فرضت السلطات الإيرانية، حراسة مشددة حول مرشدها الأعلى، علي خامنئي، الذي تجاوز الـ80 ربعيًا خوفًا من إصابته بفيروس كورونا، خاصة أنه مصاب بسرطان البروستاتا منذ عام 2014، مما أجبره على إجراء جراحة علاجية لاستئصال الورم الخبيث وسط مخاوف كبرى من وفاته في ظل الاضطرابات الداخلية والخارجية التي تعيشها إيران.
“علاج الكهول يكون أصعب من الشباب إذا ما أصيبوا بالفيروس المستجد”.. إليزابيث إيكستروم
كورونا والشيخوخة
بحسب التقارير الصحفية التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية ونشرتها مجلة “CDC Times”، فإن نسبة الوفيات للمصابين بفيروس كورونا الذين تجاوز عمرهم الـ70 عامًا تصل إلى 8%، خاصة إذا كانوا مصابين بأمراض السكر والضغط والأورام.
رئيس قسم أمراض الشيخوخة في جامعة أوريجون للصحة والعلوم، إليزابيث إيكستروم، تشرح ذلك قائلة: “علاج الكهول يكون أصعب من الشباب إذا ما أصيبوا بالفيروس المستجد بسبب ضعف أجسادهم ومناعتهم ولهذا يجب الاعتناء بهم بطرق خاصة وتقليل فرص التقارب بين تلك الفئة والفئات المحتمل إصابتها بكوفيد 19”.
وكالة “تسنيم”، كشفت عن إصابة مستشار المرشد للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي وتعافيه
إصابات رسمية
الفيروس المستجد، لم يسلم منه أحد، مساعدين ومستشارين ونواب ووزراء وحتى عائلة خامئني، إذ أصيبت زوجة أبن المرشد وشقيقها فريد حداد، بفيروس كورونا.
ونهاية يوليو الماضي، أصيب للمرة الثانية مستشار المرشد الإيراني الأعلى على لاريجاني بالفيروس، بعدما كانت إصابته الأولى أبريل الماضي حسبما نقلت وكالة “إسنا” الفارسية.
وكالة “تسنيم”، كشفت عن إصابة مستشار المرشد للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، وتعافيه، كما أصيبت نائبة الرئيس الإيراني معصومة ابتكار أدخلت لإحدى مستشفيات طهران مشتبه بإصابتها بـ “كورونا” بعدما التقت سفير إيران السابق في الفاتيكان آية الله هادي خسروشي، وعدد من نواب مجلس الشورى المصابين بالإضافة لوزير الصحة إراج حريرشي، وأصيب النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهان جيري بالفيروس أيضًا، ما أجبر الرئيس حسن روحاني على الإعلان عن العدد الحقيقي للمصابين والذي قدره بنحو 25 مليون شخص وأن كوفيد 19 تمكن من كافة أقاليم الجمهورية الإسلامية.
كما أعلنت السلطات، منذ أيام، إصابة رئيس هيئة العقارات المملوكة لخامنئي “محمد مخبر”، والمسؤول عن مصادرة عقارات المعارضين لصالح مكتب “المرشد” حسبما ذكرت وكالة أنباء “إيلنا الإيرانية”.
صحف خليجية على رأسها “الجريدة” الكويتية، قالت إن ديوان المرشد نصحه بعدم مقابلة أي مسؤولين أو حتى مقربين وإبقاءه في الحجر الصحي وإلغاء خطبه السنوية
تعليمات مشددة
التوجيهات الطبية المشددة بضرورة الحفاظ على كبار السن جعلت السلطات الإيرانية والحرس الثوري متشددًا لأقصى مرحلة في التعامل مع المرشد وتقليل عدد المتعاملين معه، وفرضت طوقًا أمنيًا واسعًا طال عائلة المرشد، بدأت هذه الإجراءات بقرار إدارة مقر إقامة المرشد إجراءات تحاليل PCR للكشف على المصورين والصحفيين المحتمل مقابلتهم للمرشد، وكذلك المسؤولين مع منع المصافحات وإجباراهم على ارتداء كمامات وقفازات لليد مع التعقيم المستمر.
ونهاية أغسطس الماضي، أحيا “خامنئي” ليالي عاشور منفردًا بحضور منشد ومقرأ قرآن وحيد في حسينية الإمام الخميني بطهران دون أي حشود أو جموع رسمية أو شعبية، الخطيب صعد إلى المنبر وعلى مسافة تكاد تصل إلى 10 أمتار، وانزوى المرشد بعيدًا مستمع للخطبة ومرتديًا كمامته دون قفزات.
