سيطرت حالة من الشد والجذب على قيادات وممثلي أحزاب القائمة الوطنية من أجل مصر، لانتخابات مجلس النواب، والتي يتزعهما حزب مستقبل الوطن، بسبب رغبة كل منهم في الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد، وسط سيطرة الأخير بمفرده على نصف أعداد المقاعد تقريبًا، يليه حزبا “الشعب الجمهوري وحماة وطن”، على الترتيب بنسبة أقل بكثير، وتخصيص عدد قليل للأحزاب الأخرى، وتنسيقية شباب الأحزاب.

مصلحة الوطن

القائمة الوطنية، تتألف من أحزاب “مستقبل وطن، الوفد، حماة الوطن، مصر الحديثة، المصري الديمقراطي، الشعب الجمهوري، الإصلاح والتنمية، التجمع، إرادة جيل، الحرية المصري، العدل، المؤتمر”، فضلًا عن تنسيقية شباب الأحزاب، وسط تأكيد على أنها تحالف انتخابي فقط، وليست كيانًا سياسيًا.

وحمل مؤتمر إعلان القائمة، والذي عُقد قبل نحو أسبوع، تأكيدًا من قيادات الأحزاب المشاركة في القائمة، على أن التحالف الانتخابي، والذي يضم تيارات سياسية موالية ومعارضة في آن واحد، شُكّل من أجل إعلاء مصلحة الوطن، وصناعة قائمة وطنية تضم رموز المجتمع على اختلاف أفكارهم، وأن الهدف إعلاء المصلحة العامة والوطنية، بغض النظر عن عدد المقاعد المخصصة للأحزاب والتنسيقية فيه.

أزمة الوفد

ومع بدء اجتماعات الإعداد للقائمة، شهدت الجلسات التي عُقدت، أزمة بين الأحزاب لرغبتها في الحصول على عدد أكبر من المقاعد المقررة “سلفًا”، من قبل المسؤولين عن حزب مستقبل وطن، وهو ما ظهر على السطح منذ اليوم الأول، بإعلان رئيس حزب الوفد المستشار بهاء الدين أبو شقة، بأن حزبه لن يقبل بأقل من 40 مقعدًا بالقائمة.

تصريحات “أبو شقة”، وتواتر أخبار بتحديد 14 مقعدًا فقط لـ”الوفد”، أشعلت غضب الوفديين، ما أدى إلى عقد الهئية الوطنية للحزب بدون مشاركة رئيس الحزب اجتماعًا، خرج عقبه سكرتير عام الحزب النائب فؤاد بدراوي، معلنًا انسحاب الحزب من القائمة، وإرسال خطاب إلى حزب مستقبل وطن، والهيئة الوطنية للانتخابات.

ساعتان فقط احتاج إليهما رئيس حزب الوفد، ليعلن سحب التفويض الممنوح لـ”بدراوي” بإدارة الانتخابات، وبعد يومين أعلن الحزب موافقة 32 عضوًا بالهيئة العليا على خوض الانتخابات بمشاركة “بداروي” إلى جانب “أبو شقة”، من أجل مصلحة الوطن، ولدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط اعتراض من الجبهة الأخرى على القرار، واستمرار موقفهم في ظل حالة التهميش التي يتعرض لها الحزب، بحسب تعبيرهم.

سيطرة “مستقبل وطن”

قالت مصادر حزبية، إن مفاوضات القائمة الوطنية من أجل مصر، لخوض انتخابات مجلس النواب منذ بدايتها، كانت أكثر صعوبة من تكوين القائمة خلال انتخابات الشيوخ، خاصة في ظل سعي الأحزاب -المشاركة في القائمة، والتي تم محاولة إضافتها إلى القائمة- إلى تحقيق مكاسب أكبر في انتخابات البرلمان، في ظل الاختصاصات الممنوحة للمجلس، والتي تختلف عن الشيوخ تمامًا.

وكشفت المصادر، أن الأسبوعين الماضيين شهدا مفاوضات مضنية، وحالة غضب بين الأحزاب رغبة في الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد، خاصة في ظل سيطرة حزب مستقبل وطن على النصيب الأكبر من المقاعد كما حصل في انتخابات مجلس الشيوخ، مشددة على أن الحزب حديث العهد بالسياسة قد يحصل على ما يقرب من نصف القائمة بمفرده.

