حالة من الجدل أثارها فيلم “مولان” إنتاج شركة “ديزني”، تزامنًا مع عرضه في دور السينما منذ أيام قليلة، لتتوالى ردود الفعل الغاضبة تجاه صناع الفيلم الذين اتهموا بـ”ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”، ووصل الأمر إلى حملات تطالب بمقاطعة الفيلم.

جاءت حالة الاستنكار، ردًا على ما تضمنه الفيلم في مقدمته من شكر لإحدى الدوائر الأمنية الحكومية في إقليم شينجيانغ الذي يقطنه نحو مليون مواطن صيني من سكانه – معظمهم وفقًا للإحصاءات من مسلمي الإيغور المحتجزين في مراكز الاعتقال التي أعدتها السلطات الصينية.

وتدور أحداث الفيلم والذي يعد صورة حسية من  فيلم الرسوم المتحركة الكلاسيكي، حول فتاة محاربة في الصين القديمة،  وبلغت تكلفة إنتاجه 200 مليون دولار.

فيلم مولان إنتاج شركة ديزني
فيلم مولان إنتاج شركة ديزني

ومن قبل طرح الفيلم في الأسواق، كان ناشطون سياسيون آسيويون، طالبوا بمقاطعة الفيلم، ردًا على إعلان نجمته الأمريكية من أصل صيني، ليو ييفي، تأييدها شرطة هونغ كونغ، ، خلال العام الماضي، رغم الاتهامات التي تلاحق شرطة هونج كونج باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.

قالت النجمة الأمريكية في منشور لها على صفحتها عبر الفيسبوك:”أدعم أيضًا شرطة هونغ كونغ، يمكنكم أن تهاجموني الآن، يا له من عار على هونغ كونغ”.

الأمر ذاته تعرض له نجم الفيلم الصيني، دوني ين، يوليو الماضي، إزاء منشور سابق له قال فيه: “يوم احتفال هونغ كونغ الحقيقي، هو العودة للأراضي الصينية بعد 23 عامًا”.

انتقادات وردود فعل غاضبة تجاه الفيلم

على الجانب الآخر، أعلن مشرعون أمريكيون رفضهم لما قامت به شركة ديزني، إذ دعا بعض المشرعون الرئيس التنفيذي لشركة “والت ديزني”، “بوب تشابيك”، لتفسير  ما جاء في مقدمة الفيلم، وعلاقة الشركة بسلطات “الأمن والدعاية” في منطقة شينجيانغ الصينية.

من ناحيته وفي تصريحات صحفية، قال المشرع  السناتور الجمهوري، ماركو روبيو: إن قرار تصوير أجزاء من مولان بالتعاون مع عناصر الأمن والدعاية المحلية يعطي شرعية ضمنية لمرتكبي جرائم، قد تصل إلى حد الإبادة الجماعية”.

في السياق ذاته، وصف الخبير في الشأن الصيني أدريان زينز في تصريحاته  لبي بي سي، شركة ديزني بأنها “شركة عالمية تتربح في ظل معسكرات الاعتقال”.

يذكر  أنه في يوليو من العام الماضي، كان الخبير الصيني ” أدريان زينز” أعد تقريريًا كشف فيه عن أدلة تشير إلى أن السلطات الصينية تجبر نساء الإيغور على الخضوع لعمليات تعقيم أو استخدام وسائل لمنع الحمل، وهي ممارسات تنفيها الحكومة الصينية.

أما صحيفة إندبندت البريطانية،  ذكرت في تقريرا لها، أن الفيلم يروج لمزاعم الحزب الشيوعي، بأن المحتجزين داخل المخيمات من أقليات المسلمين الإيغور هم “متطرفون يمثلون خطرًا على السلام والاستقرار في الصين ويحتاجون بالتالي إلى إعادة تثقيف”.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن الحزب الشيوعي استخدم هذه المزاعم، لتسويغ احتجاز ملايين الأشخاص من الأقليات العرقية.

مسلمو الإيغور في الصين
مسلمو الإيغور في الصين

عن مسلمي الإيغور

وتعود أصور مسلمو الإيغور إلى الشعوب التركية ( التركستان)، لكنهم يعتبرون  أنفسهم أقرب عرقيًا، وثقافيًا لأمم آسيا الوسطى. وفقًا للتقديرات والإحصاءات، فإن مسلمي الإيغور يشكلون  نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة.

وخلال السنوات القليلة الماضية، وعلى فترات متالية كانت الأمم المتحدة أعربت عن قلقها تجاه ما تقوم به السلطات الصينية تجاه مسلمي الإيغور.

جا هذا بعد ورود تقارير عن اعتقالات جماعية للإيغور، ودعت الأمم المتحدة أكثر من مرة إلى  إطلاق سراح أولئك المحتجزين في معسكرات “مكافحة الإرهاب”، الأمر الذي نفته بكين، لكنها اعترفت باحتجاز بعض المتشددين دينيًا لإعادة تعليمهم.

وكانت لجنة معنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أكدت تلقيها كثيرًا من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة في الصين في “مراكز لمكافحة التطرف”.

صحيفة الإندبندنت البريطانية، في سبتمر 2018 أشارت في تقرير صحفي إلى أن السلطات الصينية كانت قد أمرت سكان الإيغور المسلمين،  بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وإلا سيواجهون “عقوبة”.

دول عربية تدعم الصين!

في يوليو من العام الماضي، وفي الوقت الذي وقعت فيه 22 دولة أوروبية وآسيوية، رسالة موجهة إلى مجلس حقوق الإنسان، بشأن سياسة تعامل الصين مع مسلمي الإيغور، مطالبين بوقف عمليات الاحتجاز الجماعي، وقعت أيضًا 37 دولة من بينها دول عربية رسالة أخرى إلى الأمم المتحدة، لكنها حملت دعما للصين في موقفها، وكانت من بين تلك الدول: الإمارات، والسعودية، وقطر، والجزائر.

لكن اللافت أن قطر عادت وتراجعت في موقفها وسحبت توقيعها من الرسالة، أما الرياض أكدت على موقفها الداعم قائلة: “لا يمكن أن تكون أي جهة قلقة على وضع المسلمين في العالم أكثر من السعودية”.