“فيها ما لا عين رأت ولا آذن سمعت ولا خطر على قلب بشر”.. هكذا كان وصف الجنة التي تتطلع البشرية للفوز بها، بعد انتهاء الحياة، مجرد كلمات بسيطة كانت كفيلة بإطلاق العنان للعقل البشري للتمني والتخيل والاشتياق، لتلك الحياة الخالية من الأعباء والمحملة بكل ماتشتهيه الأنفس وترغبه الروح.

ولكن بعيدًأ عن الوعد الإلهي، والملذات التي ذكرت في الكتب المقدسة حول الجنة ونعيمها، وكيف ستكون للترفيه والاستمتاع سواء بملذات الطعام أو الحور العين أو القصور والجنان التي لا حصر لها، والنعيم الخفي الذي لا يتصوره عقل؟، كيف يمكن للبشر أن يرسمون جنتهم؟، وما الأشياء التي يرغبون في اصطحابها معهم؟، وما هو الشكل الذي يرغبون أن تكون عليه جنتهم إذا كان بإمكانهم صناعتها؟.. هذا ما نجيب عليه في السطور التالية.

بحار خمور

“بحار من الخمور ومنع دخول اللبن”.. هكذا كانت إجابة “محمد كمال” الذي يعمل بمجال الميديا، حول شكل جنته التي يرغب فيها، إذا أعدها بنفسه، قائلًا: “لا أريد أن يكون في جنتي مشروب اللبن، ولا أتخيل أن أتركه في الدنيا فأجده في الآخرة، فهو من أكثر المشروبات التي ترفضها نفسي، وفي حال وجدته في الجنة سوف أتخلص منه، ولكن سأكون حريص في الوقت نفسه على وجود الخمر، وبما أنها ليست مشروعة في الحياة، فلتكن بكميات كبيرة، ولو كان بيدي إعداد جنتي، كنت سأحرص على وجود بحار الخمر فيها بتنوعها وبمختلف طعمها”.

“إلهام أحمد” ربة منزل، تحلم أن تكون بجنتها مشروع صغير تعمل به

الجنة في عيون البشر

لم الشمل

“محمد فايز” والذي يعمل بالخارج، يقول: “في حال أعددت جنتي، سأجعل فيها كل أحبتي الذين تركوني ورحلوا، وغابت شمسهم عني، لنعوض الأيام التي تركوني فيها، كماسأجمع أحبائي الموجودين معي الآن، نتسامر ونلهو ونضحك ونتسلى ونفعل كل شيء لم نفعله بحكم الحياة ومشاغلها الكثيرة، وسأقضي كل وقتي معهم معوضًا الوقت الذي تركته فيهم في الحياة”.

” نجلاء محمود”، ربة منزل ومهتمة بالأدب والشعر، تشير إلى أنها تتصور جنتها عبارة عن منزل وسط حديقة بها كل أنواع الزهور، ويطل على نهر لا نهاية له، وموسيقى هادئة تنطلق في سماء جنتها ولا تنتهي، زتضم أبنائها وأحفادها، وشجرتها التي تركتها في الدنيا وكيف أثمرت، وأصدقائها الذين فرقت بينهم الحياة وأبعدتها عنهم.

“إلهام أحمد” ربة منزل، تحلم أن تكون بجنتها مشروع صغير تعمل به، وهي أمنيتها التي لم تتحقق في الدنيا حتى الآن، وبما أنها تهوى العمل، فتريد أن يكون متاح لها في الجنة، كما تصورت جنتها محاطة بالأشجار من كل مكان، وتكون بصجبة أبناءها وأسرتها عدا زوجها الذي لا تريده معها، ولا تريد الزواج نهائيًا في الجنة وأن يمنع هذا النظام الذي يقيد المرأة ويجعلها خاضعة لرغبات الزوج فقط.

أريدها جنة حب”.. هكذا وضعت “أشجان متولي” التي تعمل بمجال الصحة، وصفًا لجنتها

رجل قوي

كانت من أغرب الجنات المطروحة، جنة “سميرة السيد” التي تعمل بمجال التدريس، قائلة: “لو كانت جنتي بيدي كنت سأختار أن أكون رجلًا قويًا، لا يرد له أمر، وأن أعيش في مكان واسع لا تحيطه أسوار ولا حدود له يمكن أن تراها العين، وأن أمتلك سيارات فارهة، وألا يكون هناك نهار، يكون ليل فقط، ولا يكون هناك نوم وأكون مستيقظة دائمًا”.

