بعد بداية سيئة هذا الموسم بالدوري الإنجليزي الممتاز لتوتنهام ومدربه الاستثنائي جوزيه مورينيو، بالخسارة على ملعبه 0-1 أمام إيفرتون ومدربه المتمرس كارلو أنشيلوتي، ازدادت الأمور سوءًا وتعقيدًا للمدرب البرتغالي صاحب التاريخ الكبير والباحث عن نفسه واستعادة مجده القديم في تجربة وتحدي خاص رفقة السبيرز منذ أقل من عام مضى، عندما تولى المهمة خلفًا للأرجنتيني المقال ماوريسيو بوكيتينو، ولكن الأول من النصف الأول من مهمته لم تكن على ما يرام ثم تحسنت نسبيًا بعد العودة من توقف كورونا، وتوقع الجميع عودته قويًا مع بداية الموسم، ولكن لا جديد عاد بهزيمة وأداء سيء زاد الطين بلة للمدرب الطامح في عودة بريقه الخافت ثانية.

سريعًا دخل مورينيو مع ديفيد مويس، مدرب وست هام، الذي خسر من نيوكاسل على ملعبه أيضًا، في قائمة المنتظرين للإقالة بعد أداء مخيب في أول جولة من قبل تقارير صحفية إنجليزية، توتنهام الذي لم يظهر مقنعًا في اللقاء تمامًا، برر مورينيو ذلك بأن الفريق غير جاهز خاصة من الناحية البدنية لعدم تدرب أغلب المجموعة فترة طويلة لقصر مدة الإعداد.

وكذلك لإصابة عددًا منهم بفيروس كورونا المستجد وعدم قدرته على تجميعه وخوض حصص تدريبية مجتمعين لفترة متتالية جيدة من حيث الوقت والتدريبات، مما جعل أغلبهم غير جاهز وتحمل المسؤولية في ذلك رفقة اللاعبين والظروف الصعبة تلك، معبرًا عن ثقته في التحسن تدريجيًا مع الوقت والتدريب أكثر وتحسين الجوانب البدنية وأيضًا الفنية من خلال عمل شاق خلال الأيام القادمة، ليظهر الفريق بحالة جيدة منتظرة من الجميع.

ورغم حسمه لصفقتين مهمتين بالتعاقد مع ماتيو دوهيرتي الظهير الأيمن الطائر من ولفرهامبتون وكذلك هويبرج متوسط ميدان ارتكاز من ساوثهامبتون، لكنه مازال بحاجة لصفقات أخرى لتحسين جودة قائمة الفريق المتوسطة المستوى أو ربما أقل وفقاً لحسابات “سبيشال وان” المتطلع دائمًا للأفضل من كل العناصر التي في يديه لتقديم الأداء المنتظر ومن ثم النتائج والعودة لتحقيق البطولات بعد غياب طويلة عنه وعن توتنهام وصيف أوروبا العام المنقضي.

فرصة للعودة من الباب الكبير له وللاعب

ولكن الأمور ربما تختلف كليًا، بعد الأنباء الأخيرة بحسمه صفقتين من العيار الثقيل لتدعيم صفوف فريقه وتقويته بنجوم من الفئة الأولى، من نوعية الويلزي جاريث بيل، نجم ريال مدريد وجناحه الطائر، الذي واجه مشاكل عدة في الميرينجي وعدم توافقه مع المدرب زين الدين زيدان الذي لا يعتمد عليه تمامًا وهو لا يقدم مستوى جيد في آخر سنتين، ليكون انتقاله لفريقه السابق بمثابة طوق نجاة له أولاً لاستعادة مستواه وتألقه السابق وكذلك لمورينيو الذي يبحث عن تقوية فريقه بنجوم تدفعه لتحسين النتائج والأداء للعودة لمنصات البطولات ثانية ويثبت أنه مازال لديه الكثير ليقدمه ولم ينتهي كما يعتقد الكثيرون ويشككون في قدراته على العودة لسابق مجده ثانية وأن أساليبه باتت قديمة مع تطور الكرة العالمية بشكل ملحوظ.

الصفقة الثانية المهمة كذلك، هي التعاقد مع الظهير الأيسر الإسباني ريجليون وهو صاحب أداء هجومي مميز وتطور كثيرًا مع لوبيتيجي في إشبيلية وحصل معهم على لقب الدوري الأوروبي قبل أسابيع قليلة من الآن، وبالتالي سيعزز مورينيو قائمته من الناحية الهجومية في الجانبين الأيمن والأيسر ويحسن جودة القائمة والفريق بنجوم جيدة، مع ترقبه ضم قلب دفاع جيد وكذلك مهاجم بديل لهاري كين ليكون راضيًا كل الرضى عن ميركاتو فريقه هذا الصيف ويركز أكثر مع الفريق لتحقيق النتائج الجيدة وكذلك الأداء ثم البطولات ليسعد جماهير سبيرز وينال رضاها ويسكت كل من شكك في قدرته على العودة لتألقه السابق.

