دام صمتها عن جريمة اغتصاب فتاة فيرمونت نايل سيتي، 6 سنوات.

شهادتها عن وقائع الاغتصاب الجماعي للضحية، لم تبرح ذاكرتها. كل شيء محفور برأسها، مثلما حفر المتهمون أسمائهم على جسد الفتاة.

حين توجهت للإدلاء بأقوالها أمام النيابة العامة، عن الجريمة التي أضحت قضية رأي عام، وفوجئت بنفسها متهمة بالقضية.

هكذا تبدلت أحوال نازلي كريم، ابنه الفنانة نهى العمروسي “من شاهدة إلى متهمة”.

انضم إلى “نازلي” شهود آخرين، وأصبحوا متهمين في قضية “فيرمونت نايل سيتي”.

بيان المجلس القومي للمرأة، الذي أعلن تبنيه “قضية فيرمونت”، دفع بالشهود للإدلاء بأقوالهم أمام النيابة، لاسيما بعد انتشار شهادة ضحية الاغتصاب الجماعي على مواقع التواصل الاجتماعي.

رسالة واضحة إلى النساء والفتيات بأن التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها قد ينتهي بهن متهَماتٍ

أثارت مستجدات التحقيقات في “قضية فيرمونت”، جدلاً كبيرًا بقدر ما أغضبت كثيرين من صمت المجلس القومي للمرأة عن ما تعرض له شهود القضية.. وتساؤلات: لماذا حُبس المتهمين؟.

متهم ومجني عليه

يشرح دفاع أحد المتهمين “الشهود” أسباب القبض عليهم: أن “هناك قضيتين وليست واحدة”.

وبحسب الدفاع، فإن القضية الأولى، هي: واقعة اغتصاب فتاة فندق فيرمونت، وصاحب البلاغ بها المجلس القومي للمرأة، وما تزال التحقيقات بشأنها جارية.

كانت الفنانة نهي العمروسي، أشارت إلى أن الفيديوهات التي نشرت لنجلتها على مواقع التواصل الاجتماعي تم تسريبها من خلال رقم من خارج مصر

أما القضية الثانية، التي أثارت الجدل، والتي على أساسها قررت النيابة العامة حبس 6 متهمين – بينهم شاهدان، تضمنت لائحة اتهام “تعاطي مواد مخدرة، والتحريض على الفسق والفجور، وممارسة اللواط والسحاقية، وإقامة حفلات جنس جماعي، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة مشكلات وهمية تخص قضية العنف ضد المرأة”.

المحامي الحقوقي نجاد البرعي، أيضًا يجيب عن سبب تحويل شاهد إلى متهم، ويقول: ” من الممكن أن يتحول المجني عليه نفسه إلى متهم في ذات القضية، فمثلاً لو أحرز مجموعة من الأصدقاء مخدر الحشيش وتعاطوه، ثم أحدث أحدهم بزميله عاهة مستديمة، سيكون “الأخير” متهمًا بجريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، وإحراز المخدرات بقصد التعاطي”.

نجاد البرعي

وتابع قائلاً: “بالإضافة إلى أن جميع الحضور بما فيهم المجني عليه سيصبحون متهمين بإحراز المخدرات بقصد التعاطي، فلن يُعفى من حدثت له العاهة المستديمة من العقاب على جريمة إحراز وتعاطي المخدرات”.

ويضيف المحامي الحقوقي:” إنه عند سؤال شخص أمام النيابة دون تحليفه اليمين القانونية، فإنه بذلك يُسأل على سبيل الاستدلال، بمعنى أن موقفه أمام النيابة غير واضح، هل هو شاهد أما متهم؟، ويمكن للنيابة بعد سؤاله على سبيل الاستدلال أن توجه إليه اتهامات، ولكن لو قامت النيابة بتحليفه اليمين قبل سؤاله عندها لا يجوز توجيه أي اتهام إليه “.

واتفقت مع الرأي السابق، إحدى المحاميات التي تتابع سير تحقيقات “قضية فيرمونت”، إذ قالت إن النيابة حتى الآن لم تستقر عما إذا كان شهود الواقعة متورطون من عدمه، وإنما استمعت لأقوالهم باعتبارهم من حاضري حفل الفندق الذي شهد الجريمة”.

