مفارقة بالغة داخل المجتمع المصري، باتت أن تطفو على السطح خلال العشر سنوات الماضية فيما يتعلق بمكونيه الرئيسيين (الذكر والاثني) فرغم انتشار عبارات دعم المرأة التي تكتظ بها اللافتات وتتشدق بها الألسنة في كل المجالات وعلى جميع المنصات، إلا أن للرجل أيضاً بعض المطالب التي لا تختلف كثيراً عن مطالب النساء في المجتمع المصري، نظراً لتعرض بعضهم لمشكلات على أو اضطهاد على أيدي نساء سواء كانوا زوجاتهم أو تجمعهم بهم علاقات أخرى مختلفة.

ما دعا عدد من الرجال لتشكيل جماعات أو مجموعات من الرجال توحدهم أهداف بعينها، على غرار التجمعات النسائية المعروفة أو “الفيمينيست”، وقد رفعوا جميعاً شعارات تفيد أن “الرجال في مصر مظلومين، بل ومحرومين حتى من الدعم المجتمعي الذي يراهم دائماً في صورة العنصر الأشرس والأسوأ.

 حركة حقوق الرجل

لم تكن حركة حقوق الرجل بالأمر المستحدث فقد ظهرت للمرة الأولى في الغرب منتصف عقد السبعينات من قبل مجموعة من الرجال يعانون من التمييز والظلم، وقد ركزت الحركة على عدة قضايا اجتماعية مثل قانون الأسرة وتربية الأبناء والتكاثر وقضايا الخدمات الحكومية في التعليم والتجنيد الإجباري والحماية الاجتماعية والقضايا الصحية وزيادة الانتحار عند ذكور مقارنةً بالإناث، والتي يرون بأنها تمييز ضد الرجال.

رد فعل

وقد رأى الخبراء وقتها إن حركة حقوق الرجال هي رد فعل لحركات نصرة المرأة، معللين وجهة النظر هذه بأن الرجل لديه قوة وامتياز وفائدة أكثر من النساء ويرون بأن حركات حقوق المرأة ذهبت بعيداً في مطالبها وبأنها أصبحت متعصبة ومؤذية ضد الرجال، وخصوصاً في موضوعات مثل رعاية ودعم الأطفال.

خلال السبعينات لم تسلم الحركة الذكورية من الانتقادات وإلقاء التهم من قبل الناشطين والخبراء، فقد اتهمها مركز قانون الحاجة الجنوبي بأن بعض من نشطاء هذه الحركة هم كارهين للنساء، بل واتهموها بالعنف والكراهية، ووصفها البعض الآخر بأنّها رد فعل عنيف على الحركات النسوية، واستمرت الكراهية حتى عام 2018، عندما قام مركز قانون الحاجة الجنوبي، بتصنيف بعض مجموعات حركة حقوق الرجل على أنها جزء من أيديولوجية الكراهية الناتجة عن فكرة النظام السلطوي الأبوي وتفوق الذكور، وقد وصفت الحركة بقطّاعاتها المختلفة بأنها كارهة للنساء، ويرى بعض الرجال أن ردود الأفعال السلبية السابقة ناتجة عن افتقاد الحركة للاستحقاقات والامتيازات الرسمية.

 

قانون الاستضافة

“منذ 4 سنوات انفصلت أنا وزوجتي بشكل قانوني” يقولها أحمد رفعت، مهندس مدني بإحدى الشركات الخاصة، منوهاً انه غير نادم على الانفصال لأنه كان الحل الأمثل لحالتهم، إلا أن الانفصال وضع يده على عدد من الحقائق يأتي في مقدمتها أن الرجال يعانون ظلم شديد في المجتمع المصري، خاصة في حالات الانفصال، ومن واقع تجربته يطالب أحمد ببعض الأمور جاء على رأسها ، ضرورة تعديل قانون الرؤية إلى قانون الاستضافة، لتصبح  لمدة يومين أسبوعيًا وأسبوع في نصف العام وشهر أو أكثر في أخر العام، حيث تسببت مشكلات قانون الاستضافة وصعوبة تطبيقه إلى مشكلات عديدة بينه وبين طليقته، بسبب تعنتها في تطبيق القانون ما ينجم عنه معاناة سنوية له.

 الحضانة

لم تكن مشكلة الاستضافة وحدها التي يعاني منها الرجال في مجتمعاتنا، بل هناك مطلب ثاني تعلق برغبتهم في نزول سن الحضانة إلى 7 سنوات للذكر و10 سنوات للأنثى، وهو ما قاله طارق محسن، أحد المنتمين لجماعات “الميلينيست” الذي يرى أن هناك ظلم يقع على الأب فيما يتعلق بحضانته لأطفاله التي تكون في سن المراهقة غالبا، ويكون بطبيعة الحال الأبناء متعلقون بأمهاتهم ويرفضوا المجيئ للإقامة مع الأب، فيجب نزول سن الحضانة للأب حتى يتسنى للطفل أن يشكل وجهة نظر عادلة عن الطرفين، وافقه الرأي “حميد مختار” الذي عانى من نفس الأمر عقب انفصاله عن زوجته التي اثرت على أبنائها وغيرت وجهات نظرهم في أبيهم وجعلتهم يرفضوا الحياة معه في السن المخصص لحضانته لهم، وهو يطالب أيضاً بضرورة تغيير ترتيب الأب في أولوية الحضانة إلى المرتبة الثانية بعد الأم، وليست الحضانة إلى الجدة طرف الأم، موضحاً أن الأب أولى من الجدة بالتواجد مع أبنائه.

