قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، أمس الجمعة، أنه يتعين على روسيا التعاون بشكل كامل مع تحقيق محايد تقوده منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية في تسمم المعارض الروسي إليكس نافالنى. وأضاف أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية يكشف عن استهانة تامة بأرواح البشر ويمثل انتهاكا غير مقبول للمعايير والقواعد الدولية.

وأضاف بعد اجتماع لسفراء الحلف: اتفق حلف الأطلسي على أن هناك أسئلة يتعين على روسيا الإجابة عليها، وعلى الحكومة الروسية أن تتعاون بشكل كامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيمائية في تحقيق دولي محايد. مؤكدا أنه يجب محاسبة المسئولين عن هذا الهجوم وتقديمهم للعدالة، وأضاف لقد رأينا مرارا وتكررا قادة معارضة ومنتقدين للنظام الروسي يتعرضون لهجمات وتهديدات لحياتهم، بل قتل بعضهم، ووصف قضية نافالنى بأنها هجوم على الحقوق الديمقراطية الأساسية.

وأدانت الحكومة الألمانية ما حدث لـ “نافالنى”، وطلبت من الحكومة الروسية تفسيرا. وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إن نافالني كان ضحية محاولة قتل، وأن هناك الآن “أسئلة جادة، وحدها الحكومة الروسية قادرة على الإجابة عنها ومطالبة بذلك”.

وطالب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء الماضي بإجراء تحقيق كامل وشفاف في “تسميم” المعارض الروسي البارز ألكسي نافالني.

تسمم نافالني

شعر “نافالني” بالإعياء أثناء سفره بالطائرة من تومسك إلى موسكو. وكان قد تناول كوب من الشاي في المطار، وتم تغيير مسار الرحلة إلى أومسك، حيث حصل على مساعدة طبية لمدة 3 أيام قبل أن يُنقل إلى مستشفى في برلين، حيث قال الأطباء إن حالته صعبة لكنها ليست خطيرة. وقال فريقه إنه تعرض للتسمم بأوامر من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وقد نفى الكرملين هذه الادعاءات.

وبعد تدخل الحكومة الألمانية تم نقله جوا إلى برلين من أجل العلاج، وقالت الحكومة الألمانية إن زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني قد سُمّم بغاز الأعصاب “نوفيتشوك”. وأضافت أن الفحوص المخبرية، التي أجريت في مختبر عسكري، أظهرت “دليلا قاطعا” على وجود مشتقات من مجموعة “نوفيتشوك” لغازات الأعصاب.

وقال الكرملين إنه لم يتلق أي معلومات من الحكومة الألمانية تفيد بأن نافالني قد سُمّم باستخدام غاز الأعصاب “نوفيتشوك”، حسبما أوردت وكالة أنباء “تاس” الروسية.

مادة “نوفيتشوك”

“نوفوتشيك” عبارة عن مجموعة من المواد الكيميائية طورها الاتحاد السوفيتي، قبل حله، في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. ودرجة تسميمها أعلى من الأسلحة الكيميائية الأخرى. فبعضها يبدأ مفعوله بعد فترة تتراوح بين 30 ثانية ودقيقتين. ويقطع “نوفوتشيك” طريق الإشارات بين الأعصاب والعضلات، وهو ما يؤدي إلى فشل الكثير من وظائف أعضاء الجسد.

وتعرض جاسوس روسي سابق وابنته وزوجان للتسمم عن طريق هذه المادة في مدينة سالزبري البريطانية، في عام 2018.

إليكس نافالنى .. معارض بوتين

يعد إليكس نافالنى أحد أبرز المعارضين للرئيس الروسي، تم القبض عليه أكثر من مرة من قبل السلطات الروسية، ويبلغ “نافالني” الـ44 من العمر، وهو حائز على شهادة من جامعة ييل الأمريكية في الحقوق. عرف بداية كمدون مصر على كشف فساد المسؤولين السياسيين وثرواتهم في الداخل والخارج وكمعارض ثابت للرئيس الروسي.

لكن اسمه برز إلى العامة بشكل ملفت عام 2011، عندما قاد مظاهرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف في شوارع موسكو للاحتجاج على التزوير في الانتخابات البرلمانية. وقد تمكن نافالني خلال هذه المظاهرات من إظهار الكاريزما التي يتحلى بها وقدراته الخطابية.

وفي الانتخابات البلدية عام 2013، ترشح الأب لطفلين، لمنصب رئيس بلدية موسكو وحل ثانيا خلف مرشح السلطة سيرغي سوبيانين ما اعتبر نتيجة قوية أعطته دفعت قوية وسط المعارضة. بحسب موقع فرنسا 24.

وواجه “نافالني” سلسلة من القضايا القانونية اعتبرها المقربون منه أنها عقاب له على نشاطه المعارض. فقد أُدين عام 2013 في قضية اختلاس وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ مما حرمه من الترشح لمنصب عام. هذا الحكم القضائي سيواجه به عام 2018 لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية بوجه بوتين.

أما في عام 2014، فقد حُكم عليه مرة أخرى مع وقف التنفيذ، وسُجن شقيقه أوليغ لثلاث سنوات ونصف السنة في قرار وصفه النشطاء بأنه “احتجاز رهائن”.

وتعرض نافالني مرارا للسجن والاعتداء الجسدي، كان آخرها في صيف عام 2019 إثر الانتخابات البرلمانية إذ تم توقيفه مدة 30 يوما. اللافت أن المعارض الروسي اتهم السلطات بمحاولة تسميمه أثناء سجنه، نتيجة ظهور عوارض عليه.

محاربة الفساد

وفي 2017، فقد قام “نافالني” بنشر فيديو على موقع يوتيوب يظهر فساد رئيس الوزراء آنذاك ديمتري ميدفيديف. واندلعت على إثرها موجة جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد واجهتها الشرطة بالعنف والاعتقالات الجماعية. وقد تعرض نافالني إثرها لاعتداء جسدي أمام مقر عمله اضطره للسفر إلى إسبانيا لإجراء عملية جراحية بعدما كاد يفقد البصر في إحدى عينيه جراء هجوم تعرض له أمام مكتبه.

وقام “نافالني” بجولة في روسيا قبل انتخابات 2018 في حملة على النمط الأمريكي لحشد مؤيديه. وحظي نافالني بقاعدة جماهيرية شابة جذبتها تسجيلات فيديو تكشف عن الفساد بين النخب ولديه أكثر من مليوني متابع على تويتر.

في العام 2019 لجأ نافالني إلى خطة انتخابية مختلفة ألحقت ضررا لافتا بالحزب الحاكم. فخلافا لدعوات المقاطعة التي أطلقها في انتخابات سابقة، اقترح نافالني مبدأ التصويت الذكي.

فقد طلب من الناخبين وقف هذه الخطة إلى دعم مرشح المعارضة الوحيد الذي من المرجح أن يهزم الحزب الحاكم، بعد أن كانت السلطات قد منعت مرشحين ليبراليين من الترشح. وقد تسبب هذا التصويت بخسارة المرشحين المدعومين من الكرملين 13 مقعدا في مجلس مدينة موسكو من أصل 45 ليصل عددهم إلى 25.