تحت عنوان “الإعلاميون والصحفيون العرب في مواجهة التطبيع”، عُقد اليوم السبت، المنتدى العربي الرقمي، بمشاركة عدد من الصحفيين العرب، وبرعاية معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي.

وطرح المشاركون، آليات للتعامل مع التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، من خلال الأدوات الإعلامية المتاحة واستخدام الإعلام الرقمي، وضرورة وجود خطاب لغوي موحد لمواجهة تلك الظاهرة.

“علاقة فلسطين مع الاحتلال الصهيوني قسرية وقائمة على الصراع وليس التوافق”.. نايف جراد

الانتقاص من القضية

بداية قال نايف جراد، مدير عام معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، إن التطبيع أمر داهمنا بقوة وهناك دور لوسائل الإعلامي وشبكات التواصل الاجتماعي لمواجهة الخطاب الإعلامي الذي يحاول ترويج سردية أخرى تنتقص من القضية الفلسطينية، ويحاول الاحتلال من خلاله تبرير تلك الخطة التي تُشكل طعنة في ظهر الفلسطينيين ببرامج ومحتوى إعلامي قد تنطلي على البعض.

وتساءل جراد، عن الوسائل الفعالة في ظل التقنيات والإعلام الرقمي للوصول لأكبر جمهور ممكن على الصعيد العربي والعالمي لمحاصرة المطبعين ورفع مستوى الوعي الجماهيري العربي، موضحًا أنه على الإعلاميين مواجهة هذا الخطاب  “التطبيعي” وتطويره فلسطينيًا وعربيًا.

وأضاف جراد، أن علاقة فلسطين مع الاحتلال الصهيوني قسرية وقائمة على الصراع وليس التوافق، معقبًا: “هدفنا تحرير الأرض الفلسطينية”.

الاحتلال الإسرائيلي

“جهاز الاستخبارات الإسرائيلية هو من يدير المشهد الإعلامي”.. ناصر أبو بكر

الخطاب التطبيعي

ناصر أبو بكر، نقيب الصحافيين الفلسطينيين، أكد أنه على الجميع إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في العالم العربي في ظل سهولة استخدام الإعلام الرقمي، التي تساعد في مواجهة مستنقع التطبيع.

وتابع أبو بكر: “هناك مسألة هامة تريدها إسرائيل وحكومة الاحتلال من التطبيع وهي تبييض صفحتها وبث سمومها للشعوب العربية وخطورة هذا هو تجاهل ممارسات الاحتلال وابادة الشعب الفلسطيني”.

وأشار إلى أن وجود نوعين من التطبيع، وهما التطبيع الصريح والتطبيع الخفي وكلا النوعين خطيرين، موضحًا أن الاعلام الإسرائيلي يحصل على موازانات هائلة لدرجة هناك منظومة إعلامية إسرائيلية تخدم الصهيونية وتدعم الاحتلال وتتحكم في خطاب كبري وسائل الإعلام العالمية وبالتالي تحارب بالمصطحات كل من يذكر شيء مخالف أو ينتقد دولتهم.

منظومة إسرائيلية لإدارة الإعلام

وأوضح أبو بكر، أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية هو من يدير المشهد الإعلامي، وهناك غرفة “السايبر”، والتي تتبع مكتب رئيس الوزراء والحكومة الإسرائيلية وأغلب موظفوها ضباط ورجال أمن إسرائيليين يعمل معهم خبراء اجتماع ونفسيين، مشيرًا إلى وجود منظومة تدير وتوجه الإعلام الإسرائيلي ووسائل التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية لإثارة مشاكل باللغة العربية .

وتساءل أبو بكر، هل نستطيع أن نؤثر في الإعلام الإسرائيلي؟، معقبًا: “من غير المسموح أن تترجم مقالات عربية  للعبرية والعكس صحيح، واللغة الشيفونية في الإعلام الإسرائيلي هي من تسيطر عليه وما زالت لغة الإعلام هي اللغة العبرية”.

