على مدار 5 أعوام، أقر مجلس النواب عددًا كبيرًا من مشاريع القوانين، هي الأعلى والأصعب في تاريخ المصريين، والتي واجهت انتقادات ورفض، خصوصًا الاقتصادية والأمنية منها، بدعوى تحقيق حلم الرئيس عبد الفتاح السيسي في بناء دولته التي يرأها، ويعد بها في كل خطاباته ولقاءاته، مرة بالترغيب وأخرى بالترهيب، بعيدًا عن أصوات المواطنين التي امتلأت “مرارة” من قسوة القوانين وإجراءاتها التنفيذية، مع وعود بأن المستقبل سيبرئ ساحتهم من كل الاتهامات التي طالتهم.

مئات القوانين

المجلس الحالي على مدار 5 أدوار تشريعية، أقر نحو 887 مشروع قانون، بحثًا عن استقرار ترجوه السلطة الحاكمة والمتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإصلاح اقتصادي أطلق من خلاله العنان لزيادات كبيرة في كل المنتجات والخدمات المقدمة للمواطن، ورفع الدعم عن كاهل الدولة المتألمة من سوء أوضاع مواطنيها الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن قوانين لإقرار أنظمة تعليمية، وصحية، وخدمية، وأمنية، لم يلمس نجاحها سوى في نشرات الأخبار، كل هذا وكثير على نفس المنوال تقريبًا.

 “المجلس الحالي، كان من أخطر المجالس التي أتت في تاريخ مصر، كونها أتى بعد مرحلة صعبة جدًا، ودستور جديد”.. النائب خالد عبد العزيز

المجلس الذي بلغ عدد أيامه في حياة المصريين حوالي 1735 يومًا، ويقر كل أقل من يومين مشروع جديد، لم يمر بهم ساعة إلا وهناك من يصب جام غضبه على تشريعاته، خصوصًا الاقتصادية منها، والحقوقية أيضًا، أقر في دوره التشريعي الأول والذي لم يتجاوز 8 أشهر 82 قانونًا، بنحو 1226 مادة، كانت أغلب كلمات أعضائه إلى كوميكس يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع إذاعة جلساته على الهواء، قبل أن يتم منعها لاحقًا، بدعوى أنهم بحاجة إلى التعلم لكون أغلبهم جديدًا تحت القبة.

وفي دور الانعقاد الثاني، كان المجلس على موعد مع رقم جديد، من التشريعات التي تخدم خطة الإصلاح الاقتصادي التي أقرتها الحكومة، وأعلن البنك المركزي على غرارها تعويم سعر الجنيه مقابل الدولار، من أجل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، وسط تطمينات وتأكيدات بأنها تخدم المستقبل، وتصحح ما أفسده نظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ليقر المجلس نحو 219 مشروع قانون بنحو 2354 مادة.

المجلس الذي حصل حزب “المصريين الأحرار” على أغلبيته في البداية قبل أن تتحول دفته إلى حزب “مستقبل وطن”، والذي أطلق على نفسه لاحقا “حزب الرئيس”، رغم أن الرئيس السيسي أقر أنه لم ولن ينتمي إلى حزب، ولن يعيد تجربة الحزب الوطني المنحل، والذي أطاح بمبارك من الحكم، انخفض عدد تشريعاته في الفصل التشريعي الثالث إلى 197 مشروع قانون بنحو 2757 مادة.

لجنة التشريعات
لجنة التشريعات

ومع حلول الانتخابات الرئاسية الجديدة، ووصول الإجراءات الاقتصادية إلى ذروتها، استكمل المجلس دوره في مساندة الرئيس والحكومة في قراراتهم الجديدة، فأقر التعديلات الرئاسية التي تمنح الرئيس فرصة إضافية، لبناء مصر التي يحلم بها، فضلاً عن إقرار مزيد من الرسوم التي تساند موازنة، لتصل تشريعاته في دور الانعقاد الرابع إلى 156 مشروع قانون بنحو 1701 مادة.

دور الانعقاد الأول بلغ عدد طلبات الإحاطة في 289 ساعة انعقاد، حوالي 324 طلب إحاطة و265 بيانًا عاجلاً

وكعادة المصريين، أن لا ينهون فروضهم المقررة عليهم سوى في اللحظات الأخيرة، والتي لا تمكنهم من أدائها بالكامل كثيرًا، حافظ المجلس على عادته، ليقر في فصله التشريعي الخامس 233 مشروع قانون بنحو 249 مادة، لكنه نسي أو تناسى بعض التشريعات الضرورية بالنسبة للمصريين، مثل: قوانين: “الإدارة المحلية، والإجراءات الجنائية والأحوال الشخصية والعمل”، وغيرهم.

الدور الرقابي

وخلال الخمس سنوات، حاول المجلس أداء دوري رقابي على الحكومة في الحدود الممكنة له، ليسجل خلال دورات انعقاده الخمس 12 ألفًا و298 أداة رقابية تنوعت بين طلب الإحاطة والبيان العاجل والأسئلة، نصفها تقريبًا كان في دور الانعقاد الأخير، والذي شهد أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، بحوالي 5 آلاف و600 أداة برلمانية.

وفي دور الانعقاد الأول بلغ عدد طلبات الإحاطة في 289 ساعة انعقاد، حوالي 324 طلب إحاطة و265 بيانًا عاجلاً، وسجل دور الانعقاد الثاني 227 ساعة، شهدت 498 طلب إحاطة ومناقشة 464 بيانًا عاجلاً، وبعدد أقل سجل دور الانعقاد الثالث مناقشة 385 طلب إحاطة و303 بيانًا عاجلاً في 264 ساعة، وفي الدور الرابع، نظر المجلس 388 طلب إحاطة و347 بيانًا عاجلاً في 222 ساعة.

