بعد سنوات من الغياب عن الساحة الإعلامية والفنية، استطاع الألم الذي تُعانيه لبنان أن يُظهر الفنانة القديرة فيروز أو “جارة القمر”، على الساحة مرة أخرى، لم يكن ظهورها في حدث عابر بل جاء خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي رأى أن مخاطبة الشعب اللبناني من خلالها تُعد أقوى رساله يمكن أن يوجهها إلى الشعب المكلوم في ضحاياه نتيجة حادث المرفأ الأخير.

ماكرون يكرم فيروز

أطلت فيروز، على الرئيس الفرنسي والجمهور معًا، بما اعتاد عليه الجميع منها من شموخ وأناقة وعزة كانت جلية في صوتها ، ليقدم لها ماكرون الوسام الأرفع في فرنسا وهو “جوقة الشرف” من رتبة فارس، وجاء هذا بعد حديث استمر بينهما لما يقرب من الساعة والربع، لم يكشف أي من الطرفين عما دار خلاله.

كانت زيارة ماكرون لجارة القمر، فريدة من نوعها، لكنها لم تكن الخطوة التي تثبت مكانتها في دولة فرنسا، حيث نالت فيروز وسام “قائد الفنون والآداب” أحد أرفع الأوسمة الأوربية، أواخر ثمانينيات القرن الماضي،  من الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران.

كما قلدها أيضًا الرئيس الفرنسي جاك شيراك “جوقة الشرف” من رتبة فارس في أواخر التسعينيات، وهو ذات الوسام الذي حصلت عليه من الرئيس ماكرون.

كما جمعت لقاءات عدة بين فيروز ورؤساء وملوك عرب، إلا أنها لم تكن زيارات داخل منزلها، كما أثارت حالات عديدة من الجدل، لعدم رغبتها في أن تُصبح تابعة لأي رئيس عربي، فرفضت أن تقدم حفلات خاصة إلى جانب فرقتها على سبيل المثال، للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، ليعتذر لها بعد ذلك، وكان هذا حال فيروز مع باقي رؤساء الدول.

كانت فيروز، جزء لا يتجزأ من المشكلات العربية التي عاشتها البلاد منذ خمسينيات القرن الماضي، والتي شهدت مجدها الفني

ماكرون وفيروز

مواقف فيروز السياسية

كانت فيروز، جزء لا يتجزأ من المشكلات العربية التي عاشتها البلاد منذ خمسينيات القرن الماضي، والتي شهدت مجدها الفني، فكانت البداية في عام 1952 حيث أيدت التغيرات السياسية التي تحدث في سوريا من خلال تسجيل عدد من الأغاني الوطنية لسوريا بالإذاعة هناك، بالاشتراك مع الرحابنة الذين شاركوها الكثير من أغيناتها والمعروف عنهم دعمهم لعائلة الأسد.

ومع منتصف الخمسينيات بدأ حلم فيروز بالقومية العربية بالاندثار وعادت إلى لبنانيتها محاولة للاعتلاء في سماءها فنيًا، لتصبح من مكوني التراث اللبناني الغنائي ولكن مع السبعينيات وبداية الحرب الأهلية في بلدها، أخذت فيروز الاتجاه اليساري متأثرة بنجلها زياد الرحباني.

ولكن مع تصريحات زياد الرحباني الجريئة، وابتعاد والدته عن التصريحات والإعلام، فجر مفاجأة عام 2013 عن والدته وهي أنها من محبي وداعمي الشيخ حسن نصر الله “الأمين العام لحزب الله”، ولكن لم تخرج فيروز لتؤكد أو تنفي أي من هذه الأقاويل التي جاءت على لسان نجلها في أحد الحوارات الصحفية.

وتفتح زيارة الرئيس الفرنسي، للسيدة فيروز، الحديث حول زيارات الرؤساء للفنانين في المناسبات المختلفة وعلاقات الصداقة التي تربط بين الفنانين والرؤساء.

من أشهر الصداقات التي شهدها الوسط الفني العربي، علاقة الزعيم عادل إمام والرئيس الفلسطيني الراحل

عادل إمام والرئيس الفلسطيني

عادل إمام والرئيس الفلسطيني

من أشهر الصداقات التي شهدها الوسط الفني العربي، علاقة الزعيم عادل إمام والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فكان الرئيس الفلسطيني يحرص على زيارة الزعيم في كل زيارة يجريها لمصر.