وبينت المصادر، أنه جرى الضغط على الأحزاب المشاركة في القائمة إلى قبول النسبة المبدأية التي تم تحديدها لها، وقد شهدت المفاوضات حالة من الشد والجذب حتى تم الوصول إلى اتفاق شبه نهائي سيتم الإعلان عنه خلال اليومين المقبلين، لافتة إلى أن بعض الأسماء التي رشحتها الأحزاب للمشاركة في القائمة لاقت اعتراضا من جانب “مستقبل وطن”، وتم الضغط عليها واستبدالها بأسماء أخرى.

وذكرت المصادر أن القائمة ستشهد خروج عدد من الأسماء الكبيرة والتي كانت ترغب وتتوقع انضمامها للقائمة بالنسبة لأحزاب “مستقبل وطن، والشعب الجمهوري وحماة وطن”، إلا أنه لم يتم إضافتها في النهاية، والتأكيد على أن عدم انضمامها لكونها أكثر حظوظًا في الفوز في دوائرها بالنسبة لمقاعد الفردي على خلاف المرشحين الآخرين.

وأشارت المصادر إلى أن اعتراض حزب الوفد على عدد المقاعد المخصصة له في القائمة، وحالة الامتعاض داخل الحزب والإعلان عن الانسحاب من القائمة من قبل بعض أعضاء الهيئة العليا للحزب ساهم في زيادة عدد المقاعد للحزب ولكن بنسبة ليس كبيرة، موضحة أن الوفد سيحصل على حوالي 18 إلى 20 مقعدًا في القائمة بدلا من 14.

الفرصة الأفضل

رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، أوضح أن مشاركة الحزب في القائمة الوطنية جاءت وفقًا لآراء الأغلبية داخل الحزب، لكون الفرصة الموجودة في القائمة غير متاحة بالنسبة لوجود قوائم أخرى قد تنشأ، وصعوبة خوض الانتخابات في ظل الوضع الراهن.

وأشار “السادات” إلى أن الحزب منذ بداية التفاوض معه للانضمام للقائمة اشترط أن يكون الانضمام مقتصرًا على خوض الانتخابات فقط، وليس له علاقة بما سيحدث بالمجلس فيما بعد السياسات التي سينتهجها كل حزب سواء كموالٍ للنظام أو معارض له، فضلًا عن عدم التحكم في الأسماء الذي يطرحها الحزب لخوض الانتخابات، لافتًا إلى أن الشروط لاقت استجابة من قبل المسؤولين عن الائتلاف لذلك تم في النهاية الانضمام إلى التحالف.

الثلاثة الكبار

وذكر رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أنه خلال اليومين المقبلين سيتم الإعلان على القائمة في شكلها النهائي بعد حسم عدد المقاعد والأسماء المنضمة، لافتًا إلى أن حزب مستقبل وطن سيحصل على حوالي من 40% إلى 45% من القائمة، يليه حزب الشعب الجمهوري بنسبة 20%، وحماة وطن بنسبة 10%، ثم الوفد بحوالي 7%، فضلًا عن انضمام حوالي من 20 إلى 30 مستقلًا للقائمة، وتوزيع النسبة المتبقية على باقي أحزاب القائمة بعدد مقاعد من 3 إلى 8 تقريبًا.

وقال “السادات” إن الحزب تقدم بعدد من الأسماء في البداية إلى القائمة لحسم موقفها، وأنه تم الموافقة على بعضها ورفض بعضها، ثم تم إرسال أسماء جديدة إلى المسؤولين هناك، لافتًا إلى أن الأيام المقبلة ستحسم عدد المقاعد بالضبط بالنسبة للجميع.

لا تنسيق بالفردي

وأكد رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أنه لن يتم التنسيق بين الأحزاب المشاركة في القائمة على المقاعد الفردي، خاصة في ظل دفع مستقبل وطن بمرشحين على كافة المقاعد على مستوى الجمهورية كما حدث في انتخابات الشيوخ، لافتًا إلى أن حسم مقاعد الفردي سيعتمد على قوة كل مرشح في دائرته ومدى استطاعته التغلب على منافسيه.

وعن إمكانية انضمام أحزاب جديدة إلى القائمة، شدد “السادات” على صعوبة ذلك، مبينًا أنه كان هناك مفاوضات مع عدد من الأحزاب مثل “الحركة الوطنية والغد والمصريين الأحرار”، لكنها لم تلقى قبولا لدى مسؤولي تلك الأحزاب في ظل عدم رضاهم عن عدد المقاعد التي قد يحصلون عليها، ومن ثم رأوا أن عدم الانضمام أفضل بالنسبة لهم، ومن ثم التركيز على مقاعد الفردي.