يقترب السودان من الخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد سلسلة إجراءات جعلت هذه الخطوة “مسألة وقت” بحسب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك.
“حمدوك” الذي ذكر في تصريحات لشبكة “سكاي نيوز عربية” الأربعاء، أن بلاده لبّت كافة الشروط المطلوبة لإزالتها من القائمة، أوضح أن حكومته ورثت هذه المشكلة عن نظام البشير.
ولفت “حمدوك” الذي تولى منصبه على رأس الحكومة الانتقالية بعد الإطاحة بـ”البشير” أن السودان “يعمل على هذه القضية بصبر“، مرجحًا الوصول إلى نهاية لهذا الملف الشائك في “وقت غير بعيد”.
عشرات السنين
ويمتد وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لعشرات السنين، حيث اتُخذ القرار عام 1993 ما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد السوداني.
وتُدرج واشنطن الخرطوم ضمن قائمتها للدول الراعية للإرهاب بتهمة التعاون مع جماعات متطرفة، على رأسها “القاعدة” التي عاش مؤسسها وزعيمها السابق أسامة بن لادن في السودان لفترة من الزمن.
عقوبات الإدراج
وتسبب إدراج السودان على القائمة، في توقف تدفق القروض والتسهيلات والمنح الدولية، إضافة إلى خسائر الصادرات، خاصة عدم الحصول على تمويل من جهات الإقراض، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
أما على صعيد حركة الاستيراد فقد عانت العديد من القطاعات في السودان من تراجع كبير وعلى رأسها القطاع الجوي والبحري بسبب نقص قطع الغيار.
وعام 2017، رفعت الولايات المتحدة الحظر الاقتصادي عن السودان، غير أنها أبقت على “حظر التحويلات المالية العالمية”، الذي يقول خبراء إنه من أبرز العقبات التي تحول دون نمو الاقتصاد السوداني.
800 مليار دولار
وتسبب وضع السودان في خسائر تراكمية قدرها خبراء اقتصاديون بأكثر من 800 مليار دولار.
في حين بلغت الخسائر المباشرة خلال الأعوام الماضية الماضية نحو 350 مليار دولار.
وفي مايو الماضي، خلت قائمة الدول غير المتعاونة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب التي أصدرتها الخارجية الأميركية، من اسم السودان لأول مرة، منذ عام 1993.
حينها اعتبر محللون وخبراء القرار خطوة مهمة لإخراج السودان من قائمة الإرهاب بشكل كامل، وتأكيد على إمكانية عودة الخرطوم مرة أخرى إلى الأسرة الدولية، مما سيكون له الأثر البالغ في تحسين الاقتصاد، ونهوض البلاد من كبوتها السياسية والاقتصادية الطويلة.
سبب التحول في الموقف الأمريكي
ويرتبط التحول الأمريكي في هذه القضية، بما أنجزته الحكومة التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019، من تقدم كبير في ملف الإرهاب وتعويضات ضحايا تفجيري السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا في عام 1998.
خطوات الحكومة الجديدة
بحسب تقرير الخارجية الأمريكية السنوي في يونيو الماضي، والذي أشاد للمرة الأولى بما حققته حكومة الثورة في ملف الإرهاب على مدار العام الماضي، فإن الحكومة السودانية نجحت في التنسيق مع واشنطن رغم الاضطرابات التي شهدتها البلاد، كما أسست نظاماً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعالج هذه القضايا بشكل دقيق.
ونجحت الحكومة السودانية في القبض على خلية تابعة لتنظيم داعش وتنظيمات إرهابية أخرى، ينتمي المعتقلون فيها إلى جنسيات مختلفة، من بينهم ستة مصريين وتونسي وستة من تشاد ونيجيريا. وأعلنت السلطات السودانية استعدادها لإعادتهم لبلدانهم.
وشملت استراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب قيام القوات السودانية بدوريات على الحدود السودانية الليبية بالإضافة إلى الحدود السودانية التشادية لمنع تدفق الإرهابيين المشتبه بهم الذين يعبرون المنطقة، ومنع تهريب الأسلحة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
التحول الأكبر في جهود الحكومة السودانية لمكافحة الإرهاب كان عبر إطلاق برامج دمج وتأهيل أسر المقاتلين في التنظيمات الإرهابية ممن عادوا للسودان، حيث أدمجت السلطات أعداداً من النساء والأطفال ممن كانوا مرتبطين بمقاتلين لتنظيم داعش في ليبيا، في برامج إعادة التأهيل السودانية.
كذلك التقدم الكبير لحكومة السودان في ملف ضحايا تفجيري السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا في عام 1998.
ما الذي يعنيه خروج السودان من القائمة؟
سيسمح خروج السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب للبنوك الدولية بإجراء كافة التحويلات المالية مع السودان كما سيتمكن المواطنون والشركات الأمريكية من إجراء تحويلات مالية مع نظرائهم في السودان وسيتم رفع الحظر المفروض على الممتلكات والمصالح بموجب العقوبات.
كذلك السماح بكافة التحويلات المالية المتعلقة بالصناعات النفطية أو البتروكيماوية في السودان والمحظورة مسبقا، بما فيها خدمات الحقول النفطية، وخطوط النفط والغاز.
ولن يكون ممنوعا على المواطنين الأمريكيين تسهيل التحويلات المالية بين السودان ودول ثالثة، إلى الحد الذي كان محظورًا من قبل.
واندلعت الاحتجاجات ضد البشير في ديسمبر 2018 بسبب زيادة أسعار الخبز، واتسعت رقعتها حتى عزله في 11 أبريل الماضي.
ويتولى السلطة في السودان حالياً مجلس سيادة من مدنيين وعسكريين لفترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات تنقل السلطة إلى المدنيين بالكامل.