أسدلت محكمة سعودية الستار على قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أمس الاثنين، بصدور الحكم بعد إعادة محاكمة المتهمين، بعدما أعلن صلاح نجل خاشقجي أنه وإخوته “يعفون عمن قتلوا أبينا، طالبين الأجر من الله تعالى”، متقبلا الزعم بأن القتل لم يكن مع سبق الإصرار.

وكان القضاء السعودي قد أصدر في ديسمبر/كانون الأول من عام 2019 أحكاما بإعدام خمسة متهمين في القضية ذاتها. ومهد عفو أبناء خاشقجي عن القتلة لإرجاء تنفيذ حكم الإعدام بموجب القانون السعودي، وإعادة المحاكمة.

خففت المحكمة أحكام الإعدام الصادرة على خمسة أشخاص أدينوا بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018، وقال ممثلو الادعاء إنهم حكموا عليهم بالسجن 20 عاما.

وصرح المتحدث الرسمي للنيابة العامة عن صدور أحكام نهائية تجاه المتهمين بمقتل المواطن جمال بن أحمد بن حمزة خاشقجي.وأكد أن المحكمة الجزائية بالرياض أصدرت في هذا أحكاماً بحق ثمانية أشخاص مدانين، واكتسبت الصفة القطعية؛ طبقاً للمادة (210) من نظام الإجراءات الجزائية, مبيناً أن هذه الأحكام وفقاً لمنطوقها بعد إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل تقضي بالسجن لمدد بلغ مجموعها 124 سنة طال كل مدان من عقوبتها بحسب ما صدر عنه من فعل إجرامي، حيث قضت الأحكام بالسجن 20 عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لواحد منهم وسبع سنوات لاثنين منهم، وأضاف المتحدث أن هذه الأحكام أصبحت نهائيةً واجبة النفاذ؛ طبقاً للمادة (212) من نظام الإجراءات الجزائية.

وبين المتحدث الرسمي أنه بصدور هذه الأحكام النهائية تنقضي معها الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص وفقاً للمادتين (22 ، 23) من نظام الإجراءات الجزائية. بحسب وكالة واس السعودية

وقتل خاشقجي، الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة منذ 2017 في منفى اختياري، والمعروف بانتقاداته للقيادة السعودية، يوم 2 أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول على يد فريق اغتيال سعودي خاص، فيما لم يتم حتى الآن العثور على جثته.

وأدى هذا الحادث إلى تدهور حاد في العلاقات بين أنقرة والرياض، بينما تقول الحكومة التركية إن سلطات المملكة تسعى للتستر على المسؤولين الحقيقيين عن الجريمة، في إشارة إلى ولي العهد السعودي، فيما اتهم الادعاء التركي 20 سعوديا في إطار القضية.

ونفى ولي العهد السعودي التهمة، رغم أن مساعدين سابقين يحاكمان غيابيا في تركيا بتهمة التحريض على قتل خاشقجي مع سبق الإصرار.

عملية القتل

ذهب خاشقجي إلى تركيا بعدما خطب التركية خديجة جنكيز، ودخل القنصلية السعودية في إسطنبول في2 أكتوبر 2018، حيث تم قتله من قبل فريق سعودي مدرب على الاغتيالات.

ورصد كاميرات تركية عملية الاغتيال، والتي كشف عن بعضها الرئيس التركي رجب أرودغان،و التي وصفها بـ ” القتل بوحشية”.

وقالت الحكومة السعودية أثناء نطر القضية إن الصحفي قتل في “عملية مارقة”، وفي العام التالي قدم ممثلو الادعاء السعوديون 11 شخصا إلى المحاكمة.

وخلصت النيابة العامة السعودية إلى أن القتل لم يكن متعمدا. وقالت إن القتل صدر بأمر من رئيس “فريق مفاوضات” أرسل إلى اسطنبول لإعادة خاشقجي إلى المملكة “عن طريق الإقناع” أو “بالقوة” إذا فشل ذلك.

وبحسب النيابة، تم تقييد الصحفي قسرا بعد مشاجرة، ثم حُقن بجرعة زائدة من مادة مخدرة أدت إلى وفاته. ثم تم تقطيع جثته وتسليمها إلى “متعاون” محلي خارج القنصلية، ولم يتم العثور على البقايا.

وثبت براءة ثلاثة أشخاص من بينهم النائب السابق لرئيس المخابرات السعودية أحمد العسيري.

وتم التحقيق مع سعود القحطاني، مستشار كبير سابق لولي العهد السعودي، من قبل النيابة العامة السعودية لكن لم توجه إليه تهمة.

خطيبة خاشقجي

واعتبرت الخطيبة السابقة للصحفي السعودي، جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، أن الأحكام النهائية الصادرة عن النيابة العامة السعودية بحق المتهمين بقضية مقتل خاشقجي تمثل “استهزاء بالعدالة”، لافتة إلى أن المملكة أغلقت القضية دون أن تجيب عن الأسئلة الثلاثة الأهم فيها.

وقالت جنكيز في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع تويتر: “الحكم الصادر اليوم في السعودية يمثل مجددا استهزاء بالعدالة”، وأضافت: “تغلق السلطات السعودية القضية دون أن يعرف العالم حقيقة المسؤول عن اغتيال خاشقجي”.