وأنهي كلمته قائلًا: “لا توجد منظومة إعلام عربية أو فلسطينية تواجه التطبيع رغم وجود عشرات الآلاف من الصحفيين القوميين”.

“الحديث حول القضية الفلسطينية يثير الشجون لأن فلسطين جزء من الأمة العربية”.. أحمد بن حسن الشهري

سرطان على أرض فلسطين

أحمد بن حسن الشهري، الكاتب السعودي والباحث في العلاقات الدولية ورئيس منتدى الخبرة السعودي، أكد أن الحديث حول القضية الفلسطينية يثير الشجون لأن فلسطين جزء من الأمة العربية، وتعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948، لافتًا إلى أن هذا السرطان الذي زرع في فلسطين كان من قبل بريطانيا ووعد بلفور المشؤوم، وتلك صراعات زرعها الغرب لضرب وحدة الأمة العربية.

وتابع الشهري: “نقول دائمًا الانتصار للشعوب مهما طال الاحتلال واشتد، ولكن هناك مقومات لهذا الانتصار ودرء الاحتلال وأهمها وجود الإرادة لكي يتحرر ولنا في هذا عدد من الشعوب العربية التي أزاحت الاحتلال الاستعماري وانتصرت في النهاية، والاحتلال سيزول عاجلًا أم آجلًا”.

وأضاف أن السعودية قدمت الدماء بـ400 شهيد سعودي، قبل أن تقدم الدعم المالي والثورات والندوات ولكن كل هذا ليس كافيا، ففلسطين تحتاج الي إرادة شعب وقوة نضالية لأنها تواجه أخطر المراحل وأصعبها بسبب الانقسام وعدم التوحد، فمن في المهجر التفتوا لحياتهم الخاصة وكأن القضية الفلسطينية لم تعد ضمن اهتماماتهم، ومن في غزة تحكمهم حركة حماس وهواها مع قطر وايران وتكرس الانقسام وهو معول هدم وضعف القضية الفلسطينية.

وأوضح الكاتب السعودي، أن الشعب الفلسطيني هو من طبع أولا، واتفاقية أريحا مع الاحتلال كانت من صناعة ياسرعرفات وتمنينا أن تحقق شيئًا ولكنها لم تحقق، منوهًا إلى أن السلطة الفلسطينية تحت الاحتلال فلا يستطيع عباس أبو مازن مغادرة مكتبه إلا بإذنه.

“يجب أن نقف صف واحد في قضايا فلسطين لحصول شعبها على حقوقهم كاملة”.. دهيران أبا الخيل

قضايا الأسرى الفلسطينيين

دهيران أبا الخيل، عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين الكويتية وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحفيين، قال إن نصف أعضاء منظمة العالم الإسلامي وهم 29 دولة وقعوا اتفاقات ومعاهدات مع هذا الكيان، وهناك وضع راهن وسلسلة من المعاهدات والأعلام الإسرائيلية ترفرف على أراضي عربية من خلال وجود سفارات لها بعدد من الدول.

وتابع أبا الخيل: “يجب أن نقف صف واحد في قضايا فلسطين لحصول شعبها على حقوقهم كاملة ويجب الضغط من خلال أقلامنا لننقل قضايا الأسرى الفلسطينيين لبيان ما يعانوه من تنكيل في سجون المحتل، وقدموا الكثير من التضحيات، علينا دور أكبر من مجرد إطلاق الشعارات”.

“الشعوب أقوى وأبقى من أي اتفاقات مفروضة”.. محمود كامل

موقف ثابت من التطبيع

ومن ناحيته وجه محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين المصرية، التحية لكل شهداء الجيش المصري والجيوش العربية والأسرى الفلسطينيين الذين واجهوا جيوش الاحتلال، قائلًا “اجتماعنا اليوم ليس هدفه الدفاع عن الحكومات العربية وأتمنى أن يصدر عنه بعض التوصيات في سبيل مواجهة التطبيع العربي”.

