بدأت حرب التصريحات بين وزير الإعلام أسامة هيكل، وبين رؤساء الهيئات الإعلامية الثلاثة، ليتساءل الجميع كيف يدار ملف الإعلام وسط تلك الشحنات السلبية والاتهامات الموجهة من الطرفين بالتقصير في إدارة المشهد الإعلامي.

غاب منصب وزير الإعلام لمدة ست سنوات منذ عام 2014، وللصدفة كان أخر من تولى هذا المنصب هو أسامة هيكل، وكان إلغائها لاستحداث الهيئات الثلاثة التي أعطى لها الدستور صلاحيات كبيرة لإدارة المشهد الإعلامي.

لذلك في تتبع آثر التراشق والحرب الباردة بين وزير الإعلام والهيئات الإعلامية الثلاثة نجد أن ملف الإعلام ما زال محلك سر دون تغيير.

كورونا… “كانت بداية هيكل القوية”

كان ظهور “هيكل” بشكل واضح بعد عضويته في لجنة إدارة أزمة كورونا الوزارية، فكانت وزارته بجاردن سيتي هي الحاضن لأغلب المؤتمرات بعد رفضه الجلوس مجددا بماسبيرو لإدارة ملف الإعلام، قائلا ” لن أكرر خطأ 2014 وتلهيني مشاكل ماسبيرو عن باقي الملف”.

 

وبدأ هيكل منذ منتصف مارس ينفذ اختصاصاته التي حددها “مدبولي”، وهي اقتراح السياسة الإعلامية للدولة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، مع الإخلال بالشق الثاني للاختصاص وهو “والتنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام في تنفيذ هذه السياسة”، حيث بدا الأمر كأن هناك أربع جزر منفصل تدير ملف الإعلام.

كما لم ينفذ الاختصاص الخامس الذي ينص على إشراف الوزارة على خطط تطوير أداء وسائل الإعلام المرئية العامة والخاصة بالتعاون مع الهيئات المختصة من خلال إتاحة مساحات أكبر للرأي والرأي الآخر وتطوير المحتوى الدرامي وزيادة المنافسة بين القنوات المختلفة، وذلك كله دون الإخلال باختصاص الهيئة الوطنية للإعلام.

لذا فكان دور “هيكل” خلال كورونا هو التنسيق مع مختلف الوزارات لطرح وإبراز مجهودات الدولة ومشروعاتها القومية، وتمثيل الدولة بالمؤتمرات والمحافل الدولية التي تتطلب وجود ممثل عن الدولة في الإعلام.

وكان مقر وزارته هو الحاضن لمؤتمرات وزارة الصحة للإعلان عن بداية الوباء وخطة الدولة لمواجهته وعودة خطة التعايش السلمي مع كورونا وعرض سياسات باقي الوزارات.

أسامة هيكل رئيس للجنة الإعلام بالبرلمان

فور توليه منصب وزير الإعلام بدا انطباع “هيكل” أنه غير راضي على أداء الهيئات الإعلامية الثلاثة، والذي كانت صلاحياتها نتاج لجنة الإعلام بالبرلمان التي ترأسها وقتئذ، وتم إصدار قانون الصحافة الموحد في 2017 ثم إصدار قانون مفصل لكل هيئة إعلامية بصلاحياتها في 2018.

فصدر القانون رقم 178 لسنة 2018 بإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، وأولى لها إدارة شؤون الإعلام الرسمي والقانون 179 لسنة 2018 بإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة، والذي أولى لها إدارة شؤون الصحافة الرسمية، بينما القانون رقم 180 لسنة 2018 بإنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي أولى له 3 اختصاصات، جزء من وزارة الإعلام، وآخر من وزارة الاتصالات، وجزء من وزارة الاستثمار، بما يخدم المؤسسات الإعلامية والصحفية الخاصة والرسمية، سواء مطبوعة أو إلكترونية، وإنشاء التراخيص وتجديدها.

علاقته برؤساء الهيئات الإعلامية

حمل قرار تعيين “هيكل” وزيرا للإعلام في ديسمبر 2019 كثير من التكهنات التي تشوبها “الريبة” حول صلاحياته، في ظل وجود ثلاث هيئات إعلامية تدير المشهد منذ عام 2017، وحمل منصبه تهديدا للمجلس الأعلى للإعلام باعتباره يمتلك نصيب الأسد في الصلاحيات سواء على قنوات الدولة او الخاصة والصحف الخاصة بل والتعقيب أحيانا على أداء الصحف القومية.

ودار خلافا بين “هيكل” وبين مكرم محمد أحمد، وكان رئيس المجلس الأعلى للإعلام وقتها حول مكتب به عدد من الملفات التي أصبحت تابعة لوزارة الإعلام، بعد سحب مركز التدريب من المجلس.

