في خطوة جديدة والأولى من نوعها، أعلنت الحكومة العراقية ذِكر “مذهب” المتطوعين إلى القوات المسلحة، ما أثار جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، وجه برفع الشارات الحزبية والطائفية من المحررات الرسمية بشكلٍ خاص في عمليات القبول بالكليات العسكرية والأمنية، الأمر الذي وصفه محللون وخبراء بالإيجابية والمهمة في تغيير المفاهيم العسكرية في العراق، بينما وصفه أخروه بمجرد تصريح إعلامي وفقط.
وجاءت تلك الخطوة، عقب تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وثائق رسمية تضم أسماء بعض من المتطوعين إلى أجهزة الأمن، متضمنة مذهب المتطوع،. الأمر الذي جعل ناشطون ومدونون يعبرون عن استيائهم إزاء ذلك، وطالبوا بأن تكون المواطنة والهوية العراقية فقط هي الأصل في تعاطي الأجهزة الرسمية مع المواطنين.
ويشير الدستور العراقي إلى ضرورة أن يكون هناك توازن في المؤسسة العسكرية، ودوائر الدولة بين المكونات الرئيسية الثلاث: السنة، والشيعة، والأكراد.
” المحاصصة الحزبية أدخلت العراق في مرحلة مظلمة، وبدل أن يكون البلد بيئة جاذبة للكفاءات، تحولت إلى بيئة طاردة لها”
لكن هذا لا يحدث على أرض الواقع، فهناك عٌرف سياسي سائد منذ سنوات عديدة، بأن وزارتي الداخلية والدفاع توزعان بين القوى الشيعية والأخرى ”السنية، وتعتبر وزارة الدفاع من حصة المكون السني.
المحاصصة في النظام العراقي
يعتبر الحكم السياسي في العراق قائم على المحاصصة السياسية، والذي يعرف بنظام حكم يعتمد على توزيع مواطن الحكم والسيادة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي، فهو نظام أوجدته الطائفية، وفي كثير من الأحيان تكون الطائفية هي معضلته، والسبب في تصدير الأزمات للسلطة الحاكمة.
وفي استطلاع رأي أجراه موقع “الحرة عراق” المحلي، حول أهمية هذه الخطوة واعتبارها البداية لإلغاء نظام المحاصصة الطائفية في العراق، فقد جاءت النتيجية بتصويت 62% بنعم، في المقابل رأى 38% أن نظام المحاصصة مستمر رغم تلك الخطوة.
قرار الكاظمي جاء فقط لتجنب الإحراج أمام الشعب العراقي الرافض للمحاصصة السياسية
ويرى المستشار القاضي رزكار محمد أمين، أن المحاصصة الحزبية أدخلت العراق في مرحلة مظلمة، وبدل أن يكون البلد بيئة جاذبة للكفاءات، تحولت إلى بيئة طاردة لها.
وأضاف، أن المواطن أصبح نادمًا على البقاء في البلد وغير قادر على العيش فيه بسبب السياسات الخاطئة، مؤكدًا على أن العراق لا يستقيم إلا ببناء قضاء عادل لتأسيس دولة الحقوق.
من جانبه، أشار العقيد الركن حاتم الفلاحي إلى أن حكومات العراقية التي تعاقبت بعد عام 2003 عملت على ترسيخ مبدأ المحاصصة الطائفية في المؤسسة العسكرية.
أما المحلل السياسي العراقي عبد القادر النايل، يرى أن توجيهات الكاظمي بحذف خانة المذهب من الوثائق الرسمية الحكومية هى إقرار حكومي يؤكد على أن العملية السياسية مبنية على المحاصصة الطائفية والحزبية. مؤكدًا على أن قانون التوازن الحزبي والطائفي الذي أقره مجلس الحكم الحالي إلى جانب سلطة الاحتلال الأمريكي هما السبب الرئيسي في تراجع العراق.
ويضيف، أن النظام الحالي القائم على ترشيح الأحزاب بأسم المذهب يعزز حكم أجنحة مسلحة لديها واجهات سياسية، في المقابل يتم إقصاء وتهميش لكل أبناء العراق.
ليس إنجازًا.. مجرد تصريح إعلامي
ويرى المحلل السياسي العراقي في تصريحات صحفية لوكالة سبوتنيك أيضًا، أن توجيهات الكاظمي لا تعني شيئًا وليس إنجازًا كما يراه البعض، مضيفًا:” أصل العمل والتعيين داخل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية يجري وفق قانون التوازن، والنسب الطائفية الذي تحدده الأحزاب السياسية الحاكمة الرئيسية، وجاء رفعها بسبب الغضب الشعبي بعد افتضاح أمرها”.
وأشار إلى أن قرار الكاظمي جاء فقط لتجنب الإحراج أمام الشعب العراقي الرافض للمحاصصة السياسية، وبالتالي فإن تلك الخطوة مجرد تصريح إعلامي لن يقدم أو يؤخر.
حكومات العراقية التي تعاقبت بعد عام 2003 عملت على ترسيخ مبدأ المحاصصة الطائفية في المؤسسة العسكرية
من جانبه، قال مصطفى كامل، رئيس تحرير صحيفة وجهات نظر العراقية:”من المعيب ترويج خبر أمر مصطفى الكاظمي برفع الإشارة إلى مذهب المتقدمين ضمن استمارات القبول في الكلية العسكرية في العراق، ومعيب أكثر اعتباره منجزًا، حيث أزال الكاظمي الإشارة إلى المذهب وأبقى الاختيار طائفيًا كما هو. معيب والله أن يعتبر هذا إنجازاً”.
وقال النائب البرلماني محمد الكربولي، على صفحته الخاصة عبر “تويتر”، إن رفع فقرة الانتماء المذهبي من قوائم الكلية العسكرية لن يغير شيئًا من حقيقة التعامل غير المنصف مع هذا الملف، المطلوب أن يكون التنافس متاحًا لجميع الطلبة بعيداًا عن انتماءاتهم الفرعية.