“قومي المرأة” يتابع مسار القضية

وتشير بعض المعلومات إلى أن المجلس القومي للمرأة، لازال يتابع القضية من خلال محامٍ متطوع، بعد إثارة الجدل بتحويل موقف بعض الشهود في القضايا إلى متهمين في قضية أخرى استنسختها النيابة العامة من التحريات الأمنية والتي على إثرها صدر القرار حبسهم، بالإضافة إلى تسريب اسم الضحية والشهود، وتسريب الفيديوهات والصور وبعض من المحادثات التي تمت بين الضحية وبين المتهمين في وقت سابق.

وتتناقض الوقائع السابقة من إلقاء القبض على المبلِّغات وبعض الشهود مع التوجه الرسمي المعلن بشأن التعاطي مع قضايا العنف الجنسي ضد النساء، خصوصًا بعد موافقة مجلس النواب على تعديل قانون الإجراءات الجنائية في 17 أغسطس الماضي، ليضمن سرية بيانات المبلِّغات في قضايا العنف الجنسي للحفاظ على ما أسمته وزارة العدل “سُمعة” المجني عليهن.

تسريب فيديوهات

وكانت الفنانة نهي العمروسي، أشارت إلى أن الفيديوهات التي نشرت لنجلتها على مواقع التواصل الاجتماعي تم تسريبها من خلال رقم من خارج مصر، وتعمد في نشر الصور والفيديوهات تشويه صورة نجلتها والتشهير بها، الأمر الذي رجحه أيضًا محامي أحد المتهمين، إذ أوضح أن تلك الفيديوهات بُثت من قبل أصدقاء المتهمين في قضية الاغتصاب، مشيرًا إلى أن ما حدث قد يدفع النيابة لفتح قضية ثالثة عن بث الفيديوهات.

أحد المحاميين المتابعين للقضية، أكد على أن “الجنزوري” كان من ضمن الشهود في واقعة الاغتصاب التي حدثت داخل الفندق

وكانت “العمروسي” قد نشرت عقد الزواج بين نجلتها وأحد المتهمين في قضية الاغتصاب الهاربين (ع.ف)، وُقّع في 24 سبتمبر عام 2014، من جانب مأذون ناحية الخليفة التابع لمحكمة الخليفة، بينما جاء مسكن الزوجية في منطقة مصر الجديدة.

وكشفت الوثيقة أيضًا أن الزوج من مواليد عام 1990، وأكدت على أن الزواج دون علمها بعدما أتمت نجلتها السنّ القانونية (21 عامًا).

كما أشارت إلى إجبار ابنتها بقيام بعض الأفعال من قبل زوجها، وكان من بينها تلك التي ظهرت في الفيديوهات المسربة.

لكن على الناحة الأخرى، نفى محامي المتهم (ع.ف) صحة الوثيقة، وأكد على أنه تم تسريبها لضرب مصداقية القضية.

بلاغ ضد ابن المرشح الرئاسي الأسبق

وطالبت المبادرةُ المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بتوضيح عاجلٍ للموقف القانوني لكلّ المجني عليهنَّ والشهود في قضيتي الاعتداء الجنسي المعروفتين إعلاميًّا بـ “قضية فيرمونت” كما حثَّت المبادرةُ المجلسَ القومي للمرأة على عدم التخلي عن دوره في تقديم الحماية والدعم إلى النساء المجني عليهن والشهود في كلتا القضيتين، خاصة وأن توجههم إلى التبليغ والشهادة قد أتى بعد مبادرة المجلس بالتأكيد على توفير الدعم والحماية والحفاظ على الخصوصية للمبلِّغين والشهود.

وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد حذرت مسبقًا وبشكل متكرر من أن سابقة توجيه الاتهامات إلى ضحية وناجية من الاغتصاب والخطف، يُرسِل برسالة واضحة إلى النساء والفتيات بأن التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها قد ينتهي بهن متهَماتٍ وقد يؤدي بهن إلى السجن، ما يعرقل أيَّ جهود مجتمعية ساعية إلى دعم النساء والفتيات في سعيهن إلى التعافي من آثار جرائم العنف الجنسي التي قد يتعرضن لها.