وتابع كامل: “أنقل التجربة المصرية التي قادتها نقابة الصحفيين فبعد أيام يمر 42 سنة على اتفاقية كامب ديفيد وطوال تلك السنوات قامت حظرت التطبيع وجرمته واتخذت قرارات تصاعدية على السنوات الماضية بدأت بالتطبيع النقابي ثم المهني ثم الشخصي، والتأكيد في كل اجتماع جمعية عمومية على حظر التطبيع وأثبتت نجاحها”.

وأضاف كامل: “حتى الحالات الفردية من صحفيين قاموا بالتطبيع تمت إحالتهم للتحقيق وطبقت عليهم إجراءات تأديبية بسبب عدم امتثالهم لقرارات الجمعية العمومية بعدم التطبيع”.

وأشار إلى الدور المهم الواقع على نقابات الصحفيين والجمعيات واتحاد الصحفيين العرب، وتبنيه للتوصيات، مؤكدًا أن القضية تحتاج لتوحد وعدم تآمر أي من العرب ووجود كتيب متفق عليه لمصطلحات اللغوية الخاصة، وبدء إجراءات لمواجهة التطبيع الرقمي والذي يمثل خطورة بسبب صفحات المسؤولين الإسرائيليين باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي.

واستطرد كامل: “الشعوب العربية عندما تنال حريتها فإنها ترفض مثل تلك السياسات ففي 25 يناير أنزلنا علم الكيان الصهيوني من مقر السفارة، ورغم معارضتي لكامب ديفيد لا يمكن تشبيهها باتفاقية الإمارات فهناك فرق بين تطبيع الإمارات وتطبيع مصر، فنحن دولة جوار وخضنا أكثر من حرب وفقدنا شهداء وكان التطبيع حكومي ولم يكن شعبي ولم تفرضه السلطة على أحد لأنها تدرك مخاطره”.

وأشار إلى أن الشعوب أقوى وأبقى من أي اتفاقات مفروضة وكلما زادت الضغوط من أجل السلام الزائف يقف الجميع أمام الضمير الوطني والضمير الشعبي والإعلامي وهذا حائط الصد ضد هذه الاتفاقيات.

“يجب أن نحكي قضيتنا بعدة لغات ومنها العبرية وأن نبتعد عن الخطاب القلبي”.. خالد القضاة

خطاب لغوي موحد

من ناحيته قال خالد القضاة، عضو نقابة الصحافيين الأردنيين وسكرتير تحرير في صحيفة الرأي، إنه لابد من عودة الإعلام العربي ليستخدم المصطلحات الصحيحة عن الاحتلال لبناء الوعي القادم، متابعًا: “سرنا نحكي عن أنه خصم أو عدو، والسلام مقابل السلام وليس الأرض مقابل السلام، والعنف المتبادل وليس المقاومة، والأراضي المتنازع عليها وليس الأراضي المحتلة”.

وطالب القضاة، بضرورة وجود دليل إرشادي كامل للمصطلحات واللغة الموحدة من اليمن حتى المغرب، قائلًا “يجب أن نحكي قضيتنا بعدة لغات ومنها العبرية وأن نبتعد عن الخطاب القلبي ونستعمل الأدلة القاطعة حتى تكون القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية الأولى”.

ميثاق شرف لمواجهة التطبيع

أجمع المشاركون في المنتدى على الرفض القاطع للتطبيع باعتباره طعنة في خاصرة فلسطين والأمة العربية ويشكل أخطر أنواع العلاقات مع دولة الاحتلال الاستعماري الصهيوني، لأنه يكرس الاعتراف بشرعيتها كدولة يهودية ويعترف بروايتها المزيفة للصراع والحق بالأرض ويتنكر لحقوق الشعب الفلسطينية التاريخية والمشروعة.

ودعا المشاركون في المنتدى، الاتحاد العام للصحفيين العرب لتبني ميثاق شرف يجرم التطبيع ويؤكد الالتزام بدعم القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب.

