سلامة الجسد، إحدى أهم الحقوق التي نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، وينصرف الحق في سلامة الجسد إلى صون أعضاء الجسم كافة، بداية من جلد الإنسان، والأطراف، وأجهزته: “التنفسية، والدورانية، والهضمية، والتناسلية، والعصبية”، وضمان حمايتها، وعدم إيذائها أو إيلامها أو تشويهها، أو قطعها، أو فصل عضو منها عن الجسم، أو إحداث ضرر بها بما يؤثر على القيام بوظائفها بالشكل السليم.
ضمن الدستور المصري، سلامة الجسد وأكد على صون حُرمته في المادة 60، التي نصت على: “لجسد الإنسان حُرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يُعاقب عليها القانون، ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقًا للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذي ينظمه القانون”.

الممارسات التي تُلحق أضرارًا بأجساد المرضى، أو المبحوثين نتيجة إجراء التجارب السريرية عليهم دون علمهم من أبشع الممارسات انتهاكًا لحُرمة الجسد
الإيذاء والضرب والتعذيب
تعددت مواد القانون المصري التي تحظر انتهاك حُرمة الجسد، ووضعت عقوبات كثيرة طبقًا لشكل الانتهاك ودرجته، ففي قانون العقوبات نصت المادة 240، على: “كل من أحدث بغيره جرحًا أو ضربًا نشأ عنه قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه أي عاهة مستديمة يستحيل برؤها يُعاقب بالسجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، أما إذا كان الضرب أو الجرح صادرًا عن سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيُحكم بالسجن المشدد من ثلاث إلى عشر سنوات، ويضاعف الحد الأقصى للعقوبات إذا ارتكبت الجريمة تنفيذًا لغرض إرهابي”.
وعلى اعتبار أن التعذيب هو أشد ممارسات الاعتداء على حرمة الجسد، فقد نصت المادة 126، من قانون العقوبات على: “كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر، وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمدًا”.

التجارب السريرية
الممارسات التي تُلحق أضرارًا بأجساد المرضى، أو المبحوثين، نتيجة إجراء التجارب السريرية عليهم، دون علمهم، من أبشع الممارسات انتهاكًا لحُرمة الجسد، وقد مثّل قانون “التجارب السريرية” الصادر مؤخرًا من مجلس النواب، خطوة في طريق حرية البحث العلمي، وتشجيع الباحثين على تطوير تجاربهم، لكنه مع ذلك حافظ على حرمة الجسد، فنصت المادة 26 على: “يعاقب بالحبس كل من أجرى بحثًا طبيًا إكلينيكيًا دون الحصول على الموافقة المستنيرة من المبحوث، ومن الممثل القانوني عن الفئات المستحقة حماية إضافية من المبحوثين وموافقات الجهات المحددة بهذا القانون، وإذا ترتب على ذلك حدوث عاهة مستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد من ثلاث إلى عشر سنوات، وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن الذي لا تقل مدته عن عشر سنين إذا ترتب على الفعل المشار إليه موت شخص أو أكثر”.
في أكتوبر 2019، أبلغ مواطن بمحافظة الشرقية عن سرقة كليته اليسرى، أثناء إجراء جراحة له بمستشفى الزقازيق الجامعي
سرقة الأعضاء البشرية
سرقة الأعضاء البشرية، جريمة ارتبطت بتجارة الأعضاء، ووقعت العديد من جرائم سرقة الأعضاء البشرية في مصر، على مدى عقود، حتى أن السينما المصرية حاولت في الكثير من الأفلام مناقشة الموضوع، كان أشهرها فيلم “الحقونا” للفنان نور الشريف، من تأليف إبراهيم مسعود، وإخراج علي عبد الخالق.
وفي عام 2016، تمكنت مباحث الجيزة من ضبط عصابة تسرق الأعضاء البشرية، وتتاجر بها، عن طريق اختطاف ضحاياها ونزع أعضائهم ثم التخلص منهم، وكان آخر ضحاياها المحامي حسين المطعني الذي اختطف بعد تخديره، واحتجازه في إحدى الشقق بحي العمرانية، لكنه استطاع الفرار قبل نزع أعضائه.
وهناك العديد من قضايا الاتجار بالأعضاء البشرية، سواء عن طريق نزعها بالإكراه بعد اختطافهم، أو استغلال الظروف الاقتصادية لبعض الأشخاص، وإقناعهم ببيع أعضائهم، كما هو الحال في واقعة القبض على عصابة تتزعمها ممرضة بإحدى المستشفيات الخاصة، في شهر أبريل من العام الماضي 2019، والتي كانت تنتقي ضحاياها من الفقراء، لإقناعهم بالتنازل عن أعضائهم.
وفي أكتوبر 2019، أبلغ مواطن بمحافظة الشرقية، عن سرقة كليته اليسرى، أثناء إجراء جراحة له بمستشفى الزقازيق الجامعي، بعد تعرضه لحادث سيارة عام 2009، ليكتشف بالصدفة، سرقتها بعد 10 سنوات حينما طلبت منه الشركة التي يعمل بها إجراء فحوصات طبية.
القانون تناول في الكثير من المواد الجرائم التي تعتبر انتهاكًا لحق سلامة الجسد

العقوبة
عقوبة جرائم سرقة الأعضاء البشرية، تقع تحت مظلة المادة 240، السابق ذكرها، بوصفها: “قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه أي عاهة مستديمة يستحيل برؤها، وهي الجرائم التي حددت لها المادة عقوبة”من ثلاث إلى عشر سنوات”.
وينص القانون رقم 5 لسنة 2010، بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية، في المادة رقم 19: “يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه كل من نقل بقصد الزرع بطريق التحايل أو الإكراه أي عضو أو جزء من عضو إنسان حي، فإذا وقع الفعل على نسيج بشري تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تزيد على سبع سنوات، ويعاقب بالعقوبة المقررة في الفقرة السابقة السجن وغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه كل من زرع عضوًا أو جزءً منه أو نسيجًا تم نقله بطريق التحايل أو الإكراه مع علمه بذلك، وتكون العقوبة السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه إذا ترتب على الفعل المشار إليه في الفقرتين السابقتين وفاة المنقول منه”.
نستطيع أن نرى بوضوح أن الدستور المصري، ضمن حرمة الجسد وحظر انتهاكها، كما أن القانون تناول في الكثير من المواد، الجرائم التي تعتبر انتهاكًا لحق سلامة الجسد، وعاقب عليها بعقوبات متفاوتة على حسب درجة كل جريمة من تلك الجرائم.