“مجلس النواب واجه ملفات صعبة، كونه أتى في ظرف استثنائي في تاريخ مصر، ومدفوع برغبة شعبية عارمة تمثل ثورة 30 يونيو”.. اللواء تامر الشهاوي

وخلال عمر البرلمان، لم يتم مناقشة سوى استجواب وحيد، في دور الانعقاد الأخير، كان موجهًا إلى وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، والذي استمرت مناقشته أكثر من 9 ساعات متواصلة، إلا أنه لم يكتمل بينما لم يناقش أي استجوابات رغم تقديم 19 استجوابًا كان أبرزها 6 استجوابات لوزير التموين الأسبق خالد حنفي.

البرلمان مظلوم

النائب خالد عبد العزيز، قال إن المجلس الحالي، كان من أخطر المجالس التي أتت في تاريخ مصر، كونها أتى بعد مرحلة صعبة جدًا، ودستور جديد، ما جعله يجرى تعديلات على كافة القوانين التي كانت موجودة تقريبًا، لتحسين البيئة التشريعية، فضلاً عن المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر، مشيرًا إلى أن البرلمان “ظلم”، بسبب الأوضاع التي جاء بها من تدهور اقتصادي وتفشي الإرهاب.

خالد عبدالعزيز
خالد عبدالعزيز

وأضاف في تصريحات لـ”مصر 360″: “رغم أني كنت في الجانب المعارض، واعترضنا كل كثير من القوانين، لكننا جميعًا نعمل من أجل تحسين الأوضاع، وإجراء إصلاحات تمكننا من النهوض من كبوتنا، وبناء أسس قوية للدولة المصرية تمكنها من أداء دورها المنوط بها، بصورة حقيقية”، مردفًا: “أقدر غضب الشعب المصري، لكن سنجني ثمار ذلك في المستقبل”.

أقر في دوره التشريعي الأول والذي لم يتجاوز 8 أشهر 82 قانونًا، بنحو 1226 مادة

وأشار إلى أن البرلمان أدى ما عليه في ضوء التشريعات والقوانين التي صدرت، وممارسة دوره الرقابي، وأن تحميله للظروف الاقتصادية خطأ شديدًا، وأنه تم تعديل العديد من القوانين والقرارات لصالح المواطن، ومن أجل تخفيف الضغوط عنه، لكن الوضع بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وما قبلهما كان أشد صعوبة.

دولة حديثة

اللواء تامر الشهاوي، عضو مجلس النواب، قال إن مجلس النواب واجه ملفات صعبة، كونه أتى في ظرف استثنائي في تاريخ مصر، ومدفوع برغبة شعبية عارمة تمثل ثورة 30 يونيو 2013، وسعى إلى أن يكون على قدر طموحات المصريين، لكنه اصطدم بمشكلات عديدة “أمنية متمثلة في الأرهاب واقتصادية الجميع يعلم مداها”، مردفًا: “تدخلاتنا كان لا بد منها من أجل المستقبل، وسيعلم الجميع أن العمل كان من أجل دعم الدولة وإنقاذها مما آلت إليه، واستنزاف مواردها، فكان يجب إعادة صياغة الفكر المالي للدولة، والهيكل الحكومي”.

وأفاد الشهاوي في تصريحات لـ”مصر 360″، أن المجلس كان حجر زاوية في الترتيب لرؤية مصر 2030، بالتشريعات الضخمة التي صدرت في إطار وصول قطار 2030 إلى محطته الأخير، متابعًا: “هناك جزء أثار غضب المصريين، مثل: ارتفاع الأسعار، والتصالح في مخالفات البناء، لكن الرغبة الجامحة لدى النواب والحكومة في الإصلاح، هي ما اصطدمت برغبات الشعب، لكن ذلك كان ضروريا لتحقيق نهضة حقيقية، ومواجهة مشكلات متوارثة منذ سنوات طويلة، ما دفع المجلس للتصدي لها بدوافع وطنية”.

المجلس الحالي على مدار 5 أدوار تشريعية، أقر نحو 887 مشروع قانون، بحثًا عن استقرار ترجوه السلطة الحاكمة

وتابع: “كان هذا اصطدام مع المواطن، وربما كانت الأمور متسارعة من الحكومة، لكن كان مهما لتحقيق استقرار في كافة المناحي، خصوصا في ظل الأوضاع الأمنية في الخارج والإرهاب في الداخل، وهو ما بدى واضحًا في تعامل الدولة المصرية مع أزمة كورونا، ودعمها العديد من القطاعات، وإطلاق المبادرات لدعم السياحة والصناعة وغيرهم”.

الشهاوي
الشهاوي

وأكمل: “أقدر غضب الناس تماما، ولكننا حوالنا إعادة صياغة تجربة كاملة، وبناء دولة حديثة، ستعود على الناس بالنفع، وستقلل نفاقاتهم بشكل كبير، من خلال تحسين جودة الخدمة التي يتلقونها من الدولة، ما سيجعلنا وأبنائنا وأحفادنا يستشعرون نجاح التجربة المصرية، وكيف تتغير الأمور من حولنا، لننظر الآن كيف يبدو تحسن الطرق، وخدمات التعليم، والصحة بعد تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد”.

وأشار إلى أن المجلس الجديد سيستمر في إصدار التشريعات الغرض منها مزيدا من الضبط والمشاركة في المشروع النهضوي المصري، في إطار رؤية مصر 2030، لنتحول إلى دول عظمى على غرار جميع دول العالم والتي دفعت أثمان تحقيق نهضتها، وتحملت أعباء متزايدة لتحقيق التطور التي أصبحت عليه الآن.