دخلت ظاهرة التنمر في المجتمع المصري منعطفًا جديدًا، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، على قانون يشدد العقوبة على هذه الوقائع.
وأثارت عدة وقائع تنمر حدثت خلال الفترة الماضية غضبًا واسعًا، ما دفع السلطات إلى إصدار تشريعات لمواجهة هذه الصور من الأنماط السلوكية السلبية.
وبحسب التعديل الجديد، الذي صدق عليه السيسي اليوم، فقد تم تشديد عقوبة التنمر بإقرار الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
نص القانون
وفي أغسطس الماضي، وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب على إضافة مادة جديدة بقانون العقوبات 309 مكرر لتجريم فعل “التنمر”، في خطوة للقضاء علي الظاهرة.
وأضافت المذكرة الإيضاحية للمشروع المقدم من الحكومة أن المادة الجديدة المضافة للقانون أوردت تعريفًا للتنمر بأنه استعراض الجاني لقوته أو استغلال ضعف المجني عليه أو أي حالة يعتقد أنها تسىء لمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه عن محيطه..
وقررت المادة أن العقوبة يتم تشديدها في حالة كانت الجريمة من شخصين أو أكثر أو كانت من أحد أصوله أو المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه أو مُسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بحكم قضائي أو كان خادمًا لدى الجاني، وتضاعف العقوبة في حالة العود.
وأقر مشروع القانون، عقاب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وعبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف في مصر عن سعادتها بإعداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات يتعلق بإضافة مادة جديدة تحمل تعريفا لـ “التنمر”.
التنمر بحق الأطفال
وتعرف اليونيسف، التنمر بأنه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.
تظهر الأبحاث أن الأطفال، المراهقين الذين يقومون بالتنمر على الأطفال الآخرين بصورة متكررة قد يعانون من الفشل في الاستمرار في الوظائف أو تكوين علاقات صحية، بحسب المنظمة.
ونظمت “اليونيسيف” منذ عامين حملة للقضاء على ظاهرة التنمر في المدارس المصرية، بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة، ووزارة التربية والتعليم بمصر، وبدعم من الاتحاد الأوروبي تحت شعار “أنا ضد التنمر”.
وكانت الحملة تستهدف القضاء على “التنمر الذى يعد أحد أشكال العنف الذى يمارسه طفل، أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر عن عمد وبطريقة متكررة، سواء وجهًا لوجه، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وينتهى بالأذى الجسدي أو الإساءة اللفظية والنفسية.
أشهر وقائع التنمر
وسيطرت وقائع التنمر علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأشهر الماضية، مما تتطلب تدخلًا حازمًا لوقف هذه الأفعال التي تضر بالمجتمع ومكوناته.
وكانت البداية مع واقعة التنمر علي الطالب السوداني، الذي يبلغ 14 عامًا، تعرض للتنمر من مجموعة شباب بسبب لون بشرته، في منطقة أرض اللواء بمحافظة الجيزة.
وعقب نشر مقطع الفيديو على موقع “تيك توك”، طالب الجميع بالقبض على الجناة ومعاقبتهم، وبالفعل ضبطت الأجهزة متعلقات الطفل، كما قامت النيابة العامة بحبس الشابين 4 أيام على ذمة التحقيق، وانتهت القضية بالحكم على المتهمين بالحبس عامين مع الشغل والنفاذ، وتغريمهما 100 ألف جنيه، وإلزامهما بالمصاريف، وهو يُعتبر الحكم الأول في قضية تنمر بمصر.
في مارس الماضي، وعقب انتشار فيروس كورونا بالعالم، تعرض شاب صيني لواقعة تنمر هزت السوشيال ميديا، حيث ظهر الشاب في مقطع فيديو بينما كان يضع السائق منديلا على وجهه، وكان بعض المارة يسخرون منه، ليقوم بعدها السائق بطرد الشاب من السيارة، ليحاول بعدها ركوب سيارة أجرة.
وعلى الفور تحركت وزارة الداخلية، بعد انتشار الفيديو، وقام بضبط علي مرتكبي الواقعة، حيث ضبطت سائق ومهندس متهمين في واقعة التنمر على الشاب الصيني، موضحة أنها ضبطت السائق لترك الشاب الصيني داخل سيارته الأجرة وهرب، بينما قبضت على المهندس لتصويره الفيديو ونشره على “فيسبوك”.
ومن ضمن الوقائع التي اثارت جدلاً وغضبًا في الشارع المصري، هو اعتداء 5 اشخاص علي شاب يعاني إعاقة ذهنية، بالضرب والتعذيب، حيث لم تشفع توسلاته للجُناة بالتوقف عن ضربه، داخل محل حلاقة في إحدى قرى محافظة الشرقية، ليتم القبض عليهم لاحقًا.
ولم يسلم أبطال الجمهورية من التنمر ايضًا، حيث آية هشام بطلة الجمهورية في الريشة وألعاب القوى، للتمر والضرب من قبل 3 سيدات اثناء سيرها في الشارع، اذا اخذوا يرددون عليها: “أنتي قصيرة ومش هتتجوزي ومش هتعرفي تخلفي”.
ألا أن محكمة جنح حلوان، قضت في أغسطس الماضي، بالسجن 6 أشهر على ثلاث سيدات، وكفالة ألف جنيه على المعتدين بالتنمر.
ويمثل “أحمد” طالب التربية الرياضية، آخر ضحايا التنمر بمصر، اذ سيطرت الواقعة علي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تفاعل الالاف مع المنشور الذي كتبه “أحمد” بشأن تنمر احد أساتذة الكلية علي مظهره.
في المقابل نشر الدكتور عبد الحليم عكاشة عميد، كلية التربية الرياضية بجامعة كفر الشيخ، ردا على هذه الواقعة قائلًا: “الجميع بدأ من الدكتور رئيس الجامعة وجميع العاملين بالجامعة موجودين لخدمة أبناؤنا الطلاب واعطاء كل ذي حق حقه، وكليات التربية الرياضية عموما بجمهورية مصر العربية لها ضوابط وشروط للالتحاق بها ولذلك تم عقد عده اختبارات والمسماة باختبارات القدرات وتتم من خلال عدة لجان متخصصة وفقا لرؤية واستراتيجية وزارة التعليم العالي، موضحًا أن الطالب المسئول عن فهمه لأن ذلك لا يعنى تنمرا.