فتحت وزارة العدل الأمريكية، تحقيقًا جنائيًا ضد جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن كشفه عن معلومات سرية نشرها في كتابه: “الغرفة التي شهدت الأحداث”، بعد فشل الوزارة في منع صدور الكتاب.

وأصدرت هيئة محلفين شكلتها وزارة العدل، طلبات استدعاء رسمي إلى شركة “سايمون أند شاستر” للنشر التي تمثل جون بولتون، إذ تتعلق القضية بمسألة، هل اجتازت مسودة الكتاب مراجعة أمنية قبل نشره؟.

وكشف “بولتون” في مذكراته، الكثير من أسرار البيت الأبيض والمطبخ السياسي، إذ ذكر أسرارًا تتعلق بقضايا حيوية ولقاءات لـ”ترامب” بمسؤولين في إدارته بينهم جيمس ماتيس، وزير الدفاع السابق ووزير الخارجية الحالي، مايك بومبيو.

وسبق أن توعد “ترامب” لمستشاره السابق، بأنه سيدفع ثمنًا باهظًا في حال نشر الكتاب، وطالب بمحاكمته، ووصفه بـ”مفتقر الكفاءة” و”كاذب”.

دعوة جنائية

ورفعت وزارة العدل الأمريكية دعوى جنائية ضد جون بولتون، بعد فشلها في منع صدور الكتاب، والذي أنكر جميع التهم الموجهة إ ليه.

من جانبه، قال محامي بولتون، تشارلز جيه كوبر، إن موكله “يرفض بشدة أي ادعاء بأنه تصرف بشكل غير لائق، ناهيك عن ارتكاب أي فعل جنائي، في ما يتعلق بنشر كتابه، وسيتعاون بشكل كامل، كما فعل طوال الوقت، مع أي تحقيق رسمي حول سلوكه”.

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، الادعاء الاتحادي أرسل، أمس الأول الاثنين مذكرات استدعاء إلى وكالة بولتون الأدبية جيفلين، ودار سايمون أند شوستر، للنشر للمثول أمام هيئة محلفين كبرى.

ونقلت الصحيفة عن مصارد لم تكشف عن هويته، بأن مذكرات الاستدعاء تطلب جميع سجلات الاتصالات المتعلقة ببولتون، وأن الأخير لم يتلق أمر استدعاء أمام هيئة محلفين كبرى.

بالمقابل، امتنعت متحدثة باسم وزارة العدل عن التعليق وكذلك دار “سايمون أند شوستر” للنشر.

وسعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السابق، للحصول على أمر من المحكمة، لمنع بولتون من نشر الكتاب الذي ينتقد الرئيس.

“الغرفة التي شهدت الأحداث”

وركز الكتاب، الذي صدر في يونيو الماضي، على جميع النقاشات الرئيسية التي دارت في البيت الأبيض، خاصة ما يتعلق منها بنزاعات الشرق الأوسط وشؤون الأمن القومي الأمريكي وشخصية الرئيس ترامب.

وبشأن سحب القوات الأمريكية من سوريا، كشف بولتون أن “ترامب” اقترح بداية أن تدفع بعض الدول العربية مصاريف هذه القوات بالإضافة إلى 25%، ثم رفع النسبة في اقتراحه إلى 50%، وهو ما ناقشه مستشار الأمن القومي السابق مع مسؤولين من قطر، والإمارات، ومصر، واعدين أن يتعاملوا مع الموضوع بجدية.

ويكشف الكتاب أن الإدارة الأمريكية كانت تعرف أن النظام السوري استخدم الكيماوي قبل هجوم دوما بأيام في أماكن أخرى منذ أبريل 2017، لذلك اقترح بولتون أن يكون الرد قويًا وبأن يصل إلى حدّ تهديد النظام بالهجوم على قصور الأسد، لكن ذلك لم يتم.

كما ركز الكتاب بشكل كبير على إيران، كاشفًا أن ترامب تساءل في أحد الاجتماعات، “ماذا لو انسحبت إيران من الاتفاق النووي؟.. فإسرائيل لا تملك القدرات والموارد للقيام بعمليات عسكرية ضدها، خاصة لو وقف العرب مع طهران”، وقد بدت هذه الجملة الأخيرة غريبة لبولتون، لكنه رد بوجود روابط بين إيران، وكوريا الشمالية.

كما يشير بولتون في موضع آخر أن العقوبات على طهران لم تكن بالفعالية المنتظرة.

ويعتقد بولتون أن التهديد النووي الإيراني، وإن لم يكن متقدمًا ككوريا الشمالية، فهو أكثر خطورة لأن ما يحركه هي إيديولوجية قادة طهران، ويرى أحد أبرز صقور المحافظين أن تقدم طهران في برنامجها النووي من شأنه إلهام دول أخرى: كتركيا، ومصر، والسعودية على اتخاذ خطوات مماثلة حتى تكون لديها كذلك قدرات نووية.

تناول الكتاب ايضًا قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في  قنصلية بلاده بإسطنبول، كاشفًا إنه نصح السعوديين بإعلان الحقائق، وإنه أخبر ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بضرورة معرفة ما حدث ونشر تقرير قبل “انفجار تخيلات الناس”.،ويتابع المستشار السابق لترامب أن الإدارة الأمريكية أخذت القضية بجدية وناقشت مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إرسال وزير الخارجية مايك بومبيو.

أما بشأن علاقة الرئيس الأمريكي بنظيره التركي، رجب طيب أردوغان، أوضح “بولتون” أن رغم كل الخلافات، كان ترامب يرى أردوغان صديقًا له.

ويقول بولتون في كتابه إن ترامب أخبر الرئيس الصيني شي إن الشعب الأمريكي يريد منه أن يجري التعديلات الدستورية اللازمة، للسماح له بالاحتفاظ بالحكم لأكثر من فترتين رئاسيتين.

سياسي محافظ

ويعد جون بولتون، سياسي ودبلومسي أمريكي محافظ، إذ تولى مناصب عديدة آخرها مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي، وهو حاليًا زميل كبير في معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة، وهو مستشار لمؤسسة فريدوم كابيتال لإدارة الاستثمارات، ومعلق في قناة “فوكس نيوز” الأمريكية.

وتولى “بولتون” في عهد الرئيس جورج بوش الابن منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي، رغم معارضة شديدة من الكونجرس آنذاك، ومكنه ذلك من تحريك وتنفيذ الكثير من أفكاره اليمنية المتعلقة بفرض العقوبات الاقتصادية والتدخلات العسكرية الرامية إلى أسقاط أنظمة حكم تعتبرها واشنطن حجر عثرة في تحقيق أهدافها.

بولتون هو من هواة الحرب وتغير الانظمة بالقوة، هكذا تتصف سياسته الخارجية، وداعًا لتغيير النظام في إيران، وسوريا، وليبيا، وفنزويلا، وكوبا، واليمن، وكوريا الشمالية.

كما دعا مرارًا وتكرارًا إلى إنهاء الصفقة النووية الإيرانية وقد فعل، كما كان من دعاة حرب العراق ولا يزال يدعم قرار غزو العراق، تم وصف آرائه السياسية على أنها قومية أمريكية محافظة.