حاجز حديدي تتناثر به بعض الثقوب الضيقة تتيح رؤية من خلفه بصورة غير واضحة، مسافة تصل لمترين، وصوت بعيد في لقاء ينتظره السجناء وأسرهم، بعد عودة فتح الزيارات مجددًا، عقب توقفها لفترة وصلت لـ6 أشهر بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، لتكون تلك الزيارة هي الوسيلة الوحيدة التي يطمئن من خلالها السجناء على ذويهم، لتكون فرحة حقيقية لكنها سعادة لم تكتمل.

“نصف فرحة”، هكذا عبرت “سلمي محمد”، عن لقائها الأول بزوجها بعد غياب استمر 6 أشهر

 نصف فرحة

“نصف فرحة”.. هكذا عبرت “سلمي محمد”، عن لقائها الأول بزوجها بعد غياب استمر 6 أشهر، قائلة: “بعد 6 شهور معرفش عنه حاجة، ولا وصلني منه أي جواب أو رسالة ولا مكالمة تليفوينة، والمحامين كل منتصل بيهم يقولوا لنا قريب هيفتحوا الزيارات، لدرجة إن كل يوم كنت بستنى خبر فتح الزيارات، لحد متفتحت وشفت جوزي بس إحساس الحاجز ده صعب وإحساس إني مش عارفة المسه بيقتلني بس زي مبيقولوا ده أحسن الوحش”.

وزارة الداخلية، قررت استئناف الزيارات بجميع السجون العمومية والليمانات وفقًا لضوابط محددة مرتبطة بالإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة لحماية النزلاء من عدوى فيروس كورونا، ووضعت أرقامًا للهواتف يمكن من خلالها حجز الزيارة، وبالفعل حاولت “سلمى”، الاتصال بالأرقام لفترة طويلة، مغقبة: “الأرقام كانت طول الوقت مشغولة يا محدش بيرد، لحد ما الحمد لله عرفت احجز، وفهمت ان الحجز بيكون من خلال الترتيب الأبجدي وزيارة واحدة في الشهر، ولأن جوزي أول حرف من اسمه أ، فلو مكنتش لحقت احجز واعرف ميعاد الزيارة، كان زمان الزيارة راحت عليا، واستنى للشهر الجاي علشان اشوفه”.

“سلمى”، تمكنت من اللحاق بموعد زيارتها ورؤية زوجها، لكن “أماني عادل”، لم تستطع حجز الزيارة هاتفيًا

زيارات السجناء

20 دقيقة فقط

زيارة مدتها 20 دقيقة لمرة واحدة شهريًا، تمكنت منها “سلمى”، لرؤية زوجها المقيم بسجن طرة تحقيق، والمحبوس على ذمة واحدة من القضايا السياسية منذ عام و3 أشهر، متابعة: “من أول كورونا ووقف الزيارات بقت الزيارات مقتصرة بس على إننا ندخل الأكل والفلوس واسمها طبلية مرة في الأسبوع، دلوقتي بقى من حقنا زيارة رؤية واحدة في الشهر و3 طبليات”.

“سلمى”، تمكنت من اللحاق بموعد زيارتها ورؤية زوجها، لكن “أماني عادل”، لم تستطع حجز الزيارة هاتفيًا، فذهبت لمكان اسجن للسؤال عن موعد زيارتها، إلا أن موعدها كان قد فات وأخبروها أن زيارتها ستكون الشهر المقبل، فلن يتم تعويض الزيارة الفائتة، معقبة: “كنت هموت لما الضابط قالي كده وقالي إن ده وضع مؤقت بسبب كورورنا، كان نفسي اشوفه حتى من بعيد واطمن عليه، وكده هستنى للشهر الجاي معرفش حاجة عنه”.

زيارات السجناء كانت تتم سابقًا في ساحة كبيرة يتجمع بها السجناء وذويهم، وبسبب كورونا تحولت الزيارة لمجرد كلمات عابرة من خلف حاجز حديدي، تصفه “سلمى”، بأنه حاجز يحول بينها وبين روحها، يمنعها من عناق زوجها، كما تتسبب المساف التي تصل لمترين في صعوبة التواصل أو الحديث، ولكن “أماني”، حُرمت من هذا المشهد، وعليها الانتظار للشهر المقبل لاختبا رمشاعرها تجاهه.

ماهينور المصري

“ميسون المصري”، شقيقة المحامية ماهينور المصري، والمحبوسة على ذمة واحدة من القضايا السياسية، كتبت في منشور لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تفاصيل زيارة شقيقتها، قائلة: “امبارح كان ميعاد زيارة ماهي بعد 6 شهور بدون زيارات.. طبعاً ماما كانت هتموت وتشوفها وتطمن عليها ولإن التعليمات الجديدة للزيارات بتنص على إن الزيارة تقتصر على شخص واحد، فماما دخلت لوحدها وانا استنيتها بره.. حاولت أخفف عليها الحاجات عشان الشيل بس هي برضه شالت زيادة عن طاقتها لأن الزيارة مرة في الشهر وصعبان عليها إن ماهي تقعد كل ده من غير احتياجاتها لحد الزيارة اللي بعدها”.

