوز التركية

القمع في تركيا

91 سجن جديد بتكلفة 13 مليار ليرة

كانت مصلحة ورش السجون التى يعمل بها السجناء وتتبع وزارة العدل التركية في بيانٍ لها عام 2019، قد أفادت بأنه تم البدء في تشييد 43 سجناً جديداً بتكلفة إجمالية 4 مليارات ليرة فى الوقت الذى تواصل فيه وزارة العدل تشييد 48 سجناً جديداً بتكلفة 9 مليارات ليرة.

ونشرت صحيفة “سوز” المعارضة، تفاصيل خبر نشره موقعها الإلكترونى أن السلطات التركية تقوم بإنشاء 91 سجناً جديداً خلال عامين بتكلفة 13 مليار ليرة، معقبة: “مع تزايد عدد السجناء في تركيا بشكل يومي باتت عمليات إنشاء السجون تشكل قاطرة قطاع الإنشاء فى البلاد”.

ولفتت إلى أن السلطات التركية افتتحت خلال الفترة الممتدة بين عامى 2006-2019، 166 سجنًا جديدًا، كاشفة أن مصلحة ورش السجون التى تقوم بتوظيف السجناء تعمل على إقامة 43 سجناً حالياً فى مدن تركية مختلفة، ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من هذه السجون بحلول عام 2021.