أعلن رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، عن استقالته من منصبه، وتسليم السلطة نهاية شهر أكتوبر المقبل.

إعلان رئيس حكومة الوفاق، جاء بعد أسابيع من تظاهرات ضخمة شهدتها طرابلس وعددًا من المدن غربي الليبي، احتجاجًا على أداء حكومة السراج، الذي قال في كلمة للشعب الليبي، التي ألقاها أمس الأربعاء: “منذ توقيع اتفاق الصخيرات في ديسمبر، سعينا بين الأطراف الموجودة على الساحة السياسية الليبية لتوحيد مؤسسات الدولة، والمناخ السياسي لا يزال يعيش حالة استقطاب جعل كل المباحثات الهادفة إلى إيجاد تسويات سلمية، شاقة وفي غاية الصعوبة”.

وأضاف السراج: “تراهن بعض الأطراف المعتادة على خيار الحرب وقدمنا الكثير من التنازلات لقطع الطرق أمام هذه الرغبات الآثمة وإبعاد شبح الحرب ولكن دون جدوى للأسف”.

وتابع: “لم تكن الحكومة تعمل في الأجواء الطبيعية وحتى شبه الطبيعية منذ تشكيلها، وكانت تتعرض كل يوم للمؤامرات داخليا وخارجيا، وواجهت الكثير من الصعوبات في أداء مهامها. هذه هي الحقيقة وليس تهربا من المسؤولية بل إنما سعينا إلى التوصل إلى توافقات مرضية تغليبا لمصلحة ليبيا والشعب الليبي، على هذا الأساس كانت كل تحركاتنا”.

واستطرد: “اليوم نشهد اللقاءات والمشاورات بين الليبيين التي ترعاها الأمم المتحدة، ونرحب بما تم الإعلان عنه من توصيات مبدئية وننظر إليها بعين أمل لأن تكون فاتحة خير لمزيد من التوافق والاتفاق، أفضت هذه المشاورات الأخيرة إلى اتجاه نحو مرحلة تمهيدية جديدة لتوحيد المؤسسات وتهيئة مناخ عقد انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة”.

وختم حديثه قائلًا: “في النقطة الأخيرة أعلن للجميع رغبتي الصادقة في تسليم مهامي إلى السلطة التنفيذية القادمة في موعد أقصاه نهاية شهر أكتوبر القادم على أمل باختيار مجلس رئاسي جديد”.

تولى السراج، رئاسة حكومة الوفاق الوطني منذ تشكيلها في 2015 نتيجة لاتفاق سياسي دعمته الأمم المتحدة يهدف إلى توحيد ليبيا واستقرارها بعد الفوضى التي أعقبت انتفاضة 2011 التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي.

وسبق كلمة السراج انتشار أمني مكثف في الشوارع الرئيسية للعاصمة طرابلس، حسب شهود عيان.

الاحتجاجات في ليبيا، طالبت برحيل السراج بعدما ارتفع مستوى الغليان بين سكان ليبيا لاسيما الشبان

https://www.youtube.com/watch?v=UtZJkAgR-0U

الاحتجاجات تُطيح بالسراج

الاحتجاجات في ليبيا، طالبت برحيل السراج، بعدما ارتفع مستوى الغليان بين سكان ليبيا، لاسيما الشبان، بسبب تدهور الظروف المعيشية وانتشار الفساد.

وظهرت خلافات علنية بين السراج ورجل تركيا في حكومته وزير الداخلية فتحي باشاغا على خلفية التعامل مع المتطاهرين.

وبعد أن قرر السراج، وقف باشاغا عن ممارسة مهامه، أذعن رئيس حكومة طرابلس لتهديدات الميليشيات الموالية لباشاغا وأعاده على رأس وزارة الداخلية مرة أخرى.

ونقل موقع “بلومبرغ” الأمريكي، عن مسؤولين مقربين من رئيس الوزراء الليبي فايز السراج، في وقت سابق، أنه يعتزم الإعلان عن استقالته قريبًا مع الاحتفاظ بمنصبه بشكل مؤقت لقيادة المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة جديدة المقررة الشهر المقبل في جنيف.

رئيس الوزراء المعترف به من قِبل الأمم المتحدة والذي تسيطر حكومته على أجزاء فقط من غرب ليبيا، كان قد تمكن في يونيو الماضي بمساعدة تركيا، من الصمود أمام الهجوم العسكري الذي شنه القائد الشرفي خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس والذي استمر لمدة عام كامل.

