“يومين وعدوا.. يومين وراحوا”.. كانت هذه أحد أغنيات المطرب ذو الحنجرة الذهبية الذي استطاع أن يقود مظاهرة في حبه أمس على صفحات السوشيال ميديا وهو بهاء سلطان، المثير للجدل منذ سنوات، بسبب عقد الاحتكار الموقع بينه وبين المنتج والمخرج نصر محروس، والذي امتدت مشكلاتهما في المحاكم لعدد من السنوات دون الوصول إلى نهاية حتى يومنا هذا، حتى في حالة صدور الحكم، بين وبين مكتشفه، ليجد الجميع أننا أمام حالة من الارتباك بين كلمات المنتج التي تؤكد أن قرار المحكمة لصالحه وبين مطرب يريد الخروج من جُعبة احتكار دامت 13 عام، والتي لم يقم خلالهما إلا بإصدار ألبومين فقط كانت آخر ما أصدره منهما عام 2003.
ومع هذه القضية التي أصبحت مثيرة للجدل وظهرت على السطح أمام الجميع في وقت قريب، والتي يزداد الحديث حولها مع كل ظهور ولو عابر لبهاء سلطان، تجعلنا نفتح الملف أمام مشكلة الاحتكار الفني للمطربين وسيطرة المنتجين عليهم، والتي تتسبب في أغلب الأحيان إلى ضاع مستقبل هؤلاء المطربين في سلسلة من المحاولة إما للسيطرة على السوق أو للحفاظ على مطربين يعلمون أنهم يمثلون لهم ثروة كبيرة.
نصر محروس ملك عقود الاحتكار
لم تكن أزمة بهاء سلطان هي المشكلة الأولى التي خاضها المنتج والمخرج نصر محروس بسبب احتكاره للمطربين، والتي سبقتها أزمته مع المطرب هيثم شاكر، الذي وقع معه عقد احتكار ومع صدور أول ألبوم له والذي كان يحمل اسم “جديد عليا”، وعدم تحقيقه النجاح المطلوب بدأت الاتهامات بين الطرفين ليتهم المطرب منتجه بضعف الدعاية على الألبوم، ليمتنع الأول عن الإنتاج له مرة آخري ويطالبه بالشرط الجزائي الخاص به، وهو مليوني جنيه حتى يستطيع مواصلة نشاطه الفني مرة آخري.
“منعها من الغناء”.. كانت هذه هي أحد الخطوات التي اتخذها نصر محروس ضد الموهبة الكبيرة شيرين عبد الوهاب، وكان ذلك ضمن الشروط المنصوص عليها كجزاءات إن لم تلتزم هي بالشروط الاحتكارية التي وضعها بعقدها، واستمرت أيضًا الأزمة بينهما لمدة من الزمن ليتهي نقيب الموسيقيين حينها، الأمر حسن أبو السعود، مُرغمًا شيرين على دفع الشرط الجزائي المبرم في العقد، والذي تقدر قيمته بملغ 3.5 ملون جنيه، قامت شركة روتنا للصوتيات والمرئيات بدفهم لها مقابل تعاقدها معهم.
كما هرب أيضًا تامر حسني من عقد احتكاره الذي قام بإمضائه في بداية مشواره مع نصر محروس لمدة 8 سنوات، بدفعه للشرط الجزائي بـ 10 مليون جنيه.
منع من الغناء وضياع مستقبل
تشابهت الرواية التي يعيش بها بهاء سلطان مع محمد الشرنوبي الذي قام بالإمضاء على عقد احتكار يجمعه بسارة الطباخ، والتي أنتجت له أولى ألبوماته الغنائية، وبدأت بعدها المشكلات بينهما، سواء كان ذلك على أبواب المحاكم أو النقابة والتي انتهت بالطبع لصالح المنتجة التي استطاعت أن تقوم بمنعه من الغناء وعدم قدومه على الاتفاق على أي عمل فني دون الرجوع لها.
اختفى أيضًا المطرب لؤي مدة عن الساحة الفنية، بسبب ما وقعه من عقد احتكار، مع الشركة المنتجة على طرح 5 ألبومات خلال 5 سنوات، وهو ما لم يحدث، واتهم لؤي منتجه بالبخل وأنه لم ينفق على الدعاية كما هو متوقع، ولم يستطع هو على دفع الشرط الجزائي لتبقى حياته الفنية متوقفة حتى مدة انتهاء العقد.
