“هتودوا عيالكم المدارس؟”.. أصبح هذا السؤال حديث الساعة على مجموعات الأمهات عبر تطبيق “واتس آب” ومجموعات التعليم على موقع “فيس بوك”.

وتزامن تكرار التساؤل مع ترقب إعلان الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، خطة العام الدراسي الجديد، خلال يومي غد وبعد غد، وسط تصاعد المخاوف من نزول الأطفال للمدارس، وزيادة معدلات الإصابات بين الطلاب مع توقعات بموجة ثانية لفيروس كورونا وبداية ارتفاع نسب الإصابات المسجلة رسميًا في مصر وفي دول أخرى.

“الصحة أهم”

قررت “آية” تأجيل دخول ابنتها المدرسة للعام المقبل “بنتي قعدت من الحضانة في فبراير ومش هنزلها غير لما يبقى فيه لقاح”، موقف “آية” من نزول ابنتها العام الدراسي الحالي نابع من مخاوف تتعلق بتأثيرات الفيروس التي لم تثبتها بعد الأبحاث العلمية على “كيمياء المخ”.

تقول “آية” “اتهاجمت كتير على قراري إني مش هدخل بنتي المدرسة السنة دي، لكن كان عندي رد واحد إن حياتها أهم، كمان إنها تبدأ تعليم متأخر أو تعليم بدري مش هتفرق المهم النتيجة النهائية، مفيش أي ضمانات إن الإصابة بالكوفيد بتسبب خلل دماغي أو بتأثر على الخلايا العصبية.. ممكن يجلها تخلف “.

“مش هودي ولادي صحتهم بالدنيا”، حسمت “منى” أمرها من العام الدراسي الجديد لكن مازالت تدرس الخيارات ما بين سداد مصروفات بعشرات الآلاف دون الاستفادة منها، أو التحويل لمدرسة أخرى بمصروفات أقل.

تقول “منى” “بدفع للطفلين مصروفات 100 ألف جنيه، حرام كل الفلوس دي تروح في الأرض، وتجربة الأون لاين مش ناجحة الولاد كانوا بيسيبوا فيديوهات المدرسة ويتفرجوا على منصات التعليم التانية”.

أما عن الانتقال لمدرسة أخرى فتذكر: “عرفت إن فترة التحويل للمدارس انتهت والتحويل من مدرسة خاصة لمدرسة حكومة يتطلب شهادة فقر أو شهادة وفاة الأب، مش عارفة هعمل إيه، بس كل اللي متأكدة منه إن ولادي في البيت لغاية ما يبقى فيه لقاح”.

أم بدرجة معلمة

“أنا مش هودي، أنا مش مطمنة”، تؤكد “مروة” التي حسمت أمرها بشأن طفليها خلال حديثها: “بنتي في سنة رابعة هشتغل معاها في البيت شرح في البيت وشغل من الكتب الخارجية وأحاول التواصل مع المدرسين، وهتابع موقع بنك المعرفة التابع للوزارة”.

وتتابع: “ابني داخل أولى ابتدائي والمنهج جديد اشتريت الكتب الخارجية علشان أتابع وأشرح له في البيت”.

قرار “مروة” تشترك فيه “سالي” التي ترى أن نزول المدرسة ليومين في الأسبوع أو أكثر، هو مغامرة بصحة البيت كله: “أنا عندي بنت في سنة تالتة وماما ست كبيرة وعايشة معايا لو مش هخاف على نفسي لازم أكون خايفة على مامتي من أي عدوى”.

بدأت “سالي” التفكير في طرق التعلم المنزلي مع تعطل الدراسة في مارس الماضي “بدأت أشوف إن التعليم المنزلي ممكن يوفر فلوس ويوفر وقت ويحافظ على صحتنا، أنا شفت إن فيه منصات مختلفة للتعليم هبدأ أعتمد عليها في الشرح وهجيب الكتب الخارجية وأتعامل مع بنتي في البيت وطبعًا لو في دروس أون لاين تبع المدرسة هتحضرها”.

تجربة فاشلة

“بقى لي أسبوع جروب الأمهات ما بيفصلش كلنا عمالين نسأل نفسنا هنعمل إيه ومحتاسين خايفين نكرر تجربة الأون لاين تاني وخايفين على عيالنا من نزول المدرسة”، تقول “فاطمة” والدة طفلين في مرحلة التعليم الأساسي.