صحف خليجية على رأسها “الجريدة” الكويتية، قالت إن ديوان المرشد نصحه بعدم مقابلة أي مسؤولين أو حتى مقربين وإبقاءه في الحجر الصحي وإلغاء خطبه السنوية وتأجيل كافة اجتماعه حتى استقرار الأوضاع أو استبدالها بالتواصل عن بعد، وعزز من تشديد تلك الإجراءات إصابة حفيد خامنئي بالفيروس.
ونهاية أغسطس الماضي، اجتمعت الحكومة الإيرانية عبر “الفيديو كونفرانس” كما أعلن منذ بداية انتشار فيروس كوفيد19، مع الرئيس الإيراني “حسن روحاني” والمرشد الأعلى للثورة، لمناقشة بعض المشاكل الاقتصادية، معلنين إن فيروس كورونا قلل نسبة العاطلين عن العمل بنسبة 1%، وأن البلاد لم تتأثر اقتصاديا بالجائحة التي غزت العالم.
اغتيال محتمل
اهتمت الحكومة الإيرانية، من قبل عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمعارضة الفارسية بتصفية عدد من السياسيين السجناء مستخدمين فيروس كورونا سلاحًا خافيًا، بعدما أعلنت الحكومة إطلاق سراح نحو 54 مسجونًا من دون السياسيين لتقليل نسب الإصابات بالفيروس داخل السجون، حسبما أعلن رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي.
المتحدث الرسمي باسم القضاء الإيراني، غلام حسين إسماعيلي، شدد على عدم الإفراج عن السجناء السياسيون بحجة أن قضاياهم تمس الأمن القومي، وأن الأحكام الصادرة بحقهم تتعدى الخمس سنوات.
أما منظمة الصحة العالمية، فطلبت من جانبها طهران زيارة سجن “إيفين” عقب تفشي الفيروس فيه، إلا أن السلطات القضائية رفضت ذلك المطلب، حسبما نقل قناة المعارضة الإيرانية “إيران إنترناشونال”.
عمد الحكومة الإيرانية، إلى تصفية بعض السياسيين في السجون باستخدام الفيروس، خلق هاجسًا قويًا باحتمالية اغتيال المرشد أو الرئيس بالطريقة ذاته فعمدت السلطات تأمينهما بأكبر صورة ممكنة عبر منع اللقاءات المباشرة لحد كبير والحفاظ على التباعد الاجتماعي في الاجتماعات الضرورية المباشرة.
شدد “خامنئي”، على أن المسؤولون الإيرانيين اتخذوا كافة الخطوات والإجراءات السليمة لمكافحة الفيروس، متهمًا الولايات المتحدة الأمريكية بالكذب
موقف المرشد
رغم إلغاء “المرشد” خطبته السنوية احتفالا بعيد النيروز الذي يلقيها كل عام، بسبب تفشي فيروس كورونا ووجود الحراسة المشددة على خامنئي، وإصابة عدد كبير من عائلته، ووفاة أخرين من أقاربه، وعشرات الآلاف من شعبه، إلا أنه أعلن عبر القنوات الرسمية للدولة أن إيران قادرة على مواجهة هذا الوباء، وأن لديها الإمكانية التي تسمح بالقضاء علية، وأنه لن يهزم الشعب الإيراني.
وشدد “خامنئي”، على أن المسؤولون الإيرانيين اتخذوا كافة الخطوات والإجراءات السليمة لمكافحة الفيروس، متهمًا الولايات المتحدة الأمريكية بالكذب، بعدما عرضت مساعدة طهران مرارًا وتكرارًا، في الوقت الذي صنعت فيه الفيروس وأوجدته، وفشلت حتى الآن في مقاومة الفيروس، متسائًلا كيف تساعدنا وهي غير قادرة على مساعدة نفسها.
حرص “روحاني” على الالتزام بالإجراءات الاحترازية أثناء لقاءاته، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا صورة حملت عنوان “روحاني خط أحمر”
الموجه الثانية
عقب إعلان الرئيس الإيراني “حسن روحاني” الأرقام الحقيقية للمصابين بالفيروس وعدد الوفيات الفعلي، ومع عودة الموجة الثانية منه والارتفاع الشديد في عدد المصابين، سرعان ما أبدي خامنئي قلقه، مطالبًا الشعب الإيراني بالالتزام بكافة الإجراءات الوقائية حرصًا على سلامتهم، واصفًا الوضع العام الذي تمر به البلاد بالمذري للغاية، وطالب كافة الأجهزة والفرق الخدمية بأن يوادوا أدورهم علي أكمل وجهه لتعبر البلاد إلى شط النجاة، منتقدًا بعض عناصر القطاعات الخدمية للدولة لعدم ارتدائهم الكمامات أثناء العمل.
وفي المقابل حرص “روحاني” على الالتزام بالإجراءات الاحترازية أثناء لقاءاته، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا صورة حملت عنوان “روحاني خط أحمر”، يتضح فيها التزامه بالتباعد الاجتماعي، ولم يسمح بالاقتراب منه أكثر من مترين.