وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، تهديدا جديدا لليونان، على خلفية التوترات المتصاعدة في شرق المتوسط، وعشية بدء قواته مناورات عسكرية في المنطقة.

وقال خلال افتتاحه مدينة طبية في اسطنبول “سيدركون أن تركيا تملك القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتمزيق الخرائط والوثائق المجحفة التي تفرض عليها”، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها بين تركيا واليونان. وتابع “إما أن يفهموا بلغة السياسة والدبلوماسية، وإما بالتجارب المريرة التي سيعيشونها في الميدان”. لافتا إلى أن “تركيا وشعبها مستعدان لأي سيناريو والنتائج المترتبة عليه”. وقال “أكدنا دوما استعداد تركيا لكل أشكال التقاسم شرط أن يكون عادلا”.

تأتي تصريحات الرئيس التركي في وقت تشهد فيه منطقة شرقي البحر المتوسط، توترا متصاعدا في الأسابيع الأخيرة بين اليونان وتركيا، إذ واصلت تركيا استكشاف للغاز ومددت آجل عمل سفن التنقيب بالمنطقة والتي صاحبها سفنا حربية من البحرية التركية لحمايتها.

من المقرر أن تقوم سفينة أبحاث تركية، برفقة سفن حربية، بالتنقيب حتى 12 من سبتمبر الجاري

وكان أردوغان قد قال في وقت سابق، “إن محاولة الاستيلاء على كامل ثروات المتوسط​، التي هي حق لكل بلد يطل عليه، مثال للاستعمار الحديث”.

وأوضح أن “محاولة حبس تركيا في نطاق سواحلها من خلال جزيرة (ميس اليونانية) تبلغ مساحتها 10 كم مربع فقط، أبرز تعبير عن الظلم وعدم الإنصاف، مضيفا أن “محاولات الدفع بدولة لا تنفع نفسها (في إشارة إلى اليونان) لمواجهة قوة إقليمية ودولية مثل تركيا، باتت أمرا مضحكا”. بحسب وكالة الأناضول التركية.

وتابع قائلا: “التصريحات الدبلوماسية والسياسية الخداعة لم تعد كافية للتغطية على ظلم الدول التي تظن نفسها عظيمة وقوية ولا تهزم”، مؤكدا أن فعاليات بلاده شرقي المتوسط وبحر إيجة، تستند إلى مبدأ البحث عن الحق والعدالة.

فيما قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أول أمس الجمعة، إنّ اليونان أظهرت مجدداً أنها لا تؤيد الحوار، وأشار إلى رفض نظيره اليوناني الحوار غير المشروط حول التوتر القائم في شرق المتوسط.

في المقابل، اشترطت اليونان، وقف جميع التهديدات التركية لإجراء اتصالات لخفض التوتر بين البلدين في شرق المتوسط. وقال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس: «على تركيا الكف عن إطلاق (تهديداتها) ضد اليونان لخفض التوتر بين أنقرة وأثينا».

وأضاف ميتسوتاكيس، خلال استقباله مسؤولاً كبيراً في الحزب الشيوعي الصيني: «لنضع التهديدات جانباً من أجل إمكان بدء اتصالات».

وكانت اليونان أعلنت، الخميس الماضى، أنه لا محادثات مقرّرة بينها وبين تركيا لتخفيف التوترات المتزايدة بين البلدين في شرق المتوسط، نافية بذلك ما أعلنه حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أنه سيستضيف محادثات تقنية بين أثينا وأنقرة لحل هذه الأزمة.

 وقالت وزارة الخارجية اليونانية، في بيان إن المعلومات التي جرى الكشف عنها بشأن مفاوضات تقنية مفترضة في حلف شمال الأطلسي لا تتّفق والواقع”.

أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها ستجري تدريبات عسكرية قبالة قبرص ابتداء من اليوم الأحد

ومن ناحية أخري، نقلت وسائل إعلام تركية أن أنقرة بادرت بإرسال قوات إضافية إلى حدودها مع اليونان، في تصعيد جديد للتوتر مع أثينا، وذكرت وسائل إعلام تركية أن فوجا من الدبابات غادر مواقعه قرب الحدود السورية متجها نحو ولاية أدرنة الحدودية مع اليونان، وأن 40 دبابة تم نقلها من قضاء ريحانلي قرب الحدود السورية، إلى ميناء مدينة إسكندرون ليتم نقلها إلى أدرنة عبر قطار لشحن البضائع.

وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها ستجري تدريبات عسكرية قبالة قبرص ابتداء من اليوم الأحد.

وقالت الوزارة في بيان إن التدريبات، التي يطلق عليها اسم عاصفة البحر المتوسط، ستستمر حتى الخميس المقبل وستجرى بالاشتراك مع عناصر من شمال قبرص الخاضع للإدارة التركية.

وذكر البيان أن التدريبات السنوية تهدف إلى تحسين التدريب والتعاون والقدرة على العمل المشترك، وستشارك عناصر من القوات الجوية والبحرية والبرية في التمرين الذي يشمل عمليات محاكاة لهجوم جوي وعمليات بحث وإنقاذ أثناء القتال.

واعترض وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، أمس السبت، على تلك التدريبات. وقال دندياس لأمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرج في اتصال هاتفي إنه يتعين على تركيا اتخاذ خطوات للحد من التوترات في المنطقة.

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس أن بلاده ستقدم إيجازاً في وقت لاحق للسكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن «أنشطة تركيا الخارجة على القانون».

وبدوره، حذر الرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس، من أن «عدوانية تركيا» أدت إلى «توتر ووضع متفجر بالمنطقة، وذلك في ظل محاولات أنقرة ونيتها للسيطرة على المنطقة برمتها… لذا نشهد توتراً متزايداً، والوضع الناجم متفجر جداً، ويثير القلق».

وأكد أنستاسيادس ضرورة إجراء محادثات لحل خلاف بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز، محذراً من أن التوتر المتصاعد في شرق المتوسط يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها.

ويسعى رئيس مجلس أوروبا، شارل ميشال، لعقد مؤتمر متعدد الأطراف للمساعدة في تخفيف حدة التوتر في منطقة شرق المتوسط بشأن أنشطة التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا. وقال ميشال، إنه طرح فكرة عقد المؤتمر على تركيا وشركاء آخرين، موضحاً: «لا أقصد أن لدينا إجابة واضحة بنعم، لكن ليس لدينا رد فعل سلبي على عقد المؤتمر».