عدد من الإجراءات اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة، لدعم الصناعة الوطنية وإتاحة الفرصة لها لتفرض نفسها على الساحة، وهو الأمر الذي شغل حيز كبير من الجدل بين التجار والمصنعين، فقطاع كبير من التجار يرى أن غلق الأبواب في وجه المُنتج المستورد يقضي على مساحة التنافس، ويدعم الاحتكار ويساهم في رفع الأسعار، بينما يرى المصنعين أن هناك دولًا تدعم منتجاتها لتخريب المناخ الاقتصادي لدول أخرى، وهذا وراء دخول عدد كبير من المنتجات المستوردة بسعر منخفض، معتبرين أن ارتفاع سعر المنتج المحلي سببه ارتفاع سعر الخامات المستخدمة ولا علاقة له بوجود منافسة من عدمها.

السكر

كشف البنك المركزي، عن ارتفاع واردات مصر من السكر خلال الربع الثاني من هذا العام إلى 62.7 مليون دولار مقابل 21.7 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي

 حظر استيراد السكر

أعلنت وزيرة التجارة والصناعة، نيفين جامع، استمرار العمل بالقرار الوزاري رقم 259 لسنة 2020، والذي يقضي بحظر استيراد السكر الأبيض من الخارج ومراجعة القرار خلال تلك الفترة في حال طرأت أي مستجدات على الساحة الاقتصادية، على أن يتم العمل بالقرار فور إصداره في جريدة الوقائع المصرية.

بعض الأنواع يتم استيرادها لتستخدم في الصناعات الدوائية، وأكدت وزيرة الصناعة والتجارة، على استثنائها مع اشتراط وجود موافقة من وزارة الصحة والسكان، مؤكدة على وجود تنسيق كامل مع وزير التموين والتجارة الداخلية قبل إصدار القرار.

وكشف البنك المركزي، عن ارتفاع واردات مصر من السكر خلال الربع الثاني من هذا العام إلى 62.7 مليون دولار مقابل 21.7 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي، وتواكب هذا الارتفاع في الاستيراد، والذي كان تنفيذًا لتعاقدات سبقت تصاعد أزمة فيروس كورونا المستجد، وما صاحبها من انخفاض كبير في الاستهلاك نتيجة إغلاق المقاهي ومؤسسات الأعمال، وفرض حظر التجول، مما أدي لارتفاع مخزون السكر إلى 1.1 مليون طن بخلاف الكميات المستوردة كخام.

وكانت وزارة التجارة والصناعة، أعلنت وجود مخزون من السكر يصل لنحو 1.4 مليون طن وهو كافي للاستهلاك المحلي لمدة تتجاوز الـ 6 شهور. 

تتعاون مصر مع الإمارات العربية المتحدة، في إنشاء أكبر مصنع سكر في العالم باستثمار يقدر بنحو مليار دولار في غرب المنيا

السكر

دعم الصناعة الوطنية

وأعلنت وزيرة الصناعة، أن الهدف من قرار حظر استيراد السكر لمدة 3 أشهر، هو دعم الصناعة الوطنية خاصة بعد وجود ارتباك وتقلبات في أسعار السكر العالمي، تأثرًا بهبوط سعر البترول لأدنى مستوياته وهو ما نتج عنه هبوط بالتبعية في سعر السكر العالمي ولا سيما السكر الخام.

واعتبرت جامع، أن ما يحدث على الصعيد العالمي من تقلبات في سعر السكر يؤثر سلبًا على المحلي، خاصة أنه في هذه الحالة سيصل مصر بسعر أقل من المنتج المحلي وهو ما يضر بشكل مباشر بالصناعة الوطنية ويعرضها لمخاطر ليست بالقليلة.

وتتعاون مصر مع الإمارات العربية المتحدة، في إنشاء أكبر مصنع سكر في العالم باستثمار يقدر بنحو مليار دولار في غرب المنيا لإنتاج ما يزيد عن 900 ألف طن سنويًا، ومن المقرر أن يُنتج المصنع نحو 216 ألف طن من لب البنجر و243 ألف طن “مولاس” سنويًا، بجانب إنتاج السكر الأبيض، ومن المقرر أن يكون هذا المشروع على رأس أعمال شركة القناة للسكر، وهي مشروع لشركة الخليج للسكر الإماراتية، شركة مساهمة مصرية تتوزع على النحو التالي: 37% لجمال عزيز رجل الأعمال الإماراتي، و33% لشركة موربان إنرجي الإماراتية، أي أن الامارات تمتلك 70% من أسهم الشركة، بينما تمتلك شركة الأهلي كابيتال التابعة للبنك الأهلي المصرية 30% من الأسهم.