تحتل مصر المركز الأول عالميًا في قائمة أكثر النساء بالعالم اعتداء وضربًا للأزواج بنسبة 28٪

عنف أنثوي عالمي

يقول مصطفى حشيش باحث نفسي، وهو أحد المنضمين لجمعية “رجال مظلومون” أحد الكيانات التابعة لجماعات “الميلينيست” أن مطالب الرجال السابق ذكرها لم تأتي من فراغ، حيث تحتل مصر المركز الأول عالميًا في قائمة أكثر النساء بالعالم اعتداء وضربًا للأزواج بنسبة 28٪ وجاءت في المركز الثاني الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 23 %، ويليها بريطانيا بنسبة 17%، ثم الهند بنسبة 11%.

وقد اوضحت نرمين السيد، أخصائي طب الأسرة، إن السبب في العنف الموجه من المرأة إلى الرجل يرجع في كثير من الأحيان إلى الشك والغيرة المطلقة من المرأة على الزوج، موضحة أن الظاهرة بدأت تنتشر في الريف والحضر على حد السواء، حيث يبدأ الأمر بالحديث والنقاش ثم ارتفاع الصوت، ومنه إلى الألفاظ النابية ثم الضرب أو اللجوء للشرطة في بعض الأحيان.

وأضافت “نرمين” أن السبب يرجع أحياناً إلى بخل الزوج، وفي أوقات أخرى بسبب سوء معاملة الزوجة لأهل الزوج، أو العكس سوء معاملة الزوج لأهل زوجته، وغيرها من الأمور التي تسبب مشاحنات بين الطرفين.

أشهر القضايا

ولعل من أشهر القضايا التي تناولها الإعلام ما حدث في الدعوى رقم 1897 لسنة 2016 والتي جاءت أمام محكمة الأسرة بالإسكندرية والمرفوعة من الزوجة “مها. ف” والتي تطالب فيها بالطلاق من زوجها “علاء. س”، حيث اشتكى الزوج أثناء جلسات التسوية من تعدى زوجته بالضرب عليه أمام أسرته بعد زواج استمر لمدة 6 شهور، وقد أثبت ذلك بمحضر رسمي بعد إصابته في رأسه خلال أخر خلاف جمعهم.

لم تكن القضية السابقة هي الوحيدة، بل هي واحدة ضمن مشكلات كثيرة تصدر فيها الرجل دور الضحية كما قال “محمود كريم” 32 سنة وهو متزوج منذ 3 سنوات بسيدة تفوقه في العمر نحو 5 سنوات، وطوال فترة الزواج تتعامل معه الزوجة على أنه خادم لديها، حتى انتهى الأمر إلى الطلاق ولديهما طفلة، ترفض الزوجة أن تمنح الأب حقه في الرؤية، كما تهدده من وقت لآخر بسفرها للخارج لحرمانه من طفلته إلى الأبد.

ويسترجع الزوج ذاكرته لأول شهر من زواجه الذي اعتدت عليه الزوجة بالضرب حتى فقد وعيه واستيقظ ليجد نفسه في المستشفى وجسده كله ممتلئ بالجروح فقد استغلت زوجته فقدانه للوعي وأكملت التعدي عليه، ثم حررت ضده محضر قبل أن يتم نقله للمستشفى بدعوى التعدي عليها على الرغم من انه فاقد للوعي.

ليس هذا فحسب بل وصل الأمر في بعض القضايا إلى حكم الإعدام كما حدث منتصف عام 2018 بمحافظة المنوفية عندما قامت زوجة بقتل زوجها في شهر العسل بمساعدة شقيقها ونجل عمها، ثم أخفت مصوغاتها الذهبية ثم قام شقيقها بتوثيقها لتقوم بعد ذلك بالصراخ والعويل أمام والدة زوجها وأخوته، لخداعهم بأن ملثمين قاموا بالسطو عليهما وسرقة الذهب وتخلصوا من زوجها ووثقوها حتى لا تصرخ، وبعرضهم على النيابة أحالتهم محبوسين إلى محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها المتقدم ضدهم.

شكل اجتماعي

تعددت أشكال العنف ضد الرجل وفقاً لرؤية الجماعات الذكورية، وقد انتشرت عدة حوادث تشير إلى عنف المرأة ضد الرجل لكن الأمر يتم التكتم عليه دائماً حفاظا على كرامة الرجل وكبريائه خاصة أمام ذويه، كما يقول “أشرف عبد الله” محامي بمحكمة الأسرة، أن هناك العديد من القضايا التي يرفعها الرجال على نسائهم تتعلق بممارسة عنف جسدي من قبل المرأة موجه للرجل، إلى ان الرجال لا تحب الحديث في هذا الموضوع حفاظاً على شكلهم الاجتماعي، الذي منح دائماً للزوج خاصية القوة والواجهة الاجتماعية التي تضفي للرجل خواص عدم قبول أي إهانة من الأنثى في الوقت الذي يُسمح فيه للرجل بإهانة الأنثى .