شهدت الساعات الماضية، واقعة جديدة لتعرض مصري للاعتداء على يد مواطن كويتي، ما أثار حالة من الغضب.
الواقعة ليست الأولى من نوعها، لكنها فتحت النقاش مجددًا حول أوضاع العمالة المصرية بالخارج، وتعرض عدد منهم للإهانة وانتهاك الحقوق.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر فيه شاب كويتي يعتدي على مصري في منطقة الفحيحيل بالكويت، ما أثار حالة من الغضب بين رواد هذه المنصات، مطالبين بضرورة التدخل لوقف مثل هذه الانتهاكات التي تحدث للعاملين المصريين بالخارج.
ونشرت صحيفة “تفتيش” المحلية الفيديو الذي يوثق واقعة الاعتداء، والذي تم تصويره من قبل أحد المتواجدين في المكان أثناء حدوث الواقعة، على صفحتها عبر “تويتر”، ووقعت الأزمة في أحد محلات الألعاب الإلكترونية بمنطقة الفحيحيل.
“إن الفيديو المتداول عن الاعتداء على شاب مصري بدولة الكويت في أحد المحال التجارية مجتزأ”.. وزارة القوى العاملة
وتسبب تصوير أحد المتواجدين للواقعة في طرح تكهنات عدة، حول أن الواقعة كانت مقصودة، وتم التخطيط لها خاصةً مع استعداد الشاب الذي ضرب العامل المصري بخلع نعليه قبل الهجوم عليه.
ردود فعل غاضبة
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، الخاصة بالمصريين المتواجدين في الكويت، نال الغضب مبلغه من المشتركين بها، مطالبين بتدخل الأجهزة المسؤولة المصرية لحل تلك الأزمة، ليستعيد ذلك العامل البسيط حقه ممن أهانوه.
وتصدر هاشتاج حق المصري في الكويت منصة “تويتر”، بتداول المغردون للفيديو، والتنديد بفعلة الشباب الكويتي، مطالبين بمحاسبتهم .
إسلام عثمان، أحد المغردين، شارك الفيديو، قائلًا: توثيق اعتداء مجموعة من المواطنين الكويتيين على عامل مصري في الكويت، ومن وقحتهم وقلة أدبهم يصوروا جريمتهم صوت وصورة، عشان يذلوه لازم يجيك حقك يابني والله”.
أواخر يوليو الماضي، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لرجل كويتي في الخمسينات من عمره، صفع شابًا مصريًا يعمل “كاشير” 3 مرات
بينما، قال مغرد آخر يُدعى خالد عبدالله “مراهقون من الكويت يوثقون بالفيديو مشاجرتهم مع وافد يعمل بأحد محلات الألعاب في الفحيحيل.. حسبي الله ونعم الوكيل”.
وزارة الهجرة ترد على فيديو الواقعة
في رد سريع على الفيديو المتداول، قالت وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج:”إن الفيديو المتداول عن الاعتداء على شاب مصري بدولة الكويت في أحد المحال التجارية مجتزأ، ولا يشمل كل تفاصيل الحادث الذي وقع فيه اشتباك بين أطراف الواقعة عقب التعدي”.
وأكدت خلال بيان لها، أن الواقعة تعود إلى شجار نشب بشأن منتجات في محل لعب أطفال، ولكنها انتهت بالاعتذار للعامل المصري.
الداخلية الكويتية ألقت القبض على الكفيل الكويتي الذي جرد الشاب المصري من ملابسه، ويدعى عبد الله الشمري وهو من البدون
وأضافت الوزارة أن الشابين، اللذين قاما بالاعتداء على الشاب المصري في مقر عمله على خلفية الشجار، قيد الاحتجاز والتحقيق بالمخفر.
واختتم البيان بأنه احترامًا لطلب المواطن المصري، فلن يتم الإعلان عن البيانات الخاصة به.
ما بين الصفع والسحل والضرب بـ”الساطور”.. اعتداءات لاحقت المصريين بالكويت
لم تكن تلك الحادثة هي الأولى من نوعها التي تحدث للمصريين بالخارج، خاصة في حق العمال المصريين المتواجدين في الكويت، إذ شهدت الأشهر الماضية من هذا العام أكثر من خلاف حاد ظهرت نتائجها على مستوى التصريحات الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي على الأقل.
أواخر يوليو الماضي، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لرجل كويتي في الخمسينات من عمره، صفع شابًا مصريًا يعمل “كاشير” 3 مرات، وسط محاولات تدخل من المحيطين لتهدئة الوضع وحماية العامل.
التقطت كاميرات المراقبة الواقعة، وتسبب هذا التصرف في تقديم ناصر ذعار العتيبى، رئيس جمعية “صباح الأحمد” باستقالته من الجمعية التي يعمل بها الشاب، مؤكدًا تقدم نسبة كبيرة من المصريين العاملين في المكان بعدة شكاوى من الإهانات التي يتعرضون لها على يد المواطنين الكويتيين.
العتيبي رفض الادعاءات حول معاناة المواطن الكويتي من اضطرابات نفسية، واعتبر أن مثل هذه الادعاءات غير مقنعة على الإطلاق.
وفي العام الماضي، تعرض مواطن مصري يعمل في الكويت لاعتداء بالضرب من قبل شابين بـ”ساطور” ما نتج عنه قطع في شرايين الساق علاوة على جروح عميقة في الرأس، بسبب خلاف مروري في منطقة السالمية بالكويت.