ومن المقرر أن يتم البدء في إنشاء المصنع في أكتوبر 2020، ويبدأ الإنتاج في فبراير 2021، والمصنع سيتيح واردات ثانوية تم تقديرها بنحو 900 مليون دولار، ويُعد المصنع المرتقب إنشاؤه أكبر مشاريع مصر الصناعية منذ عام 1952 حتى الآن.

“استهلاك مصر من السكر يصل في أقصى تقدير له لنحو 3.2 مليون طن سنويًا”.. وزير التموين

السكر

زيادة واردات والمنتج المحلي

وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور على المصيلحي، أكد أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في واردات السكر بالتزامن مع تكدس المخزون في الشركات المحلية، حيث لم يعد هناك مجالًا لتصريف الكميات المخزنة، خاصة وأن المطروح في السوق المحلي زاد عن احتياج المواطنين وهو ما تبعه انخفاض في الأسعار.

وأضاف المصيلحي، أن استهلاك مصر من السكر يصل في أقصى تقدير له لنحو 3.2 مليون طن سنويًا، منها 2.4 مليون طن يُنتج محليًا، معتبرًا أن الطريق أصبح أقرب لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر، خاصة بعد التوسع الأخير في المشروعات الوطنية وهو الأمر الذي يجعل الحفاظ على الصناعة الوطنية ودعمها ضرورة خاصة إذا كان السكر المستورد سيصل بسعر أقل عن إنتاجه محليًا بنحو 30% وهو ما يمثل خطورة كبيرة على الصناعة المحلية.

ووفقًا لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فإن إنتاج العالم من السكر بلف 174 مليون طن خلال موسم 2019-2020، بانخفاض 5 ملايين طن عن الموسم السابق نتيجة تراجع الإنتاج في الهند ثاني أكبر منتج له في العالم بـ 28 مليون طن، بينما تتصدر البرازيل منتجي السكر عالميًا بـ 35 مليون طن، والاتحاد الأوروبي ثالث أكبر المنتجين بـ16 مليون طن سنويًا. 

“قرار وزارة التجارة الخاص بحظر استيراد السكر سيساهم في رفع السعر المحلي وهو أمر لا طاقة للمواطنين على تحمله”.. فرج عامر

زيادة الأسعار

في الوقت الذي استهدفت فيه وزارة التجارة والصناعة، من قرارها الحفاظ على الإنتاج المحلي تعالت أصوات أخرى تؤكد أن القرار سيساهم في رفع الأسعار المحلية.

رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب المهندس فرج عامر، أكد أن قرار وزارة التجارة الخاص بحظر استيراد السكر سيساهم في رفع السعر المحلي وهو أمر لا طاقة للمواطنين على تحمله في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد والمرتبطة بتبعات فيروس كورونا “كوفيد 19″، وتراجع الدخل ونقص السيولة في يد المستهلك.

وأضاف عامر، أن الصناعة المحلية تواجهها عقبات أخرى يجب العمل على إزالتها وتطويرها والابتعاد عن تقويض الاستيراد وتحجيمه لما لذلك من مردود سلبي على المنافسة الآمنة التي تخلق حالة تستوجب تخفيض الأسعار، معتبرًا أن أي إجراء يبعد عن التطوير الحقيقي هو مجرد مسكن للأزمة وليس علاج لها مشددًا على أن مثل هذه القرارات يتبعها ارتفاع في السعر لا مبرر له خاصة اذا كانت الأسعار العالمية تتجه نحو الانخفاض.

“القرار وكل ما هو على شاكلته من تدخل في عملية الاستيراد يساهم بشكل كبير في رفع السعر المحلي لأنه يقضى على فرص الاختيار”.. فتحي الطحاوي

السكر

القضاء على المنافسة

حسن فندي رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية سابقًا، أكد أن القرار جاء لإتاحة الفرصة أمام الشركات لتصريف ما لديها من مخزون، ولكنه يتسبب في زيادة غير حقيقية في الأسعار والأمر لن يكون قاصرًا على السكر وحده بل في العديد من السلع الأخرى نظرًا لاستغلال التجار للأمر وعدم وجود بدائل أمام المواطنين.

وأضاف فندي، أن قرار حظر الاستيراد بشكل عام يقضي على مساحة التنافس ويجعل السوق المحلي رهن المنتجين، معتبرًا أن الأمر يحتاج تدخل ورقابة على الأسواق لمتابعة السعر ومنع الاستغلال.

فتحي الطحاوي عضو شعبة المستوردين، أكد أن القرار وكل ما هو على شاكلته من تدخل في عملية الاستيراد يساهم بشكل كبير في رفع السعر المحلي لأنه يقضى على فرص الاختيار ويدعم بشكل كبير المنتجين المحللين الذين قد يتجه بعضهم نحو الاحتكار والمغالاة في السعر لعدم وجود منافس.