القراءة غذاء الروح، هكذا يؤمن “هيثم السيد”، الشاب المصري، والذي يعمل مدرسًا للغة الإنجليزية، ويبدو أن إتقانه للغة جعله محبًا للقراءة بشدة، ومحبًا لتوريث تلك الهواية النافعة للأطفال، فأسس “عربية الحواديت”، وهي مشروع متنقل، يسافر من خلاله “هيثم”، للقرى والنجوع المصرية، لحكي القصص لأطفالها.
“عربية الحواديت”، بدأت منذ ما يقرب من 4 سنوات، بدأ خلالها الشاب المصري بجمع القصص والكتب من المتبرعين ثم توزيعها على الأطفال، بالتعاون مع عدد من الشباب المُحب لتلك الهواية، والمؤمن بأهمية القراءة، وأهمية حب الأطفال لها والاهتمام بها.
القراءة علاج
يختار “هيثم” القرى الفقيرة، ويبدو الأمر غريبًا في بدايته، فالقرى الفقيرة تهتم بتوفير الاحتياجات المادية كأولوية، ولكن يرى “هيثم”، أن القراءة علاج لكافة المشاكل، فالمثقف قادر على حل وتجاوز مشاكله أكثر من غيره، وغرس الأمر في الصغر يجعله عادة في الكبر، لذا وجه مشروعه للأطفال.
حُب القراءة زُرع في المدرس المصري منذ الصغر، حيث نشأ في بلدة ريفية بمحافظة الشرقية، وكان والده مدرسًا يشجعه منذ الصغر على القراءة، وأيضًا والدته كانت تحكي له حكايات ما قبل النوم باستمرار، فشب مُحبًا للقراءة، والحكايات والروايات.
كبر الشاب المصري، وعمل بنفس مهنة والده، وأصبح مدرسًا للغة الإنجليزية، وبفضل اطلاعه على عالم “الحواديت”، كان بإمكانه السيطرة على التلاميذ، خاصة في المراحل العمرية التي يصعب على بعض المدرسين التعامل خلالها مع الأطفال، فكان مدرسًا وصديقًا للتلاميذ، يقص عليهم الحكايات بجانب دروس العلم، فكانوا يستمعون له بشغف وإنصات.
عربية الحواديت
فكر “هيثم”، في “عربية الحواديت”، وكلفه الأمر كثيرًا، ما بين جهد مادي وآخر بدني، فكان ينفق أمواله في شراء الكتب لأن التبرعات من الكتب لا تكفي، بجانب النفقات المادية للسفر، والجهد البدني أيضًا، لكنه كان مؤمنًا بأن الأطفال سيغيرون العالم عند الكبر، واختار القرى الفقيرة لتثقيف أطفالها، لأنهم دائمًا بعيدون عن العيون والأضواء، لا يعلمون شيئًا عن العالم، ولا العالم يعرف عنهم شيئًا، في البداية كان الأطفال يقابلونه باستغراب وحيرة، ثم يزول الانطباع الأول ليتحول لعلاقة صداقة، ووعد بلقاء آخر.
أصبح لـ”هيثم”، فريق عمل متكامل، يجوبون معه القرى والنجوع، ويقصون الحكايات على الأطفال، حتى بات له أصدقاء يساعدونه من خارج مصر، ويأتون للمشاركة في المشروع، وزع “هيثم”، وفريقة آلاف الكتب على الأطفال، ونظم آلاف من ورش الحكي أيضًا، بجانب ورش للتلوين وجلسات قراءة، وتجول في ما يقرب من 11 محافظة مصرية.
دعم المبادرة
حصلت مبادرة الشاب المصري، على جائزة وزارة الثقافة من معرض القاهرة الدولي للكتاب كأحسن مبادرة خلال عام 2018، ووصلت المبادرة لخارج مصر، ففي بدايتها تبرع أحد المصريين المقيمين في ألمانيا بمجموعة من الكتب، لقصها على الأطفال، وشحن الكتب من ألمانيا لمصر، كما تخصص عددًا من دور النشر، تخفيضات تصل إلى 80% للراغبين في التبرع لـ”عربية الحواديت”، كنوع من الدعم للمبادرة.
صداقة قوية، جمعت بين “هيثم”، والأطفال، ففي كل نجع أو قرية يذهب إليها “هيثم”، وفريقة من أعضاء المبادرة، تنشأ بينهم وبين الأطفال علاقة قوية، ويودعونهم بابتسامة، ليقول “هيثم”، إن تلك الابتسامة هي كنزه ونجاحه الحقيقي، كما أنه أصبح صديقًا لآباء الأطفال أيضًا، يتصلون به يخبرونه أن أطفالهم ينتظرونه لقراءة “حواديت”، جديدة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كرم “هيثم سيد” صاحب مبادرة “عربية الحواديت”، في مؤتمر الشباب، فكان هذا التكريم دافعًا له للاستمرار في مشواره التنويري، وقص الحكايات على الأطفال.