تدعم الجمهورية الإيرانية الإسلامية، التحول الجنسي، على عكس العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، يأتي ذلك في الوقت الذي ترفض فيه إيران المثلية الجنسية، وتعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون، وتصل عقوبتها حد الإعدام شنقَا للرجال والجلد للإناث، حسبما ينص الدستور الإيراني، ما أحدث لغطًا واسعًا حول الفرق بين التحول الجنسي المدعوم من قبل الدولة، والمثلية الجنسية التي تُعد من أكبر الجرائم عقوبة في إيران.

المثلية الجنسية، انجذاب الجنس الواحد لبعضهما البعض وتنشأ علاقة بينهما، أما المتحولون جنسيًا فهم أشخاص يشعرون بأنهم في أجساد مغايرة لنفسيتهم وطبيعتهم وميولهم، فيثورون على شكلهم الخارجي مطالبين بتغير جنسهم لجنس آخر، إلا أن المثليين ينادون ببقائهم في أجسادهم مع الاحتفاظ بميولهم الداخلية كما هي.

“إذا أراد أحدهم تغيير جنسه الحالي بعدما شعر بأنه عالق بجسد غير جسده، يحق له التخلص من هذا الجسد والتحول إلى جنس أخر”.. روح الله الخميني

التحول بفتوى الخميني

قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979، لم يحصل أي شخص على موافقة من الحكومة الإيرانية بشأن إجراء عملية التحول الجنسي، معتبرة إياها جريمة، يرفضهًا الدين والقانون والمجتمع، إلا أن الأمر بات مغايرًا عقب قيام الثورة، لتأتي رسالة من شخص يدعي “فريدون” إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية “روح الله الخميني” عام 1983، يشرح له معاناته من وجوده في جسد مغاير لطبيعته وميوله، مطالبًا بفتوى منه بالموافقة علي إجراء عملية التحول الجنسي.

المفاجأة جاءت في رد المرشد، الذي بارك عملية التحول وقال في فتواه الرسمية: “إذا أراد أحدهم تغيير جنسه الحالي بعدما شعر بأنه عالق بجسد غير جسده، يحق له التخلص من هذا الجسد والتحول إلى جنس أخر فقضية التغيير لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، ودلل على حديثة بأنه القران الكريم لا توجد به نصوص صريحة تعارض ذلك”.

ليسافر حينها “فريدون”، إلى تايلند لإجراء العملية، بل وتكفلت الدولة بنصف مصاريفها، ليصبح “فريدون ” أول متحول جنسي في جمهورية إيران الإسلامية، وتكون فتوي الخميني طوقًا لنجاة العالقين جنسيًا، وهو ما تكرر بفتوى جديدة للمرشد الأعلى الحالي “علي خامنئي” مصدقًا على الفتوى الأولى.

تحتل إيران المرتبة الثانية بعد تايلاند في إجراء عمليات الحول الجنسي

فريدون

شروط التحول

تحتل إيران، المرتبة الثانية بعد تايلاند في إجراء عمليات الحول الجنسي، رغم أنها لم تتم بشكل يسير في بلاد فارس، فللحصول على الموافقة والمباركة الرسمية لابد من تحقق شرطين الأول إجراء عدة فحوصات وتحاليل طبية واختبارات نفسية والإجابة على عدة أسئلة واجتيازاها، والثاني أن يكون التغيير جنسيًا كاملاً، ما يعني أن التحويل يجب أن يكون كاملًا، وفي هذه الحالة تتكفل الحكومة الملالية بدفع نصف تكاليف العملية التي يتراوح سعرها بين 3500 و7500 دولار علي حسب الحالة ذاتها.

ونتيجة لتكرار هذا النوع من العمليات أصبحت إيران، من أكبر الدول التي سعت لإنشاء مراكز طبية وفرقَا متخصصة على أعلى مستوي مدعومة بتقنيات عالية، للقيام بهذا النوع من العمليات داخل البلاد، ووفرت لهم كافة أنواع العلاج الهرموني والنفسي وكذلك أطباء لتعديل سلوك المتحول، ليصبح شخصًا سويًا يقبله المتجمع.

وامتد الأمر لمرحلة جعلت السلطات الإيرانية، تدعو الراغبين الأجانب في إجراء هذا النوع من الجراحات لزيارة، لتحتل بذلك مكانة مميزة بين الدول المعتمدة على السياحة العلاجية كأحد مصادر دخلها القومي.

عدد المتحولين جنسيًا عام 2019 بلغ 580 حالة مقسمة إلى 400 فتاة تحولت لرجل و180 ذكر تحول لأنثى

نظرة المجتمع

في بدء الأمر لم يتقبل المجتمع الإيراني ذو الطابع الإسلامي فكرة العبور الجنسي، ولكن مع تكرار الوقائع وتزامنًا مع فتوى “الخميني” ودعم الدولة، أصبحت الفكرة مقبولة إلى حدًا كبير، إذ تتقبل الأسر فكرة تحويل الإناث إلى ذكور، بصورة أكبر من تقبلهم تحويل الرجال لإناث، إذ تشعر بعض العائلات بالخزي والعار، وينظروا إلى الشخص المتحول على أنه شخص منتقص الرجولة يحاول إيجاد حلول لإخفاء ما به من عيب، وهو ما رفع نسبة المتحولات من الإناث للذكور أكبر من العكس.

