أصبحت التدوينات التي تتحدث عن القضية الفلسطينية مهددة بالحذف، كما أصبح الأشخاص أنفسهم ممن يتضامنون مع القضية مهددين بحظرهم لأيام من قبل إدارة موقع الفيس بوك، الأمر الذي يره البعض سياسية جديدة تتخذها إدارة الفيس بوك لمطاردة القضية ومن ثم محو أثارها.

وخلال الفترة الماضية، قامت إدارة الفيس بوك بحذف بعض الحسابات التي تقوم بنشر محتويات تضامنية مع القضية الفلسطينية، ما اضطر أصحابها لعمل حسابات بديلة، إلى جانب حظر التدوينات التي تتحدث عن الانتهاكات التي تقوم بها سلطة الاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني.

الحظر على الفيس بوك يلاحق القضية الفلسطينية

” لو اختفيت مرة أخرى من الفيس بوك اعلموا أنه لا عودة ثانية كما جاء ففي تهديد إدارة الفيس بوك العنصرية”، بتلك الكلمة وجهت الكاتبة الصحفية “مديحة الملواني” رسالة إلى أصدقائها ومتابعيها على صفحتها الخاصة عبر الفيس بوك، بعدما تعرضت أكثر من مرة للحظر بسبب تدويناتها.

تقول الكاتبة الصحفية:” تعرضت للحظر أكثر من مرة بسبب تدويناتي، وفي أخر مرة تم حظري شهران، بسبب تدوينات عن القضية الفلسطينية، بينهم بوست عن المناضلة سهيلة اندراوس، كتبته بعد وفاتها بيومين”.

وأضافت:” خلال الفترة الماضية، تابعت تقاريرهم التي تتضمن تبريرهم في غلق حساباتي وكلها تخص منشوراتي المتضمنة مجرد الإشارة لفلسطين، هذا بالإضافة لخطابهم المتعالي العنصري، والذي يحمل قدرا كبيرا من التهديد، حيث جاء في سياق أن لهم فريقهم من المراقبين الإقليمين والدوليين واللذين لن يسمحوا بنشر ما يرونه خرقا لأمنهم وخطورة على كيانهم.”

أما الشاب محمود ياسين أحد رواد الفيس بوك يقول:” حذف لي صوره للشيخ أحمد ياسين، وتم حظري لمده أسبوع خلال الشهر الماضي”. وأضاف ومع قرار الحظر أرسل موقع لي موقع الفيس بوك رسالة مضمونها أن الإدارة ترى وجود انتهاك لسياساته الخاصة”.

تحذير الفيسبوك ومن جانبه يرى ياسين:” أن إدارة الفيس بوك تعمل على طمس القضية الفلسطينية لإنشاء جيل من الشاب لا يعرف أي شيء عن القضية، وينشأ جيل يعترف بالكيان الصهيوني دون أن يدري”.

تحذير الفيس بوك

أما عبد الله الشاب العشريني يقول:” تفاجأت بإدارة الفيس بوك بمسح منشورات قديمة لدي كانت تتحدث عن القضية الفلسطينية كتبت على فترات متباعدة لكنها مسحت كلها هذا العام “. ويضيف أن هذا الأمر بدأ منذ فترة ويأتي بالتزامن مع تطبيع الإمارات، فلم يغفل على أحد أن فيس بوك الشرق الأوسط مقره في الإمارات.

أما أحمد يحيى فقد تعرض للحظر مرتين في كل مرة لمدة شهر، يقول:” في أخر مرة كنت اتحدث عن مذبحة صبرا وشتيلا، الأمر الذي تسبب في حذف المنشور وحظري من قبل إدارة الفيس بوك”. وأضاف:” مع حذف التدوينة التي تتحدث عن صبرا وشتيلا، أرسلت لي الإدارة رسالة تحذيرية بأن التدوينة مخالفة للمعاير المجتمعية”.

ويرى يحيى:” أن الفيس بوك أصبح يتبع سياسية قمعية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة أن مقر الشركة في الامارات التي أعلنت التطبيع مع إسرائيل علنا خلال الأيام القلية الماضية”.

وفي السياق ذاته أوضح وسام البكري أن إدارة الفيس بوك حذفت صورة أضافها على صفحته عن مذبحة صبرا وشتيلا، متسائلا عن أي معايير يتحدثون هل القضية الفلسطينية وما مرت به فلسطين من مذابح ولا زالت تعيش نفس الواقع الآلام، أصبحت الأن مخالفة للمعايير!

