يحتفل العالم اليوم بمناسبة إنسانية هامة وهي ذكرى “اليوم الدولي للغات الإشارة”، يعد الاحتفال بهذا اليوم أمر حديث، حيث صدر القرار حول الاحتفاء به برعاية منظمة الأمم المتحدة، ويشارك في رعايته 97 دولة أعضاء بالمنظمة، وتم اعتماد القرار في 17 سبتمبر عام 2017، وجرى الاحتفال به للمرة الأولى في عام 2018، وهذه المرة الثالثة للاحتفال بالذكرى في العام الجاري 2020.

يوجد ما يقرب من مليار شخص أصم حول العالم جميعهم يحتاجون للغة الإشارة كمطلب أساسي للحفاظ على استمرار حياتهم، وتواصلهم بالآخرين، إلا أن هناك بعض المشكلات تواجه مترجمي الإشارة خاصة في مصر، وفي بعض الدول المماثلة لها من حيث الأوضاع الاقتصادية.

 حلم لم يكتمل

“معظم عملي يكون بشكل تطوعي لسوء ظروف الحالات” يقولها نبيل عرفة، مترجم لغة الإشارة بإحدى الجمعيات المسؤولة عن رعاية الصم بمنطقة المرج، يبلغ من العمر (30 سنة) تعلم لغة الإشارة منذ صغره بسبب وجوده في منزل به أخ أصم، خلال المرحلة الثانوية تعلم نبيل لغة الإشارة بشكل أكثر أكاديمي أكثر توسعاً على أمل أن تكون هي مهنته المستقبلية، إلا أن هذا لم يتحقق إلى الآن ، عمل بشكل تطوعي لخدمة الصم وضعاف السمع في عدد من الجمعيات بحيث يتواجد هناك ويقوم بخدمة الصم إذا احتاجه أحدهم في ترجمة ما يقول لأي شخص أو لأي جهة يريد الصم أن يبلغها أي شيء.

أجر متفاوت

تتعامل مترجمة الإشارة نجلاء بهي الدين، 28 سنة مع الصم منذ 4 سنوات، تعمل بالطلب أو كما يقال بالقطعة، يعرفها عدد كبير من الصم بمنطقة حلوان، يطلبها بعضهم ليستعين بها عند الذهاب لإنهاء أي معاملات خارجية، فتذهب معهم لترجمة ما يريدون، بمقابل مادي، ويتم تحديد المبلغ المتفق عليه من قبل المترجم نفسه، قبل الخروج مع الأصم.

تقول نجلاء أنها تطلب دائما مبالغ أقل من المجهود المبذول، أو من التكلفة الفعلية التي تستحقها نظراً لسوء الأوضاع المادية لعدد كبير من الصم اللذين يلجئوا إليها، وهي غير نادمة على ذلك، وتتعامل مع الأمر بنوع من المساعدة للصم.

تسعيرة الترجمة

توافق نجلاء الرأي زميلتها “منى خالد” 32 سنة وهي أيضاً مترجمة للغة الإشارة منذ زمن بعيد، هي تربت في منزل به أب وأم من الصم، ما دعم خبراتها في التعامل مع الفئة بأكملها، أوضحت منى أن هناك تسعيرة لا ينبغي الخروج عنها، فالذهاب للأماكن الحكومية على سبيل المثال تتراوح تسعيرته من 300 إلى 500 جنيه، والذهاب لأماكن عامة يبدأ من 100 جنيه ويصل لـ 1000 جنيه وفقاً للمكان المراد الذهاب له من قبل الأصم نفسه، ورغم أن المبالغ لا تبدو بسيطة أو قليلة على الإطلاق، إلا أن المترجمين يعانوا من ضعف دخولهم، لأن عملهم غير مستقر، فمن الممكن أن يطلبهم الصم يومياً ، ومن الممكن أن يجلس المترجم بلا عمل مدة تجاوز الشهر دون أن يطلبه أحد.

لغة الإشارة وكورونا

شهد عالم الصم وترجمة الإشارة تغير ملحوظ في ظل أزمة كورونا، فبات لمترجمي الإشارة دور ملحوظ في توعية الصم وضعاف السمع بمخاطر فيروس كورونا.

بحسب الإحصاء الذي قام به الاتحاد العالمي للصم وضعاف السمع، يوجد ما يقرب من 72 مليون أصم حول العالم، يعيش معظمهم في بلدان نامية أو فقيرة، ومعظمهم غير متعلم للأسف ما يضع على عاتق مترجمي الإشارة عبأ مضاعف في توصيل التوصيات والتوعية المطلوبة بالفيروس.

تكاتف مجتمع الصم

رغم الأزمة الكبيرة التي يشهدها العالم كله بفعل كورونا، إلا أن مجتمع الصم في مصر اتسم بقدر كبير من التكاتف والتعاون، فمنذ اندلاع الأزمة كان هناك اتحاد بين عدد من الجمعيات، على مستوى الجمهورية لتقديم دورات تثقيفية، حول ضرورة التباعد الاجتماعي.

يقول “محمود جميل” أحد مترجمي لغة الإشارة بمنطقة المهندسين أنه تم تسجيل الدورات والتوعية المطلوبة في تسجيلات فيديو، وتم بثها للصم لإفادتهم بشكل عملي، وقد استجاب معظمهم للتعليمات وتعد معدلات اصابتهم طفيفة مقارنة بأي فئة أخرى من بين فئات ذوي الإعاقة.

لغة إشارة دولية

رغم وجود أكثر من 300 لغة إشارة حول العالم، فإن هناك لغة إشارة دولية يستخدمها الصم في اللقاءات الدولية وأثناء ترحالهم وممارسة نشاطاتهم الاجتماعية، وتعتبر شكلا مبسطا من لغة الإشارة وذات معجم لغوي محدود، ولا تتصف بالتعقيد مثل لغات الإشارة الطبيعية.

كان لهذه اللغة الموحدة دور هام في توصيل المعلومات اللازمة حول كورونا، خاصة بعدما فرضت حكومات عدد كبير من الدول ضرورة توفير الخدمات الأساسية لضمان وصول ذوي الإعاقة إليها، وكان من بينهم الصم وضعاف السمع، خاصة في البلدان النامية.

اليونسكو

وعلى الصعيد العالمي، كانت هناك مجهودات أيضاً لخدمة نفس الفئة اعتماداً على لغة الإشارة، حيث قامت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (يونسكو) مطلع يونيه الماضي، بتنظيم عدد من الدورات لضمان إتاحة المعلومات حول فيروس كورونا بلغات الإشارة بدلا من النصوص المكتوبة أو المنطوقة، تم ذلك بالتعاون مع أحد مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان وبتمويل مشترك من حكومة كندا ومكتب السكان واللاجئين والهجرة، لمشاركة الرسائل الصديقة للأطفال والوقاية من فيروس كورونا، وذلك من خلال تقديم بعض مقاطع الفيديو التوعوية التي تركز على كيفية الوقاية من الفيروس باستخدام لغة الإشارة العربية.