وهو ما جعل مكرم، يلجأ إلى مجلس الوزراء بخطاب رسمي من خلال إعداد مذكرة بشأن سيطرة موظفين من وزارة الدولة للإعلام على مكاتب المجلس الأعلى مما تسبب في تعطل سير العمل بالمجلس وإلغاء اجتماعات معدة سابقا.

وقبل هذا كان مكرم يردد عقب تعيين هيكل وزيرا للإعلام أنه وزير بلا صلاحيات، حتى أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قرارا بتحديد “11” اختصاص لهيكل في نهاية يناير 2020.

هل وصل هيكل لبر الأمان مع الهيئات الإعلامية

ترقبت الجماعة الصحفية والإعلامية الإعلان عن الأسماء التي ستتولى رئاسة الهيئات الثلاث، ممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، وكان من المزمع تغييرها في 2018 عقب اصدار قانون الهيئات الإعلامية بشكل مفصل، إلا أن الترشيحات من النقابات والهيئات المعنية أرسلت للرئاسة دون رد.

وبعد تولي “هيكل” حقبة الإعلام من جديد، أعطت الرئاسة له بالأمر المباشر صلاحيات لاختيار رؤساء الهيئات الثلاثة، بمعزل عن الاختصاصات المعطاة له.

وفي يوليو 2020 هنأ وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، رؤساء الهيئات الإعلامية بعد أداء اليمين الدستوري أمام مجلس النواب، عملا بما نص عليه القانون في هذا الشأن.

وكانت كلمة هيكل أمام البرلمان: “أتقدم بالتهنئة لزملائي الأعزاء كرم جبر وحسين زين وعبد الصادق الشوربجى، وأتمنى لهم التوفيق، هم والزملاء الذين صدر لهم قرار جمهوري، باسمي كوزير مختص لشئون الإعلام في الدولة المصرية نمد أيدينا بسبل التعاون الكامل مع رؤساء الهيئات الإعلامية الجديدة والأعضاء الجدد لنصل في النهاية بالإعلام المصري لبر الأمان، وهناك أعباء عديدة تواجهنا وعلينا أن نتعاون لمواجهة هذا الملف الملغوم”.

وعقب رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، قائلا “نتمنى أن يعود الإعلام المصري كما كان من قبل”.

كان التعاون الملاحظ فقط هو تبادل الزيارات الودية بين رؤساء الهيئات الثلاثة وهيكل عقب تولي الأخير الوزارة، ثم تهنئة هيكل لهم فقط بالبرلمان.

من بدأ السهم الأول

كان لـ “هيكل” تعقيبات كثيرة على الصحافة القومية، وهو ابن الصحافة الحزبية فقد بدأ طريقه من “الوفد”، حيث صرح مؤخرا أنها لن تستطيع مواجهة التطور التكنولوجي وسرعة الصحافة الالكترونية وعليها تطوير نفسها، فانبرى موقع “أخبار اليوم” في سلسلة من الهجوم على “هيكل” فتم نشر تقرير نصف صفحة بعنوان ” هيكل تناسى الاختصاصات الـ”11″ وتفرغ للشو الإعلامي”، ثم سلسلة من الحوارات مع رؤساء الهيئات الإعلامية الثلاثة “كرم جبر وحسين زين وعبدالصادق الشوربجي” تحمل في طياتها هجوما على هيكل ونفيا لحديثه وتأكيدا أنها تقوم بدورها في رعاية المشهد الإعلامي.

وفي الجهة المقابلة انبرى عدد من الصحفيين يدافعون عن هيكل ضد ما أسموه “الشللية”، كل هذا وما زالت ملفات هامة لم تستطع الهيئات الثلاثة حلها مثل ديون الصحف القومية وهيكلة ماسبيرو من جديد ليعود الإعلام الوطني للريادة.

رشوان يخرج عن صمته ويرد

قليل جدا ظهور ضياء رشوان، نقيب الصحفيين ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في لقاءات أو حوارات صحفية إلا أنه خرج عن صمته، ووصف التراشق بين وزير الإعلام أسامة هيكل والهيئات الإعلامية بأنه أمر غير مريح ولا يليق بالدولة المصرية.

وتابع قائلا “فالأصل في الموضوع التنسيق، والتعاون، ادعوا الجميع كل أركان المشهد الإعلامي أن أيديهم لأن الخاسر ستكون الدولة”

وأوضح “رشوان” أن “هيكل” أتي وزيراً للإعلام، في ديسمبر الماضي، بعد غياب وزارة الإعلام لمدة ٧ سنوات، وإعادتها سبقه دراسة مؤكدة للمنصب والشخص، فليس صدفة أن يتم اختيار أي وزير”.