الخميني

رئيس منظمة الطب الشرعي في إيران “عباس مسجدي أراني”، قال في مطلع العام الجاري، إن عدد المتحولين عام 2019 بلغ 580 حالة مقسمة إلى 400 فتاة تحولت لرجل، و180 ذكر تحول لأنثى، وهو ما يدل على إقدام النساء بصورة أكبر من الرجال على هذا النوع من العمليات، مشددًا على ارتفاع نسبة المتحولين عامًا بعد عام.

وتابع “أراني”: “هذا العدد من المتحولين يفوق بـ7 مرات الأعداد في الدول الأوروبية، وأن طهران تقف بجانب أبناءها العالقين جنسيًا حتى يكونوا عابرين أسوياء”.

معارضة السنة والشيعة

رغم تلك الخطوة التي تصنفها المنظمات الدولية داعمة للحريات والحقوق، إلا أنها شهدت معارضة عدد من أقطاب المرجعيات الشيعية رغم إصدار الفتوى الرئيسية من مرشدهم الأعلى “الخميني”، كما هاجم مشايخ السنة هذه الفتوى واتهموا المرشد الأعلى بأنه فتح باب المثلية علي مصرعيه داخل إيران الإسلامية.

التحول الجنسي

قناة المحمرة الناطقة باسم الأحواز في إيران، قالوا إن الحكومة الإيرانية تساعد في عمليات التحول الجنسي بدفع نصف ثمن العملية، وهذا ما يكلف ميزانيه الدولة نحو 700 ألف دولار سنويًا، في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة مساعدة المرضى الفقراء المصابين بأمراض القلب والكلى والرئة، على الرغم من أن التكاليف الخاصة بهم أقل بكثير من عمليات التحول الجنسي الذي يتبناها النظام الملالى.

وأشارت قناة “المحمرة” أن فتوى المرشد الأعلى أباحت للمثليين حق عمليات  تغير الجنس وحرمت على الإيرانين الفقراء حق العلاج البسيط، ليعتقدوا بذلك أنهم قضوا علي المثلية الجنسية، مدللين على ذلك بما ذكر الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد في جامعة كولومبيا عام 2007، عندما سؤل عن موقف إيران من المثليين والمضايقات التي يعرضوا إليها، فكانت إجابته أنه لا بلاده لا مثليين فيها وأنهم يخضعوا لعمليات تحول جنسي تسمح لهم بالعيش داخل إيران بكامل حرياتهم، وهو ما يعني أن تلك الرخص التي منحها المرشد ليست بإصلاحات دينية وإنما هو إباحة للمثلية بحسب ما ذكرت القناة.

كشف عدد من المثليين الإيرانيين، عن إجبارهم على إجراء علميات التحويل الجنسي

معارضة المثلية

المثلية

كشف عدد من المثليين الإيرانيين، عن إجبارهم على إجراء علميات التحويل الجنسي نظرًا لشدة العقوبة التي تنتظرهم إذا ظلوا على هذا الوضع، أحد الشباب ويدعى “سهيل” قال: “غادرت البلاد نتيجة الضغوط التي تعرضت لها حتى أقوم بعملية التحول الجنسي، وصارت حياتي معرضة للخطر يومًا بعد يوم وبصورة أكبر من الطبيعة”.

وأضاف في تصريحات إعلامية، أن معظم الأشخاص الذين أجروا العملية لم يكونوا متحولون جنسيًا بل مثليين، وأجبروا من قبل السلطان الإيرانية على العبور، وذلك لكون المثلي هناك مخير بين أمرين الأول الخضوع للعملية التحول الجنسي كاملًا أو الهجرة خارج البلاد.

يمكن وصف معاملة السلطات الإيرانية للمتحولين بأنها علاقة ذات أهداف اقتصادية من الطراز الأول

التحول الجنسي في إيران

بين النظام والمعارضة

يمكن وصف معاملة السلطات الإيرانية للمتحولين بأنها علاقة ذات أهداف اقتصادية من الطراز الأول بفضل عمليات التحول التي تجري هناك ما جعلها إحدى قبلات التصحيح الجنسي، كما أنها تستخدم هذا الملف لتحسين صورتها أما المجتمع الحقوقي الدولي نتيجة لتدهور عدة قضايا حقوقية في طهران، ورغم هذا السعي إلا أن تلك الخطوة غير مدعومة كليًا من بعض أقطاب الشيعية والسنية وحتى المثلية التي تفحص من آن لأخر انها تتعرض للاضطهاد والإجبار على الخضوع لهذا النوع من العمليات وأن ما تقوم به الحكومة من ادعى باحترام الحريات يحمل بين طياته قمعًا للأغيار المثليين المجتمع الإيراني.