أثار إعلان رجائي عطية، النقيب العام للمحامين، منذ أيام، توقيعه بروتوكولًا بين نقابة المحامين ووزارتي العدل والمالية، بشأن ضريبة القيمة المضافة، غضبًا شديدًا بين المحامين وداخل مجالس النقابة بالمحافظات والنقابات الفرعية، حيث وصفوا البروتوكول بأنه معادٍ لهم وضد مصالحهم التي من المفترض أن يحميها النقيب.
ويُلزم البروتوكول الجديد المحامين بتقديم إقرارات ضريبية شهرية، تُحدد على أساسها نسب إضافية يستوجب على المحامين دفعها، بخلاف ما يتم دفعه بالفعل من رسوم عند رفع الدعاوى، تلك الرسوم التي كانت تُعتبر بحسب البروتوكول السابق مجمل ضريبة القيمة المضافة الواجبة على المحامي.
أعباء إضافية
“لسنا معنيين أصلًا بضريبة القيمة المضافة، فنحن لا نقوم ببيع سلعة، نحن مثلنا مثل الأطباء الذين تم إعفاؤهم منها، نقدم عملًا خدميًا إنسانيًا لا غنى عنه”.. هكذا بدأ محمد البشيمي، عضو مجلس نقابة المحامين بالفيوم، حديثه، معبرًا عن رفض المحامين في الأساس، لإدراجهم ضمن الفئات المُلزَمة بدفع ضريبة القيمة المضافة، بموجب القانون رقم 67 لعام 2016.
ويضيف “البشيمي”: “رغم ذلك قبلنا بالبروتوكول الذي أبرمه النقيب السابق سامح عشور، والذي بموجبه ندفع رسومًا على كل دعوى من الدعاوى المرفوعة، حددها البروتوكول بحسب نوع كل دعوى، بوصفها قيمة كل ضريبة القيمة المضافة الواجبة علينا، وقلنا ساعتها لا بأس سندفعها ونلتزم بالبروتوكول لحين فصل المحكمة الدستورية في الطعن على القانون”.
ويستكمل: “لكننا فوجئنا بتوقيع النقيب للبروتوكول الجديد والذي يلزم المحامين بتقديم إقرار ضريبي شهري، على أن تكون المبالغ التي ندفعها عند رفع الدعاوى تحت حساب ضريبة القيمة المضافة لحين تقدير القيمة الكلية، وهو ما يحملنا أعباء مالية إضافية في ظل ظروف صعبة يعيشها غالبية المحامين”.
ويشير “البشيمي” إلى أن تقديم الإقرار سيكون عبر موقع إلكتروني تابع لوزارة المالية، والذي ستُخصص عليه صفحة لكل محام، رسوم فتح الصحفة 350 جنيهًا سنويًا، مضيفًا: “الامتناع عن تقديم الإقرار الشهري سيعرضنا للخصومات والإجراءات المنصوص عليها في القانون، وهي غرامة 500 جنيه في المرة الأولى ثم 3 آلاف جنيه في المرة الثانية، ثم الإحالة للنيابة بتهمة التهرب الضريبي”.
أسوأ من سابقه
يقول السيد إبراهيم، عضو نقابة المحامين بمحافظة المنصورة: “البروتوكول أسوأ من سابقه، الذي وقع في عهد النقيب السابق سامح عاشور إذ أنه ألزم المحامين بالتسجيل لدى مأموريات ضرائب القيمة المضافة، وكذا تقديم إقرارات شهرية، كما أنه لم يتضمن نصًا صريحًا حول كون الضريبة قطعية.
ويضيف إبراهيم: “من المتفق عليه بيننا نحن أهل القانون هو عدم دستورية إخضاعنا للقيمة المضافة لأننا لا نبيع سلعة مثلنا في ذلك مثل الأطباء على سبيل المثال، والذين تم استثناءهم من ضريبة القيمة المضافة، فنحن في مهن حرة تلتزم ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة، فلماذا لم يخضع الأطباء وخضع المحامون؟ تلك التفرقة تؤكد أن إخضاع المحامين لضريبة القيمة المضافة، أمر غير دستوري وهو ما أكد عليه تقرير هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري التي قبلت الدفع بعدم دستورية قانون القيمة المضافة وصرحت المحكمة بإقامة الدعوى، وهي متداولة الآن أمام المحكمة الدستورية العليا”.