تسقيع المطربين المصريين.. روتانا هي القائد
“إحنا نتعامل على أننا غنم وعايزين يمتوا الأغنية المصرية”.. كانت هذه العبارة تعبيرًا عن الطريقة التي تقود بها شركة روتانا للصوتيات والمرئيات إدارة المطربين هناك، فقد كان الأمر متعلق بالمطربين المصريين فقط في بداية الأمر، ولكنه تطور ووصل إلى مطربي الخليج ولبنان، وظهر هذا حين قامت إليسا مؤخرًا بفسخ تعاقدها مع الشركة، وأيضًا الخليجية بلقيس.
قادت روتانا مسيرة تسقيع المطربين مع المصريين، وهي ما تعني بتأجيل مطرب على حساب آخر، بالإضافة إلى التدخل في اختيار كلمات الأغاني والأغنيات الرئيسة وهذا طبقًا لما تعاقدت به مع المطربين من عقود احتكار، كانت في البداية اسم الشركة خادعة لهم فجذبتهم للموافقة ليجدوا أنفسهم في منتصف الطريق يعانون من التهميش، وكان من أشهر هذه الاسماء الفنان محمد فؤاد الذي قام هو فسخ تعاقده مع الشركة قائلًا حينها:” أن الشركة لا تهتم بالنجوم المصريين، مؤكدًا أن روتانا كانت تتجاهله، وتضع له ميزانية قليلة لتصوير كليباته وتضع ميزانية كبيرة لمطربات أخريات.
شيرين عبد الوهاب، وتامر عاشور، التي قامت بطرح الألبوم الخاص به عام 2011 دون الرجوع له أو إخباره بموعد الطرح، وكأنه تابع لهما، ليس له قرار.
والهضبة عمرو دياب نفسه الذي عانى من التهميش معهم واتخاذهم قرارات خاصة به دون الرجوع له سواء من خلال طرح أغنيات أو الاتفاق على إعلانات أو ما شابه ذلك.
الاحتكار.. أزمة السنوات الفنية
قال الناقد الفني طارق الشناوي أن أزمة احتكار الفنانين، والتي بدأ التركيز معها خلال اليومين الماضيين بعد اندلاع خلافات المنتج نصر محروس والمطرب بهاء سلطان على السطح، هي مشكلة تمتد إلى سنوات ماضية طويلة وهي أزمة فنية لم يصل أحد لحلول خاصة بها.
وأضاف أن هناك مطربين كبار تعرضوا لهذه الأزمات مع منتجي ألبوماتهم الغنائية، أمثال عمرو دياب وأنغام وشيرين عبدالوهاب، فلم يتوقف الأمر على حجم المطرب أو الشركة، ولكن متوقف على حجم تقدير المنتج لحجم المكاسب التي سيحصل عليها من المطرب، ورغبة المطرب في الاحساس بالتأمين الفني لسنوات وأنه سيظل يرح ألبومات لسنوات متتالية.
وأوضح أنه يحدث أحيانًا من المنتج عملية تسقيع للمطرب في شركته، بمعنى يقوم المنتج بالتعاقد مع مطرب معين وإعطائه أموالا دون أن ينتج له أغنيات، بهدف تمهيد الطريق لظهور مطرب آخر في الشركة نفسها، وهو أحد مساؤي الاحتكار التي يمكن أن يتعرض لها مطرب.
وقالت الناقدة ماجدة موريس، أن عقود الاحتكار أو “الاذعان” كما تًطلق عليها، هي عقود للتحكم وسيطرة المنتج على المطرب بشكل فج فلا يجوز له التحرك فنيًا أو إقامة حفل وغيرها من النشاطات الفنية دون الرجوع إلى المنتج، قد يشعر بعض المطربين أو أغلبهم بالسعادة في بداية توقيع هذه العقود لكن الأمر ينتهي بأن يعضوا على أناملهم من الندم بسبب ما وصلوا له أو بسبب الشروط الجزائية التي يضطرون إلى دفعها للخلاص من عنفوان المنتج عليه، وخروجه إلى نور الفن مرة آخري.