أعلنت وزارة الصحة المصرية، دخول مصر كشريك في مرحلة التجارب للقاحين ثبت تجاوزهما المراحل الثلاث لفيروس كورونا، حيث تطورهما شركة صينية بتمويل من الإمارات العربية المتحدة، وتشارك مصر بالتجربة على 6 آلاف متطوع لمدة ستة أشهر.

وتتسابق شركات ومراكز أبحاث عالمية للوصول إلى لقاح لفيروس كورونا، ومن بين 138 لقاحا أعلن عنها في مراحل التقييم ما قبل السريرية، منها 29 دخلت مرحلة التجارب السريرية، أظهرت 9 لقاحات منها نتائج مبشرة وبلغت مرحلة التجارب على المرضى.

ورغم إعلان عشرات الجهات عن قرب توصلها للقاح، يظل عدد محدود من المؤسسات العلمية والشركات العالمية تحظى بمصداقية في هذا المجال، من أهمها:

اللقاح الروسي

فاجأت روسيا العالم بالإعلان عن توصلها إلى لقاح فعال لفيروس كورونا وتجاوزها مرحلة الاختبارات الثالثة وقرب طرحه للتداول في الأسواق.

واللقاح الذي يعمل على تطويره مركز أبحاث   “Gamaleya” التابع لوزارة الصحة الروسية، واجه انتقادات عديدة وتشكيكًا من جهات بحثية عالمية بأنه تجاوز في إعداده المعايير العلمية المتعارف عليها، والتي تستلزم مراحل واختبارات متسلسلة تحتاج إلى أعوام للتأكد من نتائجها سواء من جهة الفعالية أو الآثار الجانبية المحتملة على البشر.

لكن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أعلن الشهر الماضي أن هيئة الرعاية الصحية قد أجازت اللقاح الذي أطلق عليه “Sputnik-V” نفس الاسم الذي أطلق على أول مركبة روسية أطلقت للفضاء، وأن فيتنام قد طلبت شراء 150 مليون جرعة منه، مؤكدًا أن اللقاح قد تجاوز كل الاختبارات المطلوبة وأنه قد جربه على إحدى بناته.

وكشفت صحيفة “لآنسيت” أن التجارب على اللقاح شملت 38 متطوعًا أعمارهم بين 18 و60 عامًا، خضعوا للمراقبة وأنهم جميعًا طوروا أجساما مضادة للفيروس خلال 3 أسابيع، واقتصرت الأعراض الجانبية على آلام الرأس والمفاصل، وأن المرحلة الأخيرة ستشمل التجربة على 40 ألف متطوع من مختلف الفئات العمرية.

جامعة أكسفورد

تحظى جامعة “أكسفورد” البريطانية بسمعة علمية تجعل اللقاح الذي تعمل عليه بالتعاون من الشركة البريطانية السويدية “AstraZeneca” محط أنظار العالم ويضع عليه الكثيرون أملًا كبيرًا في وقف انتشار الفيروس الذي أصاب 21 مليون شخص على الأرض، وتسبب في وفاة ما يقرب من مليون.

وكانت المرحلة الأولى والثانية للتجارب قد أجريت في بريطانيا على أكثر من ألف متطوع بين 18 و55 عامًا تلقوا جرعتين من اللقاح.

وبعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية من الاختبارات عليه بنجاح ودون أي آثار جانبية، منحت الكثير من دول العالم دعمها للقاح، وساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بـ 1.2 مليار دولار، كما قدمت الحكومة البريطانية تمويلا حكوميًا بـ 84 مليون جنيه إسترليني لدعم أبحاثه.

واللقاح المسمى “AZD1222” قد تجاوز المرحلة الثانية من الاختبارات وبدأت المرحلة الثالثة في الولايات المتحدة والبرازيل وجنوب أفريقيا وبريطانيا ويشارك فيها 30 ألف متطوع.

وكشفت جامعة أكسفورد أن التجارب على اللقاح قد أظهرت تكون أجسام مضادة للفيروس لدى المتطوعين خلال 14 يومًا من تلقيهم الجرعة، وظهور “الخلايا التائية” التي تقوي جهاز المناعة في الجسم البشري دون حدوث أي آثار جانبية على المشاركين في التجارب.

وتلقى مشروع أكسفورد انتكاسة مؤقتة بعد إصابة أحد المتطوعين بالفيروس، ما اضطرها إلى وقف تجاربها لعدة أيام، قبل أن تعاود استئنافها من جديد، لكن التزام أكسفورد بالمعايير الوقائية والعلمية الصارمة جعل مشروع اللقاح أملا لقطاع واسع من دول العالم، حتى أن الاتحاد الأوروبي قد تعاقد بالفعل على 400 مليون جرعة من اللقاح المنتظر، وكشفت الشركة المطورة عن قدرتها على إنتاج 2 مليار جرعة سنويًا من اللقاح حال الانتهاء من تجاربه وإقراره علميًا.

“سينوفاك” الصيني

تسعى الصين التي بدأ فيروس كورونا من أراضيها إلى تقديم لقاح للعالم مستفيدة من البداية المبكرة لها للتعامل مع الفيروس، حيث كشفت عن قرب توصل شركة “Sinovac Biotech” إلى لقاح سيكون آمنا حتى لكبار السن ممن لديهم استجابة مناعية ضعيفة.

وكشفت الشركة عن قيامها باستخدام اللقاح على 90% من موظفيها وعائلاتهم، وأن النتائج كانت مبشرة، حيث أدى اللقاح إلى تنشيط الأجسام المضادة لديهم، ولم يتسبب في آثار جانبية رغم مشاركة 421 من كبار السن، أكبر من 60 عاما في التجارب.