بيانات غاضبة
بمجرد إعلان النقيب توقيع البروتوكول، أصدرت العديد من النقابات الفرعية بيانات رافضة للبروتوكول، وداعية إلى إلغائه.
ففي “ميت غمر” بمحافظة المنصورة عبر مجلس النقابة الفرعية في بيان له، عن رفض المجلس للبروتوكول، معلنًا أنه كلف المحامين بالحضور في رول واحد أمام كل دائرة جزئية أو كلية من دوائر محكمة ميت غمر مركز و بندر ومأمورية، بجلسة الثلاثاء الموافق ٢٢ / ٩ / ٢٠٢٠، لإثبات أن جموع محاميي ميت غمر يعترضون على إلزام المحامين بقانون القيمة المضافة رقم ٦٧ لسنة ٢٠١٦ و أحكامه، وكذلك الاعتراض على البروتوكول الجديد.
كما أصدر مجلس نقابة المحامين الفرعية بالفيوم، بيانًا عقب اجتماع عقده الخميس الماضي 17 سبتمبر قال فيه: “إن ما جاء في البروتوكول يشكل تفريطًا في حق المحامين في احتفاظهم بعدم التسجيل لدى مأمورية الضرائب على القيمة المضافة” معلنًا، رفض البروتوكول جملة وتفصيلًا.
ودعا المجلس محامي الفيوم، للامتناع عن التسجيل لدى مأمورية ضرائب القيمة المضافة، مع عدم تقديم الإقرار الشهري.
بيانات غاضبة أيضًا صدرت عن العديد من النقابات الفرعية، في بور سعيد والسويس، والمنيا وعدد آخر من المحافظات إضافة إلى بيانات رافضة للبروتوكول من النقابات الفرعية لجنوب القاهرة والقاهرة الجديدة.
خطوات تصعيدية
في الفيوم، امتنع المحامون عن توريد أية رسوم أو ضرائب إلى خزينة المحكمة الابتدائية والمحاكم الجزئية، يومي السبت والأحد الماضيين 19 و20 سبتمبر.
كما دعت النقابة الفرعية بـ”ميت غمر” إلى امتناع المحامين عن التعامل أو توريد أية رسوم أو ضرائب من أي نوع لخزينة محكمتي مركز و بندر ميت غمر و المحكمة الكلية، إلا ما كان متعلقًا بمواعيد إجرائية و الدعاوى المستعجلة والكفالات والمصروفات الجنائية والمعارضات والاستئنافات بداية من السبت 26 سبتمبر إلى الخميس 1 أكتوبر، وهو الإجراء الذي دعا إليه عدد من النقابات الفرعية في القاهرة الكبرى وبعض المحافظات.
وقفات احتجاجية
نظم عدد من المحامين الخميس الماضي وقفة احتجاجية داخل النقابة العامة بالقاهرة، للتعبير عن رفضهم للبروتوكول، والمطالبة بإلغائه.
ودعا المحامون في بيان وزع خلال الوقفة، إلى رفض التسجيل في ضريبة القيمة المضافة، والامتناع عن توريد أية رسوم لخزانات المحاكم، وتكرار الوقفة الخميس المقبل حال استمر الوضع على ما هو عليه.
وفي المنوفية نظم مجلس نقابة المحامين، يوم السبت الماضي 19 سبتمبر، وقفة احتجاجية داخل محكمة شبين الكوم، احتجاجًا على توقيع النقيب لبروتوكول القيمة المضافة.
وشارك في الوقفة نحو مائتي محام بحسب الصفحة الرسمية للنقابة الفرعية بمحافظة المنوفية، على “فيس بوك”.