الجنة في عيون البشر

جنة من الحب

“أريدها جنة حب”.. هكذا وضعت “أشجان متولي” التي تعمل بمجال الصحة، وصفًا لجنتها قائلة: “الحب هو أساس الوجود، وفي جنتي كنت سأجعله شعارًا للجميع، ولو كان لي الاختيار سأختار أن أكون ملكة تمتلك أرض كبيرة خضراء، وبها خيول بيضاء لها أجنحة عريضة ويمكنها الطيران في الهواء، وكنت سأضع فيها نهر كبير تحيطه طيور لا تتركه أبدًا، واصطحب معي خطيبي ونظل معًا، ويكون لكل منا فرس يتحرك به وسط المروج، وفي كل مرة نتجول فيها تتغير ألوان الزهور أمام أعيننا وتتبدل طوال الوقت”

“أسماء فتحي” التي تعمل بمجال الصحافة، تقول: “أهم شيء سأكون حريصة عليه في جنتي لو كنت قادرة على صناعتها كما أريد، أن يكون بها زوجي ولكن مع تعديلات بسيطة في شخصيته، حيث سأعمل على تحويلها من شخصية ودودة وعقلانية إلى شخصية ثورية متمردة، كما أريد وجود أولادي معي وكل من أحببتهم في الدينا”.

“محمد حجاج” محامي وقيادي سابق بالتيار السلفي، يرى أن إصلاح بال الناس في الجنة، مهمة يريد أن يقوم بها، مع تكفير السيئات للمخطئين من المسلمين والمؤمنين.

“عبد الرحمن محمود”، طالب في السنة النهائية بمعهد الألسن، يقول إنه يرغب في خوض تجربة الإلحاد في الجنة

الجنة في عيون البشر

ملحد في الجنة

أما “أمنية محمد”، محامية، ترفض وجود الصيف في الجنة، قائلة: “أول شيء سأتخلص منه في جنتي هو الصيف، وسأجعل جميع الشهور شتاء فقط، كما أتمنى أن تكون جنتى محاطة بمن أحبهم خاصة أبي وأمي ووالدة زوجى، بعد أن فرقتنا الحياة عنهم، وأيضًا أولادي وأصدقائي وكل من جمعتني بهم الدنيا”

“عبد الرحمن محمود”، طالب في السنة النهائية بمعهد الألسن، يقول إنه يرغب في خوض تجربة الإلحاد في الجنة، وهي التجربة التي لا يمكنه القيام بها في الدنيا، لأنه مؤمن بوجود الإله، مؤكدًا أنه يرغب في خوض تجربة الإلحاد لفترة دون الخوف من المجازاة أو الحساب أو دخول النار.

“محمود صقر” يعمل في قطاع السياحة، تمنى أن تكون جنته مغلقة عليه هو وأسرته فقط، فلا يريد سوى والدته ووالده وإخوته، وأن يستطيع تحقيق أي شيء يتمنوه وألا يتعرض أي منهم لأذى يعرض حياته للخطر، متمنيًا أن يمنع عنهم الشعور بالمرض أو الوجع الذي يعانون منه في الدينا، وأن يلغى مفهوم المرض تماما ويعيش جميعهم أصحاب.

“محمد النجار” يعمل خطيبًا في أحد مساجد القاهرة، يقول: “جنتي أريدها كما وصفها الله عز وجل فيها كل ما تشتهيه نفسي”

أماكن سهر وحور عين

“فاتن محمود” تعمل في مجال خدمة العملاء تتمنى جنتها دون قيود، فيمكنها ارتداء ما تريد، وأن تمارس الرقص الشرقي والغربي، وأن يكون هناك أماكن للسهر تقصدها يوميًا، وأن تتزوج من شخصية مجنونة لا تعترف بالقيود والحسابات، وأن تنجب أطفال كثيرون ولكن لا تشرف على تربيتهم تداعبهم وتستمع لضحكاتهم فقط.

“محمد النجار” يعمل خطيبًا في أحد مساجد القاهرة، يقول: “جنتي أريدها كما وصفها الله عز وجل فيها كل ما تشتهيه نفسي، دون تكليفات للحصول عليها، فأريد أن أرى الحور العين، والولدان المخلدون يطوفون حولي، كما أريد تبديل زوجتي التي انفصلت عنها في الدنيا بزوجة أخرى تحمل مواصفاتها الشكلية وتبتعد عن طباعها، وأريد أن يكون أبنائي معي، وأن تكون الأغاني والتصوير أمور مباحة، بينما لا أرغب في وجود الأشياء التي تصدر أصوات عالية أو التي تسبب ضجيج”.