وتابعت “ميسون”: “الحمد لله انها اتطمنت على ماهي وهي في صحة جيدة ما عدا الأمراض الجلدية المستمرة معانا من أول الحبسة بسبب تلوث المياه، وخلوها تزور لوحدها في مكتب رئيس المباحث بحضوره وحضور ظابط تاني غالبًا من أمن الدولة.. طبعاً ماكانش فيه تلامس، بس عامة ده برضه كان أحسن ما تزور من ورا السلك، والزيارة كانت أقل من ربع ساعة قدروا بسرعة يطمنوا فيها على بعض ومافيش أكتر من كده.. أغلب الزيارة ماهي بتطمن ماما عليها  بتأكد لها انها متعاملة بشكل كويس مع موضوع القضية الجديدة وبتحاول تهون على ماما وبتقولها معلش أنا كنت بقولك شكلها هتبقى سنة بس هيبقوا أكتر فطولي نفسك معايا واطمني عليا.. ماما هتضطر للأسف تستنى شهرين كمان عشان تشوف ماهي وتطمن عليها تاني، لإننا قررنا ان كل زيارة حد مننا هيروح.. وضع صعب بس على الأقل بقينا نقدر نطمن عليها و تطمن علينا”.

حددت وزارة الداخلية، مدة الزيارة وهي 20 دقيقة، لكنها لم تكفي “محمد السيد”، في زيارة شقيقة

زيارات السجناء

الحديد يمنع عناق الأحباء

حددت وزارة الداخلية، مدة الزيارة وهي 20 دقيقة، لكنها لم تكفي “محمد السيد”، في زيارة شقيقة، قائلًا: “كنت متخيل إن الوقت ده هيكفي إني أحكي له أمه واخواته عاملين إيه.. بس لقيت الوقت بيجري بسرعة أووي، يمكن علشان كنت محتاج أسمع منه واطمن عليه هو أكتر فكنت عاوزه يتكلم، كنت محضر كلام كتير اقولهوله بس خرجت ولقيت نفسي مقولتش حاجة وسمعته هو وطمنته علينا بس، الوقت كان قليل أوي علشان مدة منع الزيارة كانت طويلة، بس كويس إني شفته واتطمنت عليه”.

“السيد”، زار شقيقه من وراء الحاجز الحديدي، لكنه يتمنى سرعة إزالة هذا الحاجز ليتمكن من رؤية شقيقة بوضح: “طبعًا الحاجز ده حماية ليهم، بس فكرة متعبة أوي إنك بعيد عن أخوك ومش عارف تسلم عليه، ونفسي الحاجز ده يتشال ويفضل برضه مفيش تلامس بس المسافة تقل، علشان طول المسافة مع طول مدة الحبس بيوجع القلب أوووي”.

“إكرام يوسف”، والدة المحامي زياد العليمي، كتبت تفاصيل زيارتها لنجلها: “رجعت من زيارة زياد.. بيسلم عليكم كلكم .. وبيقول إن كل الناس الجدعة واحشينه جدًا.. وأنا بلغته رسالة بسام إن اللي برة مسرحية هزلية ما تليقش بيه.. زياد زي ما كلكم عارفين صامد وجدع وما يبتلونش.. التلت ساعة يادوب كفوا أبلغه أخبار ابنه والناس بسرعة، واعرف منه أخباره، قلت له إن وشه بيقول انه مش واخد باله من السكر، لكن طبعًا زي ما انتو عارفين قال إن هو زي الفل!!!! وإنه بيخرج ساعة للتريض ما عدا في الإجازات، بس إصراره الفترة اللي فاتت على طلب دوا الأعصاب وفيتامين ب 12 ودوا خشونة المفاصل، بشكل ملح، بيقول إنه لسة بيعاني وشكل وشه بيقول انه مش بينام كويس من الألم”.

وتابعت والدة زياد العليمي: “ربنا يخفف عنه وعن جميع الجدعان، قلت له إننا قعدنا نتعازم على الزيارة أنا وبسام، لأن بسام مفتقده بشدة، فأنا قلت لبسام يروح هو الزيارة ويطمني، وبسام خاف أخوه يقلق لو مالقانيش في الزيارة.. وبعدين بسام قال لي أنا خلاص  مابقيتش عايز اشوف اخويا في السجن!! ومش حاقدر اروح له إلا لو ابنه معايا.. ولغاية دلوقت مش سامحين بزيارة الأطفال، واللي فوق عشر سنين بيعتبروه شخص، يحضر الزيارة لوحده، وطبعا مستحيل ندخل ابن زياد الزيارة لوحده!! عندي إحساس إن العبث ده مستحيل يستمر، ولازم حتتحل قريب إن شاء الله”.