“مش فاهمة إيه اللي بيحصل أنا يادوب بفكر اشتري شنطة وبكلم صاحبتي لقيت سيل من إعلانات الشنط بمختلف أنواعها وأغلبها من نفس النوع اللي عاجبني”، هكذا بدأت “دعاء السيد”، حديثها بعد أن دخلت في دائرة تساؤلات استنكارية من نوعية هل يتجسس “فيسبوك” على مكالماتنا الهاتفية؟، هل يخترق جلساتنا ولقاءاتنا الشخصية؟، مالذي يعرفه عنا بجانب اهتماماتنا الشرائية؟.. أنا كدة حياتى بقت للعامة؟، فمن منا لم تشغله أسئلة دعاء؟، ومن لا يراوده شعورها؟

حالة من الجدل، أثيرت مؤخرًا حول اختراق موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” خصوصية مستخدميه وتنصته على أنشطتهم دون كتابتها أو إبداء الإعجاب بها، دائرة الجدل اتسعت ووصلت إلى مثول مخترع الفيسبوك مارك زكربيرج أمام المحكمة الأمريكية للتعرف على حقيقة اختراقه خصوصية متابعيه وهو ما وصفه بـ “المؤامرة الكبرى”.

فيسبوك

مخاوف متعددة

“دعاء السيد”، ثلاثينية تعمل في مجال التصوير، أكدت أن الشكوك تحاصرها بشأن “فيسبوك”، مؤكدة أن الأزمة تجاوزت حد المعقول فبدا لها مؤخرًا أن الموقع يعرف عنها كل شيء ويعرض لها ما تحب وما تتحدث عنه مع صديقاتها بعيدًا عن التطبيق نفسه.

فيما أكد “رضا محمد” شاب عشريني، أنه كان يتصل تليفونيًا بصديق له ليتفق معه على جولة نيلية وأنه ينوي البحث عن عروض، مؤكدًا أنه لم يقم بذلك من قبل وفوجئ بعروض لبواخر ورحلات نيلية بمختلف الأسعار التي كان يتحدث حولها.

الخمسيني “جمال عثمان”، أحد مستخدمي “فيسبوك”، أكد أنه يعلم بتتبع التطبيق  لحياته كاملة فأغلب مكالماته الهاتفية يروج لها دعائيًا والكثير من رسائله يجدها تترجم أمامه في صفحات وعروض بصداقات جديدة وإعلانات لمنتجات وسلع.

العينة التي تم سؤالها، حول إن كانت تشعر بتتبع “فيسبوك” لها بلغ عددها نحو 20 شخص من فئات عمرية مختلفة أجمعوا جميًا على عدم شعورهم بالأمان أثناء استخدامهم الموقع، متفقين على أنه يعرف عنهم أكثر مما يعتقدونه وهو ما يظهر جليًا في حملاته الدعائية والترويجية.

مارك زوكربيرج، مالك “فيسبوك”، مثل أمام الكونجرس الأمريكي في جلسة استماع مغلقة للاستماع إليه في شكاوى المواطنين

فيسبوك

مارك أمام الكونجرس

مارك زوكربيرج، مالك “فيسبوك”، مثل أمام الكونجرس الأمريكي في جلسة استماع مغلقة للاستماع إليه في شكاوى المواطنين من تجسس التطبيق عليهم وجاء رد فعله أن ما يحدث ويثار يخضع لـ “نظرية المؤامرة”.

وأكد الكثير من الباحثين والتقنيين، أن الخوف وحده صاحب الدور الأكبر في منع موقع التواصل الاجتماعي من التنصت على مكالمات المتابعين لأن هذا يعرضه للمسائلة لأنه سيتم تصنيفه انتهاكًا للقانون الفيدرالي الأمريكي.

“نحن لا نستخدم ميكروفون الهاتف الخاص بك لتوجيه إعلانات تناسبك”.. فيسبوك

مارك

هل يتنصت فيسبوك على مستخدميه؟

هناك بعض الأمور التقنية، والتي تحتاج إلى تخصص للإجابة على أحد أهم الأسئلة التي تشغل الكثيرين مؤخرًا وهو مالذي يعرفه عنا فيسبوك؟، موقع “ذا فيرج” المتخصص في المعلوماتية وتقنيات السايبر اعتبر أن ما يثار بشأن تنصت الموقع على المستخدمين “أسطورة”.

وأضاف الموقع، في تقرير متخصص، أن كل فعل للمستخدم سواء كان “أونلاين أو أوفلاين” يمكن معرفته، وهو السبب وراء أسطورة تنصت فيسبوك، والشركات المعلنة والوسيطة يمكنها متابعة حركات المستخدم من المواقع بفضل زيارتها والصفحات التي تتم متابعتها على التطبيق.

وأكد التقرير، أن الشركات أيضًا يمكنها تعقب “اللايك” ومتابعة جميع أوجه النشاط الإلكتروني مؤكدة أن فتح “اللوكيشن” على الهاتف له جانب من الخطورة حيث ينبأ الآخرين عن حركتك وهو أحد أدوات التجسس والملاحقة.

الأمر لا يتوقف على معرفة حركة المستخدم والصفحات التي يتابعها، لكنه يصل أيضًا للصورة التي يُحملها المستخدم من الإنترنت أو يتبادلها مع آخرين ويستطيع “فيسبوك” أو الشركات المعلنة والوسيطة معرفة هوية المستخدم واهتماماته وأنشطته المختلفة.