الأمر ليس حديثا

في شهر مايو الماضي، أعلن مركز صدى سوشال، وهو مركز فلسطيني معني بمواقع التواصل، عن استقباله لعشرات البلاغات من مستخدمي فيس بوك في فلسطين، بتعرض الحسابات للإغلاق دون إبداء الأسباب للبعض، وبحجة عدم الالتزام بسياسات الموقع.

وأوضح المركز في تقرير له أن معظم هذه الحسابات تعود لصحفيين ونشطاء، يستخدمون حساباتهم بشكل طبيعي ولنشر أخبار ذات علاقة بالحالة الفلسطينية اليومية، لكن فيس بوك ما زال يقوم بشكل واضح على الانحياز للرواية الصهيونية، وتبني معايير دولة الاحتلال التي تمارس جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وأوضح المركز في تقريره، أن معظم الانتهاكات جاءت على منصة فيس بوك وعددها 177، حيث حذفت وحظرت إدارة موقع التواصل الاجتماعي عددًا كبيرًا من حسابات الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين دون إبداء الأسباب.

” 163 حذف حساب شخصي، 13 انتهاك بحق الصفحات، 3 حظر من خاصية البث المباشر، 1 حذف مجموعة، 1 إيقاف مؤقت لحساب”.

وأشار المركز إلى أن 5 انتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني على تطبيق انستجرام، وحذف توتير حسابين لنشطاء فلسطينيين، وحذف واتساب رقم فلسطيني واحد.

حذف التدوينات

كما أشار المركز إلى الغاء 18 صفحة من بينها صفحة جزائرية تساند فلسطين، كما حذف أربع مجموعات، وللمرة الأولى يحظر فيس بوك نشر دومين لموقع طلابي فلسطيني تعليمي على منصته. ومن بين الحسابات المغلقة، صفحات رسمية لوسائل إعلام، لم تخالف معايير فيس بوك، وتكتفي بنشر الأخبار المحلية المتعلقة بالشأن الفلسطيني.

كما أوضح التقرير الصادر عن المركز الفلسطيني المذكور أنه في عام 2018، أعلنت وزارة القضاء الإسرائيلية أن إدارة موقع فيس بوك استجابت عام 2017 لما يقرب من 85% من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر وتقديم بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل.

وفي ديسمبر من عام 2017، أعلن رئيس حزب التوحيد العربي والوزير اللبناني السابق وئام وهاب عبر “توتير” عن غلق صفحته على الفيس بوك بسبب الحديث عن القضية الفلسطينية قائلا: “شكراً لإدارة الفيس بوك الديمقراطية جداً. لن يمنعني شيء عن قول الحقيقة لا إقفال الحسابات ولا عقوبات فكل ذلك زائل والموقف وحده يبقى”. وأضاف: “تستطيع إدارة الفيس بوك أن تقفل حساباتنا ولكن كل قوى العالم لن تستطيع أن تُسكت صوتنا سنبقى الى جانب المقاومة وفلسطين”.

نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن استثمار كبير لـ فيس بوك في عمليات الذكاء الاصطناعي بإسرائيل

مطالبات بالتوقف

كانت لجنة دعم الصحفيين في وقت سابق، قد دعت إدارة الفيس بوك لوقف ملاحقة المحتوى الفلسطيني، بعد أن قامت بتعطيل عشرات الحسابات لنشطاء فلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، مطالبة بإعادة تفعيل الحسابات التي تم تعطيلها.

وناشدت اللجنة في بيان لها كل المؤسسات الدولية وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحفيين، ومنظمة اليونسكو ومؤسسة مراسلون بلا حدود للضغط على إدارة الفيس بوك التي تمارس ازدواجية في التعامل والمعايير، حيث تطلق العنان للصفحات الاسرائيلية التي تدعو للعنصرية والكراهية، وتقوم في ذات الوقت بالتضييق على الصفحات الفلسطينية.

في إبريل من العام الماضي، نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن استثمار كبير لـ فيس بوك في عمليات الذكاء الاصطناعي بإسرائيل من خلال مركز جديد للبحث والتطوير مصمم لمساعدة عمل المهندسين والمبرمجين بالشركة الأميركية وخارجها.

وأبرزت الصحيفة أن فيس بوك تعد من بين أكثر من ثلاثمئة شركة متعددة الجنسيات فتحت منشآت للبحث والتطوير في إسرائيل.