قبل نحو 16 عامًا، انتقل عمر شحاتة الشاب المصري ليبدأ حياته من جنوب إفريقيا بمجال بعيد عن دراسته، ولكنه تحدى نفسه ليتميز به، بل ويصبح واحدًا من ضمن المشاركين بمؤتمر “مصر تستطيع بالاستثمار” الذي عقد العام الماضي، في القاهرة، ليحكي تجربته، وتميزه في مجال الزراعة.

السفر إلى جنوب إفريقيا

تخرج الشاب المصري في كلية الحقوق، وشجعه أحد أصدقائه بحنوب إفريقيا على السفر عقب التخرج، وبالفعل ساعده في إنهاء أوراقه والحصول على “الفيزا”، ليجد نفسه في القارة السمراء وحيدًا في البداية، ليبدأ رحلة استكشاف نفسه على أرض جديدة، فقرر تحدي نفسه ودراسة مجال جديد بعيدًا عن دراسته السابقة، ليقع اختياره على النظم الزراعية الحديثة.

بدأ بالبحث عبر الإنترنت، وشراء الكتب للتعلم، فأصبح صاحب خبرة نظرية في مجال الزراعة والري أيضًا، ليبدأ مرحلة التطبيق الفعلي لتلك الخبرة، وبدأ نبتته الأولى في حديقة منزله، فنجحت الزراعة الأولى لتفتح له طريقًا جديدة في مجال الزراعة الحديثة.

يقول “عمر” إنه سجل شركته عقب نجاح تجاربه في الزراعة الحديثة، وأيضًا عقب حصوله على العديد من الدورات التدريبية في الهندسة الزراعية، ونفذ مشروعه الأول بجنوب إفريقيا بعد الحصول على الموافقات الخاصة به من الجهات المعنية، كما حظي المشروع على نجاح لتتبعه مشاريع أخرى، حتى تم اختياره مستشارًا لوزير الاتصالات والعلوم والتكنولوجيا لمملكة ليسوتو.

نظام الـ”الهيدروبونيك”، أو ما يعرف بالزراعة دون تربة أحد مجالات تميز “عمر”، فاستطاع نقلها لجنوب إفريقيا، وبدأ بتعريف سكان مملكة ليسوتو بهذا النوع الجديد من الزراعات المائية، ليطلق العديد من المشاريع الناجحة به، فمشاريع الشاب المصري أحدثت طفرة في مجال الزراعة بالمملكة، كما حققت له نجاحًا أيضا ومكنته من شراء مزرعته الخاصة به، رافعًا شعار “من أحب شيئًا تعلمه” بحسب وصفه لتجربته الفريدة البعيدة عن مجال دراسته.

الزراعة المائية

نظام الهيدروبونيك، يقع تحت بند الزراعة المائية، وفيه يمكن زراعة النباتات في بيئة مائية بالكامل، عن طريق محاليل خاصة من المغذيات النباتية لتغذية النباتات دون تربة، واعتبرته العديد من الأبحاث بمثابة ثورة جديدة في عالم الزراعة، وبحسب الدكتور أحمد توفيق خبير نظم الهيدروبونيك بمركز البحوث الزراعية، قال إن المصريين القدماء هم أول من استخدموا هذا النوع من الزراعة، مشيرًا إلى أن هناك نقوشات على المعابد تشير إلى هذا النوع من الزراعة، ولكن الاهتمام به في الجامعات والمراكز البحثية جاء في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كما لجأت إليه بعض الأساطيل البحرية لتوفير بعض الغذاء للأطقم العاملة عليها، ثم تزايد ذلك الاهتمام في ضوء المخاوف من نقص الطعام وحدوث الأزمات بمختلف دول العالم.

قبل عدة أشهر من انطلاق مؤتمر “مصر تستطيع بالاستثمار” العام الماضي، أبلغه القنصل المصري في بريتوريا إحدى مدن جنوب إفريقيا، باختياره ضمن 5 شخصيات لحضور المؤتمر، وعرض تجربته به، ليجد عمر شحاته نفسه أمام نجاح جديد على أرض بلده الأولى مصر، فسعادته كانت لا توصف، فهنا على أرض بلده سيلتقي بالعديد من النماذج الناجحة والاستفادة من تجاربها وعرض تجربته أيضًا، مؤكدًا أن المؤتمر جعل هناك تقاربا بين أبناء الوطن بالداخل ومن هم بالخارج، بحسب قوله.

الزراعة على الحوائط

أدخل الشاب المصري نظاما جديدا للزراعة بالقارة السمراء، وهي الزراعة على الحوائط، عن طريق تنفيذ الزراعة في “مواسير” وتعليقها على الحائط، كما أنه استطاع تنمية الاهتمام بالزراعة في القارة السمراء فمن كان لا يملك أرضا للزراعة بها، كان يمكنه الزراعة في صناديق بلاستيكية وخشبية، اتباعا لتوجيهات المهندس المصري.

نظم الشاب المصري العديد من الدورات لسكان مملكة ليسوتو، تناولت طرق الزراعة الحديثة، فوضع على عاتقه مهمة إدخال كل ما هو جديد وحديث بالقارة السمراء، التي أصبحت بلده الثاني، معتبرا أن وجوده بجنوب إفريقيا يعد نقطة التقاء بين أبناء الوطن بالداخل والخارج، كما أنها فرصة لنقل خبرات المصريين لمختلف القارات.