أخلت النيابة العامة سبيل العشرات من المحبوسين احتياطيًا على ذمة عدة قضايا سياسية، ومعظهم نشطاء، وصحفيون.
وكان المحامي الحقوقي خالد علي، أعلن عن إخلاء سبيل 4 من المحبوسين احتياطيًا على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة، على خلفية مظاهرات 20 سبتمبر 2019، بعد ما يقرب من مرور عام على حبسهم.
ضمت القضية المذكورة آلالاف بتهم: “مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج أفكار تلك الجماعة، ونشر أخبار كاذبة، وتنظيم تظاهرة دون ترخيص”.
قرارات إخلاء السبيل التي تمت خلال الفترة الماضية “لا تعني بالضرورة وجود انفراجة في ملف السجناء السياسيين في القريب العاجل”.. نجاد البرعي
قرارات إخلاء سبيل
الاثنين الماضي، أعلن المحامي الحقوقي محمد عيسى عبر موقع “فيسبوك”، إخلاء سبيل إيمان الحلو، وحسام أحمد على ذمة القضية ١٧٣٩ لسنة ٢٠١٨، بعد مرور أكثر من 18 شهرًا على حبسهما احتياطيًا.
كما أخلت محكمة جنح طنطا، الأحد الماضي، سبيل محمد الجلالي مدير صفحة “سكسلوجي”، و”خط أحمر” بكفالة 2000 جنيه، على ذمة القضية 21022 لسنة ٢٠٢٠ جنح ثانٍ طنطا، بعد حبسه 18 يومًا احتياطيًا بسبب المحتوى الذي تقدمه الصفحتين عن الثقافة الجنسية، بينما لم تستأنف النيابة العامة على القرار المتقدم.
في 27 أغسطس الماضي، أجهزة الأمن ضبطت “الجلالي” بتهم “تسهيل الفجور، واستخدام حساب خاص على الإنترنت بغرض تسهيل الفسق، والاعتداء على قيم الأسرة المصرية”.
وقررت نيابة أمن الدولة العليا، إخلاء سبيل هدير السيد، بضمان محل إقامتها، على ذمة القضية 535 لسنة 2020، وإلغاء التدابير الاحترازية التي كانت قررتها محكمة الجنايات يونيو الماضي، وتم تنفيذ القرار من قبل قسم الشرطة التابع له محل سكنها.
فيما، قضت محكمة جنايات شمال القاهرة، حكمها بحبس عبدالرحمن محمد الجندي، 6 سنوات، بتهمة التحريض على التظاهر.
وفي 6 أكتوبر 2013، كانت قوات الأمن، ضبطت “الجندي”، وخففت محكمة الجنايات الحكم ليصبح 6 سنوات بدلاً من 12 سنة، بعد قبول طعن المتهم أمام محكمة النقض التي أمرت بنظر القضية أمام دائرة جنائية مغايرة.
وأوقف النائب العام تنفيذ العقوبة، بعد قضاء “الجندي” 6 سنوات محبوسًا.
الحبس الاحتياطي في ظل كورونا
أمرت النيابة العامنة بإخلاء سبيل عدد كبير من المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، تزامنًا مع الدعوات المطالبة بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، خوفًا من تفشي فيروس كورونا في السجون المصرية.
جاء أبرز المخلى سبيلهم: الصحفي عادل صبري، رئيس تحرير موقع “مصر العربية”، و الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهر، و حازم عبد العظيم، الناشط السياسي، والدكتور شادي الغزالي حرب، عضو ائتلاف شباب الثورة عام 2011.
“يجوز لقاضي التحقيق، بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبًا عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة”
وفي مايو الماضي، كان المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، أمر بضرورة فحص أحوال المتهمين الصادرة أوامر بحبسهم احتياطيًا، ومراعاة مدى توافر مبررات إصدار هذه الأوامر، وإنجاز قضايا المحبوسين على ذمتها في آجال مناسبة.
وكان عدد من المحامين والحقوقيين والنشطاء إلى جانب المنظمات الحقوقية، طالبوا بإخلاء سبيل عدد من المحبوسين احتياطيًا خوفا من تفشي كورونا في السجون.
و أطلق المحامي الحقوقي طارق العوضي، نداءًا عر صفحته على “فيسبوك، قائلًا: “السجون يا سيادة الرئيس..في انتظار توجيهاتكم أيضًا فافعلها فإنا منتظرون”، وتابع في منشور آخر: “معالي النائب العام في انتظار قراركم بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا”.
وكانت المبادرة المصرية، أصدرت بيانًا قالت فيه: “بالنظر إلى إصدار رئيس الجمهورية قرارًا استثنائيًّا واسعًا بالعفو وفقًا للشروط المنصوص عليها فى قانون تنظيم السجون عن كل من قضى نصف مدة عقوبته من المحكوم عليهم في الجرائم منخفضة الخطورة بما يشمل على سبيل المثال، المحكوم عليهم بأحكام حبس أو سجن مخففة في جرائم الغارمين واستهلاك وتعاطي المخدرات وحيازتها بكميات صغيرة (وهو إجراء مماثل لما تدرسه بعض الدول المتضررة من الجائحة بالفعل)، نطالب بضرورة إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًّا ممن لهم محل سكن معروف وتتوافر شروط إخلاء سبيلهم من انعدام القدرة على التأثير على مجريات التحقيق، مع التأكيد على إمكانية استبدال الحبس الاحتياطي، وكذلك التدابير الاحترازية التي تتطلب المثول أمام أقسام الشرطة بإجراء آخر منصوص عليه قانونيًّا وهو عدم مبارحة المنزل”.