تحدي خاص وجانب نفسي مهم

بخلاف الجانب الفني القوي للصفقتين وتحديدًا جاريث بيل، إلا أن الجانب النفسي وتأثيره سيكون أقوى سلاح لجوزيه المعروف بقدرته الكبيرة على تحضير لاعبيه جيدًا من هذا الجان للمباريات والتحديات القادمة لهم، فسيستغل مورينيو جيدًا رغبة بيل في العودة للتألق ثانية وإثبات خطأ الريال في التعامل معه بالفترة الماضية، وكذلك زيدان بتجاهله وعدم تقديره بالشكل المناسب في ظل اعتماده على نجوم كثر بالريال، غير موجودين في توتنهام وبالتالي سيكون مع كين وبدرجة أقل سون وألي هو نجم الفريق الأول وسيحمله مورينيو مسؤولياته ليخرج منه أفضل ما لديه لصالح الفريق ولصالحه.

تلك الطاقة النفسية الإيجابية التي سيتعامل بها المدرب البرتغالي مع بيل ومع تعوده وملائمة أسلوبه وطريقة لعبه للدوري الإنجليزي الممتاز، ودرايته بكل شيء مع توتنهام والأجواء بصفته نجم سابق للسبيرز، سيكون أمامه طريق ممهد للتألق وإثبات نفسه مرة أخرى وأنه قادر على التحليق مجددًا، وهذا سيصب في صالح مورينيو بالتعبية مع تحسن النتائج والأداء خاصة الهجومي بوجود النفاثة الويلزية وتقديمه لأفضل أداء ومستوى لديه.

حلول كثيرة ومرونة تكتيكية أكبر

المدرب المعروف بعبقريته في الجانب التكتيكي تحديدًا وتحضيره للاعبيه بأفضل شكل ممكن للمباريات ومعرفة كل شيء عن خصمهم وتدريبهم على كل طريقته والأسلوب الذي يريد تطبيقه، كما وصفه الكرواتي لوكا مودريتش نجم ريال مدريد وأحسن لاعب في العالم 2018، واصفًا إياه بأفضل مدرب يتعامل مع اللاعب من الجانب التكتيكي وتقديمه لكل شيء يحتاجه اللاعب قبل مواجهة الخصوم، ومع تواجد بيل وكذلك ريجليون وباقي النجوم في تشكيلة توتنهام، سيكون أمامه حلول كثيرة ومتنوعة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من “خامات” اللاعبين الموجودة في قائمته.

خاصة مع تعزيز الجانب الهجومي من الجبهة اليمنى التي عانت من تذبذب مستوى لوكاس مورا وعدم تقديمه للإضافة المنتظرة بها منذ الموسم المنقضي سواء مع بوكيتينو قبل رحيله أو بعد قدوم مورينيو، وظهور ديلي ألي صانع الألعاب أو رقم 10 بمستوى هزيل منذ العودة من توقف كورونا، وبالتالي وجود بيل سيعزز الجبهة اليمنى الهجومية بطريقة مذهلة لو بكامل أدائه السابق، وسيجعل منها جبهة نارية على كل الخصوم ومعه مورا إذا عاد لمستواه كبديل.

كذلك مع تألق الكوري سون في الجبهة اليسرى وعودة كين القناص لمستواه في قلب الهجوم، فأنت تتحدث عن خط هجوم مدمر للسبيرز سيزيد غلة الأهداف بلا شك الضعيفة للفريق مع مورينيو، وسيعطيه قوة هجومية وضغط أكبر على الخصم ودفاعاته وسيظهره بالشكل المرعب في المباريات لأعتى المنافسين، وربما يستخدم بيل كذلك في الجانب الأيسر مع تحريك سون كصانع ألعاب في مركز 10 رغم إجادته لمركز الجناح الأيسر بشكل أكبر، ولكنه سيعطيه مرونة تكتيكية وهجومية وحلول كثيرة وقوة إضافية بلا شك لزعزعة خصومه وتحقيق أداء مثالي ونتائج مميزة.

كذلك قد يدفعه لتغير طريقة اللعب التي يعتمدها 4-2-3-1 إلى طريقة أكثر حداثة وسرعة وهجومًا أكبر ويستخدمها أكبر فرق العالم حاليًا، مثل برشلونة وريال مدريد وليفربول ومانشستر سيتي ويونايتد كذلك، وهي 4-3-3، وسيمكن بيل وريجليون وباقي نجوم السبيرز مورينيو من تطبيقها بشكل جيد ومرن وبسهولة عن الفترة الماضية التي لم تتوفر له الإمكانات الكاملة لتطبيقها بأفضل طريقة ممكنة، فمن الممكن أن يعتمد هويبرج كارتكاز وحيد وفوقه على الدائرة الثنائي لو سيلسو الذي يقتنع به سبيشال وان كثيرًا وبجانبه ندومبيلي المتألق وأغلى صفقة في تاريخ سبيرز وربما ديلي ألي إذا ما عاد لمستواه.

وأمامهم الثلاثي الهجومي المدمر بيل وكين وسون، وظهيري الجنب الطائران دوهيرتي وريجليون وألدرفيلد في الدفاع وبجواره داير أو لو تعاقد مع مدافع أفضل بدلاً منه، سيكون توتنهام ناري وقوي للغاية مع استكمال كامل قوته البدنية والفنية بالتدريبات وعمل مورينيو معهم الكبير خاصة من الجانب التكتيكي كذلك بعد الصفقات، ربما تكون الفرصة مواتية له مع تحسن الأداء ثم النتائج لمعانقة الألقاب مجددًا بنهاية هذا الموسم واحتلال مركز جيد جدًا بجدول ترتيب البريميرليج وإسكات كل المشككين به وتأكيد قدرته وعبقريته ثانية في عالم التدريب.