“رفقًا بمن عنهن قيل، استوصوا خيرا بالنساء، فقد خلقن بضعفهن، وزادهن الله حياء، هن السكينة في المحن، هن المعونة للرجال، جُمّلن بلباس التُقى، زُيّن بأحب الخصال”.. كانت هذه الكلمات التي تغنت بها المطربة السورية أصالة، في أغنية رفقًا التي أصدرتها في ألبومها الأخير “استسلام”، والتي اعترض عليها الأزهر وأصدر بيان خاص بها ينصح بعد الاستماع إليها، لاستخدامها بعض من الكلمات الخاصة بحديث النبي محمد والخاص بالمرأة والذي جاء به ” استوصوا بالنساء خيرا المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً”.

ليأتي بيان مجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر من خلال حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كالاتي:” ننصح المسلمين بعدم سماعها أو الترويج لها، معتبرا أن الاقتباس من حديث النبي ليصبح جزءًا من أغنية غير جائز شرعًا ولا يليق بمقام النبوة ولا مكانة الأنبياء”.

وأكد مجمع البحوث في تعليقه على هذا الأمر، أن الاقتباس من الحديث النبوي أو جملة منه ليصبح جزءًا من أغنية، أمر لا يليق بمقام النبوة ولا مكانة الأنبياء -عليهم أفضل الصلاة والسلام- ولا يجوز شرعًا لما قد يلابس أداء “الأغاني” ويلتصق بها من أمور تتنافي وجلال النبوة.

كما علق استاذ العقيدة عبد المنعم فؤاد بأحد البرامج الحوارية أن الأحاديث النبوية لا يُغنى بها، ولا تعرض على المسارح وترفق بها أي نوع من الموسيقى، وقد يصاحبها الرقص بعد ذلك وما شابه”. ليأتي رد محمد أبو نعمة مؤلف الأغنية: “أنا لم اقتبس الحديث ولا أصالة قامت بغناء حديث.. فهم ٣ كلمات فقط اللاتي تم أخذهم من الحديث”.

أغنيات اعترض عليها الأزهر

لم تكن أغنية “رفقًا” هي الوحيدة التي اعترض عليها الأزهر، فكان اعتراض أكبر مؤسسة إسلامية في العالم نتيجة إدراج بعض الكلمات المقتبسة إما من القرآن الكريم أو من الأحاديث النبوية، وقد سبق أصالة المطرب الإماراتي حسين الجسمي بسبب أغنية “بالبنط العريض” وذلك بسبب عبارة “غالي وأقرب من الوريد”، ليرد كاتب الأغنية أيمن بهجت قمر، بأن هذه نظرة ضيقة جدا للنظر في الأمور.

فمن حين لآخر نجد أن هه القضية تثار على الساحة سواء على مستوى الأغنيات أو السينما وأي من مجالات الفن ليكن هناك العديد من التعليقات لمؤسسة الأزهر على الأغنيات والتي كان منها: “أصنام” لفريق مشروع ليلى والتي اتهامهم بسببها بازدراء الأديان، كما تعرضت أغنية محمد منير “مدد يا رسول الله” لمماطلة في عرضها على الشاشة بدعوى وجود فتوى تمنع عرضها على الشاشات، كما تم اتهام الفنان اللبناني مارسيل خليفه بازدراء الأديان بسبب أغنية “أنا يوسف يا أبي”، وهي قصيدة للراحل محمود درويش.

كما تعرض أيضًا علي الحجار لذات الانتقادات بسبب أغنية ” يا طالع الشجرة”، والتي تم إصدارها في نهاية الثمانينات، والتي جاءت أحد عبارتها” صليت جميع فرضي صليت ومش مرضي”، وكانت عبارة “قدر أحمق الخطى”، من العبارات التي أثارت الجدل حول العندليب عبد الحليم حافظ، كما أن إيقاف الزمن بأمر الله هو ما جعل الاتهام يتوجه لأم كلثوم بأنها تتطاول على الله وأن يهاجمها الأزهر الشريف بسبب عبارة: “هذه ليلتي فقف يا زماني”.

وغيرهم من المطربين الذين تعرضوا للانتقاد بحجة التطاول على الله أو المقدسات ولكنها لم تصل لدرجة أن يحذر الأزهر منها أو يطالب بمنعها وهذا بسبب تنوع الأسباب حول الانتقادات والعبارات بالأغاني.

رجال الأزهر .. حماه للدين

وفي هذا الشأن قالت الدكتورة آمنة نصير، أن مجمع البحوث ينصب ذاته حاميا على النصوص الدينية والدين، فطالما جاء النص غير مستخدما بشكل مهين فما المشكلة في أن يتم استخدام الكلمات في الأغنية. وأضافت أن استخدام الكلمات لم يأت بشكل مسف أو سلبي على الحديث، ولكن رجال الأزهر أصبحوا ينصبون أنفسهم حماه للدين من خلال تلك الآراء المتحجرة التي يتم تصديرها على السطح للجمهور من الناس والتي يظهرون بها الدين بشكل متعسف.

وفي اتجاه آخر، قال الناقد الموسيقي محمد شميس، أنه لا يحق لمؤسسة الأزهر أو الكنيسة التعقيب على أي عمل فني، فلابد أن يكون الفنان حر لكي يستطيع أن يبدع، وبالتالي فالتوصية بعدم سماع أغنية المطربة السورية أصالة الأخيرة “رفقا”، بسبب بعض الكلمات من حديث نبوي فهو أمر يعود بنا إلى الخلف ولا يوجد به أي شيء من التقدم.

وأضاف شميس، أنه يحسب للأغنية أنها لغة عربية فصحى وتم بها إحياء تلك النوعية من الأغنيات مرة آخري، بالإضافة إلى أن لحن الأغنية لائق جدا على الكلمات وتم الاستعانة بموسيقار خاص للمزج بين الموسيقى الشرقية وألحان الأغنية، كما أن مؤلف الأغنية مصري وبالتالي لدينا كاتب كلمات يقوم بكتابة الفصحى التي لم يتم الكتابة في هذا النوع منذ فترة طويلة، هذا هو التقييم الوحيد الذي يمكن أن يخضع له عمل فني ليس إلا.