قررت محكمة سودانية، اليوم الثلاثاء، تأجيل محاكمة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير و27 شخصًا آخرين، بتهمة الاستيلاء على السلطة في انقلاب عام 1989، إلى منتصف سبتمبر الجاري.
وقال القاضي، الذي ترأس المحكمة بعد 45 دقيقة من انعقاد الجلسة: “تُرفع الجلسة إلى 15 سبتمبر للسير في الإجراءات الصحية في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد”.
وقال القاضي، إن الحالة السياسية في البلاد لا تؤثر سلبًا أو إيجابًا على سير المحاكمة، وأن المحكمة تقف على مسافة واحدة من الأطراف.
وحضر المتهمون الجلسة وعلى رأسهم البشير في ملابس السجن البيضاء، ودعا المحامون إلى تأجيل المحاكمة للبحث عن قاعة محكمة أوسع تضمن الالتزام بتدابير التباعد الاجتماعي في ظل تفشي كورونا.
انقلاب 1989
ويواجه البشير والمتهمون معه، تهمة تنظيم الانقلاب الذي أوصل البشير إلى السلطة عام 1989، وهي محاكمة غير مسبوقة في العالم العربي.
وفي حالة إدانة البشير والآخرين، فهم يواجهون عقوبة قد تصل إلى الإعدام.
وحصل البشير في انقلابه العسكري عام 1989 على دعم “الجبهة الإسلامية القومية” بقيادة حسن الترابي الذي توفي عام 2016.
وكانت المحكمة، عقدت في 21 يوليو الماضي، أولى جلساتها الإجرائية بقاعة معهد تدريب العلوم القانونية والقضائية وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتشمل قائمة المتهمين 10 عسكريين و6 مدنيين تقلدوا مواقع وزارية ومناصب حكام ولايات ومسؤوليات عسكرية أثناء حقبة حكم البشير للسودان.
المحكمة الجنائية الدولية
والبشير، مطلوب أيضًا من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الانسانية أثناء النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد، الذي استمر بين 1959 و2004، وأسفر عن 300 ألف قتيل وملايين النازحين.
وكان انقلاب البشير الثالث منذ استقلال السودان عام 1956، بعد انقلابين قام بهما ابراهيم عبود 1959-1964، وجعفر نميري 1969-1985.
وأطاح الجيش السوداني، بالبشير في أبريل 2019 عقب احتجاجات شعبية استمرت أشهر عدة.
البشير ومعاونية
وبدأ البشير، الجلسة بتقديم نفسه، قائلًا: “أنا رئيس جمهورية سابق”، وبدا في حالة جيدة وراء قضبان قفص معدني في قاعة المحكمة مرتديًا ملابس السجن البيضاء وعلى وجهه كمامة أنزلها للتعريف بنفسه.
وفي مقطع مصور بثه التلفزيون السوداني الرسمي، أوضح البشير البالغ من العمر 76 عامًا، أنه محتجز في سجن كوبر بالخرطوم.
وظهر بعض معاوني البشير السابقين، إلى جانبه في المحاكمة التي كانت قد تأجلت بسبب الازدحام الشديد عند موعد بدئها الذي كان مقررا الشهر الماضي.
وعقدت جلسة المحاكمة، اليوم، بعد توقيع القيادة الانتقالية في السودان اتفاق سلام مع بعض الجماعات المتمردة التي كانت تحارب جيش البشير والميليشيات المتحالفة معه في دارفور.
القبض على البشير
في 12 نوفمبر 2019، أعلنت قوى الحرية والتغيير في السودان، أن النيابة الجنائية أصدرت أوامر بالقبض على كل أعضاء مجلس قيادة انقلاب حكم الإنقاذ بقيادة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير في 30 يونيو عام 1989 من العسكريين الأحياء، كما أصدرت أوامر أخرى بحق كل من علي الحاج وإبراهيم السنوسي القياديين لاحقاً بحزب المؤتمر الشعبي الذي ترأسه حسن الترابي بعد الخلاف مع البشير.
كما أصدرت النيابة أمراً بحظر سفر كل المتهمين في البلاغ المدون ضد مدبري ومنفذي الانقلاب.
وأكدت اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير في تعميم صحفي أمس أن النيابة الجنائية خاطبت سلطات السجون لتسليم المتهمين عمر البشير وعلي عثمان طه، ونافع علي نافع، وعوض الجاز.
النيابة تنهي تحقيقاتها
وفي 6 أبريل الماضي، أعلنت النيابة العامة السودانية، إنهاء تحرياتها وتحقيقاتها في عدد من القضايا بعد اكتمالها، وعلى رأسها قضيتا القتل بمدينة الأبيض وانقلاب عام 1989.
وقالت النيابة، أكملت أيضا “عددا من دعاوى قتل الشهداء، وأنها ستبدأ الإجراءات فيها، حال انقضاء وانحسار كورونا، الذي ترتب عليه وقف العمل أمام المحاكم”، مشيرة إلى أنها أجرت تحقيقات واسعة حول قضايا الفساد.
ولفتت إلى أنها تقدمت بالتوصيات اللازمة للجهات المختصة، لاسترداد عدد كبير من الأموال العامة، كما أنها ستواصل جهودها لاسترداد الأموال المنهوبة محليا وخارجيا.
وقال البيان، إن النيابة العامة ستتخذ من الإجراءات والمحاذير، ما يمنع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان، التي وقعت طوال الثلاثين عاما الماضية، حيث كان المعتقل لا يحصل على أبسط الحقوق في مقابلة أسرته ومحاميه، بل حتى معرفة مكان اعتقاله.
وجددت النيابة السودانية، التزامها التام بإجراء التحريات والتحقيقات اللازمة، في كافة الانتهاكات وعمليات التعذيب والقتل خارج القانون، وذلك في كافة الجرائم التي وقعت في الفترة من 1989 وحتى أغسطس 2019، شاملًك قضايا فساد رموز النظام السابق، واستغلال النفوذ والثراء الحرام والمشبوه، وذلك وفقا لمقتضيات الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019 والتي تحكم الفترة الانتقالية.