تستعد للخروج لعملها في الثامنة صباحًا، وتنظر لحقيبتها التي وضعت بها أسلحتها لمواجهة التحرش، وهي “دبوس وبخاخ الشطة”، لكنها تتذكر ما تصفحته ليلة أمس عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن جريمة اغتصاب لم تستطع الضحية خلالها الدفاع عن نفسها، فتمسك بهاتفها المحمول، وتبدأ البحث عن أماكن لتعليم الفتيات رياضات الدفاع عن النفس.

وقائع تحرش يومية

زهرة أحمد، تبلغ من العمر 32 عامًا، تقول: “بشتغل في شركة في مدينة نصر وبيتي في شبرا، ويوميًا في المواصلات لازم اتعرض لأكتر من محاولة تحرش يا كلام يا لمس، لحد ما قررت إن يكون في شنطتي حاجات تحميني منها دبوس أغرسه في إيد أي حد يحاول يلسمني وبخاخ الشطة اللي طريقته موجودة على النت، بس مع شهادات وحوادث الاغتصاب اللي بقت تظهر كل يوم بقيت حاسة إن الحاجات دي مش هتنفعني، ولو لقدر الله اتعرضت لموقف مشابه مش هعرف أدافع عن نفسي”.

رياضات الدفاع عن النفس، يراها الكثيرون لا تليق بالفتيات لأنها عنيفة أو رياضات قتالية، وتناسب الرجل فقط

وجدت “زهرة”، أكثر من مكان لتعليم الفتيات رياضات الدفاع عن النفس، وقررت الذهاب لأحد الأماكن لتتعلم كيف تدافع عن نفسها؟: “ده كان مهم بالنسبة ليّ علشان كمان برجع من الشغل بليل متأخر، فكان مهمًا أعرف إزاي أدافع عن نفسي، وإزاي أعرف مناطق الضعف في اللي قدامي وأحمي نفسي”.

الرياضات القتالية والأنوثة

أخبرت “زهرة”، والدتها في ما نوته، لكنّ الأم أخذت الأمر على محمل السخرية: “ماما فضلت تقول ليّ البنت يعني أنوثة وحركات رقيقة مش تروح تتعلم إزاي تضرب الناس بس ده، لأنها مش بتخرج كتير ومش بتتعرض للي أنا، واللي زيي بنتعرض له يوميا من مضايقات في الشارع”.

معرفة نقاط الضعف في جسد الشخص أمامك، ومحاولة الدفاع عن النفس عند الهجوم، أمر لا يتم دون تدريبات محددة، ومعتمدة من قبل أماكن عالمية، كما قال صلاح حامد، مدرب الفنون القتالية، إنه يقوم بالتدريب مدربين معتمدين من جهات عالمية وأمنية أيضًا للحفاظ على الفتيات أثناء التدريب، مشيرًا إلى أن تلك الأنواع من الرياضات تساعد الفتيات في الدفاع عن أنفسهن خاصة في الوقت الحالي التي تكثر فيه حوادث التحرش والاغتصاب.

“يجب أن تكوني قوية ويصعب السيطرة عليكي”، القاعدة الأولى عند تعلم الفتيات رياضات الدفاع عن النفس

وأضاف “حامد”، أنه في مصر لا توجد جهات مسؤولة عن أنشطه المرأه تعتمد برامج محددة لتدريب الفتيات على الرياضات القتالية ورياضات الدفاع عن النفس، وهو أمر هام في الفترة الحالية، ويجب وضعه في عين الاعتبار، لمساعدة الفتيات على معرفة طرق وأساليب الدفاع عن النفس.

وتابع “حامد”، أن كورس رياضات الدفاع عن النفس للفتيات، مدته من 30 لـ40 ساعة، ويكون التدريب معتمد من جهات دولية، كما أنه يمكن البدء بتعليم الفتيات الصغيرة رياضات الدفاع عن النفس من سن 10 سنوات، حتى تتعلم الفتيات طرق الدفاع عن النفس، مشيرًا إلى أنه قبل هذا السن صعب على الفتيات الاستيعاب، أو تلقي التدريبات.

كسر حاجز الخوف

كسر الخوف هو ما أكده المدرب في حديثه، وهو ما سعت إليه أيضًا حنين محمد، البالغة من العمر 28 عامًا، والتي قررت التعلم مع صديقاتها رياضات الدفاع عن النفس، لكسر حاجز الخوف: “إحنا كبنات بنبقى ماشين طول الوقت خايفين إن حد يقرب مننا ومنعرفش نتصرف معاه، وكمان إنه بيتقال عننا دايمًا إننا ضعاف والراجل أقوى مننا، فكان لازم أنا وصحباتي نكسر الخوف ده، ونتعلم حركات تطلع قوتنا وتضعف اللي قدامنا لو قرر يأذينا”.