أكبر من العقوبة القضائية
من جانبه، علق كريم عبد الراضي، المحامي الحقوقي:” أن المشرع حينما وضع مدة الحبس الاحتياطي لا تتجاوز العامين كانت لأسباب مهمة في مقدمتها عدم استخدامه كعقوبة بديلة، لكن مع الأسف خلال السنوات الماضية تم الإفراط في استخدام الحبس الاحتياطي، إذ وصل الأمر إلى أن هناك بعض الحالات يتم حبسها احتياطيًا بمدة تتجاوز الأحكام القضائية الصادرة ضدها، كما الحال في قضية عبد الرحمن الجندي”.
أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 إبريل، أيضًا عبد الرحمن طارق الشهير بـ “موكا”، والمصور الصحفي محمود أبوزيد الشهير بشوكان”.. أبرز من خضعوا للتدابير الاحترازية
بدائل الحبس
وتمنى المحامي الحقوقي، أن تقلل السلطات من استخدام الحبس الاحتياطي، وأن تتجه إلى بدائله التي نصت عليه القانون، كما تمنى أن تستمر السلطات في قرارات إخلاء السبيل حفاظًا على أرواح وحياة المحبوسين احتياطيًا.
وأشار “عبد الراضي” إلى ضرورة استخدام بدائل الحبس الاحتياطي كالتدابير الاحترازية، بالإضافة إلى الإسراع في قرارات الإحالة إلى المحكمة.
يذكر أن المشرع قد حدد عدة ضمانات لضرورة الحبس الاحتياطي وفقًا لنص المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أنه “يجوز لقاضي التحقيق، بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبًا عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، والدلائل عليها كافية، أن يصدر أمرًا بحبس المتهم احتياطيًا، وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعى الآتية:”إذا كانت الجريمة في حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره، و الخشية من هروب المتهم، و خشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجني عليه أو الشهود، أو بالعبث في الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقى الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها، والخوف من الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة”.
إفراط في الاستخدام
من جانبه، أعرب نجاد البرعي، المحامي الحقوقي، عن استيائه من الإفراط في استخدام الحبس الاحتياطي تجاه المحبوسين على ذمم قضايا سياسية، خاصة مع وجود تدابير أخرى يمكن اتخاذها بدلاً من الحبس الاحتياطي، ومنها: إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياده أماكن محددة.
وأوضح أن هناك مطالبات عديدة خلال الفترة الماضية بضرورة الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، تخفيفًا لتكدس السجون، وخوفًا من انتشار فيروس كورونا، دون استجابة.
وأكد أن قرارات إخلاء السبيل التي تمت خلال الفترة الماضية “لا تعني بالضرورة وجود انفراجة في ملف السجناء السياسيين في القريب العاجل”.
“ضرورة استخدام بدائل الحبس الاحتياطي كالتدابير الاحترازية، بالإضافة إلى الإسراع في قرارات الإحالة إلى المحكمة”.. كريم لطفي
وأشار إلى الإجراءات التي اتخذتها الدول الأخرى تجاه المحبوسين، والإفراج عن عدد كبير منهم تجنبًا لفيروس كورونا، عكس ما تقوم به مصر.
تنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس
والأحد الماضي، صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي، على قانون “تنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس”، بعد قرار مجلس النواب بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945.
ويتضمن القانون 4 مواد، “أولهما باستبدال المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 49 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة، ليكون نصها أن يعين وزير الداخلية محل تنفيذ عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة بديوان القسم أو المركز أو نقطة الشرطة أو بمقر العمودية، أو بأي مكان آخر يتخذ كمحل إقامة للمراقب خارج دائرة المحافظة أو المديرية التي وقعت فيها الجريمة”.
وأجازت المادة، لمدير الأمن “قبول طلب المحكوم عليه تنفيذ عقوبة المراقبة في الجهة التي يقيم بها، وذلك بعد التحقق من توافر الضمانات الكافية لتنفيذ العقوبة، وعدم وجود خطر على حياة المحكوم عليه”.
تحت المراقبة
وهناك عدة أشخاص خضعوا للتدابير الاحترازية، التي تقضي بها المحاكم بما يتيح لقسم للشرطة بمتابعة الموقوف بصفة دورية، حيث تعد عقوبة تكميلية.
ومن ضمن من خضعوا للعقوبة، الناشط علاء عبد الفتاح، الذي قضى خمس سنوات في السجن، وكان من المقرر استكمال 5 أخرى تحت المراقبة، قبل أن يوقف لاحقًا.
كذلك أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 إبريل، أيضًا عبد الرحمن طارق الشهير بـ “موكا”، والمصور الصحفي محمود أبوزيد الشهير بشوكان.
ومن أبرز التدابير المتبعة في هذا السياق عدم مغادرة المتهم للمنزل لساعات محددة، أو قيام فرد أمن من قسم الشرطة التابع له المتهم بالمرور عليه بمسكنه، أو أن يقوم المراقب بتسليم نفسه للقسم التابع له لمدة ثلاث ساعات يوميا أو مرة واحدة أو مرتين أسبوعيًا.