وقال خالد راشد، نقيب المحامين بالمنوفية، خلال الوقفة، في فيديو بث على الصفحة: “إن الوقفة مجرد بداية وسوف تتبعها وقفات أخرى، إذا لم يتم أخذ الأمر بالجدية اللازمة”.
كما أعلن مجلس نقابة المحامين بالفيوم عن وقفة احتجاجية في الحادية عشر من صباح الثلاثاء 22 سبتمبر داخل محكمة الفيوم الابتدائية.
جمعية عمومية طارئة
مطلب عقد جمعية عمومية طارئة للخروج بقرارات لإلغاء البروتوكول، والمطالبة بتعديل قانون الضريبة على القيمة المضافة، ورفع المحامين من الفئات الملزمة بدفع ضريبة القيمة المضافة، كان مطلبًا مشتركًا.
فقد دعت قيادات نقابية بالقاهرة الكبرى، والعديد من النقابات الفرعية، من بينها مجلس النقابة بالفيوم، والنقابات الفرعية ببور سعيد والمنوفية، وميت غمر، ونقابة جنوب الدقهلية، والمنيا، إلى ضرورة عقد جمعية عمومية طارئة لبحث الأزمة.
الطعن أمام القضاء الإداري
قام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالطعن أمام القضاء الإداري، على البروتوكول المبرم بين النقابة ووزارتي العدل والمالية، ضد كل من نقيب المحامين “بصفته”، وزير العدل “بصفته”، وزير المالية “بصفته”.
ويقول خالد الجمال، المحامي بالمركز المصري: “عقدنا مقارنة سريعة بين البروتوكول الجديد الذي وقعه النقيب رجائي عطية، والبروتوكول القديم والذي كان معمولًا به حتى عام 2019، والذي قلبناه على مضض لحين الفصل في دستورية قانون الضريبة على القيمة المضافة، فوجدنا أن البروتوكول الجديد يخنق المحامين، فهو يحملهم أعباء كبيرة بإلزام جميع المحامين دون استثناء بالتسجيل في مأموريات ضريبة القيمة المضافة، بالمخالفة لنص المادة 16 فقرة 1 من قانون الضريبة على القيمة المضافة نفسه، والذي يعفي من لم يصل دخله السنوي إلى 500 ألف جنيه من التسجيل”.
ويضيف “الجمال”: “الأزمة الثانية التي يتضمنها البروتوكول، هي إلزام المحامين بتقديم إقرارات ضريبية شهرية، وهو أمر غير معقول، كيف يستطيع المحامي في ظل ظروف عمله تقديم إقرار ضريبي شهري، في الوقت الذي يقدم فيه إقرار سنوي للضرائب العامة، وتغريمه مبالغ تصل لثلاثة آلاف جنيه في حال عدم تقديم الإقرار الشهري”.
ويستكمل “الجمال” غاضبًا: “المحامي ليس بوسطجي لدى الدولة مهمته أن يحصل أموالًا من الموكل ثم يقوم بتوريدها للضرائب”.
ويشير إلى أن المدخل الرئيس الذي بني عليه الطعن على البروتوكول، هو أن النقيب بتوقيعه البروتوكول، تحكم في مال المحامي الخاص، فقانون المحاماة يتيح للنقيب التصرف طبقًا للوائح في إيرادات النقابة من اشتراكات وغير ذلك، إنما لم يعطه الحق في اتخاذ قرارات تتعلق بدخله من مهنة المحاماة، وأن أي قرار في هذا الشأن ليس من حقه اتخاذه دون الرجوع للجمعية العمومية، وهو مالم يحدث، ما يعد اغتصابًا لسلطة الجمعية العمومية.
ويضيف أن المركز أرسل عريضة الدعوى لعدد من المحامين في بعض المحافظات، حيث تم رفعها أيضًا، منها أسوان والمنصورة وبورسعيد، لإيصال رسالة قوية لنقيب المحامين ووزارة المالية، بأن البروتوكول مرفوضًا بشكل نهائي، وأن قرار النقيب غير قانوني وغير دستوري.