تصريحات خطيرة، أدلى بها مسؤول أمريكي، حول انفجار مرفأ بيروت، حيث وجه الاتهامات إلى حزب الله اللبناني على خلفية الانفجار الذي وقع في العاصمة اللبنانية، وتسبب في وفاة 191 قتيلًا وأصاف المئات.
“حزب الله أقام منذ عام 2012 مخابئ لتخزين نترات الأمونيوم في أنحاء أوروبا”.. نيثن سيلز
تخزين نترات الأمونيوم بأوروبا
اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية، حزب الله اللبناني بإنشاء عدة “مخابئ لتخزين نترات الأمونيوم” في عدد من الدول الأوروبية، لافتة إلى أنه قد يكون مسؤولًا عن انفجار مرفأ بيروت الناجم عن تخزين هذه المادة الخطيرة.
وقال منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، نيثن سيلز، إن “حزب الله أقام منذ عام 2012 مخابئ لتخزين نترات الأمونيوم في أنحاء أوروبا، عبر نقل حقائب إسعافات أولية تحتوي جيوبها التبريدية على هذه المادة”.
وأضاف سيلز، في مؤتمر صحفي عقده، الخميس: “عُثر على هذا النوع من مخابئ التخزين في دول عدة بينها المملكة المتحدة واليونان وفرنسا وإيطاليا وغيرها”.
وأوضح منسق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، أنه تم نقل هذه المادة عبر بلجيكا وإسبانيا وسويسرا، لافتًا إلى أن بعضا من هذه المواد المخزنة قد أتلف.
تطالب الولايات المتحدة بتحقيق شامل ومفتوح وشفاف ومعمّق في انفجار بيروت نأمل أن نرى نتائجه سريعًا
أمريكا تطالب بالتحقيق مع حزب الله
وتابع سيلز: “لدينا أسباب تدفعنا للاعتقاد بأن هذه الأنشطة لا تزال قائمة”، موضحا أن واشنطن تشتبه بأن مخابئ تخزين من هذا النوع كانت موجود على الأقل حتى عام 2018 “على الأرجح في اليونان وإيطاليا وإسبانيا”.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن نسخة من محضر المؤتمر الصحفي للمسؤول الأميركي قوله: “كما شهدنا جميعًا في انفجار مرفأ بيروت فإن نيترات الأمونيوم مادة خطرة جدًا”.
وبشأن ما إذا كانت أمريكا، تقيم رابطًا بين الانفجار وحزب الله الذي تعتبره واشنطن منظمة إرهابية، لم يعط سيلز جوابًا مباشرًا لكن لم يستبعد هذه الفرضية، قائلًا “إليكم ما نعرفه: نحن نعرف أن حزب الله خزن كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في أوروبا”.
وتابع: “نعرف أيضًا من خلال ما شهدناه في بيروت القدرة التدميرية الكبيرة لمادة نيترات الأمونيوم القادرة على التسبب بدمار هائل إن استخدمت كمتفجرات”.
وقال سيلز: “لذا تطالب الولايات المتحدة بتحقيق شامل ومفتوح وشفاف ومعمّق في انفجار بيروت نأمل أن نرى نتائجه سريعًا”.
يشار إلى أن نيترات الأمونيوم هو ملح أبيض عديم الرائحة يستخدم مادة أساسية لكثير من الأسمدة الزراعية.
“إذا كانت هناك جماعة تتحمل المسؤولية الرئيسية عن الأوضاع في لبنان التي أدت إلى الانفجار في بيروت، فهي حزب الله”
انفجار مرفأ بيروت
ووقع انفجار مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس، ما تسبب في وفاة 191 قتيلًا ودمّر مناطق من العاصمة اللبنانية
وأكدت السلطات اللبنانية، أن الانفجار الهائل سببه شحنة من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في أحد عنابر المرفأ منذ أكثر من 6 سنوات بدون تدابير وقائية، بعدما صودرت أثناء نقلها بواسطة سفينة شحن انطلقت من جورجيا وكانت متجهة إلى موزمبيق.
حزب الله والحكومة اللبنانية
وفي وقت سابق حملت مجلة “ذا فيدراليست” الأمريكية، حزب الله مسؤولية الانفجار، قائلة: “إذا كانت هناك جماعة تتحمل المسؤولية الرئيسية عن الأوضاع في لبنان التي أدت إلى الانفجار في بيروت، فهي حزب الله”.
وأضافت المجلة، أن الانفجار، يبدو أنه حادث، حيث انفجر مستودع مخزن بداخله 2750 طنًا من نترات الأمونيوم التي صودرت من سفينة عام 2013 وتم تخزينها بالميناء منذ هذا الوقت بعدما اشتعلت النيران في مبنى مجاور.
وقال الباحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات طوني بدران، الذي يتركز عمله على لبنان وسوريا، للجملة، إن الجماعة الإرهابية ليست بنية موازية للحكومة، بل هي الحكومة.
وأضاف بدران: “البعض يقولون إنها دولة داخل دولة، وهي هكذا بالفعل، لكنها أيضًا الدولة نفسها، جزء من الدولة، لكنها ليست مثل نموذج القاعدة، إنها ليست خارج الدولة أو الحكومة، حزب الله هو محور النظام السياسي اللبناني، الوزراء والمشرعون والمسؤولون الإداريون جميعهم منخرطون مع حزب الله كشركاء وفي بعض الحالات كمنافسين”.
