يعيش حزب المصريين الأحرار أزمة تنظيمية كبيرة، بعد استقالة رئيس هيئته البرلمانية أيمن أبو العلا، لأسباب أرجعها إلى سوء إدارة رئيسه عصام خليل، بشأن الخلافات بين الحزب والقائمين على تشكيل القائمة الوطنية الموحدة التي ستخوض انتخابات مجلس النواب المقبلة.

سوء إدارة

“أبو العلا” أعلن في بيان الاستقالة، أن قراره يأتي اعتراضًا على ما وصفه بسوء إدارة “خليل” خلال الفترة الأخيرة، مما تسبب في إضعاف بل إغراق حزب كان له شأن سياسي كبير نتيجة جهد سنوات من أعضاء الحزب في جميع المحافظات.

وعدد “أبو العلا” الأخطاء التي ارتكبها “خليل” خلال إدارته للحزب في: “التخلص من الأعضاء الداعمين للحزب للاستئثار بالسلطة، وتقليص أعداد الهيئة البرلمانية من 64 نائبًا لـ 9 نواب فقط، وغلق كثير من المقرات في الشارع، مما أثر على نشاط الحزب، بل تحول من حزب المصريين الأحرار، إلى حزب عصام خليل ومن حوله، وهو ما يتعارض مع المبدأ الديمقراطي الذي قام الحزب على أساسه”.

وأشار في البيان نفسه إلى “أن عصام خليل رفض دخول القائمة الوطنية في انتخابات مجلس الشيوخ، زعمًا منه باعتراضات تخص عدد المقاعد، وهو أمر غير حقيقي، وقام بفصل الأعضاء الذين دخلوا انتخابات مجلس الشيوخ تعسفيًا بعدما رفض تشكيل لجنة للتنسيق مع القوى السياسية الأخرى بشأن انتخابات مجلس الشيوخ أو النواب، ورفض الاستماع لأعضاء الهيئة البرلمانية والمكتب السياسي”.

تلك الاتهامات قابلها عصام خليل بهدوء شديد، إذ رفض التعليق على الاستقالة واتهامه بإدارة الحزب بشكل منفرد، قائلا: “اعتدنا ألا نرد على الإساءة أو التجاوزات، ونشكر رئيس الهيئة البرلمانية للحزب أيمن أبو العلا، ونسأله لماذا لم يستقل قبل عام أو أكثر طالما يرى أننا لسنا نظامًا مؤسسيًا على خلاف الواقع”.

ولم يحسم الحزب حتى الآن موقفه النهائي من خوض الانتخابات البرلمانية ضمن قائمة “من أجل مصر” التي يشكلها ائتلاف “دعم مصر”، إذ لم توجه إليه الدعوة لحضور بعض الاجتماعات التنسيقية لحسم حصته في القائمة، وهو ما عززته صورة الغلاف الدعائي للقائمة التي خلت من اسم المصريين الأحرار والحركة الوطنية والغد.

استقالة “أبو العلا” لم تكن مجرد إلا حلقة من مسلسل انهيار أحد أكبر وأشهر الأحزاب التي تأسست عقب ثورة 25 يناير، حيث تغيرت بوصلته تمامًا على مدار السنوات الأخيرة من حزب ليبرالي له مواقفه بخصوص النظام الاقتصادي والحريات العامة إلى مجرد حزب عادي لا يمتلك الشعبية ولا المرجعية التي اكتسبها من صورة مؤسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي أطاح به رئيس الحزب الحالي عصام خليل من مجلس الأمناء في السنوات الأخيرة.

الإطاحة بـ”نجيب ساويرس”

وصوت المؤتمر العام لحزب المصريين الأحرار في أواخر ديسمبر 2016 بحل مجلس أمناء الحزب الذي يترأسه نجيب ساويرس، بعد فترة قصيرة من انعقاد البرلمان ونجاح 65 نائبا في تشكيل كتلة قوية، وهو ما ترجمه المراقبون بأن “ساويرس” أقصي بسبب رغبته في تشكيل نوابه آلة ضغط على الحكومة في القرارات الاقتصادية بعدما أظهر عدم رضاه عن أداء نوابه، حيث كان يعتبرهم ضمن مجموعة الموالاة بعكس رغبته واستراتيجيته في إنفاق أموال ضخمة لدعمهم في الانتخابات.

مثلت الإطاحة بـ”ساويرس” من مجلس الأمناء تغييرًا في مسار الحزب الليبرالي، حيث بدأت معه رحلة الانقسام وتشكيل الجبهات، فهناك من يدعم ويدين لـ”ساويرس” بالفضل في بناء هذا الحزب، وآخرون يرون أنه صار يمثل عبئًا على أجندته السياسية والبرلمانية، وهو ما انتهى إلى وجود هيئتي مكتب ورئيسين للحزب، الأول عصام خليل والثاني الدكتور محمود العلايلي المحسوب على جبهة “ساويرس” والذي انتخب رئيسا في مايو 2017.

وكانت محكمة استئناف القاهرة، قد قضت بتأييد حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ببطلان الانتخابات التكميلية على مقعد رئيس حزب المصريين الأحرار، التي أُجريت في 2015، وما يترتب عليها من آثار، وانتصرت المحكمة قانونًا لـ جبهة “ساويرس” على جبهة “عصام خليل” في الصراع، الذي اندلع بداية 2017، عقب استصدار الثاني قرارًا من المؤتمر العام بإلغاء مجلس الأمناء.

استقالات النواب

لم يهنأ الحزب باستقرار كبير منذ تفجير أزمة الجبهات والصراعات القضائية على الشرعية الحزبية، إذ توالت الاستقالات البرلمانية بعد إعلان علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب حينذاك ورئيس لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الاستقالة من عضوية المصريين الأحرار تمهيدًا لانضمامه إلى حزب مستقبل وطن، لتتحول الأغلبية البرلمانية إليه في موسم عُرف إعلاميًا بالهجرة الحزبية من أجل تعزيز سيطرة مستقبل وطن على مجلس النواب.

معركة استرداد الحزب

يقول محمود العلايلي، رئيس حزب المصريين الأحرار، “بحكم القضاء، الأوضاع الحالية ترجمة للوضع غير القانوني الذي يعيشه الحزب منذ 4 سنوات، وتحديدًا منذ المؤتمر العام الذي نصّب فيه عصام خليل نفسه رئيسًا للحزب وحل مجلس الأمناء”.

وبرأي “العلايلي”، فإن الخطوة الأولى لإعادة الحزب إلى مساره الصحيح، هي تنفيذ الحكم القضائي من قبل لجنة شئون الأحزاب حتى يسترد الحزب شخصيته وكوادره لتصحيح المسار الحالي، ثم التفكير في الشأن السياسي ووضع هيئته البرلمانية.

وتابع “العلايلي”: “الحزب تخلى في السنوات الماضية عن كوادره وافتقد الشخصية والزعامة ولم يعد على قدر تطلعات المصريين، كما أنه يسير في مسار خاطئ سياسيًا وبرلمانيًا، مؤكدًا أن أولوياته الآن استرداد الحزب بعد بت لجنة شئون الأحزاب في الأحكام القضائية وفقًا لجدول أعماله.

وأشار “العلايلي” إلى أنه رفض التفكير في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على المقاعد الفردية، بسبب الوضع الحالي للحزب، قائلًا: “أولوياتنا استرداد الحزب وعودته إلى مكانه، وليس هذا وقت التواجد في البرلمان من وجهة نظري، لأن ممارسة السياسة ليست مقتصرة على البرلمان فقط”.