وكشف “ليو بيشينج” الممثل الإعلامي للشركة عن بدء المرحلة الثالثة للاختبارات على اللقاح المسمى “CoronaVac” في الصين وإندونيسيا والبرازيل على عشرات الآلاف لتقييم فعاليته على البشر، بينهم نسبة كبيرة من كبار السن وهي الفئة الأكثر عرضه للتأثر عند الإصابة بفيروس كورونا بسبب ضعف جهاز المناعة وارتفاع معدل الإصابة بالأمراض المزمنة.

ورغم تصاعد المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين مؤخرًا، إلا أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أعلن عن رغبته في التعاون مع الصين من أجل التوصل إلى لقاح فعال لفيروس كورونا.

“موديرنا” الأمريكية

طورت شركة موديرنا الأمريكية لقاحًا يعتمد على تحفيز إنتاج البروتينات الفيروسية في الجسم، ونجح في حماية القرود من فيروس كورونا خلال التجارب المعملية، وبدأ اللقاح بالاستناد على تمويل حكومي بلغ مليار دولار أمريكي.

وبدأت الشركة التجارب البشرية على اللقاح منذ مارس الماضي، وكشف عن نتائج مبشرة، وبعد تجاوز المرحلة الثانية للتجارب، بدأت الشركة في المرحلة الثالثة من التجارب على البشر في يوليو الماضي وتشمل أكثر من 30 ألف متطوع في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي أغسطس الماضي تعاقدت الحكومة الأمريكية على 100 مليون جرعة من اللقاح المنتظر مقابل 1.5 مليار دولار إضافية تقدمها لمشروع تطوير اللقاح إذا ثبتت فعاليته.

وكشفت “تال زاكس” كبير المسؤولين الطبيين في الشركة أن النتائج المبشرة لاختبارات المرحلة الثالثة ترجح إمكانية توفر اللقاح للجمهور مطلع العام المقبل.

وكشفت الشركة عن قدرة اللقاح على تطوير الأجسام المضادة لفيروس كورونا في الجسم البشري، وهي الأجسام التي تقود بتحييد الفيروس ومنعه من مهاجمة خلايا الجسم.

وأوضح “بول أوفيت” وهو عضو في لجنة المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية، أن نتائج اختبارات لقاح موديرنا رائعة، وأنها الأجسام المضادة التي ينتجها اللقاح لا تحاصر الفيروس فقط بل تمنعه من إصابة خلايا أخرى في جسم الانسان.

مرنا” الألماني

بدأت شركة “BioNTech” الألمانية بالتعاون مع شركة الدواء الأمريكية الشهيرة “Pfizer” في اختبارات المرحلة الأولى والثانية على لقاح مضاد لفيروس كورونا في شهر مايو الماضي، وبعد تقييم الآثار الجانبية تم اختيار نسخة سميت بـ “BNT162b2” للانتقال إلى المرحلة الثالثة من التجارب على البشر بسبب قلة الآثار الجانبية لها والتي تمثلت في التعب والحمى.

وانتقل اللقاح للمرحلة الثالثة والتي تجري على أكثر من 30 ألف متطوع في ألمانيا والولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين.

وبسبب النتائج الواعدة لتجارب اللقاح الألماني المسمى “مرنا” تعاقدت إدارة الرئيس الأمريكي “ترامب” مع الشركة لتوريد 100 مليون جرعة بقيمة 1.9 مليار دولار تسلم بحلول ديسمبر المقبل، مع أفضلية الحصول على 500 مليون جرعة إضافية، كما تعاقدت اليابان على 120 مليون جرعة من اللقاح، بعدما كشفت شركة فايزر عن قدرتها على إنتاج 1.3 مليار جرعة من اللقاح خلال العام القادم 2021.

وكانت إدارة الرئيس ترامب قد حاولت إغراء الشركة الألمانية لنقل تجاربها إلى الولايات المتحدة في وقت مبكر من هذا العام بعد انتشار الفيروس بشكل كبير على الأراضي الأمريكية، وهو ما رفضته الشركة بل ورفضت محاولات للاستحواذ عليها من قبل الشركاء الأمريكيين.

سعي مصر لتأمين حصتها من اللقاح

وتسعى مصر إلى التعاون مع أكثر من جهة عالمية في تجارب تطوير اللقاح وضمان حصة لها في حالة التوصل إلى منتج نهائي وطرحه في الأسواق.

وكانت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، قد أعلنت عن مشاركة مصر في التجارب على لقاحين صينيين من خلال تجربتها على ستة آلاف متطوع، حيث نجح اللقاحان في تخطي تجارب المرحلتين الأولى والثانية على خمسة وثلاثين ألف متطوع عالميا.

وتبدأ الأبحاث على المرحلة الثالثة والأخيرة على ستة آلاف متطوع من مصر، كما أكدت الوزيرة أن المتطوعين المحتملين ستتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما.

وذكرت أنها يجب أن يتمتع المتطوع بصحة جيدة وغير مصاب بفيروس كورونا، فيما يتواجد فريق صيني لمتابعة التجارب السريرية.

ولفتت إلى أن التجارب السريرية ستتم في ثلاثة أماكن، وهي مركز المصل واللقاح ومستشفى الصدر القومي ومعهد الكبد، على أن تشرف على التجارب لجنة قومية تتكون من أطباء وأستاذة جامعات وشخصيات أخرى.