رياضات الدفاع عن النفس، يراها الكثيرون لا تليق بالفتيات لأنها عنيفة أو رياضات قتالية، وتناسب الرجل فقط، وهنا ترى “حنين”، أنه نوع من التمييز ضد المرأة: “الست دايمًا بتتحط في خانة كده إنها متعرفش تضرب اللي قدامها لو راجل وإن مش من حقها تضربه لو اعتدى عليها، أو إنه هتفقد أنوثتها لو اتعلمت الرياضات دي، وده اللي بيخلي الشباب والولاد يتحرشوا بينا، علشان متأكدين إننا ضعاف ومش هناخد حقنا، علشان كده قررت أنا وصحباتي نتعلم سوا، ونمشي في الشارع وإحنا مش خايفين”.

التعرض للتحرش في الشارع المصري، موقف يتكرر يوميًا مع كلا من “حنين”، و”زهرة”، وهما ما دفعهما لتعلم رياضات الدفاع عن النفس، والتي تتيح التعرف على نقاط ضعف الرجل، والإيقاع به، عند تعرضهن للخطر، وتأتي تلك الحركات بعد تدربهن عليها، واكتسابهن الشجاعة كما أكدن، أن تلك الدورات تمنحهن الشجاعة والثقة بالنفس عند مواجهة الخطر، والتصدي له.

من القواعد التي تدرس للفتيات بكورسات الدفاع عن النفس أيضًا، أن عليهن استهداف الأماكن الأكثر ضعفًا في الرجل

شهادات التحرش والاغتصاب التي تد تداولها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من فتيات عدة، دفعت العديد من الفتيات للتوجه لمراكز تعليم رياضات الدفاع عن النفس مؤخرًا، كما دفعت أمهات أيضا في البحث عن أماكن لتعليم الفتيات الصغيرة كيفية الدفاع عن النفس، والتي تحتلف عن التدريب للعب البطولات الرياضية، فهي تعتمد على تعليم الفتيات حركات للدفاع عن النفس.

طرق الدفاع عن النفس

رياضات الدفاع عن النفس كما قال “حامد” كثيرة للفتيات، ومنها الكاراتية، فهي واحدة من أشهر الرياضات القتالية وأكثرها فاعلية، وتركز في حركاتها الدفاعية أو الهجومية على تسديد ضربات قوية في وضعية الوقوف، باستخدام الركل واللكم أو اليد المفتوحة، بجانب رياضة “المواي تاي”، والتي تستخدم بها قبضة اليد لتسديد الضربات المباشرة والسريعة، مما تعد رياضة الكونغ فو واحدة من الرياضات القتالية المهمة، وتعتمد على تسديد ضربات مختلفة ركلاً وبقبضة اليد سواء كانت بشكل قبضة أو مفتوحة، بشكل سريع ومتلاحق للدفاع عن النفس، مؤكدًا أن الملاكمة واحدة من أقدم الرياضات القتالية التي تسخدم فيها اللكمات للدفاع عن النفس، وبجانب الدفاع عن النفس، ومحاربة التحرش والاغتصاب، يرى “حامد”، أن ممارسة الرياضة حتى لو كانت رياضات قتالية أو دفاع عن النفس، تمنح السيدات والفتيات جسد ممشوق، وصحة جيدة أيضًا.

التعرض للتحرش في الشارع المصري، موقف يتكرر يوميًا مع كلا من “حنين”، و”زهرة”، وهما ما دفعهما لتعلم رياضات الدفاع عن النفس

“يجب أن تكوني قوية ويصعب السيطرة عليكي”، القاعدة الأولى عند تعلم الفتيات رياضات الدفاع عن النفس، مع عدة نصائح يقدمها المدرب للفتيات عند بدء التمارين، ومنها  أنه إذا اضطرت الفتاة للمشي وحيدة يُفضل أن تمشي في منتصف الطريق وليس على الجانب، وعند التعرض لهجوم من الخلف فهو بذلك يجهز للأنثى فخ العناق والقبض من الخلف حيث يقوم بلف اليدين حول جسدها، وللتخلص من هذه القبضة يمكن التملص والانزلاق نحو الأسفل، أي إسقاط الوزن وخفض المقعدة، وذلك عن طريق ثني الركبتين ثم النزول إلى أسفل حتى يصعب التحرك.

ومن القواعد التي تدرس للفتيات بكورسات الدفاع عن النفس أيضًا، أن عليهن استهداف الأماكن الأكثر ضعفًا في الرجل، مثل: الساقين والمعدة، والبعد عن الصدر والذراعين، فهما منطقتين أقوى من البطن والساقين، ويجب تحضير يد الفتاة للكم مباشرة عند التعرض لخطر أو هجوم، ويجب أن تكون أطراف أصابع الأنثى في المواجهة للحاجبين أو في مواجهة الأذنين، مع التأكد من الحفاظ على الذقن لأسفل، حتى لا تتعرض لأي ضربة في الفك أو الذقن.