أصدر وزير التربية والتعليم العالي اللبناني، طارق المجذوب، قرارًا جديدًا مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد في البلاد، من شأنه أن يحرم أطفالا “أجانب” كثيرين لأمهات لبنانيات وآباء أجانب، من المدرسة.
وزير التربية والتعليم العالي اللبناني أعلن عن بدء العام الدراسي 2020 – 2021 خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر الجاري، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي، واعتمد مسؤولي العملية التعليمية على التعليم المدمج الذي يجمع بين الحضور والتعلم عن بعد.
وقالت الوزارة خلال بيان لها أنه سيتم تقييم الوضع الصحي في المدارس عقب مرور ثلاثة أسابيع وفي حال ساء الحال فسيكون اتجاه الدولة للتعلم عن بعد دون التواجد في المدارس حفاظًا على صحة الطلبة.
تتيح الحكومة اللبنانية التعليم الابتدائي وتعتبره إلزامي ومجاني للبنانيين، لكن هناك الآلاف من الأطفال الذين يتنمون لأمهات لبنانية وآباء غير لبنانيين، وذلك وفقًا لقانون الجنسية لعام 1925 الذي اعتبرته بعض المنظمات والتقارير الحقوقية “تمييزي”.
يمنح القانون الجنسية للأطفال من آباء لبنانيين فقط، أما الأطفال المنتمين لأمهات لبنانيات وآباء أجانب عليهم انتظار تسجيل جميع الأطفال اللبنانيين في المدارس الرسمية عقب انتهاء الطلبة اللبنانيين، وهنا يأتي دورهم.
تنص المادة 13 من قانون العهد الدولي على حق الفرد في التعليم، وبضرورة أن یسهم التعليم في التنمية الكاملة للشخصية الإنسانية، وجعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجانا للجميع دون تمييز.
بالإضافة إلى تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجيا بمجانية التعليم.
ولطالما كانت قضية تمتع أبناء اللبنانيات من أزواج أجانب بجنسية أمهاتهم من أهم قضايا حقوق المرأة في لبنان محط الكثير من الجدل والخلافات.
الأمهات اللبنانيات ومؤسسات المجتمع المدني واصلوا العمل من أجل المصادقة على قانون ينصف الأمهات اللبنانيات ولا يحرمهن من الحق في إسناد الجنسية اللبنانية لأولادهن.
رغم أن قانون الجنسية يقيد الحقوق الأساسية لآلاف الأطفال من آباء غير لبنانيين، إلا أنه ينقل الجنسية للأطفال من أباء لبنانيين، وكذا الحق في العناية الصحية بكلفة معقولة والعمل والتملك.
في أغسطس من كل عام، وزير التربية يحدد الشروط الخاصة بالتسجيل للطلاب للعام الدراسي الجديد، وتكون أول القواعد انتظار الأطفال الأجانب لحين الانتهاء من تسجيل اللبنانيين.
حبر على ورق
لم تكن تلك المرة الأولى التي يتخذ فيها وزير التعليم قرارًا بوضع طلبة المدارس الأجانب وهم من ينتمون لأباء غير لبنانيين على قائمة الانتظار.
نص القرار
ففي الأعوام الماضية استطاعت حملة “جنسيتي حق لي ولأسرتي” من إقناع وزراء التربية بإصدار تعميمات لمديري المدارس تنص على تسجيل أطفال الأمهات اللبنانيات على أسس مساوية لأطفال الآباء اللبنانيين.
صدر قرار منذ عدة أيام من قبل وزير التربية الربية والتعليم العالي استجابة لمطالب الأمهات لتسجيل أطفالهن في المدارس اللبنانية تحت رقم ١١/٧٦٥٦ وورد نص الحملة في نص القرار حيث تضمن الآتي:
“يطلب من جميع المسؤولين عن المدارس والثانويات والمعاهد، الرسمية والخاصة، ايلاء عملية تسجيل التلامذة من أم لبنانية متزوجة من أجنبي الاهتمام اللازم ومعاملتهم كالتلامذة اللبنانيين، وتوفير المقاعد الدراسية لهم”.
دارين مازح، لبنانية تعيش في بيروت، وتزوجت من شاب سوري، تقول إن شقيقتها أيضًا تزوجت من شاب لا يحمل الجنسية اللبنانية، وذهب مع أولاد شقيقتها، عندما أرادت تسجليهم بالمدرسة الابتدائية، واضطروا أن ينتظروا لوقت طويل حتى تم إعلانهم بأنه غير مسموح لهم بتسجيل الطفل لحين الانتهاء من تسجيل اللبنانيين، وشعروا بالغربة في وطنهم.
ألفت شعبان، من قرية تعلبايا التابعة لمحافظة البقاع، تقول بإن القرار صدر متأخرًا، وأنها كلما حاولت تسجيل ابنها في مدرسة ابتدائية تجد أن الأعداد قد اكتملت، معتبرة إياه حبر على ورق لإرضاء الأهالي فقط.
واتفقت “آية” من محافظة صيدا مع ألفت، وأكدت أن القرار صدر منذ بضعة أيام فقط، ولا قيمة له، نظرًا لأن أغلب المدارس قد اكتملت من حيث أعداد الطلبة، ما يضطر الأهالي لتسجيل الأولاد في مدارس بعيدة عن المنزل، ويتحملون نفقة المواصلات كاملة.
قانون الجنسية يتعارض مع الدستور اللبناني
فادي عكوم، باحث في الشأن اللبناني، يقول إن قانون الجنسية اللبناني، بتعارض مع نص الدستور من ناحية، ومع النصوص الدولية الموقع عليها من جهة أخرى، حيث تشير المادة الـسابعة من الدستور لمبدأ “عدم التمييز بين المواطنين واللبنانيين”، كما يعزز الدستور مبدأ المساواة بين النساء والرجال.
“عكوم”، أضاف أن لبنان وقع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تم اعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في عام 1996، فيما عدا البند الثاني من المادة التاسعة الخاصة بمنح المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
الباحث في الشأن اللبناني، أشار إلى أن قانون الجنسية اللبناني يفضل الأجنبية إذا تزوجت بلبناني، عن المرأة اللبنانية، وكذا في عدم المساواة بين المرأة اللبنانية والرجل اللبناني في حق انتقال الجنسية اللبنانية لهم.
خطوات حل
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تقدمت بمشروع قانون يتيح للأم اللبنانية نقل جنسيتها لأولادها مطالبين المصادقة عليه، بغرض تمكين اللبنانيات المتزوجات من أجانب من منح الجنسية اللبنانية لأبنائهن وتمتيعهم بحقوقهم.
كلودين عون، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، قالت في بيان لها إن مشروع القانون يحترم مبدأ المساواة كما يحفظ للقاصرين الحق في نيل الجنسية اللبنانية بشكل مباشر.
“عون”، أضافت أن ذلك يمكن القاصرين من الاستفادة من الحقوق المدنية والاقتصادية، واعتبار نقل الجنسية حق طبيعي للمرأة الطبيعي انطلاقا من مبدأ المساواة.