لازالت تهمة إهانة الرئيس تطارد المواطنين في تركيا، حيث صدرت بيانات عن وزارة العدل التركية تفيد بأن عام 2019 كان الأكثر من حيث اعتقال وخضوع المواطنين بسبب إهانة رئيس البلاد، أو حزبه “العدالة والتنمية”، ووصل عدد المتهمين في مثل تلك القضايا إلى 36 ألف شخص، بينهم 318 قاصرًا.

ووفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة العدل، فأشار موقع “بيرغون” التركي إلى أن المعطيات تؤكد فتح السلطات التركية فتحت التحقيق مع 36066 مواطن تركي، بالاستناد إلى المادة رقم 299 من القانون التركي.

المادة 299 من القانون تنص على “معاقبة من يهينون الرئيس بالسجن من عام حتى أربعة أعوام وزيادة العقوبة بنسبة السدس في حال ارتكابها علانية”.

“بيرغون” أفاد بأنه هناك 12298 شخص من العدد الكلي للمتعقلين خضعوا للمحاكمة بالفعل، في عام 2018 أصدرت السلطات القضائية التركية أحكام على 2462 شخص، بينما أصدرت أحكام في عام 2019 على 3831 وفقًا لإحصاءات وزارة العدل.

تهمة إهانة الرئيس وابنته

بدأت السلطات التركية معاقبة المتهمين بإهانة الرئيس في عام 2014، حيث تم محاكمة 29704 من الأتراك بتهم إهانة الرئيس أو حزبه “العدالة والتنمية”، وتم معاقبة 9554 شخص منهم، كما صدرت أحكاما بالسجن على 2663 مدانا منهم.

لم تكن تهمة إهانة الرئيس قاصرة على شخصه فقط، بل امتدت لأبنته وزوجها.

في منتصف شهر يوليه الماضي، هدد الرئيس التركي، رجب الطيب أردوغان مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اجتماعه عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع رؤساء المحافظات عن حزب الحرية والعدالة.

“أردوغان” قال في كلمته أنه سيعاقب من أساء لابنته إسراء أردوغان وزوجها وزير المالية، بيرات البيرق، قائلًا “لن أترك هؤلاء”.

تابع مؤكدًا أن الأمن والقضاء التركي تحركا واتخذا الإجراءات لينال كل المسيئين لابنته جزائهم، وأضاف “لن نترك هؤلاء الدناءة الذين هاجموا عائلة الرضيع الذي لم يفتح عيناه على الدنيا حتى الآن وعلى قيمهم، وسيأخذ كل منهم جزاءه”.

اعتقلت السلطات التركية 11 شخص بتهمة إهانة ابنة الرئيس وزوجها، بسبب تعليقات لهم على منشور الأخير الذي عبر فيه عن سعادته بمولوده الرابع.

وعلى الفور أمرت النيابة العامة بإسطنبول بتحديد أصحاب حسابات التواصل الاجتماعي التي علقت بشكل مسيء عن الوزير ومولوده الجديد وفتح تحقيقات في هذا الشأن.

تعويض مليون جنيهًا

الرئيس التركي رفع دعوى قضائية ضد “إنجين أوزكوش”، النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، واتهمه بإهانة الرئيس.

وذلك عقب انتقاد نائب الحزب لأردوغان بسبب عملية “درع الربيع” العسكرية التي تم تنفيذها في إدلب شمال غربي سوريا.

محامي أردوغان، حسين أيدن، قال في تغريده له على تويتر ” إن الدعوى ترجع إلى ملاحظاته الوقحة ضد الرئيس، الرئيس أردوغان طالب بتعويض عن أضرار معنوية مقداره مليون ليرة”.

ووفقًا لوكالة ” تي. أر” التركية فإن النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض خلال جلسة الجمعية الكبرى للبرلمان التركي، ووصفه بـ “الخائن والوضيع”، وتطورت الجلسة لحالة من العراك بين الحزب المعارض وحزب التنمية والعدالة المؤيد للرئيس التركي.

صحفيو تركيا ضحايا

يعاني صحفيو تركيا من انعدام الأمن، حيث يضغط عليهم بسبب تهمة إهانة الرئيس بسبب تغريدات على تويتر، أو منشورات على الفيس بوك، أو مقالات بالصحف.

الصحافي علي أفجو رئيس تحرير صحيفة “يورت” المعارضة، ياووز سليم دميراغ، كاتب العمود في صحيفة “يني تشاغ”، الصحافي مصطفى يايلا، كان يعمل في صحيفة “آيدن” المحلية، تم الحكم عليهم عقب توجيه تهمة إهانة الرئيس.

“الإعلام التركي يفتقر لأدنى درجات الاستقلالية والحرية، وتحولت أغلب الصحف والقنوات لمساندة الحكومة حفاظا على بقائها”..  بحسب هيومن رايتس واتش.

الحكومة التركية شنت حملة قاسية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، كانت السبب في تواجد مئات الصحافيين داخل السجون التركية وإغلاق أكثر من 140 منفذا إعلاميا.

ووفقًا لمؤشر حرية الصحافة التابع لمنظمة “مراسلون بلا حدود” فإن ترتيب تركيا حاليا في المرتبة 157 من بين 180 دولة.

وتم نشر قانون في الجريدة الرسمية التركية، يلزم مقدمي خدمات المحتوى عبر الإنترنت الحصول على تراخيص البث من هيئة الرقابة على الإذاعة والتلفزيون، كما سيتم الإشراف على المحتوى المقدم.

تدخل في السياسة عبر القضاء

نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، قال   السلطات إن السطات في تركيا أصدرت 217 مذكرة لرفع حصانة ضد نواب الحزب من بينها 141 مذكرة بتهمة إهانة الرئيس التركي.

نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، قال إن المذكرات المرفوعة ما هي إلا أداة لإسكات المعارضين لأردوغان، عقب توجيهم انتقادات لخصم سياسي وطريقة لتقييد طريقة ممارسة المعارضة للسياسة، مؤكدًا على أن ذلك تدخل في السياسة عن طريق القضاء.

واعتبر المعارضين لأردوغان تلك المذكرات أداة لتهديدهم لكنهم أكدوا على كونها عديمة النفع معهم.

الـ 217 مذكرة التي تم رفعها كان أغلبها بتهمة إهانة الرئيس بينما كانت التهم الموجهة للباقين هي مخالفة قوانين الاجتماعات والمسيرات والمظاهرات أو إهانة موظف حكومي.

ووفقًا لتصريحات نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، فإنه في عهد سليمان دميرال، الرئيس التركي التاسع، تم إدانة 71 شخصا بإهانة الرئيس، في عهد أحمد نجدت سيزار، الرئيس العاشر لـ82 شخصا، و لـ233 في عهد الرئيس السابق عبد الله جول.

ووفقًا لأخر التقارير فإن الرقم أضعاف ما سجل في عهد ” دميرال” الرئيس الأسبق وكذا الرؤساء الثلاثة السابقين له.

أردوغان يحاول وضع سياسيات لتأمين الحياة السياسية في تركيا

مصطفى الصلاح، الخبير في الشئون التركية يرى أن أردوغان يحاول وضع سياسيات لتأمين الحياة السياسية في تركيا، وبات ذلك واضحًا عقب تحويله النظام السياسي من البرلماني للرئاسي.

الخبير في الشئون التركية، قال إن سياسات أردوغان أصبحت تلقى عدم القبول من جهة المعارضين والشعب ما انعكس بالسلب على شعبيته، ومن خلال المؤشرات فإن حزب العدالة يتعرض لانشطارات داخلية، بسبب انحراف الحزب عن رؤيته.