صحيفة “الراي” الكويتية كشفت تفاصيل الحدث، ليتضح أن هذا الشاب المصري دخل في خلاف مروري مع شابين لا يعرفهما، و أجبروه على التوقف واعتديا عليه، وأخرج أحدهما ساطورًا وضربه به، وتركاه غارقًا في دمه.
“ما حدث للمواطن المصري من اعتداء بدولة الكويت هو مسؤولية وزارة القوى العاملة”.. محامٍ في التعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي
في عام 2017، تعرض أحد المصريين في الكويت للسحل على يد اثنين من الشباب الكويتي ويُدعى محمود الرفاعي، فبعد أن دخلا المحل الذي يعمل فيه وطالبا العاملين بإصلاح دراجتهما النارية، طلب العامل منهما الانتظار للحظات لكون العمال في فترة استراحة ويتناولون الغداء.
الشابين الكويتيين غضبا مما قاله لهما العامل المصري، وتعديا عليه باللفظ، فنشبت مشادة بينهما تطورت لاعتداء بالضرب، وسحله الشابان الكويتان وتركاه غارقا في دمائه وفرا هاربين، وسجلت كاميرات المراقبة ذلك.
وفي عام 2014 اعتدى كفيل كويتي على شاب مصري يعمل تحت قيادته، عقب تجريده له من ملابسه بالقوة، وقام بتصويره في هذا الوضع المهين، واستغل صمت الشاب خوفًا من أن يخسر باب رزقه.
الداخلية الكويتية ألقت القبض على الكفيل الكويتي الذي جرد الشاب المصري من ملابسه، ويدعى عبد الله الشمري وهو من البدون، ووجدت أنه هدد زميله لتصويره، وإلا سيمنع عنه راتبه إذا لم يقم بتصوير هذه اللقطات المهينة.
وكانت السلطات الكويتية حققت مع المدونة ريم الشمري، بعد أن ظهرت في مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي يسئ للوافدين المصريين في الكويت.
و كغيرها من الدول، تضررت الكويت (4.1 مليون نسمة) من فيروس كورونا، ونتيجة لذلك قلصت حجم العمالة لديها وغادر الكويت آلاف الوافدين. وألقى بعض الكويتيين باللوم على العمالة الوافدة في نشر عدوى فيروس كورونا، وإرهاق القطاعين الصحي والاقتصادي جراء ذلك.
مسؤولية “القوى العاملة”
ياسر سعد، محامى في التعاونية القانونية لدعم الوعى العمالي، اعتبر ما حدث للمواطن المصري من اعتداء بدولة الكويت هو مسؤولية وزارة القوى العاملة، مشيرًا إلى وجود تقاعس واضح في الدور الذي تقوم به تجاه العمالة في الخارج، معتبرًا أن أوضاع العمالة بشكل عام خاصة في دول الخليج سيئة جدًا وذلك لعدد من الأسباب أهمها عدم التواصل الحكومي مع العمالة بالخارج خاصة في مثل هذه الاعتداءات والكثير من التواصل الذي يتم يحدث تحت ضغط أو ترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومئات الاعتداءات لا تحرك قيد أنملة في الوزارة المنوط بها الاهتمام والوقوف على مشاكل العمال.
الحل الوحيد لمعاناة العمالة المصرية في الخارج هو أن تقوم وزارة القوى العاملة والهجرة بالدور القانوني المنوط بها
وعن الموقف الكويتي على وجه التحديد من العمالة المصرية، وما أن كان الأمر قد يشتمل على وجود جذور للعداء، يؤكد “سعد” أن هذا الأمر لا أساس له من الصحة على الإطلاق ولكن ما يحدث في الكويت هو نفسه الموجود في جميع الدول الخليجية، فالمواطنين كأي مواطنين في أي دولة يعانون من أوضاع معيشية متأزمة وضغوط اقتصادية ومن ثم فالأجانب ينتزعون فرصهم، كما هو الحال بالنسبة للعمالة السورية في مصر وهو ما يخلق نوع من الاحتقان الداخلي، إضافة إلى أن الضغوط السياسية على وجه التحديد لا يستطيع الكويتيون التعبير عنها فيقومون بتفريغ تلك الشحنات في معاملاتهم بالمؤسسات.
وأضاف المحامي في التعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي، أن الكويت تختلف عن غيرها من الدول فالسعودية – على سبيل المثال- وضع محددات لعدد العمالة القادمة إليها واشترطت وجود تأشيرة الكفيل قبل السفر، ولكن الأمر في الكويت أكثر سهولة من حيث فرص العمل وإجراءات السفر، وهو ما جعل عدد العمالة المصرية بها أكبر من غيرها.
واعتبر سعد أن الحل الوحيد لمعاناة العمالة المصرية في الخارج هو أن تقوم وزارة القوى العاملة والهجرة بالدور القانوني المنوط بها والمتمثل في “رعاية شؤون العاملين في الخارج وضمان استقرارهم”، مشيرًا إلى أن القانون الدولي يشتمل السيادة وهو ما تقوم بفرضه العديد من الدول فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية في حال التعدي على أحد العمال الأمريكيين يكون للسفارة حق مقاضاة المعتدي والحصول على تعويض وهذا حق الدولة لا يتدخل فيه المواطن، ولا يمكنه إلغائه وهو ما يرسخ سيادة الدولة وحميتها لمواطنيها في الخارج .