وتابعت جنكيز قائلة: “من خطط، ومن أمر، وأين الجثة؟ هذه الأسئلة الأساسية والأكثر أهمية والتي تبقى بدون إجابة”، على حد قولها.

ورأت الخطيبة السابقة للصحفي السعودي أن المجتمع الدولي لن يقبل هذه الأحكام، وأكدت أنها أكثر إصرارا من أي وقت مضى على القتال من أجل تحقيق العدالة لـ “خاشقجي”.

تركيا ترفض الحكم

وقالت تركيا إن الحكم الذي أصدرته السلطات السعودية، “لم يحقق توقعاتها”، داعية المملكة للتعاون في التحقيق، بحسب قناة روسيا اليوم.

وقال مدير مكتب الاتصالات للرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، في سلسلة تغريدات نشرها أمس الاثنين عبر “تويتر”: “الحكم النهائي الصادر اليوم عن محكمة سعودية بخصوص إعدام… خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول التركية فشل في تحقيق توقعات تركيا والمجتمع الدولي”.

وأضاف: “لا نعرف حتى الآن ماذا حصل لجثة خاشقجي، من أراد قتله وما إذا كان هناك متعاونون محليون، الأمر الذي يضع قيد الشك مصداقية العمليات القانونية في السعودية”.

وتابع المسؤول التركي: “نحث السلطات السعودية على التعاون مع التحقيق المستمر الذي تواصل إجراءه تركيا في قضية القتل هذه”. وشدد على أن “تسليط الضوء على قتل خاشقجي، الذي تم ارتكابه داخل حدود تركيا، وتحقيق العدالة واجب من حيث القانون والعقلانية، وهذه الطريقة الوحيدة لمنع وقوع مثل هذه الفظائع مستقبلا”.

يذكر أن المقررة الخاصة للأمم المتحدة أغنيس كالامارد، خلصت إلى أن خاشقجي كان “ضحية إعدام متعمد مع سبق الإصرار”، وقالت إن هناك أدلة موثوقة على أن مسؤولين رفيعي المستوى، بمن فيهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يتحملون المسؤولية الفردية.

ورحبت كالامارد بتخفيف أحكام الإعدام، لكنها قالت إن الأحكام لا يمكن السماح لها بـ “تبييض ما حدث”.

وكتبت على تويتر “المدعي السعودي قام بعمل آخر اليوم في هذه المحاكاة الساخرة للعدالة. لكن هذه الأحكام لا تحمل أي شرعية قانونية أو أخلاقية. جاءت في نهاية عملية لم تكن منصفة ولا عادلة أو شفافة”.

وقالت “كالامارد”  إن ولي العهد الأمير محمد “ظل محميا بشكل جيد ضد أي نوع من التدقيق الهادف” ودعت مرة أخرى أجهزة المخابرات الأمريكية إلى الكشف عن تقييمها المنشور بأنه أمر بقتل خاشقجي.

جمال خاشفجى

ولد خاشقجي بالمدينة المنورة عام 1958، بدأ مسيرته الصحفية في صحيفة جازيت، حيث عمل مراسلاً لها، وفي الفترة بين 1987 إلى 1990 عمل مراسلاً لعدة صحف يومية وأسبوعية، ليقدم من خلالها تغطية لأحداث أفغانستان والجزائر والكويت والسودان والشرق الأوسط.

ونتيجة لنجاحاته في تغطية هذه الأحداث تم تعيينه بمنصب نائب رئيس تحرير صحيفة “أراب نيوز” في عام 1999، واستمر في منصبه هذا حتى عام 2003، وفي عام 2004 تم تعيينه رئيس تحرير صحيفة الوطن اليومية، ولكن تعيينه في هذا المنصب لم يدم طويلاً، إذ أقيل من هذا المنصب بعد 52 يوماً فقط من بدء تعيينه. ومنذ هذا الوقت عمل مستشاراً إعلامياً للأمير تركي الفيصل.

كما تم تعيين خاشقجي عام 2007 رئيس تحرير لجريدة الوطن، وكان هذا القرار هو القرار الثاني لتعيينه في هذا المنصب، ثم أرغم على الاستقالة في عام 2010 دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، حيث تضاربت الأسباب وقتها ورجح كثيرون أنه استقال بسبب ما نشر في الجريدة من الكاتب إبراهيم الألمعي عن معارضته لفكرة السلفية.

وعين في عام 2010 مديراً عاماً لقناة العرب الإخبارية، التي يمتلكها الأمير الوليد بن طلال، والتي بدأت البث في عام 2015، ولم يستمر إطلاقها إلا يوماً واحداً.

وعمل خاشقجي أيضاً معلقاً سياسياً، ظهر في عدد من القنوات السعودية والعربية.

وفي ديسمبر، 2017، أنهت صحيفة “الحياة اللندنية” لصاحبها الأمير خالد بن سلطان، علاقتها به ومنعت كتاباته التي تنشرها الصحيفة بدعوى ” تجاوزات ضد السعودية”.

أهم مؤلفاته

كتب خاشقجي عدة مؤلفات منها (علاقات حرجة- السعودية بعد 11 سبتمبر) و(ربيع العرب زمن الإخوان المسلمين) و (احتلال السوق السعودي).