“لا عجب أنه جرى تجاهل الرسائل الست التي أرسلها مسؤول الجمارك بداية من عام 2014 بشأن نترات الأمونيوم”.. مجلة “ذا فيدراليست”
النفوذ السياسي
وأشارت “ذا فيدراليست”، إلى أن حزب الله لطالما استخدم مرفأ بيروت في عمليات غسيل الأموال ومخططات الاحتيال التجاري الضخمة، مؤكدة أن مرفأ بيروت كان لعدة سنوات مركزًا للفساد، مع شبكة تهرب ضريبي على درجة عالية من التنظيم متورط بها الطبقة السياسية بأكملها.
وعندما تصل شحنات الهواتف المحمولة أو الملابس ذات العلامات التجارية من الخارج، أو الحديد المسلح من إيران، غالبا ما تدخل هذه البضائع دون رسوم جمركية أو ضرائب، ثم تباع بأقل من سعر السوق، وبالطبع يحصل حزب الله على نسبة.
وبحسب المجلة، لا عجب أنه جرى تجاهل الرسائل الست التي أرسلها مسؤول الجمارك بداية من عام 2014 بشأن نترات الأمونيوم.
وقالت “ذا فيدراليست”، إن نفس القصة تحدث مع توليد الطاقة، وإدارة الصرف الصحي، وأعمال تشييد الطرق، وكل شيء تقريبا يقع على عاتق الحكومة، لكن في مركز كل هذا الفساد يأتي حزب الله، التنظيم الذي يقع تحت مظلته أعمال الإرهاب العالمي، وتهريب المخدرات، والجريمة المنظمة، والسياسة اللبنانية خلال العقود الأخيرة.
وأكدت المجلة، أن لبنان اليوم، بما في ذلك أنقاض بيروت المشتعلة، هي صورة مخيبة للآمال لما يحدث عندما يسمح لجماعات مثل حزب الله بالازدهار والحصول على نفوذ سياسي.
“ميليشيات حزب الله، ترتبط بالإهمال العبثي الذي تسبب في الانفجار”.. مجلة “ناشيونال ريفيو”
تحييد حزب الله
كما طالبت مجلة “ناشيونال ريفيو” الأمريكية، الشعب اللبناني والمجتمع الدولي بقيادة واشنطن بتنسيق الجهد لتحييد تنظيم حزب الله، لا سيما بعد اكتشاف تورطه في قضايا الفساد السياسي وعرقلة عملية الإصلاح.
وقالت المجلة، إنه بدون جهد دائم ومتسق من الولايات المتحدة أو أي نوع من التحالف العالمي ومباركة جميع اللبنانيين، ربما يبقى “حزب الله” لبعض الوقت.
وأشارت إلى انفجار مرفأ بيروت، كشف عن فساد مؤسسات النظام السياسي اللبناني، حيث تعرضت أمة عالقة في مخطط احتيال بقيادة حكومية، وتضخم مفرط متصاعد لضربة أخرى بعد الانفجار الهائل في مرفأ بيروت.
ونوهت أن اللبنانيين نزلوا إلى الشوارع للتنديد بالمأساة نتيجة لامبالاة كبيرة من حكومتهم، لكن اللبنانيين والمراقبين في جميع أنحاء العالم وجهوا أصابع الاتهام إلى “حزب الله”.
وأوضحت أن ميليشيات حزب الله، ترتبط بالإهمال العبثي الذي تسبب في الانفجار، ومع وصول البلاد إلى ذروة الإحباط، استيقظ اللبنانيون على إرث حزب الله من عدم الاستقرار والعنف.
ولفتت إلى أن ميليشيات حزب الله بصفته الوكيل المفضل لإيران، كانت دائمًا هدفًا لاستراتيجية دفاع واشنطن، التي لديها بالتأكيد فرصة لقيادة جهد عالمي لتحييد المنظمة.
ما يحدث في سوريا والعراق واليمن ولبنان، يفسر مطامع إيران الإقليمية على مر السنين
مطامع إيرانية
وبعيدًا عن هجمات حزب الله المروعة وانتهاكات حقوق الإنسان والحكم الفاسد، تشكل الجماعة تهديدًا للولايات المتحدة في صراع النفوذ مع النظام الإيراني في الشرق الأوسط، حيث يهدف لإنشاء ما يسمى “محور مقاومة” في المنطقة، وفقا للمجلة.
وأكدت المجلة، أن ما يحدث في سوريا والعراق واليمن ولبنان، يفسر مطامع إيران الإقليمية على مر السنين، وفي جميع هذه البلدان، كانت حاضرة إما ماديًا، أو استخدمت وكلاء، أو أرسلت موارد لدعم أجندتها بهدف تمكين سياسي أو اكتساب سلطة سياسية لحليف.
وشددت على أن إحباط سلطة إيران الإقليمية ودعمها للإرهاب طالما كان هدفًا رئيسيًا للسياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، والغارة الجوية التي قتلت الجنرال قاسم سليماني وزيادة العقوبات، تُظهر التزامًا بإضعاف النظام المارق، حيث تشكل عمليات الحظر والعقوبات والضربات الجوية جزءًا مما تسميه الإدارة بالضغط الأقصى.
وشددت على أن قيام لبنان ديمقراطي ومستقر، يتخلص من “حزب الله” ضروري لحملة الضغط الأقصى الأمريكية، والعمل على تغيير جذري لميزان القوى في لبنان.