لاشك أن طرفي هذه المعادلة يعاني من أزمة نفسية سواء كان ولي الأمر أو الطالب، فكلاهما يخاف ويرتبك بمجرد التفكير أن هناك عام دراسي بات على الأبواب وهو ما يضعهما في مأزق بين ما هو ضرورة والوضع الحالي التي تمر به البلاد في ظل وجود فيروس كورونا يطرق الأبواب ولم ينته بعد، إضافة إلى أن القرارات الأخيرة لوزير التربية والتعليم، جعلت هناك جانب من المسؤولية بقدر أكبر يلقى على كاهل ولى الأمر.

في السطور التالية.. نقدم من خلال متخصصين بعض الإرشادات التي قد يحتاجها ولي الأمر لتخطى أزماته خلال الفترة الماضية، ويستقبل الدراسة بروح أكثر اطمئنانًا، إضافة إلى وضع روشتة للتعامل مع الطالب الذي تأثر أيضًا، جراء فترة المكوث الطويل في المنزل، وهو ما قد يجعله غير مستعدًا للأمر.

 

 أولياء الأمور: “إحنا خايفين”

دعاء عبد الله أم لطفلين في مراحل تعليم مختلفة، أكدت أنها “مرعوبة”، مضيفة أن تصورها أصبح قاصرًا عند التفكير في إمكانية دخول أطفالها المدرسة مع وجود وباء، مشيرةً إلى أن أن عدد الأطفال في الفصل الواحد يتجاوز الـ 60 طفلاً، وهو ما ينفي إمكانية إيجاد مساحات التباعد الاجتماعي بينهم، معتبرة أن المخاوف التي تحاصرها ساهمت في توترها تجاه مختلف الأشياء حتى المعاملات الخاصة بالمحيط الأسري، وكلما اقترب موعد بدء الدراسة تزداد هذه المخاوف.

زينب عادل أم لطفلة عمرها  7 سنوات، أكدت أنها لا تنوي إرسال طفلتها للدراسة، معتبرة أن ما يحدث “تعايش” على حساب الأطفال، مشيرةً إلى أن أعداد الأطفال بالفصل الدراسي لا توحي بأي مساحات آمان للأطفال، قائلة :”أنا فكرت لحد ما حسيت إن عقلي وقف ومصممة منزلش بنتي، وبتخانق مع والدها كل يوم مش متصورة إزاي ممكن أضمن حمايتها في ظل وجود فيروس وبائي قاتل”.

 فرح ولا مبالاة

سمير جمال، أحد أولياء الأمور، أكد أن لدية 3 أطفال جميعهم فرح بالعودة للدراسة لمجرد الخروج من “حبسة البيت”، إلا أن اللامبالاة تجاه الاستذكار والحرص على التحصيل العلمي هي سيدة الموقف، معتبرًا أن الفترة السابقة أثرت سلبًا على أطفاله الذين أصبحوا في حالة من “اللامبالاة” بكل شيء بما في ذلك التعليم ودخلوا مرحلة أقرب للبلادة في ردود الأفعال والتفاعل بشكل عام.

هدى عبد الرحمن، أم لطفلين في الصف الثالث الابتدائي، والثاني في مرحلة الإعدادية، أكدت أنها لا تعرف.. ماذا ستفعل مع أبنائها؟.. فقد أصبحوا خارج السيطرة تمامًا ومرحلة الجلوس في المنزل تأثرًا بفيروس كورونا زادت الأمر تعقيدًا وجعلت من إعادتهم للتأقلم والتعلم أمرًا صعبًا فهم لا يتقبلون مجرد الحديث عن روتين المذاكرة، أو الدروس التي قد يعتمدون عليها بجانب الدراسة خاصة مع تقليص فترة الدراسة واختزالها في عدد أقل من الأيام.

نصائح نفسية لأولياء الأمور والطلبة

جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أكد أن أولياء الأمور قد يقعون تحت ضغوط الفترة الراهنة متمثلة في فيروس كورونا وبقاءه ولكن الحياة لابد لها أن تستمر ولن تقف، لذا فمن الضروري أن يدرب ولي الأمر نفسه وبخاصة الأم على التكيف مع أدوات التعليم في هذه الأجواء والإجراءات والقرارات الجديدة التي قد تحملها قدر من الأعباء الإضافية، ويتم التفاعل مع الموقف وفقًا للإمكانيات المتاحة لذا فعليهم المتابعة والمساعدة في المذاكرة.

وأضاف “فرويز” أن الجدية في التعلم من أهم الخطوات التي يجب على الأسرة مراعاتها من اليوم الأول في الدراسة وسحب أدوات الترفيه التي قد توحي للطالب باستمرار الوضع على ما كان قبل بدء الدراسة، مؤكدًا أن التعامل مع الدراسة على محمل الجدية سيكسر حدة الاجازة التي استمرت لأكثر من 7 أشهر، ويعيد الأمور الى نصابها الصحيح.

وأكد استشاري الطب النفسي، أن التواصل مع المدرسين خلال العام الدراسي الجديد هام للغاية خاصة أنه في حال فقدان التفاعل سيصبح الأمر بلا عوائد لذا فعلى أولياء الأمور والطلاب التفاعل مع المدرسين والتواصل بشكل دائم لتجاوز الأزمة وكسر حالة اللامبالاة التي قد تسيطر على الجميع تأثرًا بالفترة الماضية، خاصةً أن أزمة فيروس كورونا لن تنته سريعًا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية وهو الأمر الذي يحتاج لتكيف من أولياء الأمور والأطفال، وقدر من تحمل المسؤولية فضلاً عن العودة للجدية في الدراسة والاستذكار فالطلبة حدث لهم فتور بشكل عام ويحتاج إلى إعادة تأهيل جديد.

واعتبر فرويز أن أحد أهم المتغيرات التي قد تطرأ على الطلبة، هي تغير السلوك وتأثره بالتباعد الاجتماعي، وهو ما يجعل على الأسرة دور قوى في إعادة إدماج الطلبة في مجتمعهم ومدرستهم مرة أخرى، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة والبُعد عن المشاعر السلبية المتمثلة في الخوف والتردد.

نهى النجار أخصائية نفسية، أكدت أن المرحلة الجديدة تتطلب استخدام شعار “الدمج والتأهيل”، فالطلبة يحتاجون إلى تأهيل نفسي قبل بدء الدراسة، وكذلك أولياء الأمور، مما لا شك فيه أن الخوف الذي يسيطر على أولياء الأمور يتسرب إلى الطفل ويؤثر على قدرته التحصيلية وقوة استيعابه، ويؤدى إلى تخريب العملية التعليمية أو التحصيلية للطلبة، لذا فضبط النفس هام جدًا.

وأضافت “النجار” أن كسر الروتين هو الأهم لجميع أفراد الأسرة والحذر والحيطة جراء وجود فيروس وبائي لا يعنى تريد المشاعر السلبية وترويجها، فالأطفال يكتسبون الشعور سريعًا ويتسرب لتدخلهم والحرص أهم بكثير من إظهار مشاعر القلق والخوف، وعلى ولى الأمر البدء في إعداد خطة دمج قبل الدراسة، لأن الأوضاع الماضية قد تساهم في زيادة انطوائية بعض الأطفال، وتحتاج لكسر للروتين خاصة ما يتعلق بفرضيات العزل والتباعد الاجتماعي.