أما “شيماء” التي لم تُسدد بعد مصروفات الدراسة أو رسوم أتوبيس المدرسة فتقول: “أنا مش هدفع فلوس باص ومش عارفة ولادي هيروحوا كام يوم والمدرسة، طلبت رسوم ضعف السنة اللي فاتت ولو رجعنا قعدنا من المدرسة مش هناخد فلوسنا اللي دفعناها”، تصمت ثواني وتستطرد: “أنا لسة مش عارفة هعمل إيه والتعليم الأون لاين ده مش نافع خالص”.

“نسمة” التي بدأ نجلها الدراسة “عن بعد” قبل أسبوعين، تعيش تجربة استثنائية “مفروض ابني يدخل أون لاين ويحضر حصص ويكون قاعد مركز، وده كله بيتعمل في مواعيد الشغل، المدارس ما راعتش إن في أمهات بتشتغل وفاكرين إننا قاعدين في البيوت”.

دخول نجل “نسمة” حصص التدريس “أون لاين” يصيبها بالتوتر اليومي: “حاولت أشتغل من البيت لكن مديري في الشغل رفض، وبنزل وأسيب ابني على اللاب توب وبحاول أتأكد أنه بيحضر الحصص الأون لاين، وأكلمه أفكره بمعاد دخول الحصص”.

وتكمل: “أنا طبعًا نفسي الدراسة ترجع عادية تاني، الأون لاين تجربة صعبة وقاسية على الأم والطفل وما استفادناش منه حاجة  السنة اللي فاتت”.

أما “سمر” والدة طفلين في مراحل التعليم الأولى، فتؤيد رأي “نسمة” “أنا عايزة الدراسة في المدرسة الأون لاين ما استفدناش منه حاجة وكان ضغط كبير والولاد ما اتعملوش حاجة الترم اللي فات، ولو الوضع استمر كدة هيطلعوا ضايعين، أنا هنزل ولادي”.

الحد الأدنى من التعليم

الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، حاولت طمأنة الأمهات  قائلة: “لو قللنا الكثافات وحافظنا على التباعد الاجتماعي في الفصول وأتوبيس المدرسة ممكن نحسن من الوضع قليلًا”.

في الوقت نفسه طالبت “نصر” أولياء الأمور بالتعامل بواقعية مع العام الدراسي الحالي “نحن أمام عام دراسي استثنائي ليس أهم ما فيه هو إتقان الطلاب للمواد الدراسية بالكامل، ولكن تحصيل الحد الأدنى اللازم لتطورهم، العام الحالي أولويتنا الحفاظ على الصحة”.

وطالبت “نصر” بمراعاة أولياء الأمور للحالة النفسية للطلاب التي تتأثر بطول فترة العزل والبعد عن أقرانهم، موضحة “الدنيا لازم تمشي، نأخذ كافة الإجراءات الوقائية لكن تستمر الحياة، ودول العالم كلها لم تعلق العام الدراسي الجديد، والدراسة بدأت بالفعل في الكثير من الدول”.

“روشتة” للتعليم المنزلي

الدكتورة رنيم سليمان، أخصائي طب نفس الأطفال، قالت “إحنا مش عارفين الكورونا هتفضل لغاية امتى ولا نعرف ذروة الموجة الثانية امتى، لو الناس قدرت تنزل الولاد شوية شهر أو اتنين يبقى كويس جدا ويفرق في الصحة النفسية للولاد”.

وبشأن قرار بعض أولياء الأمور عدم ذهاب الطلاب للمدارس هذا العام؛ ذكرت “لو حد هيقعد ولاده لأنه خايف حقه تمامًا لكن على الأقل يتأكد أن الأولاد تلتقي أصدقائها على الأقل مرة في الأسبوع في مكان مفتوح”.

ووضعت “رنيم” روشتة للأهالي الذين سيقررون بقاء الأبناء في المنزل “لازم نعمل روتين في البيت نثبت مواعيد النوم والاستيقاظ زي مواعيد المدرسة، ونثبت مواعيد المذاكرة ولو في حصص أون لاين أو مدرسين في البيت تكون مواعيدهم ثابتة لأن الروتين الثابت بيحسس الطفل بالأمان ويحسن حالته المزاجية”.

وشددت  على أن المدرسة توفر نوعًا من أنواع التفاعل الاجتماعي لا غنى عنه للأطفال، وتدربهم على حل المشكلات اليومية ومواجهة التنمر والدفاع عن أنفسهم، وهذه أمور لا يتعلمها الطفل في المنزل، وفق قولها.