“بعض الطلاب لا يأخذون العملية التعليمية بالجدية الكافية فيرسبون أكثر من مرة، ولدينا نسبة الرسوب بالجامعات تصل إلى 20%”، كان هذا هو مبرر وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد عبدالغفار، الذي أصدر قرارًا بفرض رسوم مالية على الطلاب الراسبين في سنة الإعادة، تصل لـ12 ألف جنيه للعام الواحد.

الوزير أكد أن القرار يساهم في خفض نسبة الرسوب قائلا: “سيكون له مفعول السحر على الطلاب الذين اعتادوا على الرسوب”.

تأخر كثيرًا

أشاد الدكتور محمد كمال، عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ، بمشروع القانون، إلا أنه رأى تأخر كثيرًا في الصدور، موضحًا أن هناك طلاب يتعمدون الرسوب لأسباب عديدة، لعل منها تأجيل التجنيد لآخر سن، والسفر للخارج.

ولفت إلى أن بعض الطلاب يقومون بأعمال غير قانونية مستندين على أنهم جامعيون، مضيفًا أن هناك طلابًا إما تركوا التعليم، أو استمروا في حياتهم دون النظر إلى حق الجامعات عليهم، خاصة الطالبات في بعض الجامعات الإقليمية حيث تتزوج الطالبة وتنجب وتترك الجامعة وهي ما زالت مقيدة بها، ويتم التعامل على أنها لازالت تدرس في كل ما يتعلق بالعملية التعليمية، سواء فيما يتعلق بقبول طلاب جدد أو توزيع المجموعات الدراسية أو أعمال الامتحانات والتصحيح.

واعتبر عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ، أن الرسوب يعد حجب حق الفرصة عن آخرين من الراغبين في استكمال مسيرتهم التعليمية بنجاح ولا يجدون مكانًا نتيجة الراسبين الباقين لسنوات متتالية.

سحق مجانية التعليم

قال مجدي قاسم، رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم التابعة لمجلس الوزراء سابقًا، إن هذا النظام يتم العمل به في أمريكا ولكن بنظام شراء الساعات المعتمدة لكل مادة، وفي حالة رسوب الطالب في مادة يقوم بدفعها مرة أخرى بنفس القيمة.

وتابع “ولكننا لسنا أمريكا، هناك سياسات تعليمية مختلفة”، مضيفًا أنه بهذا ستوجد مشاكل كثيرة، مثل جعل الطبقة المتوسطة لا تستكمل تعليمها مقابل مرتبات ضحلة تحصل عليها بالإضافة إلى سحق مجانية التعليم”.

طبقًا للقرار فإن طالب الطب البشري والأسنان يدفع بين 6 آلاف و12 ألف جنيه حال الرسوب مرة واحدة، وفقا لمجلس الجامعة، أما طلاب الهندسة والحسابات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي، يدفعون بين 5 إلى 10 آلاف جنيه، ومن 4 ـ 8 آلاف جنيه، لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض، ومن 3 إلى 6 آلاف جنيه للكليات والمعاهد الأخرى.

وأضاف أن هذا القرار مبالغ فيه، في ظل الإمكانيات المتاحة في المعامل والأجهزة وجودة العملية التعليمية، قائلًا: “لا نستطيع تصديق كلام الحكومة عن أن تكلفة طالب الطب سنويًا 50 ألف جنيه، هناك مغالاة في أيضًا رسوم الرسوب ومن الممكن أن تنخفض”.

ووصف “قاسم” القرار بأنه “بمثابة إجهاض للجامعات الحكومية، ويعوق عدد من الطلبة قد يكونوا مروا بظروف صعبة ووجود تلك الرسوم الباهظة ستضع حاجزًا أمامهم من الممكن ألا يستكملوا دراستهم، خاصة أن هذا يبشر ببداية خصخصة التعليم وعودة نظام شهادة الفقر والشهادة المرضية وكلها أمور لا داع لها”.

وأشار “قاسم” إلى ضرورة وضع آلية لإعطاء منح للطلاب خاصة أن السواد الأعظم يدرسون بالجامعات الحكومية، لأنها تلائمهم اقتصاديًا، وبها عدد هائل من الكليات المختلفة، مطالبًا بضرورة إجراء دراسة حقيقية للقرار تلائم المرحلة الوطنية التي نمر بها.

20 مليار جنيه

وخلال كلمته يوم السبت الماضي بافتتاح عدد من المشاريع بمحافظة الإسكندرية، قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إن المصريين ينفقون ما يقرب من 20 مليار جنيه على التعليم في الخارج.

وأضاف “عبدالغفار” أنه جرى التوقيع على مذكرة تفاهم وشراكة مع عدد من الجامعات الجديدة والدولية الكبرى، موضحًا أن الجامعات الأهلية تضم 50 كلية جديدة وبها برامج دراسية تتماشى مع أحدث البرامج التعليمية في الخارج.

عائد ضعيف

من جانبه أكد ضياء زاهر، أستاذ التخطيط التربوي والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس، أن القرار يمثل نوعًا من الإخلال بديمقراطية التعليم في كل الأبعاد، كما سيتسبب في ردة في العملية التعليمية وقبولها، بل في قضية اجتماعية خطيرة ليس من السهل تداركها وتصعيد العداء غير المبرر.

وتابع أن المبالغ التي تتحدث عنها وزارة التعليم العالي تؤدي لعائد لا قيمة له ولا يستحق أن تكون نتيجته انصراف الناس عنه، فإذا افترضنا رسوب 100 ألف من ضمن 3 ملايين فإن العائد ليس كبيرًا أو مرضيًا لتطوير سياسات التعليم كما يتم ترديد أن هذا هو المراد من القرار.

من ناحيته كان رد وزير التعليم العالي على هذا الأمر أن فلسفة رسوم الرسوب ليست مادية ولكن رادعة للطالب الذي يكرر الرسوب، خاصة أن مقابل ما يتم تحصيله من الطلاب لا يمثل أكثر من 10 أو 15% من القيمة الحقيقية، والوزارة تتحمل 85% حسب التخصص، مصرحًا بـ”مفيش تعليم مجانى، وأن التعليم له ميزانية يتم رصدها من الدولة لكل جامعة”.

تعليم دون معوقات

واستكمل ضياء زاهر حديثه قائلا: “ماذا فعلنا للمتفوقين والموهوبين؟، كل ما يحدث هو استنزاف لقدراتهم وعدم توفير القواعد الحقيقية والاستفادة من إبداعاتهم فيقوموا بالهروب للخارج وبالتالي تعود مصر إلى حالة إجحاف، بعد أن كانت دائمًا الإقليم القاعدي في المنطقة.

وتابع “الحق الأصيل أن يواصل المواطن تعليمه مهما كانت ظروفه المادية، موضحًا أن هناك أسباب لرسوب الطلاب قد يكون السبب فيها ركن من أركان العملية التعليمية مثل قيام بعض الأساتذة بتعمد رسوب الطالب وهذا القرار سيشجع تلك النوعية.

وأشار إلى “أنه لم يعرض القرار على متخذي وصانعي القرار، وهو نحن أساتذة الجامعة والتربويين والصحفيين ولم يؤخذ رأي أحد في الاعتبار”.