إلا أن طرابلس بقيادة السراج، دخلت في صراع سياسي داخلي منذ ذلك الوقت كما واجه السراج ضغوطًا كبيرة من الحركة الشعبية التي أعلنت احتجاجها مؤخرًا ضد فساد الحكومة في طرابلس.

من المتوقع أن تلقى استقالة السراج، ترحيبًا من داعمي حفتر في الأقاليم الليبية وخارجها بما في ذلك مصر والإمارات

احتجاجات طرابلس

مفاوضات جنيف

وأوضح مسؤولان لـ”بلومبرغ”، لم يشكفا عن هويتهما، أن إعلان السراج استقالته سيخفف بعض الضغط عن نفسه في الوقت الذي يمهد فيه الطريق لخروجه من المسؤولية بعد محادثات جنيف.

وبحسب “بلومبرغ”، فإنه سيُطلب من الطرفين المتنافسين خلال مفاوضات جنيف، الاتفاق على هيكلية جديدة للمجلس الرئاسي توحد الإدارات المتناحرة في البلاد والتحضير لانتخابات مقبلة.

كما أنه من المتوقع أن تلقى استقالة السراج، ترحيبًا من داعمي حفتر في الأقاليم الليبية وخارجها بما في ذلك مصر والإمارات، حيث سيتم تسهيل المحادثات لتوحيد الدولة الشمال إفريقية التي تسيطر على أكبر احتياطيات نفطية في القارة والتي مزقتها الصراعات منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي في العام 2011.

أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أمس، أنه يريد إنهاء المرحلة الانتقالية والذهاب لانتخابات

توحيد المعسكر الشرقي

كما أضافت “بلومبرغ” أن دبلوماسيين عرب وغربيين أكدوا أن حفتر نفسه أفسح المجال سياسيًا بشكل متزايد لعقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي اقترح مبادرة سياسية لتوحيد مؤسسات البلاد، والذي يقود الآن محادثات سياسية لتوحيد المعسكر الشرقي.

وقال 4 مسؤولين لـ”بلومبرغ”، إن السراج ومساعديه ناقشوا خططه مع شركاء ليبيين ودوليين، وقال مسؤولان آخران، إنه من المتوقع أن يدلي بإعلانه بحلول نهاية الأسبوع.

السراج

توحيد المؤسسات السيادية

وأعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أمس، أنه يريد إنهاء المرحلة الانتقالية والذهاب لانتخابات، لافتًا إلى أن حوار المغرب جاء لتوحيد المؤسسات السيادية.

وكان وفدا مجلس النواب الليبي ومجلس الدولة الليبي، وقعا الأسبوع الماضي في المغرب، على المسودة النهائية للاتفاق الذي كانا قد توصلا له مؤخراً.

الاتفاق، شمل آليات اختيار الشخصيات التي ستشغل المناصب السيادية في الدولة الليبية، وكذلك آليات لمحاربة الفساد في المناصب السيادية.

وسيتم التوقيع على الاتفاق السياسي الليبي الليبي بشكل رسمي في المغرب في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الجاري.

واستضاف المغرب، جلسات الحوار الليبي بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق بهدف تثبيت وقف إطلاق النار وفتح مفاوضات لحل الخلافات بين الفرقاء الليبيين.

ويتوقع محللون، أن تزيد استقالة السراج من حالة عدم اليقين السياسي في طرابلس أو حتى الاقتتال الداخلي بين الفصائل المتنافسة

السراج وأردوغان

فراغ سياسي

ويتوقع محللون، أن تزيد استقالة السراج من حالة عدم اليقين السياسي في طرابلس أو حتى الاقتتال الداخلي بين الفصائل المتنافسة في التحالف الذي يهيمن على غرب ليبيا.

ويرونا أيضًا، أن استقالة السراج ستؤدي إلى خلق فراغ سياسي في غرب ليبيا من شأنه إضعاف المجلس الرئاسي وحكومة طرابلس، وقد تكون هذه الخطوة ضارة أيضًا بالعلاقات بين طرابلس وأنقرة

فيما يرى آخرون، أن ذلك يأتي في سياق تحرك نحو حل سياسي بعد أن أنهت حكومة الوفاق الوطني في يونيو، هجوم القوات الموالية لحفتر على طرابلس، الذي استمر 14 شهرًا، وأجبرتها على الانسحاب من العاصمة.