احتارت جماهير مانشستر يونايتد الإنجليزي حول العالم حول وضعية الفريق الأكثر تتويجًا بالبريميرليج، واستمراره بعيدًا كل البعد عن المنافسة على اللقب، بل الصراع على المراكز الأربعة المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، منذ اعتزال السير أليكس فيرجسون المدرب الأسطوري للفريق الأحمر الشهير، حيث جاء مدربين عدة من صفوة النخبة بالعالم وكذلك نجوم لامعة تعد الأبرز في العالم ولم تقوم للفريق قومة منذ ذلك الحين، لا بالتتويج باللقب أو حتى المنافسة بقوة على الدوري.

باستثناء فترة قصيرة مع جوزيه مورينيو توج النادي خلالها بالدوري الأوروبي وفاز بكأس الاتحاد وحقق المركز الثاني بالدوري خلف غريمه مان سيتي، ولكن سرعان ما ذهب كل شيء أدراج الرياح في الموسم الثالث للمدرب البرتغالي المثير للجدل، والإتيان بالنرويجي أولي جونار سولسكاير أحد تلاميذ السير فيرجسون والنجوم في حقبته الذهبية ليدرب الفريق بشكل مؤقت، وقد نجح في البداية في تحقيق سلسلة انتصارات كان السبب بها مورينيو، الذي أعد الفريق جيدًا ولكن الصراعات الداخلية والنفسية مع أغلب نجوم الفريق جعلتهم يقدمون مستوى سيء لرحيله وبعد إقالته تألقوا ليثبتوا أنه كان السبب في كل شيء سلبي.

سولسكاير مدرب متواضع

لكن سرعان ما عادت الوضعية السيئة ثانية وظهر سولسكاير قليل الحيلة كمدرب وتوقفت الانتصارات وعادت دوامة فقدان النقاط ثانية، رغم تحويل عقده المؤقت إلى دائم ولمدة 3 سنوات، وأنهى الفريق موسمه بشكل سيء، ثم إعطاء الفرصة كاملة للمدرب النرويجي بإظهار جودته من فترة إعداد ومعسكر خارجي وضم صفقات متوسط نوعًا ما لدعم بعض النواقص بقائمته على أمل تغيير الصورة، لكنه فشل أيضًا وانهى الموسم ثالثًا وفقد نقاط كثيرة أمام فرق الوسط رغم انتصارا على الفرق الكبيرة وأصبح لغزًا محيرًا لكل المتابعين والعاشقين للشياطين الحمر، وأنهاه بشكل ولا أسوأ في الخسارة والخروج من نصف نهائي الدوري الأوروبي أمام إشبيلية البطل رغم أنها كانت فرصة سانحة للفوز بلقب تلك البطولة ثانية.

وجاءت بداية الموسم الحالي لتزيد الطين بلة وتفجر سلاسل من الأزمات والمشاكل أكثر داخل الفريق الأحمر، الذي دعم صفوفه بالنجم البرتغالي برونو فيرنانديز في يناير الماضي، وأصبح مايسترو الفريق بمستوى وأداء كبير بعث بصيص الأمل في نفوس الجماهير، ولكن المدرب النرويجي أثبت أنه يفتقد لأغلب عوامل النجاح كمدرب، فظهر في مباراته الافتتاحية على ملعبه مسرح الأحلام أمام كريستال بالاس بشكل متواضع وبائس للغاية يثبت أنه مدرب فارغ وليس لديه أي شيء يقدمه أكثر من ذلك.

بداية من اختياراته السيئة لاسيما في خط الدفاع باعتماد فوسو منساه كظهير أيمن والإبقاء على الدولي أرون بيساكا على مقاعد البدلاء وكذلك المدافع المتواضع ليندلوف وإبعاد الإيفواري إريك باييه على الدكة كذلك والظهير الأيسر الذي خارج فورمته البدنية والفنية وواضح للجميع لوك شو ولكنه أشركه، مع الحارس المهتز مؤخرًا دي خيا وماجوير البعيد عن تركيزه بسبب قضيته الأخيرة في اليونان.

وكان الشكل الدفاعي كارثي للمان يو أدى لاستقباله 3 أهداف ساذجة أطاحت به خارج المباراة تمامًا وفقد النقاط الثلاثة بسهولة، بالإضافة لإبقاء الصفقة الحديثة دوني فان دي بيك بديلاً كذلك وإشراكه متأخرًا ومع ذلك أحرز هدفًا وهو ما يدل على أن المدرب خارج الإطار تمامًا فنيًا وكذلك إدارة للمباراة وتركيزًا وكل شيء، ليحقق بداية ولا أسوأ للنادي والمدرب النرويجي الضعيف جدًا، قليل الحيلة لا وجود له تقريبًا لا اختيارات صحيحة للتشكيلة أو إدارة للمباراة بالتغييرات أو حتى الصراخ في لاعبيه من على الخط، فيظهر باردًا تمامًا دون أن يحرك ساكنًا كأنه شبح أو ظل فقط يجلس على مقاعد البدلاء بهذا الشكل وهذا الأداء.