وأكدوا على ضرورة العمل لبناء استراتيجية فلسطينية وعربية شاملة للمقاطعة ومناهضة الاحتلال والتطبيع، تقوم على رؤية متكاملة وممنهجة، موضوعية ومهنية، تحشد وتكسب كل القوى والطاقات والجهود العربية بعيدا عن تأثيرات وتدخلات المحاور الإقليمية، وبما يمكن من بناء محتوى معرفي إعلامي غني ومتماسك ومتعدد الأشكال والأساليب باستخدام التقنيات الحديثة ومختلف اللغات، ليستطيع التأثير بالرأي العام العربي والإسلامي والعالمي، ومواجهة الرواية الصهيونية ومحاولات التشويه والاختراق ومحاولات كي الوعي وهندسة العقول التي تقوم بها وحدات السايبر الصهيونية التي تديرها الاستخبارات الإسرائيل ولمواجهة الاستراتيجيات الإعلامية الصهيونية.

وفي الختام لخص الدكتور نايف جراد مدير عام معهد فلسطين مخرجات الندوة، مؤكدًا إجماع الإعلاميين والصحفيين العرب المشاركين في المنتدى على المسائل التالية:

  1. رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين باعتبارها تشكل طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني وكفاحه العادل والمشروع، كما تشكل طعنة للأمة العربية وخروجا عن قرارات القمم العربية ومبادرة السلام العربية.
  2. التأكيد على البعد القومي للصراع مع الاحتلال الاستعماري الصهيوني لفلسطين واعتبار القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعرب والمسلمين، وتثمين المواقف العربية الداعمة لفلسطين والتأكيد على ضرورة استمرار هذا الدعم لتعزيز الصمود الفلسطيني في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية، المعبر عنها بصفقة القرن ومخطط الضم والتطبيع.
  3. توجيه تحية اجلال واكبار للشهداء العرب من مختلف الأقطار، الذين امتزجت دماؤهم بتراب فلسطين عبر التاريخ، وتثمين الموقف الشعبي في مختلف الأقطار العربية المناهض والرافض للتطبيع، والمؤيد لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل حريته وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
  4. دعم الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن والضم والتطبيع، وتقدير الجهود المبذولة لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية مع التأكيد على ضرورة تجاوز الانقسام وتعزيز الوحدة على أساس استراتيجية شاملة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تعزز الصمود الفلسطيني والكفاح والمقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والمخططات التصفوية المعادية.
  5. دعوة الاتحاد العام للصحفيين العرب لتبني ميثاق شرف يجرم ويحظر التطبيع النقابي والمهني والشخصي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة المطبعين والتصدي لخطاب التطبيع.
  6. العمل لتضافر جهود الإعلاميين والصحفيين الفلسطينيين والعرب لرفع مستوى المعرفة والوعي الجماهيري بقضية فلسطين والكفاح التحرري والقضايا العربية العادلة وخاصة لدى الأجيال الشابة، من أجل مواجهة التطبيع الرقمي وتحصينها من الاختراقات والغزو الثقافي.
  7. دعوة المفكرين والباحثين والإعلاميين العرب للاهتمام بالمفاهيم والمصطلحات المستخدمة والعمل على وضع دليل ارشادي للاهتداء به في فهم واستخدام المصطلحات والمفاهيم والرد على التشويهات التي يقوم بها ويكرسها الاعلام الصهيوني.
  8. الاهتمام باستثمار التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتفعيل الوسائل والمنصات الإعلامية والدبلوماسية الرقمية باستخدام اللغات العالمية الحية وبخطاب يتناسب والجمهور والفئات المستهدفة في مختلف الأقطار، من أجل التعريف بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ونضاله العادل ومواجهة الاستراتيجيات الإعلامية الصهيونية وفضح وتعرية الصورة التي تروج لدولة الاحتلال.
  9. العمل على تطوير المحتوى الإعلامي وأشكال الإنتاج والمعرفة واستثمار الفيديو والأفلام القصيرة والدراما وغيرها من الاعمال الإعلامية والفنية من أجل رفع مستوى الوعي الجماهيري والحث على روح الكفاح والمقاومة.