“فيسبوك” يرد على تهمة التنصت

“فيسبوك”، أعلنت في ردها حول ما تمت إثارته بشأن تنصتها على المستخدمين قائلة: “نحن لا نستخدم ميكروفون الهاتف الخاص بك لتوجيه إعلانات تناسبك، أو تغيير ما تراه من قصص في صفحة الأخبار”، مؤكدة أن الأمر يتعلق فقط بمتابعة اهتمامات المستخدمين وحركتهم عبر الموقع والصفحات التي يرتادونها.

“التطبيق يتتبع آداء المستخدمين عبر منصته وتحليل التعاملات مع الآخرين ومن ثم تكوين صورة كاملة عن العلاقات”.. أشرف إبراهيم

فيسبوك

اختراق خصوصية المستخدمين

المهندس أشرف إبراهيم مدير مشرعات بشركة نوكيا العالمية، قال إن “فيسبوك” يمكنه معرفة كل شيء عن الشخص بداية من البيانات الشخصية وصولًا لموقع الشخص من خلال خدمة تحديد الموقع “اللوكيشن” مرورًا بالاهتمامات، وهي معلومات يقدمها الشخص عن طيب خاطر.

وأضاف إبراهيم” أن التطبيق يتتبع آداء المستخدمين عبر منصته وتحليل التعاملات مع الآخرين ومن ثم تكوين صورة كاملة عن العلاقات وأخطرها ملفات “الكوكيز” وهي التي يشترط قبول حصولها على معلومات الشخص مقابل عرض ما يطلبه من معرفة أو خدمة وهي ملفات غاية في الخطورة لأنها تسجل كل حركات المستخدم على الكمبيوتر أو هاتفه المحمول أثناء فتحه للملف أو الموقع، وهناك نوعين من المواقع تستخدم الكوكيز منها ما هو محترم لأنها تستخدمه لتقييم اهتمامات المستخدم وعرض ما يرغب به بغرض التسهيل عليه، والنوع الآخر مثل “فيسبوك” هو الأسوأ لأنه يبيع البيانات التي تمكن من الحصول عليها للغير دون شرط أو قيد لأنه موقع تجاري ويستهدف المعلنين لديه ويعمل على توظيفها في خدمتهم.

وأضاف مدير مشروعات شركة نوكيا العالمية، أن “فيسبوك” لا يقف عند رصد حركة المستهلكين أو نشاطهم أو حتى ملفات الكوكيز فحسب، لكنه يتطفل على “الشات” الرسائل الشخصية المتبادلة ويقوم بفلترتها لإعادة استخدام ما يناسب فكرته التجارية الترويجية للشركات المعلنة لديه.

وأكد إبراهيم، أن أدوات الحماية تبدأ من “لأ” وهو رفض جميع مقترحات وطلبات “فيسبوك” واستخدام برنامج تشفير المحادثات كلما أمكن ذلك، فضلًا عن تجنب وضع أي معلومات شخصية لا تهم على الموقع مع الغاء تحديد الموقع “اللوكيشن” لأنه يمثل خطورة، وعدم وضع معلومات الاتصال الخاصة والتي قد يستخدمها البعض كباسوردات لمعاملاتهم المالية، فضلا عن تغيير الباسوورد من وقت لآخر ووضع رموز أكثر تعقيد لأن “فيسبوك” أحد أبرز المواقع المشهورة بغياب معايير الأمان.

يستطيع “فيسبوك”، رسم ملامح شخصية حول اهتمام المستخدم من خلال “الخوارزميات”

فيسبوك

تتبع المعلومات الخاصة

يستطيع “فيسبوك”، رسم ملامح شخصية حول اهتمام المستخدم من خلال “الخوارزميات” التي تُسجل بشكل منظم إعجابات المستخدم والصفحات التي يتابعها ودائرة الأشياء التي تجذب انتباهه، فلا يكتفي فقط برسم ملامح شخصيه متابعيه بل يعمد إلى تحليله النفسي ويمكنه بسهولة قياس انفعاله العاطفي وطبيعة وجوده وفاعليته في المجتمع بتسجيل كل حركاته والوقوف عليها.

“الفيسبوك يعرف عنك أكثر”. لم تكن هذه مقولة عابرة، لكنها حقيقة فهو يرسم متوسط نفقاتك واهتماماتك الصحية ومشروعك المستقبلي ويعرف أيضًا دوائر علاقاتك القريبة والمرجوة.

موقع “بيزنس إنسايدر” نشر دراسة تحليلية حول التطبيق، وعما يتمكن من معرفته عن المستخدمين، مؤكدًا أن فيسبوك يجمع عن المستخدمين بيانات لا نهائية يستخدمها وفقًا لخطته التجارية والدعائية، كما يتتبع كل تحركات مستخدميه ويكون صورة كاملة عنهم ومن ثم يستغلها في أهدافه ويبيعها للغير.

كشفت دراسة قام بها  جامعتي  Stanford University، University of Cambridge، أن فيسبوك يحلل شخصية المستخدم ويعرف أدق تفاصيلها، مؤكدين أنه يعتمد على استخدام التفاعلات الشخصية ومنها يتم تحليل الصفات النفسية للمستخدم إضافة إلى استخدام الخوارزميات في الوصول إلى تحليل البيانات.

الدراسة، استهدفت حوالي 86220 متطوعًا على “فيسبوك”، ملئوا جميعًا الاستمارات، وسمحوا للباحثين بالوصول إلى الإعجابات “Like” التي يقومون بها على الموقع، كما طلبوا من أصدقاءهم وعائلاتهم ملء استمارة أخرى من أجل مقارنة النتائج وخلصت الدراسة، إلى أن حجم الدقة في تحليل البيانات من خلال تتبع حركة المستخدم أكبر بكثير مما يعرفه الأصدقاء والمقربون وزملاء العمل عن الأشخاص موضع الدراسة.