يعتبر الاستثمار من الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها غالبية المواطنين حتى دون أن يعرفوا، باعتباره يعني بكل بساطة توجيه مبلغ معين من المال لشراء سلعة أو منتج على أمل ارتفاع أسعاره مستقبلاً وجني أرباح من ورائه، وعني في المعنى الأكبر تعقيدًا التخلي عن أموال في لحظة معينة بقصد الحصول على تدفقات مالية مستقبلية عبر المنفعة الكامنة في تلك الموارد.

يخلط الكثيرون بين الادخار والاستثمار، لكن يوجد فروق بينهما، فالادخار يعني عدم إنفاق جزء من الدخل والاحتفاظ به لحين الحاجة كما هو أو بمعنى أخر اكتنازه بنفس حالته، على عكس الاستثمار الذي يهدف إلى زيادة أصل المال وتوجيه لنشاط ما تجاري أو صناعي أو مضاربي (شراء عقارات أو أسهم أو ذهب على أمل أن ترتفع أسعارها).

لماذا ومتى نستثمر؟ 

 يهدف المستثمر سواء أكان فرد أو مؤسسة محلية أو أجنبية من وراء الاستثمار إلى تحقيق الربح وتقليل المخاطر المستقبلية التي يمكن أن تؤثر على دخولهم، يرتبط اتخاذ أي قرار استثماري بثلاثة عناصر أساسية، هي: العائد، التكلفة والتوقع، والعائد هو في المبالغ المالية التي يُدرها الاستثمار على صاحبه، و”التكلفة” هي المبالغ التي يتم إنفاقها من أجل الاستثمار في مشروع أو شراء سلع رأسمالية، و”التوقع” يمثل المكسب الذي يتوقعه الشخص للمشروع، لكن الأمر يزيد بالنسبة للشركات إلى توقعاتها سواء بالتفاؤل أو التشاؤم، لأنشطة بعينها أو اقتصاد يعينه أو حتى للاقتصاد العالمي بوجه عام.

هل يوجد استثمار آمن للأفراد؟

 تحمل كل الاستثمارات قدرًا من المخاطر يتفاوت بدرجة أو أخرى لكن تظل بعضها هو الأكثر أمانًا كالذهب والعقارات، بينما تتضمن البعض الأخر قدرًا أعلى من المخاطرة والربحية في الوقت ذاته، كالاستثمار في الأسهم، ويمكن تقليل مخاطرها بتنويع المحفظة الاستثمارية، بمعنى عدم وضع الأموال كلها في أسهم شركة واحدة وتنويعها على أكثر من شركة حتى تقل نسبة المخاطرة.

 ولتجنب مخاطر الاستثمار على مستوى الأفراد يجب عليهم تجنيب مبلغ للأزمات الطارئة، وتجنب الإنفاق ببذخ حال جني مكاسب سريعة، وألا يزيد إجمالي المبلغ الموجه للاستثمار عن 20% من إجمالي الدخل، وعدم التورط بقوة في ملف الديون والاعتقاد بأن المكاسب ستتولى تغطيتها.

 أنواع الاستثمار

1 ـ الاستثمار المباشر وغير المباشر 

يتسم الاستثمار المباشر بأنه طويل الأجل، ويرتبط بامتلاك فرد أو مؤسسة نفوذًا في إدارة شركة أو المشاركة في اتخاذ القرار بعد شراء حصة ملكية تمكنه من ذلك بقيمة تعادل 10% أو أكثر من القوة التصويتية التي تعادل نسبة ملكية الأسهم العادية بالشركة فلو كان إجمالي أسهمها 100 سهم موزعة بين 10 أشخاص تصبح القوة التصويتية لكل منهم 10%، أما الاستثمار غير المباشر فيتسم بأنه قصير الأجل، ويكون في الأوراق المالية كالأسهم والسندات وأذون الخزانة ولا يكون للمستثمر الحق في إدارة المشروع أو نفوذ في قراراته.

  2 ـ الاستثمار الإحلالي والصافي

الاستثمار الإحلالي هو الإنفاق على أصول يعتبر استبدالها ضروريًا حتى تستمر في الإنتاج، أما الاستثمار الصافي فيرتبط باستحداث أصول جديدة في المجتمع تستخدم في عمليات الإنتاج.

  3 ـ الاستثمار الأجنبي والمحلي

يمثل الاستثمار المحلي الفرص المتاحة للاستثمار في داخل السوق المحلية التي يتم تمويلها من المدخرات الوطنية (ودائع البنوك) أو رؤوس الأموال المحلية من قبل الأفراد والمؤسسات الوطنية، أما الاستثمار الأجنبي فيمثل الفرص المتاحة للاستثمار في الأسواق الأجنبية التي يتم تمويلها من خارج الدولة المستثمر فيها.

ينقسم الاستثمار الأجنبي بدوره إلى مباشر وغير مباشر، ويتعلق “المباشر” بانتقال رؤوس الأمور الأجنبية للاستثمار في دولة أخرى بشكل مباشر من خلال العمل في قطاعات إنتاجية أو إنشائية وزراعية أو خدمية بقصد الربح، أما الاستثمار الأجنبي غير المباشر، فيتعلق بقيام أفراد أو مؤسسات أجنبية بشراء أسهم أو المضاربة في شركات الدول المضيفة، أو ما يعرف بالأموال الساخنة، وتتعلق بالبورصة بهدف الدخول في سوق معينة لجني مكاسب سريعة والخروج بسرعة.

مزايا الاستثمار الأجنبي

 يدعم الاستثمار الأجنبي الميزان التجاري وميزان المدفوعات عبر إنتاج سلع يتم تصديرها للخارج أو يتم استيرادها فيوفر العملات الصعبة، كما يدعم خطط الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتوفير فرص عمل ودفع ضرائب.

يتضمن مزايا من أهمها: تطوير مهارات العمالة المحلية وتدريبها، وتعزيز المنافسة مع الشركات المحلية التي تضطر لتطوير أدائها والاستعانة بمعدات متطورة لقدرتها على المنافسة، كما يساهم في نقص المدخرات المحلية التي يمكن عبرها بما ينعكس على مستوى التنمية، كما انه مصدر مهم لزيادة الضرائب.  

عيوب الاستثمار الأجنبي

أصبحت الشركات متعددة الجنسيات التي تنشط وتصدر المستثمرين الأجانب حاليًا قوة اقتصادية ضخمة تجعلها توجه دفة القرارات لصالحها وبما يصر المنتجين المحليين، كما أنها تعتمد على صناعات قليلة الكثافة من العمالة أو ملوثة للبيئة ترفض الحكومات الأجنبية تواجدهم فها مثل صناعات الإسمنت والأسمدة، وتوجد شكوى من قبل الشركات العالمية الضخمة بأنها تختار نوع التكنولوجيا المستخدمة في مشروعاتها بالدول الخارجية وترفض نقلها أو تظل المورد لها حتى لا تضمن منافسة مستقبلية محلية لها في البلد الأم.

وتظل مشكلة “الأموال الساخنة” هي أحد العيوب الأساسية للاستثمار الأجنبي وهي عبارة عن أموال تدخل خارج الدولة تحت زعم الاستثمار لكن هدفها هو تحقيق عائد سريع من أزمات سعر العملة المحلية أو جني مكاسب ارتفاع الفائدة، ومشكلتها أن تدخل بسرعة وتخرج بسرعة أكبر حال حدوث أي أزمة ما يمثل ضغطا على الاحتياطي النقدي.