الرئيس السيسي وشادية

ومن الزيارات الرئاسية، التي شهدها الوسط زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي وزوجته، إلى الفنانة المصرية شادية، عام 2017، أثناء تواجدها في المستشفى العسكري، بعد تعرضها لوعكة صحية، بسبب إصابتها بجلطة في المخ، وكانت الزيارة تقديرًا منه للفنانة على مشوارها الفني الطويل.

كانت كوكب الشرق أم كلثوم، على علاقة بالعديد من رؤساء الدول في العالم

عبدالناصر وأم كلثوم

أم كلثوم وعلاقاتها الرئاسية المتعددة

كانت كوكب الشرق أم كلثوم، على علاقة بالعديد من رؤساء الدول في العالم، وكان ذلك طبقًا لمكانتها التي لم يحظى بها مطرب في الوطن العربي في تاريخها وحتى ذلك الحين، فجمعتها علاقة صداقة بالعديد من الرؤساء بداية من الملك فاروق، حتى الرئيس محمد نجيب.

كما جمعتها صداقة وطيدة، بالرئيس جمال عبد الناصر، فكانت بينهما زيارات متعددة، لكن الزيارة الأولى التي قام بها جمال عبد الناصر لكوكب الشرق جاءت بسبب قيام أحد أعضاء مجلس الثورة بمنع أغنياتها من الإذاعة لمحبة الملك فاروق لها، لتقرر هي الاعتزال بعد هذا القرار، فذهب إليها عبدالناصر في زيارة مفاجأة ليطلب منها العدول عن هذا القرار.

كما جمعت أم كلثوم، مناسبات عدة أيضًا بالرئيس الأسبق أنور السادات، لكنه لم يزورها بشكل شخصي.

عبدالناصر وعبدالحليم حافظ

زيارة مفاجأة لمنزل العندليب

كانت علاقة العندليب عبد الحليم حافظ، والرئيس عبد الناصر قوية، وكان من ضمن الزيارات التي جمعت بينهما، زيارة مفاجأة أجراها ناصر بعد أن أصيب العندليب بنزيف حاد بعد انتهائه من وصلته الغنائية على المسرح، وطلب منه الرئيس حينها بأن يسافر خارج البلاد لاستكمال علاجه.

كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات، من الرؤساء أصحاب العلاقة الجيدة مع الفنانين

السادات وعلاقته بالفنانين

كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات، من الرؤساء أصحاب العلاقة الجيدة مع الفنانين، وكانت أشهرها مكالمته الهاتفية للفنانة زينات صدقي ليخبرها بتخصيص معاش استثنائي لها، كما هاتفها مرة آخرى ليخبرها برغبته في حضورها زفاف ابنته، بحسب ما روته حفيدة زينات صدقي في لقاء صحفي سابق لها.

كما جمعت علاقة حب وإعجاب بين السادات والشيخ سيد النقشبندي، وكان من مستمعيه ومعجبيه قبل أن يُصبح رئيسًا وبعد أن تولى السلطة تعرف عليه، وكان يحدث الاجتماع بينهما حين يقوم الرئيس السادات بزيارة مدينة ميت أبو الكوم مسقط رأسهما معًا.

وكان الرئيس الأسبق، هو السبب في تجمع الملحن بيلغ حمدي و النقشبندي في روائع عدة منها “مولاي” والتي طلب بأن يتم التعاون بينهما بشكل شخصي.

“زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للفنانة فيروز أكبر دليل على تقدير قادة العالم للفن”.. الناقدة الفنية حنان شومان

السادات والنقشبندي

الرؤساء والفن علاقة احترام

وعن العلاقات التي جمعت الفنانين بالرؤساء، قالت الناقدة الفنية حنان شومان، إن العلاقات الإنسانية والصداقات تجمع بين الرؤساء والقادة والفنانين منذ عشرات السنين، وكانت مليئة بالتقدير والاحترام لقيمة الفن والفنانين، وكان هذا على مستوى جميع دول العالم التي تدرك أن الفن هو القوى الناعمة التي تستطيع أن تحرك شعوب، لتحقيق المكاسب السياسية.

وأضافت شومان، أن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للفنانة فيروز، أكبر دليل على تقدير قادة العالم للفن ومعرفة أهميتة كقوة ناعمة في تحريك الشعوب كما شاهدنا تأثير الزيارة على الجميع.

وأوضحت، أن هذه الزيارة استطاعت أن تخرج فيروز من عزلتها التي عاشتها منذ سنوات، لتؤكد لنا أن الوطن أهم من أي شئ آخر، ويؤكد لنا هو أن السياسة والفن يمكن أن يصبحا أيقونة قوية في مواجهة الإرهاب.