أواخر يوليو الماضي، تصدر وسم “جريمة فيرمونت” موقع التواصل الاجتماعي تويتر

وفي بلاغ للنائب العام كانت المحامية دينا المقدم، اتهمت نجل رجل الأعمال المصري المعروف أيمن نور، بالمشاركة في قضية “الفيرمونت”، الأمر الذي نفاه محامي أحد المتهمين جملة وتفصيلاً، مؤكدًا على أن بيان المحامية قد تضمن أسماء لا صلة لهم بالقضية، مثل: اسم السياسي الهارب خارج البلاد أيمن نور، وآخر(أ.س).

مصادر أخرى، أشارت إلى أن ابن أيمن نور، كان على علم بالواقعة التي حدثت داخل الفندق، بعدما لجأت إليه إحدى الفتيات هالعة، وروت له ما حدث في هذه الليلة.

جميلة إسماعيل وابنها شادي

وكانت الإعلامية المصرية جميلة إسماعيل، والدة شادي نور، قد ردت على الاتهامات الموجهة لابنها، بأن “الأخير” ساند الضحايا كما فعل العشرات والمئات والآلاف من الناس وحاول المساهمة في توصيل أصواتهن إلى جهات التحقيق.

وأضافت “إسماعيل”، عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “شادي الآن بيتعرض لحملة تشويه لمجرد أنه اختار مثله مثل الكثيرين، أن يسمع ويدعم الضحايا حتى لو مافيش بينه وبينهم سابق معرفة، حملات التشويه هدفها تضليل العدالة، باستخدام وجود شادي في قائمة الداعمين للضحية بيتصوروا للأسف أن الزج باسم شادي وتشويهه هو طوق النجاة للبعض وأداة للانتقام”.

“أحمد الجنزوري”، أحد الشهود في هذه القضية والذي تم حبسه على ذمة قضية (الفسق والفجور وتعاطي المخدرات)، ألقي القبض عليه في ساعة مبكرة من يوم 29 أغسطس الماضي، بعدما داهمت قوات الأمن إحدى القرى السياحية التي كان متواجد فيها.

” الجنزوري” أو “جانز” كما يلقبه أصدقائه، والذي بدأ عمله كمنظم حفلات منذ عام 2003 عرف كأشهر منظم حفلات في الساحل الشمالي والفنادق السياحية الكبرى.

أحد المحاميين المتابعين للقضية، أكد على أن “الجنزوري” كان من ضمن الشهود في واقعة الاغتصاب التي حدثت داخل الفندق، لكننا فوجئنا بخبر القبض عليه وتحويله كمتهم بتهمة تعاطي المخدرات، والفسق والفجور، وإقامة حفلات جنس جماعي.

في المقابل تروي فتاة اعتادت حضور حفلات ينظمها أحمد الجنزوري، أن حفلات الأخير عادة ما يتواجد فيها الخمور وبعض المواد المخدرة، لكن تلك الأشياء يشتريها الحاضرون قبل الحضور للحفل على نفقاتهم الخاصة، ودون اتفاق مع منظم الحفل، كما تؤكد أن أغلب الحفلات التي حضرتها له سواء كانت في الساحل أو الفنادق كان الحاضرون يتناولون الخمور والمواد المخدرة وهو أمر شائع ومعتاد، ويعتبرها الحاضرون ضمن الأجواء المرحة.

 

جميلة إسماعيل

سياق الجريمة

ورجح أطباء أن العقار الذي خُدرت به ضحية الاغتصاب “فتاة فيرمونت”، من الممكن أن يكون عقار (G.H.B)، أو مخدر (روفيز) ويعرف في تلك الأوساط باسم (For get me) لما لهما من تأثير شديد على الأعصاب، ويطلق على المخدر الأول اسم “قرص الاغتصاب”، بسبب كثرة حوادث الاغتصاب الذي استخدم فيها هذا العقار، وخصوصًا أنه ليس له طعم إذا تم خلطه بالكحوليات.

يذكر أنه في أواخر يوليو الماضي، تصدر وسم “جريمة فيرمونت” موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إذ تداول مئات من المغردين رواية نقلتها حساب “شرطة الاعتداءات” Assault Police على “إنستجرام” لفتاة قالت إنه تم اغتصابها عام 2014 داخل فندق فيرمونت من قبل مجموعة من الشباب، كما صوروا أنفسهم خلال الاعتداء عليها، بالإضافة لحفرهم أحرف أسماءهم على جسدها وتهديدها إذا قررت الإبلاغ عنهم.