ومن المنتظر أن يكون سولسكاير أول المرشحين للإقالة والتعاقد مع المدرب الأرجنتيني المتمرس ماوريسيو بوكيتينو بديلاً له والذي ينتظر بلا عمل عقب رحيله عن توتنهام قبل أقل من عام من الآن.

لاعبين أقل من الفريق

بلا شك يمتلك يونايتد لاعبين أقل كثيرًا من أن يحملوا قميصه، وأقل من المتوسط كإمكانيات وفنيات وحتى خبرات تليق بمكانة النادي العريقة وكونه فريق بطولات وأكثر الأندية الإنجليزية تحقيقًا للبطولات رفقة ليفربول عبر التاريخ ككل، لاعبين مثل ليندلوف وشو ومكتومناي ودانيل جيمس ومنساه، وكذلك تراجع مستوى بعض النجوم من نوعية، بول بوجبا ودافيد دي خيا وهاري ماجواير ونيمانيا ماتيتش وكذلك الثنائي الهجومي مارسيال وراشفورد، فهنا أنت على أعتاب كارثة فنية كبيرة المتسبب بها بكل تأكيد المدرب النرويجي الذي فقد بوصلته تمامًا ولم يعد قادرًا على إشراك اللاعبين الجيدين وإبعاد الأقل مستوى الذين يؤثرون بالسلب على باقي النجوم الجيدة بالفريق ويظهرونهم أشباحًا على أرضية الميدان.

سولسكاير له دخل كبير في تراجع مستوى النجوم، لعدم تحضيره لهم بشكل مناسب واستفزازهم ليخرجوا أفضل ما لديهم، بل يبقى هادئًا بشكل مستفز يصل إلى حد البرود أمام كل هذا التراجع في مستوى الجميع ويدفع بهم ثانية في المباريات وكأن شيئًا لم يكن، مما حولهم لموظفين تمامًا دون اي شغف بالكرة أو مستوى يذكر لأنهم متأكدين من لعبهم ثانية رغم مستواهم الضعيف، وكذلك اختياراته الخاطئة دائمًا للتشكيل والبدلاء مما لا يساعدهم حتى على إظهار حتى القليل من قدراتهم في الملعب.

وبدأ الجميع يفكر في أندية وعروض أخرى للرحيل دون الاكتراث بفريقه أو تقديم مستوى جيد لتحسين أوضاعه بأي شكل، وأصبح الكل بائسًا مثل سولسكاير تمامًا الذي نجح في أمر واحد، وهو نقل البرود واللامبالاة لكل اللاعبين بالفريق، وإضعاف مستواهم ولإنقاص إمكانياتهم واستنزاف قدراتهم بشكل خاطئ وضد مصلحة الفريق لتواضعه تكتيكيًا وفنيًا كمدرب وهو ما يبدو أن كل اللاعبين مقتنعين بذلك جيدًا تجاه المدرب النرويجي.

إدارة سيئة ودعم ضعيف

الأمر المهم كذلك في منظومة كرة القدم بمان يونايتد، هو سوء الإدارة بشكل واضح للجميع، سواء الإدارة الفنية للكرة بالنادي والرياضية عمومًا أو إدارة ملف التعاقدات وتدعيم الصفوف، كلاهما على قدر كبير من السوء والضعف والترهل، وربما البخل من “عائلة جلازر” المالكة التي تملك أموال طائلة للفريق من نجاحاته السابقة ولا تنفق الكثير لدعمه ليتحسن مفضلة الاحتفاظ بالأموال وتناميها على حساب وضعية الفريق تمامًا، واستعانتها بالمدير التنفيذي الذي أثبتت كل المواقف فشله الكبير إد وودوارد المحاسب السابق، ويبدو أن كل مهامه تتعلق بتكنيز الأموال لصالح العائلة المالكة فقط لا غير، لأنه بعيد كل البعد عن الجانب الفني ولا يفقه شيئًا به.

فمنذ رحيل السير الذي كان متحكم بكل شيء وينفذ له كل ما يريد لأنه كان أقوى من الإدارة ومن كل هؤلاء المترهلين الماسكين بزمام الأمور كلها الآن في النادي العريق، أصبح النادي بلا إدارة فنية مميزة تساعده على التطور وتحقيق الإنجازات كما في الماضي، ولا حتى تدير النادي جيدًا، وموقفها من إقالة المدرب مورينيو أكبر دليل على فشلها الكبير ذلك، وكذلك تثبيتها للمتواضع سولسكاير بشكل دائم لقلة تكلفته لهم، وفشلها الجذري في ملف التعاقدات وضياع منها عدة صفقات مهمة كإرلينج هالاند الذي ذهب لبروسيا دورتموند، وثنائي ريال مدريد هذا الصيف جاريث بيل وريجيليون اللذان ذهبا لتوتنهام في النهاية.

ليثبت أن النادي ككل يعيش فترة من الضعف والوهن على مستوى كل شيء، إداري وفني وتدريبي وهو ما ينعكس حاليًا بشدة على شكل ونتائج الشياطين الحمر الذين كانوا يخيفون كل المنافسين الكبار والصغار من قبل، الآن يتجرأ عليهم الصغار وعلى أرضية ملعبهم التاريخي كذلك أولد ترافورد.